شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
في الجزائر… التضامن مع فلسطين تلزمه رخصة!

في الجزائر… التضامن مع فلسطين تلزمه رخصة!

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الخميس 26 أكتوبر 202309:36 ص
Read in English:

Solidarity on hold in Algeria: Waiting for a permit to support Palestine

"الاعتذار على التأخير، كنا في انتظار الرخصة"؛ لافتة رُفعت في المسيرات الجزائرية المنددة بالمجازر الإسرائيلية في غزة. لافتة تعتذر من خلالها مواطنة جزائرية عن تأخر الخروج في مظاهرات داعمة لفلسطين، إلى ما بعد مرور 12 يوماً من العدوان الإسرائيلي.

لا يمكن تجاهل الغضب الشعبي الجزائري من تأخر مظاهر التضامن الشعبي مع غزة، بسبب حظر السلطة للمسيرات الشعبية، في ظل مخاوف غير معلنة من عودة الاحتجاجات المناهضة لها، حيث أوقفت مصالح الأمن مسيرات الحراك الشعبي في أيار/ مايو 2022، وعاقبت بالسجن من خرج للتظاهر بتهم التجمهر والمساس بأمن الدولة.

في انتظار الرخصة

ورخصت السلطات الجزائرية للخروج في مسيرات تضامنية مع غزة، يوم الخميس 19 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، بعد نداء من بعض الأحزاب والمنظمات وحملات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ليخرج الجزائريون في مسيرات غضب ومساندة لفلسطين بمختلف توجهاتهم السياسية والأيديولوجية.

صدمة اعتقال الامن الجزائري للرئيس السابق لحركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري، عقاباً له على  خروجه في مظاهرات، احتجاجاً على قصف إسرائيل لمستشفى المعمداني في غزة

القبض على عبد الرزاق مقري

"الموقف الجزائري يتوجب أن يكون منسجماً ومتناغماً بين شقّيه الرسمي والشعبي"؛ اعتقلت السلطات الجزائرية الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري، بعد خروجه في مظاهرات احتجاجاً على قصف إسرائيل لمستشفى المعمداني في غزة، ليطلَق سراحه بعد ذلك، ويغرد قائلاَ: "بخروجنا ليلة قصف المستشفى، حاولنا إنقاذ شرفنا وشرف الجزائريين. لماذا الجزائر من بين كل الدول لا يُسمح لمواطنيها بالخروج؟ كل ما يقال عن أن الوضع صعب، وأن هناك من سيستغل موضوع القضية الفلسطينية، مجرد حجج واهية.

مسيرة لم تكن في مستوى الجزائر؟

لطالما دعمت الجزائر القضية الفلسطينية، ومن البديهي جدّاً أن يتضامن الشعب الجزائري مع غزة وفلسطين عامةً، فالجزائريون والجزائريات عاشوا ويلات الاستعمار الفرنسي الغاشم، كما أنّ تضامن الجزائريين مع فلسطين ليس وليد اليوم بل يمتد منذ بداية الاحتلال.

فصاحب مقولة "مع فلسطين ظالمةً أو مظلومةً"، هو الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين، كما أن إعلان قيام الدولة الفلسطينية سنة 1988، كان على أرض الجزائر، بالإضافة إلى أن انضمام فلسطين إلى اليونيسكو سنة 2012، جاء بعد طلب تقدمت به الجزائر سنة 2011، دون نسيان عقد اجتماع للصلح بين حركة فتح وحركة حماس في تشرين الأول/ أكتوبر 2022، في الجزائر، والدعم المالي المتواصل الذي تقدّمه سنوياً لفلسطين وأنواع أخرى من الدعم مثل المنح الدراسية للطلبة الفلسطينيين حيث استقبلت الجزائر مؤخراً 635 طالباً فلسطينياً.

تباينت الآراء بعد المسيرة، إذ يرى ناشطون على الساحة الإعلامية والحقوقية أنها لم تكن في المستوى المطلوب، حيث وصفها المحامي توفيق بلعلى، في تصريح إعلامي بأنها جوفاء بلا روح: "المسيرات كانت جوفاء وفارغةً بلا روح. السلطة هي من حددت الوقت والمسار وحتى الشعارات".

المتظاهرون أيضاً عبّروا عن غضبهم: "خرجتنا اليوم جاءت متأخرةً جداً، ومن المفروض أننا كنّا من الأوائل، أي منذ بداية القصف على غزة. مشاركتنا في المسيرة أقل واجب يمكن تقديمه لإخواننا وأخواتنا في فلسطين. وجودنا اليوم مهم. كيف للمغرب المطبّع مع إسرائيل أن يسمح لمواطنيه بالخروج يومياً للتظاهر، ونحن في انتظار الرخصة من السلطات"؛ تقول مريم وهي متظاهرة جزائرية.

مظاهرات بتوجهات حكومية

عن تنظيم المسيرة، ترى الصحافية كنزة خاطو، أنّ السلطة في الجزائر فضّلت أن تكون هي المبادرة في تنظيم المسيرة التضامنية، وأخذت وقتها في ذلك: "أعتقد أنّ ذلك يعود وحسب الرواية المتداولة إلى التخوف من أن تُستغلّ التظاهرات من جهات سياسية أو أيديولوجية معيّنة، خاصةً أنّه لا يخفى على أحد أنّ الجزائر وبعد مرور قرابة الخمس سنوات على الحراك الشعبي تعيش وضعاً سياسياً خاصاً".

وبخصوص إمكانية مواصلة الاحتجاجات الداعمة لفلسطين في الوضع الحالي، لا تعلم خاطو "ما إذا كانت المسيرات ستتواصل، ولكنها تعتقد أنّ المسيرات التضامنية لا بدّ أن تكون وأن تتواصل لما يلعبه التضامن بين الشعوب من دور في حل الأزمات. لا بدّ أن تسهّل السلطات الجزائرية تنظيم هذه المسيرات".

البعض يراه التوقيت المناسب للتظاهر

لكن على صعيد آخر، يرى عضو اتحاد القوى الديمقراطية والاجتماعية، عبد الرحمن صالح، أن المسيرات لم تتأخر بل جاءت في الوقت المناسب: "لا نعتقد أن المظاهرات قد تأخرت، بل جاءت ردّاً على المجازر الإسرائيلية، لأن المقاومة الفلسطينية في الأيام الأولى، هي من بادرت بالهجوم والقيام بالعمليات المسلحة، وتالياً كانت المبادرة بيد الجانب الفلسطيني. لكن بعد المجازر التي ارتُكبت في حق الفلسطينيين، كان لا بد أن نتدخل، ونعبّر عن 

 تضامننا مع فلسطين ضد العدوان الإسرائيلي. أما في ما يخص مواصلة الخروج لدعم سكان غزة ما دام العدوان متواصلاً، فهناك العديد من الخطوات التي ستقوم بها الأحزاب السياسية الجزائرية، ولهذا الغرض سيُعقد لقاء تنسيقي بين الأحزاب للاتفاق على الخطوات المقبلة من أجل دعم كفاح الشعب الفلسطيني".

فرّقتنا قضايا عدة وجمعتنا القضية الفلسطينية

تُعدّ المسيرة التي خرجت يوم الخميس الماضي، في 58 ولايةً جزائريةً، أول مظاهرة كبيرة منذ توقف مسيرات الحراك سنة 2022، حيث جمعت هذه الأخيرة العديد من الأحزاب والمنظمات والنقابات والجمعيات النسوية وفاعلين في المجتمع المدني الجزائري. وترى الناشطة النسوية آمال حجاج أن "هناك نسقاً يصعب علينا الخروج في مسيرات معه، هناك تخوف من الشارع، ما جعل هناك تأخراً حقيقياً لا يمكن تجاهله، لكن موقف الدولة الجزائرية تجاه القضية الجزائرية هو موقف الشعوب الغاضبة نفسه من الإبادة والتطهير العرقيين الحاصلين في غزة".

لماذا تخشى  السلطة الجزائرية من المسيرات المتضامنة مع غزة؟

وتضيف آمال أن التعبئة كانت مهمةً، خاصةً التي قام بها طلاب الجامعات: "المسيرة نُظّمت بإرادة عدد من الأطراف، فمثلاً نحن النسويات شاركنا بطريقة منظمة وحملنا شعارات مناهضةً للاحتلال. المسيرة لم يكن فيها تلاعب بالكلمات. رأينا توجهات وأيديولوجيات عدة من أجل قضية واحدة. لم تستطع قضايا عدة جمعنا في الشارع، لكن جمعتنا القضية الفلسطينية، قضية كل إنسان يحترم إنسانيته. آلة القتل ما زالت مستمرةً. مسيرة واحدة لا تكفي. على السلطات أن تسهّل مسيرات التضامن، فالشعوب لها صوت لا يجب إسكاته".

وكانت الحكومة الجزائرية قد قامت بجملة من الإجراءات تضامناً مع غزة، كإلغاء تظاهرات فنية وثقافية، والاحتفالات بذكرى حرب التحرير، وأرجأت أيضاً المنافسات الكروية، كما أعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عن إطلاق جسر جوي إلى مصر، لإرسال مساعدات إلى الشعب الفلسطيني عبر معبر رفح.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard