شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
ما حقيقة الدور

ما حقيقة الدور "الإماراتي" في الحرب السودانية؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن والحقيقة

الاثنين 23 أكتوبر 202302:31 م

تعزو تقارير دولية استمرار وتيرة الحرب السودانية وارتفاعها، في الآونة الأخيرة، إلى الدعم الخارجي السخي الذي تتلقاه قوات الدعم السريع (شبه العسكرية)، في حربها ضد الجيش السوداني، من جهات خارجية عدة، على رأسها حكّام دولة الإمارات العربية المتحدة.

قبل فترة قصيرة، عززت "نيويورك تايمز"، التقارير التي تفيد بإمداد أبو ظبي عناصر قوات الجنرال محمد حمدان دقلو (حميدتي)، بالسلاح والعتاد الحربي مع توفير محطات العلاج للمصابين، من الأراضي التشادية.

وبوضع حقائق الميدان والتقارير الدولية جنباً إلى جنب، فإن 

الإعلان الرسمي

على نحو مفاجئ، أعلنت أبو ظبي وأنجمينا،، بدء التمرين العسكري المُسمّى بـ"السيف القاطع"، بين قواتهما البرية، على الأراضي التشادية، بهدف "زيادة التطوير والتنسيق المشترك بين الجانبين، ورفع الجاهزية القتالية للوصول إلى الاحترافية".

وعزز حكّام الإمارات صلتهم بنجل إدريس ديبي وخليفته، محمد كاكا، في الآونة الأخيرة، من خلال رفع مستوى الزيارات المشتركة، وزيادة التعاون الاقتصادي، وصولاً إلى تطابق توحيد الرؤى الأمنية والعسكرية التي تُوّجت بالتمرين الأخير.

ومن الروابط غير الخافية على أحد، أن أحد أهم المشتركات بين كل من الإمارات وتشاد، ذلك المتعلق بتطبيع البلدين علاقاتهما مع إسرائيل، التي تُتّهم هي الأخرى بدعم قوات الدعم السريع.

هل تستخدم إسرائيل الإمارات كوكيل، لتعزيز نفوذ الدعم السريع على حساب الجيش السوداني المقرب من مصر؟

علاقة ما يجري بالسودان

تُعدّ تشاد من أبرز الدول المحاذية للسودان من جهة الغرب، ويمتلك البلدان حدوداً بريةً مفتوحةً على دول تشهد اضطرابات، كليبيا وإفريقيا الوسطى.

رسمياً، سارعت تشاد إلى إغلاق حدودها مع السودان، بعد بدء المواجهات العسكرية، لمنع انتقال الصراع إلى أراضيها، وللحيلولة دون تحرّك المقاتلين بين البلدين.

وتحتضن الجارة الغربية للسودان، عشرات الآلاف من الفارّين من نير الصراع في إقليم دارفور (غرب السودان).

أما عن الإمارات، فإنها تمتلك صلات وثيقةً بالدعم السريع، انطلقت بمشاركة كبيرة لقوات حميدتي في "عاصفة الحزم" ضد الحوثيين في اليمن، وتُعدّ القوة السودانية الأبرز والأهم في سياق تأمين الكثير من المصالح الإماراتية هناك.

وعقب الإطاحة بالرئيس عمر البشير، في نيسان/ أبريل 2019، لعبت الإمارات دوراً مفصلياً في صعود أسهم حميدتي، في بورصة السياسة السودانية، حيث استخدمت قوات الدعم السريع المال المتحصل عليه من تهريب الذهب السوداني إلى الإمارات، بحسب اتهامات السلطات السودانية والتقارير الغربية، في تعزيز نفوذها العسكري والسياسي في السودان.

وفي فضّ اعتصام القيادة العامة الذي خلّف ما يزيد عن 200 قتيل من المطالبين بالحكم المدني في حزيران/ يونيو 2019، ما تزال التهم تلاحق قادة الدعم السريع، ومن خلفهم الإمارات استناداً إلى ظهور مدرّعاتها القتالية، وهي تجوب شوارع الخرطوم، خلال تلك الأيام السوداء.

ومجدداً، استبانت العلاقة بين حميدتي والإمارات، من خلال لعب الأخيرة دور الوسيط، في اللقاءات التي جمعت قادة الدعم السريع، والمسؤولين الإسرائيليين.

أما أبرز تمظهرات هذه العلاقة، فتتمثل في الدور الذي لعبه حميدتي لضمان حصول الإمارات على امتياز تطوير ميناء جديد على البحر الأحمر (ميناء أبو عمامة)، لصالح تجمّع شركات بقيادة موانئ أبو ظبي، وتقول تقارير إعلامية إن الأرض المزمع أن يقام عليها المشروع ملكية خاصة لقائد قوات الدعم السريع.

التمرين والسودان

بعيداً عن الإعلانات الرسمية بشأن "السيف القاطع"، تطلّ تساؤلات موضوعية بشأن توقيت التمرين وتأثيره على معادلة الحرب والسلام في السودان.

يقول المحلل السياسي، سمير الطاهر، لرصيف22، إن "السيف القاطع" هو نصل في خاصرة السودان الغربية، ويضيف: العمل العسكري الجاري موجه ضد الجيش السوداني، لكون العلاقة بين الدعم السريع والإمارات وتشاد ومن خلفهما إسرائيل، لا تخفى على أحد.

ويعتقد الطاهر بأن التمرين هو غطاء لإمداد قوات الدعم السريع بالسلاح والمقاتلين، بعدما تكشّف استخدام أبو ظبي العمل الإنساني لخدمة الأغراض العسكرية.

وعن السرّ وراء ما يشاع عن دعم ثالوث الإمارات-تشاد-إسرائيل، لقوات حميدتي، يقول الطاهر، إن الإمارات تريد صعود حلفائها في الدعم السريع إلى السلطة، لضمان وضع قدم في الساحل السوداني في إطار سعيها إلى السيطرة على البحر الأحمر أسوةً بما فعلته في عدن، وكذلك لتضمن استمرار رفد خزائنها بالذهب السوداني، وأخيراً لضمان ظهير عسكري قوي تحرّكه في حروب الوكالة، يتمثل في عناصر الميليشيا، على حد وصفه.

لماذا عزز حكّام الإمارات صلتهم بنجل إدريس ديبي وخليفته محمد كاكا، في الآونة الأخيرة؟

وبشأن المصلحة التشادية من تسعير الحرب في السودان، يقول الطاهر إن تشاد عانت سابقاً من تغيير النظم العسكرية انطلاقاً من الأراضي السودانية، حيث وصل إدريس ديبي إلى السلطة في العام 1990، بدعم من نظام البشير، وكاد نظامه أن يسقط في العام 2008، بالطريقة نفسها لولا تدخّل القوات الفرنسية.

ويتابع: لذلك فإن نجل ديبي يعمل على تحصين نفسه من الانقلابات بضمان وصول حليف له متمثل في الدعم السريع.

ويضع الطاهر العامل الاقتصادي في المعادلة السودانية التشادية، بالقول إن سيطرة الدعم السريع على الحكم، وإنشاء ميناء إماراتي على ساحل البحر الأحمر، يضمن لتشاد (الدولة المغلقة) تصدير واستيراد البضائع عبر الموانئ السودانية.

وعن الدور الإسرائيلي، يقول الطاهر إن تقارير صحافيةً موثوقةً، أبرزها تقرير "ميلتري أفريكا"، المتخصصة في الصناعات الحربية، أكد ظهور أسلحة إسرائيلية متطورة في أيدي عناصر الدعم السريع، خلال المواجهات العسكرية الجارية، وذلك معطوف على تقارير سابقة لـ"رويترز"، بشأن تحصّل قوات حميدتي على أجهزة تجسس إسرائيلية عالية المستوى.

وعن المصلحة الإسرائيلية، يقول الطاهر إن إسرائيل تستخدم الإمارات كوكيل، لتعزيز نفوذ الدعم السريع على حساب الجيش السوداني المقرب من مصر، والساعي إلى إعادة العلاقات مع إيران.

ويختم بالقول: ما لا يراه كثيرون هو أن إسرائيل حانقة على قائد الجيش الجنرال عبد الفتاح البرهان، لما تراه تباطؤاً في خطى التطبيع مع الكيان على حد وصفه، الأمر الذي يتطلب حليفاً جديداً، يُسرع في عملية التطبيع، ويدفع بعملية توفير خط ملاحة جوية للطيران الإسرائيلي من فوق الأراضي السودانية، نواحي غرب إفريقيا والأمريكتين، الأمر الذي يوفّر لخزينة تل أبيب مبالغ ماليةً طائلةً.

وابتدر البرهان عملية تطبيع علاقات السودان وإسرائيل في العام 2020، بلقاء رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في عنتيبي الأوغندية. تلت ذلك اللقاء زيارات رسمية وغير رسمية (جلّها عسكرية)، ولكن ما حال دون الوصول إلى إعلان نهائي، هو عدم امتلاك الجيش لتفويض شعبي يخوّله تمرير قرار مفصلي كهذا.

نظرية المؤامرة

من جانبه، يطالب الصحافي المتخصص في الشؤون الخارجية، هيثم ربيع، بالتوقف عن تعليق كل الأوزار السودانية على مشجب "نظرية المؤامرة".

ويقول لرصيف22، إن المناورات العسكرية بين الإمارات وتشاد، تصب في مصلحة السودان من خلال تأمين حدوده المضطربة، وحماية لاجئيه اللائذين بتشاد.

ويلفت إلى العلاقة السيئة التي تربط رئيس المجلس الانتقالي في تشاد، الجنرال محمد كاكا، والجنرال حميدتي، إذ ينحدر كل منهما من قبائل حدودية لا تتوقف الصراعات بينها، سواء في تشاد أو السودان.

ويذكر أن كاكا سبق أن شكا للبرهان من انتشار قوات الدعم السريع ذات الأصول العربية على تخوم بلاده.

ويعتقد ربيع أنه ليس من مصلحة الإمارات وتشاد وإسرائيل، أن تكون ظهيراً للدعم السريع في المرحلة الحالية، خاصةً في ظل العقوبات الأمريكية التي تطال قادته بصفتهم معرقلين للحل السلمي، حاثّاً السلطات السودانية على لعب كارت الدبلوماسية في التواصل مع هذه الأطراف، وطمأنتها على مصالحها المستقبلية، عوضاً عن دفعها لدعم عناصر الدعم السريع.

قلق مشروع

تلامس الحرب السودانية التي قتلت الآلاف، وشرّدت ما يزيد عن 5.4 ملايين مواطن، شهرها السادس، دون ظهور بوادر للحل السلمي، وسط خشية من تمدد الصراع إلى المناطق والولايات الآمنة نسبياً.

وعليه يأمل السودانيون في ألا يكون "السيف القاطع"، نصلاً في خاصرة بلادهم، وأن يكون آلية لقطع الطريق أمام استمرار هذه الحرب المدمرة.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

منبر الشجعان والشجاعات

تكثُر التابوهات التي حُيِّدت جانباً في عالمنا العربي، ومُنعنا طويلاً من تناولها. هذا الواقع هو الذي جعل أصوات كثرٍ منّا، تتهاوى على حافّة اليأس.

هنا تأتي مهمّة رصيف22، التّي نحملها في قلوبنا ونأخذها على عاتقنا، وهي التشكيك في المفاهيم المتهالكة، وإبراز التناقضات التي تكمن في صلبها، ومشاركة تجارب الشجعان والشجاعات، وتخبّطاتهم/ نّ، ورحلة سعيهم/ نّ إلى تغيير النمط السائد والفاسد أحياناً.

علّنا نجعل الملايين يرون عوالمهم/ نّ ونضالاتهم/ نّ وحيواتهم/ نّ، تنبض في صميم أعمالنا، ويشعرون بأنّنا منبرٌ لصوتهم/ نّ المسموع، برغم أنف الذين يحاولون قمعه.

Website by WhiteBeard
Popup Image