استدعت وزارة الخارجية الإيرانية، السفير الروسي لدى طهران ألكسي ديدوف، احتجاجاً على البيان الوزاري المشترك الصادر إثر الحوار الإستراتيجي بين روسيا الاتحادية ومجلس التعاون الخليجي، المنعقد في العاشر من تموز/ يوليو الجاري في العاصمة الروسية موسكو، إذ أكّد البيان على دعم المبادرة السلمية الإماراتية لحل قضية الجزر الإماراتية الثلاث من خلال المفاوضات الثنائية أو محكمة العدل الدولية، وفقاً لقواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
وتشكّل الجزر الثلاث، المتنازع عليها بين دولتي الإمارات وإيران، عائقاً كبيراً أمام تطور علاقات طبيعية تصالحية بين الجانبين. ففي عام 1971، وقبيل الاستقلال الإماراتي بأشهر، أقدمت إيران على احتلال جزر طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، مدّعيةً حقاً تاريخياً فيها وسيادتها عليها، رافضةً طلبات أبو ظبي الداعية للاحتكام إلى القانون الدولي بشأنها.
وعليه، رفض المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، ما ورد في البيان المشترك لمجلس التعاون الخليجي وروسيا بشأن الجزر الإيرانية الثلاث، قائلاً: "هذه الجزر تابعة لإيران وإصدار مثل هذه التصريحات يتعارض مع العلاقات الودية بين إيران وجيرانها".
وكانت الصين قد دعمت، خلال البيان الختامي للقمة الصينية الخليجية في كانون الأول/ ديسمبر 2022، جهود أبو ظبي السلمية لحل قضية الجزر الثلاثة.
بين البيانين، ضاقت الصحف الإيرانية بانتقاد الموقفين الصيني والروسي، وكان اللافت فيها مقال لحسين مهدي تبار في موقع وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية، نفى فيه وجود علاقة إستراتيجية مع روسيا (كثيراً ما تدّعيها إيران)، عادّاً العلاقة بين روسيا وإيران تكتيكيةً تفرضها مواجهة التهديد المتصور من الولايات المتحدة، فيما تختلف مواقفهما بشأن معظم القضايا الدولية.
برأيه، التحالفات الإستراتيجية تجمع فيها دولتان أو أكثر قدراتهما العسكرية والسياسية والاقتصادية لمواجهة الخطر المشترك، ويقوم البلدان بموجبها بمواءمة مصالحهما الطويلة الأجل، وتتشابه بمقتضاه اتجاهات القيم ووجهات النظر العالمية في معظم القضايا. وتغيب بعض هذه الأمور في التحالف التكتيكي، فالبلدان ليسا متعاطفَين تماماً وتعاونهما مؤقت ومخصوص بدرء تهديد مباشر، ومثاله تحالف السوفيات مع بريطانيا ضد ألمانيا النازية زمن الحرب العالمية الثانية. والتحالف الأخير أكثر شيوعاً، لا سيما في حقبة تغيير النظام الدولي.
بهذا المقال، فتح مهدي تبار، أبواب التساؤل عن طبيعة العلاقات الروسية الإيرانية، وإمكانية تطورها إلى شراكة إستراتيجية، لا سيما بعد تسارع وتصاعد وتيرتها بعد الحرب الروسية في أوكرانيا، ودعم إيران للمجهود العسكري الروسي في هذه الحرب.
حدود العلاقات الروسية الإيرانية تتعلق بمدى قبول إيران بوظيفة جسر التواصل بين أسواق الطاقة الرئيسية في العالم، أي روسيا والدول العربية، وكذلك بأن تكون جسراً لإيصال البضائع الروسية إلى المياه الحرة، وهو ما تؤديه حكومة إبراهيم رئيسي لصالح الروس
علاقات مضطربة
"كلستان وتركمانشاي"، هما اتفاقيتان راسختان في الوجدان الشعبي الإيراني لتوصيف العقود غير المتكافئة بين الجانبين، حيث تنازلت بموجبهما إيران القاجارية لروسيا القيصرية عن جزء من أراضيها في جنوب القوقاز، مع امتيازات روسية في إيران وإغلاق بحر قزوين في وجه الأخيرة. وقبلهما اقتطع القيصر الروسي بطرس الأكبر أقاليم دربنت وباكو وجيلان من إيران، بعد حملة عسكرية عليها عام 1722، تناولناها بالتفصيل في تقرير سابق.
ولتدفئة العلاقة مع إيران، تنازل البلاشفة الروس عن الامتيازات والأراضي التي اقتطعتها روسيا القيصرية منها، بموجب اتفاقية وقّعها الجانبان عام 1921. ومع ذلك، بقيت إيران مربعاً من مربعات ما اصطلح على تسميته بـ"اللعبة الكبرى"، ويرمز إلى التنافس الروسي البريطاني في القرن التاسع عشر. وفي عام 1938، سيطرت القوات الروسية والبريطانية على شمال إيران وجنوبها عام 1938، لتفرضا على الشاه رضا، التنازل عن العرش لابنه محمد رضا.
وبرغم سقوط الشاه محمد رضا، حليف واشنطن والغرب، عام 1979، بقيت العلاقة الروسية الإيرانية متأرجحةً بين التناقض والتعاون، حيث توترت العلاقات بينهما إثر الغزو السوفياتي لأفغانستان، ومن بعده الدعم السوفياتي للعراق خلال حربه مع إيران، وتعاون الأخيرة مع واشنطن في غزوها للعراق. فيما تلاقت الدولتان في الوقوف إلى جانب أرمينيا في حربها مع أذربيجان، وتتلاقى سياساتهما في إخراج الولايات المتحدة الأمريكية من منطقة الشرق الأوسط ووسط آسيا، وتغيير قواعد النظام الدولي أحادي القطبية، القائم على القواعد والقيم الغربية.
على المديين المتوسط والبعيد، لا يمكن أن تكون إيران حليفاً لروسيا، كونها ستتحول إلى ساحة صراع بين القوى العظمى، وهو ما يبدو أنه قد بدأ فعلاً، حسب الباحث الأحوازي المختص بالشأنين الصيني والأمريكي، محمد المذحجي.
برأي المذحجي، حدود العلاقات الروسية الإيرانية تتعلق بمدى قبول إيران بوظيفة جسر التواصل بين أسواق الطاقة الرئيسية في العالم، أي روسيا والدول العربية، وكذلك بأن تكون جسراً لإيصال البضائع الروسية إلى المياه الحرة، وهو ما تؤديه حكومة إبراهيم رئيسي لصالح الروس، إلا أن هناك معارضةً كبيرةً لتوجه حكومة رئيسي، عادّاً أن مصلحة إيران في الالتحاق بالمحور الشرقي-الغربي، أي مشروع الحزام والطريق، الذي يربط شرق آسيا بأسواق أوروبا، ويقطع الطريق أمام مشروع شمال-جنوب، الذي يربط روسيا بالهند والدول العربية، والذي يدخل في ما أسماه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ"كوريدور الشمال".
ويضيف في حديثه إلى رصيف22، أن "دوافع العلاقات الروسية الإيرانية تنصبّ على جعل إيران جسراً للاقتصاد الروسي للوصول إلى الهند والمياه الحرة/ الخليج العربي والدول العربية الأخرى، وهذا تترتب عليه علاقات طيبة وشراكة أو تحالف مع إيران وفق هذه الرؤية، لكن إيران لا ولن تضع كل بيضها في سلة روسيا. فإن تحالفت إيران مع روسيا ستكون ساحة صراع تأججه الصين وألمانيا والديمقراطيون الأمريكان، لإرغامها على فك ارتباطها بروسيا. وفي المقابل، إن تحالفت مع الصين أو ألمانيا، ستؤجج روسيا المشكلات داخل إيران. وعليه، باتت إيران ساحة الحرب القادمة في المنطقة".
وبحسب معهد الشرق الأوسط، دأبت الدولة الروسية، خلال القرنين الماضيين، على إبعاد إيران عن المدار الغربي، وفي الوقت الراهن، ترى موسكو أن معاداة إيران للولايات المتحدة رصيد جيو-إستراتيجي مضاف إلى حسابها. وأما بالنسبة لإيران، فهناك سببان حاسمان لتعزيز تعاونها مع روسيا؛ حاجة طهران إلى تأمين معلومات استخباراتية حول العمليات الإسرائيلية والأمريكية ضدها، والمساعدة السياسية والاستخباراتية المحتملة لموسكو خلال الفترة الانتقالية إلى المرشد الأعلى الثالث لإيران.
تُعدّ وثائق الأمن القومي أو السياسة الخارجية وسواهما من الوثائق الصادرة عن الدول مرآةً تعكس نظرة الدولة وتوجهاتها المستقبلية، ومن خلال البحث في وثيقة مفهوم السياسة الخارجية للاتحاد الروسي الأخيرة، نشهد غياباً لمصطلح العلاقة "الإستراتيجية" مع إيران، فيما نالتها دول سواها، ومنها الهند حليفة الولايات المتحدة في بعض القضايا. وأما عن إيران فقد قصرت وثيقة الخارجية الروسية مستقبل العلاقة بها عند حد "تطوير التعاون الكامل والموثوق به" مع الجمهورية "الإسلامية الإيرانية".
إيران باعت مسيّراتها لروسيا بعد الحرب الأوكرانية من منطلق اقتصادي، حسب الصحافية والباحثة في الشأن الإيراني، غزل أريحي، "فهي بلد محاصر ومن الطبيعي أن تبحث عن أي متنفس اقتصادي وهي تنتج المسيّرات كما تنتج السيارات ومنتجات أخرى وتبحث عن سوق لها، هذا من جانب. من الجانب الآخر، العقوبات الغربية على روسيا شكلت هاجساً مشتركاً لدى كل من طهران وموسكو للالتفاف على العقوبات المفروضة عليهما، وهو ما قرّب البلدين من بعضهما أكثر".
وتضيف في حديثها إلى رصيف22: "الدافع الأكبر للعلاقات الإيرانية الروسية في هذا التوقيت هو الاقتصاد والعقوبات. وأما عن علاقة روسيا مع دول المنطقة فقد تتباين أحياناً عن المصالح الإيرانية".
وفي ما يخص دعم إيران للمجهود العسكري الروسي في الحرب الأوكرانية، يصف المحلل الروسي المستقل، أنطون مارداسوف، شراء روسيا للطائرات الإيرانية من دون طيار، بأنها "خطوة قسرية للجانب الروسي، الذي أصبح معتمداً على إيران"، كون روسيا لم تخطط في الأصل لشن ضربات ضد البنية التحتية الأوكرانية. لكن "لا ينبغي للمرء أن يتوقع أن تكون نتيجة هذا التعاون منتجات ستظهر في السوق". فيما وصفها بعض المفكرين الإيرانيين بالخديعة الروسية لجرّ أقدام إيران إلى مستنقع، تحولت بموجبه سياسة إيران الخارجية إلى رهينة في يد موسكو.
دأبت الدولة الروسية، خلال القرنين الماضيين، على إبعاد إيران عن المدار الغربي، وفي الوقت الراهن، ترى موسكو أن معاداة إيران للولايات المتحدة رصيد جيو-إستراتيجي مضاف إلى حسابها
في المحصلة، تأمل طهران بمكافئة روسيا في مجال الأسلحة المتطورة، لا سيما الطائرات الحربية من الجيل الخامس (Su-35)، ومنظومة الدفاع الجوي S-400، لرفع تكاليف أي عملية عسكرية قد تقدم عليها الولايات المتحدة أو إسرائيل أو كلاهما معاً ضد مشروعها النووي.
وفي آذار/ مارس الماضي، أعلنت البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة توقيع صفقة لشراء طائرات Su-35 مع روسيا، وهو إعلان سبقته تكهنات دولية وتصريحات إيرانية كثيرة عن قرب تسلّم إيران طائرات SU-35. وهو ما ينفي تنفيذه مؤلف كتاب "قائد الظل: سليماني والولايات المتحدة وطموحات إيران العالمية"، آرش عزيزي، بالقول: "من غير المرجح أن تخرج روسيا، التي لا تعتمد بشكل كبير على طهران بأي طريقة مهمة، عن طريقها لتسليح إيران بأسلحة متطورة"، مضيفاً: "مأساة النظام الإيراني هي أنه بغض النظر عن مدى صعوبة محاولته التودد إلى بكين وموسكو، فلن يخاطروا بعلاقاتهم المهمة مع دول مجلس التعاون الخليجي وإسرائيل بهذه السهولة".
العلاقة الروسية الإيرانية يمكن وصفها بالمتقلبة والمعقدة بسبب عدد من العوامل، منها الاهتمامات الإقليمية والدولية المتضاربة، وفقاً للأكاديمي والباحث في جامعة الصداقة من أجل الشعوب، ومقرّها موسكو، ديمتري بريجع: "فتاريخياً، كان هناك تعاون بين روسيا وإيران في بعض المجالات، بما في ذلك التعاون الاقتصادي والتجاري والعسكري. ومع ذلك، كانت هناك أيضاً توترات بين البلدين، خاصةً في ما يتعلق بالسيطرة على المناطق والمصالح الإستراتيجية في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى. كما تتشابك مصالح روسيا وإيران في المنطقة، خاصةً في ما يتعلق بالشؤون الإقليمية مثل النزاعات السورية واليمنية والأوضاع في أفغانستان. كما تتأثر العلاقات الروسية الإيرانية بعلاقات روسيا مع دول أخرى، مثل إسرائيل والسعودية، مما يزيد تعقيدها".
ويقول في حديثه إلى رصيف22: "تمثل إيران سوقاً مهمةً لروسيا وتعدّ العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين عاملاً جذاباً. كما أن العقوبات الغربية المفروضة عليهما ساهمت في تقريب الجارتين من بعضهما البعض، مع بقاء التحديات الناجمة عن اختلاف مصالح وروئ الدولتين في بعض المناطق الساخنة في الشرق الأوسط. لذا، فالعلاقات الروسية الإيرانية قضية معقدة تتأثر بالعديد من العوامل، وقد نرى تطوراً للعلاقة في المستقبل، لكنها قد تواجه أيضاً تحديات جديدةً تحدد اتجاهها".
إيران القوية ضرر على المدى الطويل
تتشابك مصالح البلدان إلى درجة أن تهديد أي منهما هو تهديد للآخر في التحالفات الإستراتيجية، مما يخرج العلاقات الروسية الإيرانية والعلاقات الصينية الإيرانية من هذا المستوى، وفقاً لمهدي تبار، برغم العلاقات العسكرية والمصالح المشتركة بينهما في مكافحة الإرهاب، ومواجهة الأحادية القطبية وتوسع الناتو.
ومع ذلك، بحسب الصحافي الإيراني، فإن البلدين (روسيا والصين)، سياسةً ومصالح، في صراع خطير مع إيران حول مختلف القضايا. فالقوقاز مثلاً، تفترضها روسيا منطقة نفوذ خالصةً لها، برغم المصالح الإيرانية الواسعة فيها، كما تنهج الدولتان نهجاً مختلفاً في آسيا الوسطى، برغم دفعهما المشترك للتدخل الأمريكي فيها. وفي الشرق الأوسط، تعارض روسيا تحول إيران إلى قوة إقليمية، نظراً إلى خطورة ذلك على مصالح روسيا على المدى الطويل، برغم استفادتها على المدى القصير، بالإضافة إلى أن العلاقات الإستراتيجية مع إيران سوف تعّكر علاقات روسيا مع العرب وإسرائيل.
وتشارك الصين روسيا في العامل الأخير، حسب معهد الشرق الأوسط، نظراً إلى مصالحها التجارية والتكنولوجية الهائلة مع العرب وإسرائيل. إذ تخط الصين علاقاتها السياسية والاقتصادية مع إيران بحذر وتوازٍ مع سياسة واشنطن تجاه طهران، بدلاً من معارضتها. ومن جانبها، تحتاج الولايات المتحدة إلى الانخراط مع الصين لدفع التقارب الروسي الإيراني، بالنظر إلى عدم رضا بكين عن الآثار المزعزعة للاستقرار المترتبة على توثيق العلاقات الروسية الإيرانية، لا سيما التأثير المحتمل على الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط. ففي الوقت الذي تتلاقى فيه أعمال روسيا وإيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة، تتلاقى بكين وواشنطن في حصاد قيمة الاستقرار الإقليمي. إلا أن الوساطة الصينية بين إيران والسعودية وفّرت نفوذاً سياسياً مفيداً لتنقّل بكين في المنطقة ولتنافسها العالمي مع الولايات المتحدة.
"تمثل إيران سوقاً مهمةً لروسيا وتعدّ العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين عاملاً جذاباً. كما أن العقوبات الغربية المفروضة عليهما ساهمت في تقريب الجارتين من بعضهما البعض، مع بقاء التحديات الناجمة عن اختلاف مصالح وروئ الدولتين في بعض المناطق الساخنة في الشرق الأوسط. لذا، فالعلاقات الروسية الإيرانية قضية معقدة تتأثر بالعديد من العوامل".
تأمل طهران إلغاء العقوبات المفروضة عليها وتخفيف أزمتها الخانقة ووصولها إلى العملة الصعبة، من خلال تطويرها للعلاقات مع أي قوى أخرى، حسب المذحجي. و"على المديين المتوسط والبعيد تسعى إيران إلى أن تكون اليد العليا في المنطقة، وهو مشروع قديم تحاول تجديده، إلا أن الوقائع تثبت تراجعه، فلأول مرة، قوتان عظميان في مجلس الأمن (روسيا والصين) تدعمان الإمارات ضد إيران في ملف الجزر المحتلة".
برأيه، "هذا ما يمكن تفسيره بتغيّر موازين القوى في المنطقة، وأن التعويل من الآن فصاعداً سيكون على الدور العربي في المنطقة، بعد فشل المشاريع التي مارسها الغرب لإضعاف دور الدول العربية وتهميشه في المنطقة لحساب الدول غير العربية، والآن يعود الدور إلى الدول العربية من بوابة الصين وروسيا، مشيراً إلى أن البيان الروسي الصيني يحمل في طياته التنافس على توسيع النفوذ في المنطقة بين روسيا والصين أكثر مما ينظر إليه كتوافق بينهما".
لبكين الكلمة الأخيرة
يلحظ معهد الشرق الأوسط ثلاثة أسباب عامة لتحالف إيران المتنامي مع الصين وروسيا. أولها، رفض الاستسلام للولايات المتحدة أو تقديم تنازلات كبيرة لها، وثانيها، تقييم الشواغل الأمنية باعتبارها أكثر أهميةً من احتياجات التنمية الاقتصادية، وأخيراً الرغبة الإيرانية في رؤية استمرارية النظام السياسي.
فيما يعتقد وزير الخارجية الإيراني السابق، محمد جواد ظريف، أن "إيران لديها تصور خطأ لعلاقتها مع روسيا، على افتراض أن موسكو يمكن أن تكون حليفةً لها"، معتبراً أن "معاداة روسيا والولايات المتحدة أمر خطير بالنسبة لإيران". وفي إضافة له على موقع انتخاب، "اليوم يجب أن تكون لدينا أقوى العلاقات مع الصين مثل 180 دولةً أخرى. ليس الصين فقط، لكن لا توجد دولة اليوم لديها ما يكفي من الأدوات لتصبح قوة عظمى عالمية وإقليمية في عصر ما بعد القطب سوى الصين".
الصين لاعب دولي مهتم بمنطقة الشرق الأوسط من منظور اقتصادي وإستراتيجي. وبالنسبة لروسيا، فإن تواجد الصين في المنطقة قد يؤدي إلى توازن القوى، مما يترك أثراً على التفاوض بين موسكو وطهران في بعض القضايا.
ووفقاً لأريحي، العلاقات الروسية الإيرانية، هي علاقة شريكين تجمعهما بعض المصالح المشتركة، أهمها الاقتصاد، وليست علاقةً إستراتيجيةً، وخلال السنوات الماضية أيضاً لم تكن علاقةً إستراتيجيةً. وإيران قريبة من الصين أكثر من قربها من روسيا وتتأثر بالتأكيد بسياسات بكين وأعتقد أن الصين تسعى إلى تشكيل حلف شرقي بدعم العلاقات الروسية الإيرانية.
وبكين قد تكون الكلمة الأخيرة، حسب أستاذ أبحاث السلام والنزاع في جامعة أوبسالا في السويد، أشوك سوين، فقد أصبحت الصين الشريك الأمني والاقتصادي الأساسي لروسيا وإيران، عادّاً أن الحرب المستمرة في أوكرانيا أجبرت روسيا على لعب دور ثانوي بعد الصين.
ووفقاً لمعهد الشرق الأوسط، فإن توجه السياسة الخارجية الإيرانية الحالي لا يتعارض مع التوقعات الدولية الشاملة لبكين أو موسكو، كما أن استعدادها المناهض للغرب في منطقة حرجة من العالم يخدم القوتين في علاقاتهما الصعبة مع الولايات المتحدة. وفي المقابل، تشعر طهران من خلال تعاونها الأمني والتجاري مع كل من موسكو وبكين، بأنها حصلت على بوليصة تأمين ضد أي قرارات سلبية محتملة صادرة عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، مع التركيز على الفترة المضطربة التي تلوح في الأفق بسبب انتقال القيادة والخلافة فيها. لكن التحدي الرئيسي لديها، يتمثل في قبول الجمهور الإيراني، والجماعات المهنية والفكرية، والقطاع الخاص الضعيف، وجميعهم معتادون بشدة على الأفكار والأنظمة والعادات الغربية، للتحول شرقاً والتكيّف معه.
"حوزات نفوذ روسيا، ستكون حوزات نفوذ صينية في حال توسع الصين باتجاه شرق وغرب العالم"، حسب المذحجي، الذي يشير إلى أن "هذا يقلص من تأثير روسيا. فوصف الصين وروسيا بالحلفاء أو الشركاء غير صحيح، وحتى إن افترضنا ذلك، فهذا لا ينفي وجود صراع على النفوذ في آسيا الوسطى وفي منغوليا والشرق الأوسط بين الصين وروسيا. وعليه، فالتواجد الصيني يعيق العلاقات بين إيران وروسيا ويضعفها أو يضعف التأثير الروسي في إيران".
وبحسب بريجع، الصين لاعب دولي مهتم بمنطقة الشرق الأوسط من منظور اقتصادي وإستراتيجي. وبالنسبة لروسيا، فإن تواجد الصين في المنطقة قد يؤدي إلى توازن القوى، مما يترك أثراً على التفاوض بين موسكو وطهران في بعض القضايا، حيث تُعدّ الصين شريكاً اقتصادياً مهماً لإيران، والأخيرة محطةً صينيةً لاستيراد النفط والغاز الطبيعي.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
نايف السيف الصقيل -
منذ 5 ساعاتلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ 4 أيامتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه
بلال -
منذ 5 أيامحلو
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 5 أيامالمؤرخ والكاتب يوڤال هراري يجيب عن نفس السؤال في خاتمة مقالك ويحذر من الذكاء الاصطناعي بوصفه الها...
HA NA -
منذ أسبوعمع الأسف