احتشد الآلاف من الفلسطينيين وأبناء الجالية العربية أمام مبنى وزارة الخارجية في بروكسل، وفي مدن بلجيكا المختلفة للتعبير عن غضبهم تجاه المجازر التي ترتكبها قوات الاحتلال الاسرائيلي بحق المواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة.
وردد المتظاهرون الذين رفعوا الرايات الفلسطينية هتافات غاضبة حاملين صور ضحايا أطفال غزة الذين قُتلوا بدم بارد نتيجة القصف الإسرائيلي على غزة، كما نددوا بصمت المجتمع الدولي، وتواطؤ بعض الدول مع الاحتلال.
واشترك في المظاهرة العشرات من الأوروبيين ومن الحزب اليساري البلجيكي مساندين للقضية الفلسطينية ومستنكرين لاستمرار إسرائيل في جرائمها ضد الشعب الفلسطيني في غزة، وسقوط المئات من المدنيين الفلسطينيين.
وكانت وزارة الصحة الفلسطينية قد أعلنت تحديثاً لإحصائية ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة لليوم الثامن على التوالي، فوثقت مقتل 2670 فلسطيني، وإصابة نحو 9600 آخرين.
لن يكلوا ولن يملوا
يقول الناشط الفلسطيني، مهند عبد الباري(33 عاماً) من مواليد مخيّم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في سوريا، والذي يعيش اليوم في بلجيكا: "حملنا في هذه المظاهرة ثلاث رسائل، الأولى إلى شعبنا الفلسطيني نؤكد فيها أن غزة ليست وحدها، وأننا سنقف بكل قوة ضد الإبادة الجماعية التي يقوم بها الإسرائيلي وحلفاؤه، كما نؤكد أن المقاومة الفلسطينية هي حق شرعي للشعب الرازح تحت الاحتلال، والرسالة الثانية إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي نقول فيها مهما ارتكبتم من جرائم إبادة جماعية ضد شعبنا، فإن جماهير شعبنا وأحرار العالم أجمع لن يكلوا ولن يملوا من فضح إرهابكم في ساحات العالم، وأن المساءلة وملاحقة مجرمي الحرب لا بد آتية لا محالة".
"ثمة تضامن شعبي أوروبي كبير مع حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية، مهما سعت آلة هذه الدول لفرض القيود عليه وتهميشه ومهما سعت وسائل الإعلام العالمية لحجبه". مهند عبد الباري، ناشط فلسطيني مقيم في بلجيكا
ويضيف: "هناك رسالة أخرى إلى الحكومة البلجيكية نطالبهم فيها بأن يأخذوا الجانب الصحيح من التاريخ وأن يقفوا إلى جانب قضية شعبنا العادلة ضد دولة الإرهاب الإسرائيلية، كذلك نؤكد على أهمية تطبيق قواعد القانون الدولي وملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين وإعادة الاعتبار لمبادئ حقوق الإنسان".
ويوضح: "شاهدنا ثمة تضامن شعبي أوروبي كبير مع حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية، مهما سعت آلة هذه الدول لفرض القيود عليه وتهميشه ومهما سعت وسائل الإعلام العالمية لحجبه، ورغم أن المشاركين في التظاهرة قدموا من تيارات فكرية مختلفة، فإن إيمانهم بقضية فلسطين وتأييد المقاومة يجمعهم لرفض الإرهاب الإسرائيلي ضد الفلسطينيين".
ماذا عن تعامل الحكومة البلجيكية؟
يقول أحد منظمي المظاهرة في بروكسل، الفلسطيني ربيع عقل، إن عدد منظمي هذا الحدث هو 17 منظمة بلجيكية متضامنة مع الشعب الفلسطيني: "منذ عام 2021 كانت الشرطة البلجيكية متعاونة أكثر في التصريحات وأماكن المظاهرات، لكن قمع الفلسطينيين هذا العام كان أكبر، خاصة أنه في اليوم نفسه كانت هناك وقفة للإسرائيليين أيضاً، الذين حصلوا على الموافقة للتظاهر أمام البرلمان الأوروبي في بروكسل، بينما سمح للفلسطينيين بإقامة المظاهرة أمام وزارة الخارجية في مكان ضيق لا يتسع لوضع مكبرات صوت أو لمنصة، وكان خطر انسحاب التصريح بالتظاهر وارداً في أية لحظة".
"هذه المرة الأولى في بلجيكا التي تحدد لك الشرطة ماذا تلبس أو ماذا تحمل!". الفلسطيني ربيع عقل، أحد منظمي المظاهرة في بروكسل.
ويضيف عقل: "كان هناك تغيير واضح هذه المرة في المظاهرة، حيث تم الاتفاق مع الشرطة ألا تُرفع أي راية غير راية فلسطين (العلم)، وكان عناصرها يقفون على المدخل الأساسي، ويطلبون من المشاركين في المظاهرة ألا يتجولوا في شوارع مدينة بروكسل وهم يرتدون الكوفية، أو يحملون الراية الفلسطينية. فذلك مسموح به فقط ضمن المظاهرة. كانت هذه المرة الأولى في بلجيكا التي تحدد لك الشرطة ماذا تلبس أو ماذا تحمل! فالوقفة أكثر حساسية بالنسبة لحجم الحدث الكبير من أية مرة سابقة خاصة أن أعداد الفلسطينيين من غزة ولبنان وسوريا والضفة والجزائر كان كبيراً وواضحاً في الحدث، كانوا هنا ليس للتضامن فقط، بل ليُسمع صوت قضيتهم".
يقول دانييل، وهو أحد المشاركين البلجيكيين في التظاهرة: "لقد زرت فلسطين العديد من المرات، وكنت وما زلت على تواصل مع فلسطينيين ومؤسسات فلسطينية، مما يسمح لي أن أتلقى المعلومات والأخبار من مصادرها الأوليّة، التي هي أدق من المعلومات التي تُنشر عن طريق وسائل الإعلام التقليدية التي لم تتعرض بعد إلى الغربلة والتوجيه، وهذا ما يعطيني القدرة على تفكيك وتحليل القراءة ما بين السطور المنشورة في هذا الإعلام".
ويضيف: "المشكلة تكمن أيضاً بقبول المواطن البلجيكي بما يقوله الإعلام دون التحقق من هذه المعلومات عبر الإنترنت أو وسائل إعلامية أخرى! فمن الضروري تحليل وتفكيك الرسائل التي يوجهها الإعلام الغربي في نشراته لأنه لم يتوقف عن وصف المقاومة الفلسطينية بالإرهاب، وأصر وأعاد هذا الوصف بين الجملة والأخرى".
"المشكلة تكمن في قبول المواطن البلجيكي بما يقوله الإعلام دون التحقق من هذه المعلومات عبر الإنترنت أو وسائل إعلامية أخرى! من الضروري تحليل الرسائل التي يوجهها الإعلام في نشراته". دانييل، أحد المشاركين البلجيكيين في تظاهرات بروكسل.
يقول دانييل: "أنا مناصر للقضية الفلسطينية منذ عشرين عاماً، الإعلام الغربي نسي أو تناسى أن هناك مليونين وثلاثمئة ألف فلسطيني في غزة تحت الحصار، يقبعون في معسكر اعتقال، وأن السلطات الصهيونية منذ 17 عاماً تحدد على المواطنين الغزيين الحد الأدنى من متطلبات الحياة". مؤكداً أنه على الإعلام أن يشرح وينشر هذه الحقائق لأنه من غير المعقول أن نقبل بهذا الشيء، حسب وصفه.
أما البلجيكي، نور الدين، فيقول: "أنا متواجد اليوم أمام مقر وزارة الخارجية البلجيكية كمواطن بلجيكي لأقول لهم أنني متمسك بشدّة بالقانون الدولي، ولأذكرهم أنه وفق القانون الدولي، لدى الشعوب القابعة تحت وطأة الاحتلال الحق بالنضال بكافة الوسائل الضرورية، أناصر وأدعم قرار الشعب الفلسطيني، وبالأخص في غزة فيجب أن يقاوموا الاحتلال كحق لهم، لديهم الحق باختيار وسيلة المقاومة لتحرير فلسطين".
ويضيف: "كل ما أريد قوله هو أنني مدافع عن الضحايا الأبرياء الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية، ليس بحسب ضحايا هذا الأسبوع، لكن أيضاً ضحايا فلسطين منذ خمسة وسبعين عاماً ومنذ مئة عام...".
"أدافع عن القضية الفلسطينية بلغتي"
وكانت، آية(23 عاماً) من بلاد المغرب العربي تهتف باسم فلسطين حاملة العلم الفلسطيني وتقول بصوت عالٍ: "لن ننسى أبداً إخوتنا في فلسطين، دعواتنا وروحنا معهم، الله ينصرهم، صحيح أننا لا نستطيع أن نعمل أشياء كثيرة لنساندهم، لكننا اليوم خرجنا إلى الشارع حتى نقول للعالم أننا ضد الكيان الإسرائيلي وأننا مع فلسطين". تضيف أيضاً: "ليس من الضروري أن تكون مسلماً حتى تساند القضية الفلسطينية، هي بالأساس قضية إنسانية، ويجب على كل إنسان أن يرى الوحشية المحيطة بالفلسطينيين حالياً، ويجب أن يتم تطبيق القانون الدولي الذي يصمت أمام هذه المجازر".
وعن تحدثها اللغة الفرنسية، تقول آية: "أنا أدافع عن القضية الفلسطينية بلغتي ولأنني أعيش في بلجيكا، ومن واجبنا أن ننشر الوعي باللغات التي يفهمها العالم المحيط بنا، نحن كشعب عندما نظهر في المسيرة هنا نكون قد أوصلنا رسالة للعالم الآخر كي يعرف أننا لا نتقبل هذا الاضطهاد، لذلك فنشر المعلومات الصحيحة باللغة الصحيحة هو مصدر قوتنا".
مصطفى عوض، ناشط من مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان، يقول: "مشاركتي في المسيرة التضامنية كانت أقل ما يمكن فعله للتضامن مع شعبنا الفلسطيني في غزة الذي يباد بطريقة ممنهجة ومخطط لها مسبقاً، إن الوقفة لم تكن وقفة تضامنية فحسب، بل كانت لتوصيل الصوت والصرخة للخارجية البلجيكية لبذل جهودها في وقف هذا العدوان على غزة".
ويضيف عوض في حديثه لرصيف22: "على الرغم من التضليل الهائل في الإعلام الأوروبي حول ما يحدث في غزة، إلا أنه كان هناك بين الحشود كثير من المتضامنين البلجيكيين لدعم القضية الفلسطينية، وشجب واستنكار المجازر الإسرائيلية، و هناك عدد كبير من الأوروبيين المتابعين لما يحدث منذ سنوات طويلة، دورنا في هذه البلاد هو أن نوضح للمجتمع ما يحدث لنا من تنكيل وقتل وفضح إسرائيل أمام الرأي العام الأوروبي".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
نُور السيبانِيّ -
منذ يومالله!
عبد الغني المتوكل -
منذ يومينوالله لم أعد أفهم شيء في هذه الحياة
مستخدم مجهول -
منذ يومينرائع
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ أسبوعتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت