شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
رحلة محمد صلاح، من

رحلة محمد صلاح، من "الأيوبي" إلى "الأوروبي"... هل ابتلعها الطوفان؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي نحن والتنوّع

الثلاثاء 17 أكتوبر 202311:30 ص
انتظر الكثير من أنصار ومحبي اللاعب المصري، الذي يعد من وجهات نظر عديدة الأشهر والأكثر تأثيراً، محمد صلاح أن يناصرهم في قضيتهم مثلما ناصروه في رحلته، لنفس السبب تقريباً، لكونه عربياً.
فما إن اندلعت أحداث طوفان الأقصى حتى تابع العرب بشكل عام، والمصريون بشكل خاص، الأحداث بعين وعين أخرى سهرت على صفحات سوشال ميديا الخاصة بالنجم المصري، "فخر العرب" كما أطلقوا عليه. انقضى الطوفان وجاءت تداعياته المؤلمة، فيما تساءل الكثير عن صمت "فخر العرب"، محمد صلاح. 

محمد صلاح الدين "الأيوبي"

البداية من نجريج قرية في مركز صغير في محافظة مصرية بعيدة عن العاصمة، من هناك انطلق صلاح غازياً العاصمة بقدرات كروية عالية وإمكانيات مادية محدودة وبلا أي أنصار، ثم رويداً رويداً اكتسب اللاعب إعجاب الجماهير التي طالبت بضمّه لأحد القطبين الكبيرين في مصر، نادي الزمالك، لكن عندما لم يحدث ذلك، غير اللاعب وجهة رحلته إلى أوروبا، ومن هناك أخذت رحلته طابع أكثر إثارة في سويسرا وإيطاليا وإنجلترا، رافقته دعوات العرب ومساندتهم المستمرة التي ربما أثّرت على عزيمته بالإيجاب بلا شك في أكثر الأوقات حرجاً في مسيرته، ففي عصر السوشيال ميديا، تبقى التفاعلات رقماً هاماً في لفت الأنظار ومن ثم في تقرير المصائر، وذلك الأمر لم يكن مجازاً بل حدث بالفعل، ففي كل مكان لعب فيه محمد صلاح استطاع الانفراد بأي جوائز تقدم على أساس اختيار الجمهور، مثل جائزة لاعب الشهر التي حققها كل شهر تقريباً في الأندية التي لعب فيها، بفضل تفاعل الجمهور واختياره، بغض النظر عن إذا كان هو الأفضل بالفعل أم لا، لكنهم اختاروه وساندوه لأنه عربي، وهكذا اكتسب محمد صلاح لقب "فخر العرب" بأقدامه وبمشاركة جماهيره.

انقضى الطوفان وجاءت تداعياته المؤلمة، فيما تساءل الكثير عن صمت "فخر العرب"، محمد صلاح

خلال تلك المرحلة، كان صلاح بمثابة الفارس العربي المسلم الذي يعمل كسفير لثقافته في أراضي الغرب، بصورة خلفيتها الأقصى تُنشر وباستفزازه جماهير اسرائيلية في مقابلة شهيرة مع فريقه بازل السويسري، وأيضاً بسجدة احتفالية متكرّرة بعد أهدفه، حتى أن هناك بعض التقارير التي خرجت تتحدث عن تأثيره الإيجابي في شعور الإنجليز ناحية المسلمين، ووصل الأمر بالبعض أن ردّدوا، بلا أدلة، أخباراً تُفيد دخول كثير من جماهير ليفربول الإنجليزي الإسلام بسبب حبهم لصلاح، الذي دفعهم لمتابعة حياته الشخصية وبالتالي ديانته وتعاليمها، وهكذا نظرت الجماهير نحو محمد صلاح كسفير للأمتين العربية والإسلامية، ولرحلته بأنها فتح إسلامي ناعم جديد.

قفزة "المينتاليتي"

فوجئ بعض الجماهير باللاعب يقلل من عقلياتهم في مواقف معينة، واصفاً بعض المتابعين والقائمين على الرياضة في مصر بأنهم ينقصهم العقلية "المينتاليتي" كما نطقها، وبينما غضب الكثيرون حينها مما اعتبروه غروراً، وافق آخرون صلاح في رأيه، ففي النهاية هناك شبه اتفاق على سوء إدارة الكرة في مصر، وكذلك فإن ابنهم صلاح يلعب في الدوري الأشهر عالمياً، ولا بد أنه قد رأى ما لم يروه من نجاح على مستوى الإدارة والرياضة.
لكن تلك الواقعة ظلت في عقلية المتابعين المصريين تتجدّد مع كل تصرف يصدر عن اللاعب يمكن اعتباره ميلاً نحو التقليل من ماضيه والتفخيم من حاضره، ما أرجعه البعض لرغبته في تأمين مستقبله.
فقد لاحظت الجماهير أن محمد صلاح أصبح بعد فترة ليست بالقصيرة أوروبياً في نمط حياته واهتماماته، خلع رداء العرب والمسلمين تماماً على ما يبدو، وبتعبير مصري دارج "قام بتغميس الآيس كريم بالعيش"، نتحدث هنا عن تصرفات بسيطة للغاية مثل احتفاله بأعياد الميلاد وتجنبه الاحتفال بالمولد النبوي، والهالوين وليس الأضحى، تقديم واجب العزاء عند وفاة الملكة إليزابيث والصمت عن أحداث غزة، وهكذا من السلوكيات التي صبغت محمد صلاح بلون أوروبي جديد لم يعتده المصريون من اللاعب، ما جعلهم يتشككون في عقيدته حتى بعض الأحيان.

صلاح والطوفان

سواء اتفقت مع ما سبق أو اختلفت فالثابت والمؤكد أنه لولا هذا الرداء العربي المصري الذي غزا به محمد صلاح أوروبا لكانت مسيرة اللاعب اختلفت إلى حد ما، فعلى غير العادة لم يصنع ليفربول مثلاً جماهيرية صلاح لكنه ذهب إلى النادي الإنجليزي متبوعاً بملايين الجماهير أصلاً، ومن قبل ذلك حتى، جميع الأندية التي لعب لها صلاح استفادت إعلامياً من الجماهير العربية والمصرية تحديداً التي أظهرت تفاعلاً غير مسبوق على السوشيال ميديا نصرة لمحمد صلاح، فحظي اللاعب بمكانة تفوق مكانته الأصلية، لذا فالأمر الآن يبدو كأن فخر العرب ظل يستمتع بمميزات الهوية حتى تمكن من بلوغ مكانة انتظره العرب أن يستغلها في قضاياهم فرفض رد الجميل، حتى كتابة المقال، خصوصاً أنه ساهم فيها بالتركيز على جانبه "المسلم" أكثر من جانبه الكروي، كنشره لصور لها مع المصحف وسجداته المتكرّرة، أي أنه استغلّ هذا الجانب الشعبوي لزيادة شعبيته وعندما احتاج منه الآخرون الوقوف مع ما يعتبرونها قضاياهم المحقة، استنكف واختفى.
هناك رأي يقول إن من يهاجم محمد صلاح الآن هم التيار الإسلامي والإخوان المسلمون، خصوصاً حين يوضع بمقارنة مع اللاعب المعتزل، والمعروف بمواقفه "الإخوانية"، محمد أبو تريكة، والذي طالما صرّح بمواقفه الداعمة لحماس وغزّة من جانب إسلامي أولاً
وهناك رأي يقول إن من يهاجمه الآن هم التيار الإسلامي والإخوان المسلمون، خصوصاً حين يوضع بمقارنة مع اللاعب المعتزل، والمعروف بمواقفه "الإخوانية" محمد أبو تريكة، والذي طالما صرّح بمواقفه الداعمة لحماس وللمقاومة الإسلامية.
قد يكون هناك سبب آخر لهذا الصمت يتوجب التنقيب في عقل محمد صلاح، فمن الممكن أن يكون اللاعب راغباً بالفعل في إظهار تعاطفه مع ضحايا غزة لكنه لا يتفق مع حدث طوفان الأقصى نفسه لاعتبارات سياسية أو إنسانية، أي أنه قد يكون مناصراً للقضية الفلسطينية ومختلفاً مع من نصّبوا أنفسهم محامين عنها في الداخل، أو مع أفعالهم التي نتج عنها بقصد أو بدون قصد ضحايا من المدنيين ومن بينهم أطفال، هنا ربما نقول إن الصمت قد يكون مفهوماً، وإن كان ما قدمه الجمهور العربي والمصري للاعب كان يستحق اختلاق صيغة ذكية للتعاطف ولفت أنظار العالم للقضية بشكل صحيح، بعيداً عن افتراءات تساق لجماهير الغرب، لكن لو أن صمت محمد صلاح كان نتيجة مخاوف من ردّ فعل ناديه فهنا لا بد أن يغضب الجمهور، لأنه لولا وقوفهم بجانبه ومساندتهم إياه بشكل استثنائي وغير عادل لمنافسيه أحياناً (في الاستفتاءات الجماهيرية مثلاً) لما وصل به الحال لتلك المكانة التي يخشى عليها، وعلى كل حال فالطوفان لم ينتهي بعد، ومن الممكن أن تلحق به سفينة أخرى في أي وقت.
إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها…

لكن رصيف22، هو صوت الشعوب المضطهدة، وصوت الشجعان والمغامرين. لا نخاف من كشف الحقيقة، مهما كانت قبيحةً، أو قاسيةً، أو غير مريحة. ليست لدينا أي أجندات سياسية أو اقتصادية. نحن هنا لنكون صوتكم الحرّ.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها، ولكنك بضمّك صوتك إلينا، ستكون جزءاً من التغيير الذي ترغب في رؤيته في العالم.

في "ناس رصيف"، لن تستمتع بموقعنا من دون إعلانات فحسب، بل سيكون لصوتك ورأيك الأولوية في فعالياتنا، وفي ورش العمل التي ننظمها، وفي النقاشات مع فريق التحرير، وستتمكن من المساهمة في تشكيل رؤيتنا للتغيير ومهمتنا لتحدّي الوضع الحالي.

شاركنا رحلتنا من خلال انضمامك إلى "ناسنا"، لنواجه الرقابة والترهيب السياسي والديني والمجتمعي، ونخوض في القضايا التي لا يجرؤ أحد على الخوض فيها.

Website by WhiteBeard