شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
قلق في القدس بعد

قلق في القدس بعد "طوفان الأقصى"... فرصة المتطرّفين للتنكيل بالمقدسيين قد حانت!

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن والحقوق الأساسية

السبت 14 أكتوبر 202311:47 ص

وصل صدى عملية "طوفان الأقصى" التي نفّذتها حركة "حماس" الفلسطينية ضد المستوطنات الإسرائيلية في منطقة "غلاف غزة"، في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الجاري، إلى مدينة القدس المحتلة بشكل صاخب ومؤثر. هذا الهجوم الذي أسفر عن مقتل وأسر مئات من الإسرائيليين، بينهم جنود ومستوطنون، أثّر بشكل ملموس على حياة سكان القدس، ففي حين احتفى المقدسيون بهذه العملية البطولية؛ كغيرهم من الفلسطينيين، تزامن ذلك مع قلقٍ راودهم، من استفراد إسرائيل وقواتها ومستوطنيها بهم.

فور انتشار أنباء الهجوم الخاطف، أعلن أهالي القدس حالة طوارئ فورية. امتلأت الشوارع بأصوات الأطفال الذين خرجوا من مدارسهم يبكون في شوارع المدينة، فهرع الأهالي لجلب أبنائهم بعيداً عن المناطق التي يتواجد فيها المستوطنون اليهود المعروفون بعدائهم وعنفهم تجاه العرب.

تغيّرت ملامح المدينة بسرعة، حيث أصبح واضحاً أن هناك شيئاً غير اعتيادي يحدث؛ توتر شديد، أزمات خانقة، والمحلات التجارية امتلأت بالسكان، حيث يجمعون الأغراض التموينية تحسباً لتصاعد النزاع، وكأنهم عرفوا أن حرباً تلوح في الأفق، فأصبح القلق هو سيد الموقف.

ما بعد الصدمة

بالفعل، حين أفاق الإسرائيليون من صدمة الهجوم، الذي وصفه رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو، بأنه "أفظع يوم في تاريخ الشعب اليهودي"، أصبح المقدسيون كما توقعوا، أوّل هدف للانتقام من قبل المستوطنين والقوات الإسرائيلية، لدرجة أنّ خروجَهم من منازلهم أصبح خطراً على حياتهم. هذا التوتر في المدينة أخذ منحى تصاعدياً، ما أدى إلى اندلاع اشتباكات في كافة أنحاء المدينة، سقط إثرها 11 قتيلاً، بينهم قاصرون وفتية، برصاص الإسرائيليين، جرّاء الاعتداءات والاشتباكات المتكرّرة، منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر وحتى اليوم.

حين أفاق الإسرائيليون من صدمة الهجوم، الذي وصفه رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو، بأنه "أفظع يوم في تاريخ الشعب اليهودي"، أصبح المقدسيون كما توقعوا، أوّل هدف للانتقام من قبل المستوطنين والقوات الإسرائيلية، لدرجة أنّ خروجَهم من منازلهم أصبح خطراً على حياتهم. هذا التوتر في المدينة أخذ منحى تصاعدياً

معظم الضحايا قتلوا وهم عُزّل، إلا أحدهم؛ سقط مقاتلاً، أثناء تنفيذه عملية إطلاق نار استهدفت مركزاً لشرطة الاحتلال، وسط مدينة القدس، أمام "باب الساهرة"، أحد أبواب البلدة العتيقة.

لم تنتظر شرطة الاحتلال كثيراً قبل أنّ تقتحم منزل منفذ العملية، خالد المحتسب، ابن الـ21 عاماً، فصوّرت المنزل وأخذت قياساته، وطالبت عائلته بتفريغه وإخلائه فوراً، وذلك تمهيداً لإغلاقه أو هدمه، وفق وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية.

كما لم تسلم منازل الفلسطينيين بالقدس، من الخطة الانتقامية في المدينة، إذ تعرّضت عشرات المنازل للتفتيش والتخريب، في أعقاب اعتقال بعض الشبان في كافة أنحاء المدينة، بحسب مركز "معلومات وادي حلوة" الحقوقي.

التغوّل الإسرائيلي يطال مناحي الحياة

بعد "طوفان الأقصى"، بدأ التغوّل الإسرائيلي في مدينة القدس يأخذ منحى أكثر عنفاً، سواء على مستوى سلوك أجهزة الأمن أو المستوطنين الذين تصفهم إسرائيل بـ"المدنيين"، فطال كافة مناحي الحياة، من اعتداءات على الشبان، أمام بيوتهم وفي أحيائهم وداخل أماكن عملهم، كما يقول الناشط المقدسي وسام البخاري لرصيف22.

مئات المقدسيين الشبان، ممن يعملون في شركات إسرائيلية، -المُجبرون على ذلك بسبب تكاليف المعيشة العالية في المدينة- طُردوا من أماكن عملهم، دون سبب سوى أنهم فلسطينيون، وفق البخاري.

ويضيف الناشط المقدسي: "تعرّض عدد كبير من الشبان المقدسيين للاعتداءات المباشرة من قبل قوات أمن الاحتلال والمستوطنين، بالضرب المبرّح والأدوات الحادة، تحت التهديد بالسلاح".

ويقول البخاري إنّ آلاف المستوطنين نظموا تجمعات في كافة أنحاء القدس، عبر دعوات نُشرت في وسائل التواصل الاجتماعي، بغية استهداف الفلسطينيين في المدينة وإلحاق الأذى بهم. ويضيف: "هؤلاء المستوطنون حاقدون على الفلسطينيين، وينتظرون بفارغ الصبر أنّ يسمح لهم بالاعتداء عليهم دون حدود ورقيب".

بعد "طوفان الأقصى"، بدأ التغوّل الإسرائيلي في مدينة القدس يأخذ منحى أكثر عنفاً، سواء على مستوى سلوك أجهزة الأمن أو المستوطنين الذين تصفهم إسرائيل بـ"المدنيين"، فطال كافة مناحي الحياة، من اعتداءات على الشبان، أمام بيوتهم وفي أحيائهم وداخل أماكن عملهم

يروي البخاري أنّ الفلسطينيين يشعرون بعدم الأمان في مدينتهم، بشكل لم يسبق له مثيل، مشيراً إلى أنّ أفراد الشرطة الإسرائيلية أنفسهم لا يتعاملون مع الفلسطينيين من منظور قانوني أو أمني، بل من منظور قومي قائم على الحقد على الفلسطينيين والعرب.

إغلاق المسجد الأقصى في صلاة الجمعة

وامتداداً لإجراءات الانتقام الإسرائيلية السابقة؛ منعت قوات الاحتلال، يوم الجمعة 13 تشرين الأول/ أكتوبر، عشرات آلاف الفلسطينيين من دخول المسجد الأقصى لإقامة "صلاة الجمعة"، وسمحت فقط لمن هم أكبر من 70 عاماً بالدخول، وفق شهود عيان.

يقول أحد المصلين المسنّين بعد خروجه من المسجد الأقصى: "وضع الأقصى حزين جداً، أصلّي في المسجد الأقصى منذ 42 عاماً، لم أره فارغاً مثل اليوم، عاش المسجد الأقصى أياماً صعبة من قبل، لكن هذه الأيام مختلفة. حواجز في كل مكان وتفتيش دقيق للجميع، وتنكيل وإهانات وتهديد ووعيد. يبدو أننا مقبلون على أيام صعبة جداً، ندعو الله أنّ يحمي مسجدنا ومدينتنا".

تقييد حرية الرأي

رغم تفاخرها أمام المجتمع الدولي بأنها دولة ديمقراطية تحمي حرية التعبير، لكن إسرائيل اعترفت، في بيان لها، باعتقالها 26 فلسطينياً، من أنحاء المدينة، بتهمة التحريض أو إشهار الانتماء لحركة حماس عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فيما يقول الناشط البخاري إنّ عدد الذين اعتقلوا بتهمة التحريض؛ تجاوز 45 شخصاً، نقلا عن مصادر رسمية في محافظة القدس الفلسطينية.

وفي هذا السياق، يقول الشاب محمد (اسم مستعار)، البالغ من العمر 20 عاماً، وهو من سكان بلدة بيت حنينا شمالي القدس، لرصيف22، إنّه نشر عبر صفحته الرسمية في موقع فيسبوك، عبر خاصية "الستوري"، صورة لمقاتلي القسام وهم يقتحمون مستوطنات منطقة "غلاف غزة"، دون أن ّ يعلم أنها قد تصل إلى المخابرات الإسرائيلية.

ويضيف: "اقتحمت قوات تابعة للشرطة الإسرائيلية منزلنا بعنف، واقتادتني إلى أحد مراكز التحقيق القريبة، حيث تمّ شتمي والاعتداء عليّ وتهديدي. بقيت هناك ليلة كاملة، كالوا عليّ الشتائم وحققوا معي بطريقة مهينة ومستفزّة، ومن ثم تقرّر الإفراج عني بكفالة مالية كبيرة".

المستقبل في القدس

رغم ما ألحقته كتائب القسام التابعة لحركة حماس من خسائر معنوية ومادية وبشرية في الجانب الإسرائيلي، إلا أنّ "طوفان الأقصى" بلور قلقاً كبيراً لدى المقدسيين إزاء ما ينتظرهم في المستقبل المنظور، في مرحلة ما بعد الحرب.

رغم ما ألحقته كتائب القسام التابعة لحركة حماس من خسائر معنوية ومادية وبشرية في الجانب الإسرائيلي، إلا أنّ "طوفان الأقصى" بلور قلقاً كبيراً لدى المقدسيين إزاء ما ينتظرهم في المستقبل المنظور، في مرحلة ما بعد الحرب

يقول المحامي المقدسي د.محمود أبوصوي، لرصيف22: "كمقدسيين، علينا أن نشعر بالقلق من مرحلة ما بعد الحرب، خاصة في ظلّ التحيّز الغربي والعربي التام إلى جانب إسرائيل، حيث يعطيها ذلك دفعة أكبر لمواصلة التهويد في المدينة، وقمع وأسرلة سكانها دون تردّد".

ويضيف: "ستضاعف إسرائيل، خلال الفترة المقبلة، من سياستها تجاه المقدسيين في المدينة، من سحب هويات الإقامة وهدم المنازل ومواصلة التقسيم المكاني والزماني للمسجد الأقصى. وستلجأ إلى سياسة العقاب الجماعي بحق المقدسيين، خاصة إذا لم تستطع القضاء على حركة حماس، كما تأمل، وهذا أمر مستبعد بالطبع".

برأي أبو صوي فإنّ سياسة العقاب الجماعي ستشمل فرض مخالفات ضريبية وبلدية وعلى البناء وغيرها الكثير. وتطرّق إلى مسألة عنف المستوطنين التي تحيط مستوطناتهم بكافة أنحاء المدينة وضواحيها، قائلاً: "بدأنا نلاحظ أنّ الحكومة الإسرائيلية أعطت الضوء الأخضر بشكل واضح وصريح للمستوطنين لمهاجمة كل ما هو فلسطيني".

ويتابع: "سكان مدينة القدس يعيشون بالقرب من المستوطنين، وتحت السيادة الإسرائيلية، لذا فقد أصبحنا فريسة سهلة، لا أحد يدافع عنا، لا قانون يحمينا الآن. هناك عشرات آلاف العمال المقدسيين في الشركات والمصانع الإسرائيلية".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

بالوصول إلى الذين لا يتفقون/ ن معنا، تكمن قوّتنا الفعليّة

مبدأ التحرر من الأفكار التقليدية، يرتكز على إشراك الجميع في عملية صنع التغيير. وما من طريقةٍ أفضل لنشر هذه القيم غير أن نُظهر للناس كيف بإمكان الاحترام والتسامح والحرية والانفتاح، تحسين حياتهم/ نّ.

من هنا ينبثق رصيف22، من منبع المهمّات الصعبة وعدم المساومة على قيمنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image