تخرج الممثلة المصرية ياسمين صبري بين الحين والآخر بتصريحات مثيرة للجدل، الأمر الذي يجعلها مثاراً للانتقادات على وسائل التواصل الاجتماعي. ولأن هذه الحالة تتكرر بشكل دوري ويكاد يكون ممنهجاً، خرجت بعض النظريات التي تقول بأن تصريحاتها تلك مقصودة وجزء من إستراتيجية إعلامية تتبعها صبري للإبقاء على اسمها ضمن الأكثر بحثاً، عملاً بالقول "Bad publicity is a good publicity".
أحد تصريحات صبري الغريبة السابقة كانت عن نصيحة الراحل محمود عبد العزيز لها خلال تصوير مسلسل "جبل الحلال" فقد قالت في أكثر من مناسبة: "الراجل أول ما شافني قاللي بطلي تمثيل، أنتِ بتعملي أية هنا، مكانك غلط".
في العموم لا تبدو تصريحات ياسمين صبري مشابهة لتلك الصادرة عن غيرها من الممثلات والنجمات، فهي لا تتحدث عن تفاصيل فنية، أو حتى شخصية ستقدمها على الشاشة، بل تتطرق إلى مواضيع متخصصة في الكثير من الأحيان، ولذلك كان التركيز، هنا، على رأي الخبراء في أغرب تصريحات ياسمين صبري حين تقتحم حقول معرفية يقضي أصحابها سنوات في الاختصاص.
في هذا التقرير رصد رصيف22 أغرب تصريحات ياسمين صبري، وأبعدها عن الدقة العلمية، وطلب من أصحاب الاختصاص الأكاديمي والخبرة تفنيد كلامها، والتعليق عليه.
الذكاء الاصطناعي والبقاء للمختار
خلال ندوة أقيمت مؤخراً في منتدى الإعلام العربي بمدينة دبي تحت عنوان "هل سيغير الذكاء الاصطناعي مستقبل الدراما العربية؟" تناولت بشكل أساسي تأثير الذكاء الاصطناعي على صناعة الترفيه، صرحت ياسمين صبري بالقول: "الذكاء الاصطناعي جاء لمحو قسم كبير من البشرية، وفقط بعض المختارين سيستمرون في العيش وفي النهاية البقاء للمختار".
ثم تحدثت عن نظرية "المليار الذهبي"، وهي نظرية قديمة للعالم "توماس روبرت مالتوس" تنبأ خلالها بانتهاء البشرية نتيجة لقلة الموارد مقابل زيادة عدد البشر، وأكدت الممثلة أنها لا تمانع في استخدام صورتها وصوتها عبر الذكاء الاصطناعي في صناعة المحتوى المرئي والمسموع.
تأتي هذه التصريحات في الوقت الذي تحارب فيه صناعة الترفيه العالمية استخدام الذكاء الاصطناعي، فعلى سبيل المثال امتد إضراب كتاب هوليوود لـ148 يوماً، معطلين صناعة السينما الأميركية حتى حصولهم على تأكيدات بعدم استخدام الذكاء الاصطناعي في الأعمال السينمائية والتلفزيونية.
ومنذ أيام فقط أعلن الممثل توم هانكس عن استخدام صورته وصوته في إعلان لم يشارك فيه أو يوافق عليه باستخدام الذكاء الاصطناعي، وهو بصدد أخذ خطوات قانونية ضد هذا الاستخدام غير الشرعي.
ياسمين صبري: "الذكاء الاصطناعي جاء لمحو قسم كبير من البشرية، وفقط بعض المختارين سيستمرون في العيش، وفي النهاية البقاء للمختار"
رصيف22 سأل المبرمج أحمد عواد عن إمكان استبدال البشر بالذكاء الاصطناعي، يجيب: "الذكاء الاصطناعي هو عبارة عن استخدام خوارزمية وتدريبها وتحسينها عن طريق التعلم المستمر، قد يكون مرعباً، لأنه قد يصل إلى تحليل المشاعر والأنماط والمدخلات سواء من البشر أو الآلة ، أو تقليد الأصوات، ولكن بالتأكيد لن يحل محل البشر بشكل عام. بل قد يقوم ببعض المهام التي كانت في السابق معتمدة على البشر، وبالتالي فنفعه أو ضرره يتبع للخوارزمية التي وضعها في الأساس بشري، أما التصورات الحالية عن المستقبل فليست سوى نوع من الخيال العلمي".
عن المرأة... "مفيش قضية أوي"
خلال فعاليات مهرجان الجونة السينمائي بدورته لعام 2020، سألت إحدى المذيعات ياسمين صبري على السجادة الحمراء عن الدور الذي ترغب في تقديمه، فقالت الممثلة إنها تحب المرأة، فردت المحاورة متسائلة هل قصدها عن قضية المرأة؟ فجاءت إجابة ياسمين التي فجرت الاستغراب في حينها على وسائل التواصل الاجتماعي عندما قالت "مفيش قضية أوي".
ياسمين صبري، تقدم نفسها كإنسانة محببة لبنات جنسها وتحاول دعمهمن قدر الإمكان، لكنها تناست للحظات بهذا الجواب القصير أكثر من قرن مر على الكفاح النسوي، حاربت خلاله النساء للحصول على حقوق المرأة، بداية من حق التصويت، إلى حق الترشح في الانتخابات، وصولاً إلى نضالاتهن الحالية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية.
مبرمج: "نفع أو ضرر الذكاء الاصطناعي تقرره الخوارزميات نفسها، وكل ما يقال عن المستقبل ليس سوى نوع من الخيال العلمي".
رصيف22 سأل بعض النساء عن تعليقاتهن على تصريح صبري، تقول ياسمين عادل: "إن شاء الله مفيش مرأة ولا حاجة، المرأة أصلاً حرام".
بينما أجابت سارة أسامة بشكل أكثر جدية: "ياسمين صبري تريد أن تكون كل شيء، أيقونة وغنية وجميلة، وقد حققت كل ذلك بالفعل، ولكن ليس دورها أو ليس في مقدورها تقديم تصريحات مؤثرة ومهمة عن فئة مثل المرأة".
وتقول هبة طارق: "ترغب ياسمين صبرى في أن تُرى كشخص ذكي ومثقف، وليس فقط امرأة جميلة، ولكن هي لا تمتلك الإمكانيات التي تؤهلها لتقديم هذه الصورة، وبالتالي بالنسبة لي هي شخص يمتلك الكثير من الامتيازات وليس أكثر".
الكورونا والبقاء للأقوى
في نفس الدورة من المهرجان سألها أحد المراسلين عن رأيها في طريقة التعامل مع فيروس الكورونا، الذي كان حديث العالم في 2020، خاصة أن تلك الدورة من المهرجان شهدت الكثير من التعديلات، وكانت على وشك الإلغاء عدة مرات، كما ظهرت فيها الإجراءات الاحترازية، والتي استلزمت ارتداء الكمامات، والجلوس بنسبة 50% فقط في القاعات.
جاء رد ياسمين صبري ليضع كل هذه الإجراءات جانباً، فقالت: "أتعامل مع حياتي عادي جداً، ممكن يكون جالنا كلنا وراح، أكيد هيجي للعالم كله، واللي ياخده ياخده، واللي يكمل يكمل والبقاء للأقوى".
الرد على هذا التصريح لا يحتاج الرجوع إلى طبيب متخصص، فالعالم كله تعلم بالطريقة الصعبة الإمكانيات القاتلة لفيروس الكورونا، وعلى الرغم من الإجراءات الاحترازية خلال تلك الدورة إلا أنها انتهت بشكل مؤسف، بإصابة عدد كبير من الحضور بفايروس كورونا آنذاك، منهم "ويجز" و"ريم العدل" و"زينب غريب" و"بسمة" و"نشوى مصطفى"، ما هدد بعدم إقامة دورة مهرجان القاهرة التالية له زمنياً.
ياسمين صبري و"بيرسونا" تبنيها بنفسها
ظهرت ياسمين صبري الأسبوع الماضي في برنامج "الحكاية" مع الإعلامي عمرو أديب، في حديث طويل ولكن بدلًا من تناول أحدث أعمالها الفنية ركّزت بشكل أساسي على شخصيتها التي تعمل على تطويرها وبنائها باستمرار، وتحدثت عن تأثير اليوغا على حياتها، وكيف لا تضيع وقتها في مشاهدة فيلم أو مسلسل خلال تناول الطعام، بل تدرس علم النفس، وهو الأمر الذي أثار استغراب جمهورها كونها ممثلة.
تقول مدربة الـ"هاثا يوغا" غادة الطنبارى عن حديث ياسمين صبري عن اليوغا لرصيف22: "الكلام يبدو جيداً ولكنه سطحي، ويمكن وضعه في إطار العلوم الروحانية الجديدة، وهو ما أكدته عندما تحدثت عن الفلك والطاقة، كما لو أن كل هذه الأشياء فروع من شئ واحد، بينما في الحقيقة اليوغا أكثر تعقيداً، هي في مستوى متدرب اليوغا العادي، فلم تقل شيئاً خاطئاً لكنها أيضاً لم تقل شيئاً يحمل قيمة حقيقية".
صرّحت ياسمين صبري خلال لقائها الأخير مع عمرو أديب في برنامج "الحكاية" بأنها لا تضيّع وقتها في مشاهدة اللأفلام والمسلسلات خلال تناول الطعام، وهو الأمر الذي أثار استغراب جمهورها كونها ممثلة
يرى البعض أن ياسمين صبري تسعى في كل ظهور إعلامي لإثبات أنها شخصية مختلفة عن باقي الوسط الفني، فتحكم على غيرها ممن يحضرن الحفلات على سبيل المثال، فتقول بصراحة إنها شخص مش "سبور" ولا تؤمن بالصداقة بين الرجل والمرأة. وهي خيارات شخصية بالتأكيد، ولكن تسليط الضوء عليها بهذه الصورة ليست سوى جزءًا من "البيرسونا" أو الشخصية التي ترغب في التأكيد عليها طوال الوقت.
تقول الباحثة في "مركز صناع للدراسات الاستراتيجية" عائشة الجعيدي لرصيف22: "هي امرأة تنعم بالامتيازات ولكنها في حالة إنكار متعمدة، وترغب عن وعي في الانسحاب من المجتمع الفني، وقد اختارت أن تصبح نخبوية بصورة معينة يريدها المجتمع. كأن تكون أيقونة تختارها أهم الماركات العالمية، وتحصل على زواج مناسب من رجل ثري، وهي بالفعل تسير في المسار الذي رسمته بدقة، وبالتالي من الطبيعي ألا تظهر بشكل جدلي أو تتحدث عن قضايا نسوية، فلا تخدش صورة المرأة الراقية الجميلة الهادئة والمثقفة، ولكنها ثقافة لا تضر أي شخص وليست مثيرة للقلق".
تقدم ياسمين صبري القليل من كل شيء، التنمية البشرية للثقافة، اليوغا للروحانية، وترغب في دعم النساء ولكن بدون الحديث في قضايا شائكة تجلب عليها غضب الجمهور أو تتحول بسبب دعمها إلى ممثلة مثيرة للجلبة مثل منى زكي على سبيل المثال، التي سبقتها من الناحية المهنية، ولكنها أيضاً تمكنت من أن تكون الوجه الإعلامي لعدد من العلامات التجارية العالمية والكبيرة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...