بسام كوسا وفرح بسيسو في مسلسل "الغريب"... التمثيل الخام بدون بهرجة

لم يشارك الفنان بسام كوسا في السباق الرمضاني 2023، كما أنه مقلّ عموماً في مشاركاته الدرامية في السنوات الأخيرة. لكن ها هو يعود إلينا في مسلسل "الغريب" على منصة شاهد، برفقة الفنانة فرح بسيسو التي غابت هي الأخرى طويلاً عن الدراما، قبل أن تشارك مؤخراً في فيلم "بنات عبد الرحمن".

مشاهدة بسام كوسا وفرح بسيسو المقلَّين في الظهور على الشاشة عموماً، وفي السباقات الرمضانية خصوصاً في مسلسل "الغريب"، يذكرنا بجمالية وانسيابية التمثيل الخام، الذي يخلو من البهرجات والانفعالات، وحتى الافتعالات. 

يحكي مسلسل "الغريب" من تأليف لانا الجندي ولبنى حداد، وإخراج صوفي بطرس، قصة "يوسف"، وهو قاض نزيه يعيش في دمشق مع عائلته، ضمن ظروف أسرية جيدة،  ويتمتع بسمعة طيبة في محيطه العملي والعائلي. لكن تنقلب حياته وحياة عائلته رأساً على عقب بعد قيام ابنه بقتل "صديقه" وهو ابن مسؤول كبير في سوريا عن طريق الخطأ.

هنا يبدأ "يوسف" رحلته التي يمكن وصفها بالصراع، فمن شخص اعتاد الحياة تحت مظلة القانون، إلى هارب من بلده لعيش تحت حماية أشخاص خارجين عن القانون.

لا يلعب بسام كوسا شخصيات نمطية

اعتدنا كمشاهدين على اختيارات بسام كوسا لشخصيات مميزة ولافتة، وبراعته في تقديم شخصيات مركبة أبرزها شخصية "نجيب" في "الفصول الأربعة"، وشخصية "صالح أبو عمر" في "عصر الجنون"، وشخصية "بدر" المصاب بالتوحد في مسلسل "وراء الشمس".

ظهرت شخصية "يوسف" في مسلسل "الغريب" هادئة ومتزنة منذ المشاهد الافتتاحية للعمل، وهو ما قادنا كمشاهدين للتأمل في تصرّف القاضي الشريف حين يخبره ابنه عن جريمة ارتكبها عن طريق الخطأ. 

مشاهدة بسام كوسا وفرح بسيسو المقلّين في الظهور في مسلسل الغريب، يذكرنا بجمالية التمثيل الخام، الذي يخلوا من البهرجات والانفعالات وحتى الافتعالات

في البداية لم يخرج "يوسف" عن المتوقع منه كقاض ورجل قانون في التعامل مع جريمة ابنه، فقد حقق بطريقة رحيمة مع ابنه وطلب منه تفاصيل الحادثة، ثم أخبره بما سيحدث قانونياً في قضيته، وقاده ومعه سلاح الجريمة ليسلّم نفسه، لكن تعرّض ابنه لمحاولة قتل أمام مركز الشرطة من قبل أهل صديقه ابن المسؤول، بالتزامن مع ترهيب زوجته وابنته أثناء تواجدهما في البيت اضطراه للهروب بعائلته إلى لبنان عن طريق زميله المحامي "فاروق" الذي لعب شخصيته الممثل "جمال قبش".

هنا يحدث التحول الدرامي في شخصية "يوسف"، حيث بدأ يدرك أن عليه التنازل عن شخصية ممثل القانون في سبيل حماية عائلته وكان التنازل الأول الذي قدمه هو قبوله بأن يحملوا كعائلة بطاقات شخصية مزورة.

القتل والخطف والتهريب والخروج عن القانون وتغير المصير المفاجئ هي المواضيع التي تتناولها الأعمال الدرامية مؤخراً، فالسيناريوهات التي تحكي قصصاً عادية لا تستهوي المشاهد على ما يبدو، لذا من النادر أن يعرض عملاً دون أن يطرح واحد على الأقل من تلك المواضيع، وفي الأعمال القصيرة التي تنتجها المنصات المدفوعة، مثل "شاهد" و"نتفلكس" يتم تقديم وجبة دسمة من التشويق في كل حلقة ليظل المشاهد متمسمراً أمام الشاشة مذهولاً ومستمتعاً في نفس الوقت.

تلعب فرح بسيسو شخصية "لمى" زوجة القاضي "يوسف"، وقد قدمت أداءً ممتازاً كما عهدناها، وجسدت شخصية الزوجة المحبة الواثقة بقدرة زوجها على حماية أسرته، وقررت أن تساعده بكل ما تستطيع فور وصولهم إلى لبنان، حيث باعت ما تملكه من قطع ذهبية ثم عملت كطاهية في بيوت الأغنياء لتساعده دون أن تخبره بذلك، لكن هذا ليس مصيرها الأسوأ في العمل، بل احتمالية أن يحولها البيروتي (الممثل محمد عقيل) لمجرمة مقابل حمايته للعائلة.

أداء متفاوت

لعب شخصية "رامي" ابن يوسف الممثل آدم الشامي، بأداء جيد في بعض الأحيان وضعيف غير مقنع في أحيان أخرى؛ الابن لم يُظهر تحملاً حقيقياً للمسؤولية بعد ما حدث مع عائلته بسببه، فبعد أن تسبب في دمار العائلة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، يقوم بسرقة مبلغ مالي من والده ليسافر عبر البحر إلى أوروبا، ثم يرجعه والده إلى البيت فيحب جارتهم في الحي، بينما يتورط والده في تبييض الأموال ويقدّم تنازلات صعبة عليه في سبيل حماية العائلة. 

في الأعمال القصيرة التي تنتجها المنصات المدفوعة، يتم تقديم وجبة دسمة من التشويق في كل حلقة ليظل المشاهد متمسمراً أمام الشاشة مذهولاً ومستمتعاً.

تلعب ساندي نحاس شخصية "علا" ابنة "يوسف" و"لمى"، وقد كانت رافضة للتعايش مع واقع العائلة الفقير مادياً بعد الانتقال إلى لبنان، ثم حاولت أن تساند العائلة من خلال بحثها عن عمل، لكن أداءها لم يكن مقنعاً، وقدمت بعض المشاهد بتعابير وجه باردة وغير متناسبة مع الحدث، ومشاهد أخرى كانت فيها منفعلة بطريقة مصطنعة مثل ما حدث في مشهد الخطف.

أما الممثل سعيد سرحان الذي لعب شخصية "خليل" فقد أبدع في تجسيد شخصية فارض الخاوات عديم الرحمة، بأداء ممتع ودون افتعال للمشاعر، وقد حصل تحولاً درامياً في شخصيته حين تعرّفنا إلى قصة والدته وعلاقته فيها، وأُثرها على تكوين شخصيته المركبة.

مقاومة المصير الصعب 

 حاول يوسف أن يقاوم قناعته في أن التعارك مع من هم خارج المنظومة القانونية والأخلاقية سيجبره على أن يحيّد القانون، فبعد أن عرف خصمه اقتنع أن عليه الهروب لمكان آخر حفاظاً على حياة العائلة، لكن الفرار من قدر بشع جعله يلاقي أقداراً أكثر بشاعة، وهذا بصورة ما كان السؤال الجدلي للعمل، والباب الذي يفتحه المشاهدين في محاولة توقّع تصرفات القاضي حين لا يكون قاضياً.

فقد نجح السيناريو في إقناعنا بأن كل شيء يمكن أن يحدث وأن النزاهة التي حملها يوسف كوسام على صدره أثناء عمله كقاضٍ دفع ثمنها غالياً حين فقد حماية القانون. 

أثار رواد مواقع التواصل الاجتماعي، موضوع تشابه أحداث مسلسل "الغريب" إلى حد الاقتباس أحياناً مع المسلسل الأمريكي "your honor" والذي قام ببطولته "براين كرانستون"

حصد العمل أصداء إيجابية من قبل المشاهدين، إذ تحتفل منصات التواصل الاجتماعي ببراعة بسام كوسا وأداءه المتميز للدور، بالإَضافة للثناء على أداء فرح بسيسو المقلة في التمثيل مؤخراً، لكن، لم يكن هناك ذكر لبقية الممثلين. 

ملاحظة أخيرة على المسلسل أثارها رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وهي تشابه أحداث المسلسل إلى حد الاقتباس أحياناً مع المسلسل الأمريكي "your honor" والذي قام ببطولته "براين كرانستون".