وسط عدد هائل من الأعمال العربية التي تعرض عبر منصة "شاهد VIP" وشاشة "MBC"، برز النجاح اللافت الذي حققه مسلسل "الثمن" المعرّب عن النسخة التركية "ويبقى الحب".
العمل ضم نخبة كبيرة من النجوم اللبنانيين والسوريين من أمثال باسل خياط، رزان جمال، نيكولا معوض، سارة أبي كنعان، عدنان أبو الشامات، فيفيان انطونيوس، وسام فارس، طلال مارديني، ريموندا عازار وغيرهم، بالإضافة إلى الكبار رندة كعدي وصباح الجزائري ورفيق علي أحمد، الذين يشكل وجودهم قيمة مضافة لأي عمل يشاركون فيه.
الحبكة
المسلسل محوره قصة "زين"، ويلعب دوره باسل خياط وهو المهندس الناجح القاسي الصارم والمتعجرف، والذي يدير شركة ورثها عن والده المتوفي مناصفة مع "كرم" ويلعب دوره نيقولا معوض، والذي يعاكسه 180 درجة في الطباع والتصرفات، لكن العلاقة التي تجمعهما تتخطى الشراكة المهنية إلى الأخوّة، إذ استطاعا من خلالها متابعة مسيرة والديهما وتطوير شركتهما وأعمالهما ومضاعفة نجاحاتهما.
العمل معرّب عن المسلسل التركي "ويبقى الحب"، وقد شارك فيه نخبة كبيرة من النجوم السوريين واللبنانيين القادرين على إنجاح أي عمل
يقع "زين" فريسة المشاكل النفسية لوالدته "سمية" التي تلعب دورها الممثلة سامية الجزائري، فقد ربته هذه الأم منذ طفولته على فكرة أنها ضحية لخيانة والده لها، فشوهّت صورة الأب في قلبه وعينه، كما أورثته تحاملها الانتقامي من كل نساء الأرض، ففقد إيمانه بهن، وبتن في نظره خائنات لاهثات خلف المصلحة المادية فقط.
تدخل "سارة" التي تلعب دورها رزان جمال على خط الأحداث، و"سارة" هي الجميلة المثقفة الناجحة، والأرملة أيضاً بعد قصة حب عاشتها مع زوجها الذي أجبر على التخلي عن عائلته وحُرم من الميراث بسبب والده القاسي "إبراهيم" الذي يلعب دوره رفيق علي أحمد.
الأب اعتبر اصرار ابنه على الزواج من "سارة" عناداً وعقوقاُ له، وهو الذي اعتاد أن يطيعه الجميع دون نقاش و"ألا تنزل كلمته الأرض".
مشاكل المرأة العاملة
المهندسة الباحثة عن فرصة عمل لتربي ابنها "إبراهيم" الذي يلعب دوره الطفل هادي المقداد، لتعالجه من سرطان الدم، تحصل على فرصتها في شركة "زين" بعد أن مهّدت لها صديقتها المقربة "تيما" والتي تلعب دورها سارة أبي كنعان، للعمل في الشركة التي تعمل فيها منذ سنوات طويلة من خلال تزكيتها أمام القيّمين على الوظيفة لاستقبال طلب عملها، ناصحةً إيّاها بكتمان سر كونها أرملة وأمّاً، كي لا تخسر فرصتها، فهي تدرك جيداً شروط "زين" المتشددة في هذه النقطة، كيف لا وهي امرأة أولاً، بكل ما تعنيه هذه الصفة له ولمشكلاته النفسية، وأم ثانياً، بكل ما تتطلبه الأمومة من وقت وتواجهها من مشكلات، وكل ذلك سيشغلها ويأخذ من وقتها ومن وقت الشركة ونجاحها.
تخفي "سارة" أثناء التقدم للوظيفة أمومتها عن الشركة، وهي حيلة تلجأ لها الكثير من النساء لتحاشي التحفظات التي تواجهها الأمهات العاملات لدى المنافسة في سوق العملتتمكن "سارة" من إبهار "زين" منذ اللحظة الأولى، ومن دون أن يعترف لنفسه حتى بالأمر، وتنجح في تخطي ضغوط جمة رماها لها، فتنفذ بمجهودها ودهائها من مجهر اختباراته الدائم تحت تهديد الاستغناء عن خدماتها في أي لحظة، لكونها في فترة ثلاثة أشهر التجربة، ومن حقه أن يقبل بتثبيتها أو يستغني عن خدماتها وفقاً لقانون العمل.
ليلة واحدة
تقع "سارة" في المحظور تحت وطأة خطر الموت الذي يهدد صغيرها الذي احتاج لجراحة عاجلة لزراعة نخاع العظم. تلك الجراحة التي عجزت عن تأمين تكالفيها البالغة 250 ألف دولار أمريكي، رغم طرقها جميع الأبواب بما فيها باب حميها الذي أهان كرامتها وطردها من مكتبه وقصره غير مكترث بحفيده، تحت نظر وسمع زوجته وجدة الطفل "ناديا" (تلعب دورها رندة كعدي) التي لا حول لها ولا قوة، فقد اعتادت الرضوخ لرأي زوجها مهما كان الثمن.
لكن ليس في هذه الحالة التي وجدت فيها حفيدها بين الحياة والموت، فتمردت وغادرت المنزل مهرولة للاطمئنان على صحته من دون امتلاكها أي قدرة على المساعدة.
انتهى المطاف بـ"سارة" في مكتب"زين" وتحت سياط سخريته، بعد أن تجرأت وطرحت عليه فكرة حصولها من الشركة على مبلغ 250 ألف دولار كقرض، على أن تسدده لاحقاً تقسيطاً، فيساومها "زين" عارضاً عليها تسليم المال إليها من جيبه الخاص مقابل ليلة واحدة تمضيها معه، لا يعلم بها مخلوق ولا تغير من علاقة العمل التي تجمعهما. فانتفضت سارة لكرامتها بداية، قبل أن تضطر مجبرة على القبول.
ابتزاز النساء
هذه الحبكة تسلط الضوء على قضية بالغة الأهمية تتمثل في نظرة المجتمع القاسية والظالمة إلى المرأة الأرملة والأم، وتضع خطاً عريضاً تحت إشكالية توصيفها، فما هو الوصف الأخلاقي الذي ينطبق على "سارة" من وجهة نظر المجتمع في هذه الحالة؟ وهي التي باعت جسدها لتنقذ ابنها بعد أن أجبرها محيطها وظروفها على فعل ما فعلته؟ وكم من امرأة جلدها المجتمع بعد أن أُجبرت على اتخاذ خيارات لا بديل لها عنها، من دون أن يدرك أسبابها الحقيقية؟بسبب حاجة طفلها لجراحة طارئة، تلجأ "سارة" إلى طلب قرض كبير من الشركة على أن تقوم بسداده من راتبها، فيعرض عليها مديرها "زين" قضاء ليلة معه على أن يحول لها المبلغ من حسابه، فهل توافق؟
تتطور أحداث المسلسل بعد علم "زين" صدفة بدافع "سارة" الحقيقي لطلب المال وقبولها بشرطه، فتنقلب حياته رأساً على عقب، ويبدأ مرحلة جديدة من الندم وتأنيب الضمير، مرفقة بمشاعر حب كبيرة لم يعد يقوى على تجنبها أو كتمانها. هذا التحول الذي شعرت به والدة "زين" والمقربون منه، لا سيما "كرم" الذي أغرم بـ"سارة"أيضاً منذ اللحظة الأولى، لكنه اضطر مجبراً على كبت مشاعره إثر تلقيه الخبر الصادم من "زين" بإعلانه له عن حبه الكبير.
يبدي "زين" إصراراً كبيراً وتمسكاً بهذا الحب فيبذل مجهوداً ضخماً في سبيله، ويقدم على العديد من المحاولات واللفتات للتكفير عن ذنبه والتعبير عن صدقه، فيمُنح أخيراً من "سارة" فرصة التفكير في أمر قبول أو رفض العلاقة من دون إعطائه أي أمل. قبل أن تنفجر قنبلة والدته في وجهيهما، هي التي لا تترك فرصة، لا بل تبتكر الأحداث والمناسبات والأفخاخ لتبعد أحدهما عن الآخر، فتعلن خبر علاقتهما أمام وسائل الإعلام خلال مزاد علني نظمته، لتحرج بفعلتها هذه "سارة" أمام ابنها الذي لم تحضره بعد لمثل هكذا حدث، وأمام حمييها بعد أن أصلحت علاقتها بهما بعد جهد كبير، وصديقتها الوحيدة "تيما" التي أخفت عنها أمر ليلتها مع "زين" وعلاقة الحب التي بدأت تنشأ بينهما.في الجانب التقني والفني
المسلسل الذي أبهر المشاهدين منذ حلقاته الأولى، تلقى مع مرور الحلقات مجموعة من الانتقادات المتعلقة ببطء الأحداث ورتابتها وبعض الأخطاء الإخراجية.
تلقى المسلسل الانتقادات بسبب المماطلة في سير الأحداث، وبسبب بعض الأخطاء الإخراجية والفنية، لكن هذا لم يمنع نجاحه وانتشارهفيما يتعلق بأداء الأبطال، فـ"رزان" التي سرقت الأضواء بملامحها الطبيعية وبساطتها وصدقها، وُصف إحساسها بالبارد مع مرور الحلقات.
كما تلقى باسل خياط الذي تألق في أداء شخصية القاسي المغرور والعصبي في بداية الأحداث، انتقادات بعد التحولات التي شهدتها شخصيته، فطغت شخصية العاشق الولهان وسرقت بريق شخصية "زين" الأساسية ومحت معالمها.
أما نيقولا معوض فأُخذ عليه بعض المبالغة في الأداء، خصوصاً في عدة مشاهد انفعالية ترجمها بالصراخ.
وكانت الإشادة الكاملة لإطلالة الطفل هادي المقداد الذي سرق القلوب بعفويته وضحكته وإتقانه دوره بين ممثلين كبار.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...