شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
هل تحل خصخصة الكهرباء أزمة انقطاع التيار في مصر؟

هل تحل خصخصة الكهرباء أزمة انقطاع التيار في مصر؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن والحقوق الأساسية

الخميس 28 سبتمبر 202304:35 م

خلال أشهر صيف 2023، تسببت أزمة الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي في مصر في معاناة غالبية السكان ووقوع خسائر مادية لدي كثيرين منهم، إلى جانب ما احدثته الأزمة من أثر على الأنشطة الإنتاجية الباقية في مصر كما يفيد تقرير بارومتر الأعمال الصادر عن البنك التجاري الدولي في مصر. 

التقرير الصادر في 25 سبتمبر/ أيلول الجاري، لتقييم الاداء الاقتصادي في مصر بين إبريل/ نيسان ويونيو/ حزيران الماضيين، وجد استمراراً في تراجع مؤشر الأعمال 5 نقاط عن الربع السابق عليه، وعزا ذلك لعدد من الأسباب من بينها غياب المواد الخام ومنتجات الإنتاج نتيجة أزمة الدولار المستمرة، وكذلك أزمة انقطاعات الكهرباء التي فاقمت من سوء الاوضاع والظروف الإنتاجية التي تعمل فيها الشركات على مختلف أحجامها.

ومع بداية سبتمبر/ أيلول الجاري الذي قالت الحكومة سابقاً ان أزمة الكهرباء ستنتهي بعد انقطاع أسبوعه الاول، أعلنت الحكومة أنها ستزيد من فترة انقطاع الكهرباء من ساعة واحدة في كل منطقة إلى ساعتين، لكن شهادات كثيرة تؤكد أن ساعات الانقطاع تزيد على ذلك المعدل المعلن.

خلال أشهر صيف 2023، تسببت أزمة الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي في مصر في معاناة غالبية السكان ووقوع خسائر مادية لدي كثيرين منهم، إلى جانب ما احدثته الأزمة من أثر على الأنشطة الإنتاجية الباقية في مصر كما يفيد تقرير بارومتر الأعمال الصادر عن البنك التجاري الدولي في مصر

عودة "تخفيف الأحمال"

كان القضاء على أزمة انقطاعات الكهرباء أحد الوعود الانتخابية الرئيسية للرئيس عبد الفتاح السيسي عند ترشحه للمرة الاولى في 2014، ونجح في ذلك فعلاً عبر التوسع السريع في إنشاء عديد من مشروعات الكهرباء عبر قروض تنمية متعددة خاصة من البنوك الاوروبية. وذلك وفقاً لخطة طموحة لزيادة قدرات الشبكة القومية لإنتاج الكهرباء إلى حد يلبي الاستهلاك المتزايد، خاصة مع نية الدولة التي كان يجري التلميح إليها في التوسع في المشروعات القومية وما ظهر لاحقاً من توسع في مشروعات النقل والإسكان والإنتاج الكبير كثيفة الاستهلاك للطاقة.

لذلك عملت الدولة على توسيع وصيانة شبكة إنتاج الكهرباء وإنشاء محطات جديدة لإنتاج الكهرباء من الغاز، وقد تعاقدت مع شركة سيمنس الألمانية لهذا الغرض، حيث قامت ببناء ثلاثة محطات عملاقة بتكلفة بلغت 6 مليارات يورو، وفق حزمة تسهيلات ائتمانية وصلت نحو 4.1 مليار يورو من بنوك ألمانية. وهي الجهود التي ساهمت في عودة انتظام التيار الكهربائي من جديد. وفي تصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال شهر فبراير من العام الحالي قال إنه إنه تم إنفاق 1.8 تريليون جنيه في قطاع الكهرباء خلال السنوات الماضية.

قبل نحو 4 أشهر فقط من حدوث الأزمة الحالية، جاءت تصريحات وزير الكهرباء مطمئنة للمصريين، حينما قال: "زمن تخفيف الأحمال لن يتكرر فى مصر مرة أخرى سواء خلال أشهر الصيف أو الشتاء"

ومع هذا الإنفاق الهائل على مشاريع إنتاج الكهرباء في مصر من خلال الانفتاح على جهات التمويل والإقراض الدولية، ما ساهم في تراكم الديون الخارجية؛ لم يكن لدى غالبية المصريين رفض لتلك السياسات طالما ساهمت في القضاء على مشكلة انقطاع الكهرباء التي عانوا بين عامي 2008 و 2014 وتفاقمت بشكل خاص خلال فترة حكم الإخوان المسلمين.

اللافت أنه قبل نحو 4 أشهر فقط من حدوث الأزمة الحالية، جاءت تصريحات وزير الكهرباء مطمئنة للمصريين، حينما قال: "زمن تخفيف الأحمال لن يتكرر فى مصر مرة أخرى سواء خلال أشهر الصيف أو الشتاء".

ولكن كل شيء قد تغير مع قدوم الصيف وبداية الموجة الحارة في شهر يوليو/ تموز الماضي، وعودة طقس انقطاع التيار الكهربائي، ويعلنوزير الكهرباء والطاقة المتجددة بنفسه عودة نظام تخفيف الأحمال وترشيد الاستهلاك مرة أخرى، ملقياً اللوم على وزارة البترول التي تورد لوزارته ما تحتاجه لإنتاج الكهرباء من غاز طبيعي ومازوت. ما أظهر ضعف قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها وتعهداتها نحو مواطنيها خاصة مع غلاء الخدمات المقدمة وبخاصة خدمات التيار الكهربائي الذي يباع للمواطنين بدون دعم، بل ويتم تحميلهم قيمة ما تقدمه الدولة من دعم للإنتاج الصناعي الضخم الذي يعود ليبيع حصيلته الإنتاجية للمواطنين بالأسعار العالمية. 

الحكومة تُخفف أحمالها الخدمية

وما يلفت النظر أن هذه الأزمة تزامنت مع إعلان الحكومة المصرية عزمها طرح محطات "سيمنز" الثلاثة للبيع على الرغم من أن قروضها لم تسدد بعد، إضافة إلى محطات رياح جبل الزيت والزعفرانة، "ضمن خطة توسيع مشاركة القطاع الخاص في مشروعات إنتاج وبيع الكهرباء"، ما يعني توجه الحكومة المصرية نحو خصخصة خدمة الكهرباء، خاصة بعد اتخاذ خطوات فاعلة في تحويل خدماتها الممولة منالضرائب غلى سلع تباع للمواطنين ليدفع المواطنون ثمن الخدمات المقدمة إليهم مرتين. 

بيع محطات الكهرباء

مع صدور وثيقة رسمية حوت تفاصيل في برنامج الطروحات الحكومية الذي يستهدف تنفيذ جزء من اتفاق الدولة مع صندوق النقد الدولي للتخارج من الشركات المملوكة لكيانات الدولة وطرحها للبيع أمام المستثمرين بهدف توفير عملة أجنبية، خاطبت الحكومة المصرية البنوك الألمانية المقرضة لإنشاء محطات كهرباء سيمنز في بني سويف، من أجل الحصول على موافقتها بشأن طرح نحو 70% من المحطات للمستثمرين، ذلك لأن عقود التمويل تشترط عدم التصرف بالمحطات إلا بعد موافقة البنوك الممولة أو سداد كامل القرض وفوائده.

كشفت جريدة البورصة تفاصيل خطة وزارة الكهرباء لتوسيع مشاركة القطاع الخاص في مشروعات إنتاج وتوزيع وبيع الكهرباء، كما أتاحت أمام المستثمرين إمكانية الحصول على التراخيص من أجل بيع الكهرباء للغير، حيث تسعى الدولة للتخلي عن دورها الاجتماعي في تقديم الخدمات الأساسية بأسعار مدعومة للمواطنين

ووفقاً لـشبكة CNN فقد وضعت البنوك الألمانية مصر أمام خيارين للحصول على موفقتها على بيع المحطات، إما زيادة أسعار الفائدة على القروض التي قدمتها لتمويل إنشاء المحطات (كونها قدمة كقروض تنموية ميسرة بهدف تقديم خدمات للشعب المصري) أو سداد قيمة تلك القروض، وتغير هدف المشروعات من تنموية إلى استثمارية، يستلزم في نظر جهات الإقراض ألا تكون القروض ميسرة؛ وإنما استثمارية لتغير أهداف المشروعات التي تقاضت مصر القروض على أساس منها. 

وتسهم المحطات الثلاث التي افتتحت في العام 2018 بنسبة 27% من إنتاج الطاقة الكهربائية في مصر. 

وأسست الدولة شركة "بني سويف لإنتاج الكهرباء" لتكون شركة منفصلة عند الطرح على المستثمرين، وذلك تمهيداً لإجراء صفقة بيع حصص من محطات الكهرباء لمستثمرين استراتيجيين، من أجل الحصول على سيولة من العملة الصعبة يمكن أن تساعد مصر في تقليل أعباء الدين المتراكمة وجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما طرحت الحكومة المصرية محطات الرياح في جبل الزيت والزعفران أمام المستثمرين، في إطار التخارج من أصول الدولة وبيعها لمستثمرين إستراتيجيين، وأبدت العديد من الشركات الأجنبية رغبتها في الاستحواذ على محطة الزعفرانة التي تبلغ قدرتها مشروعات طاقة رياح جبل الزيت 545 ميغاواط، بالإضافة إلى محطات جبل الزيت الثلاثة التي تبلغ قدرتهم 580 ميغاواطاً.

وكشفت جريدة البورصة في وقت سابق تفاصيل خطة وزارة الكهرباء لتوسيع مشاركة القطاع الخاص في مشروعات إنتاج وتوزيع وبيع الكهرباء، كما أتاحت أمام المستثمرين إمكانية الحصول على التراخيص من أجل بيع الكهرباء للغير، حيث تسعى الدولة للتخلي عن دورها الاجتماعي في تقديم الخدمات الأساسية بأسعار مدعومة للمواطنين.

ليست المحاولة الأولى لخصخصة الكهرباء

عند العودة لتاريخ احتكار الدولة لتشغيل الكهرباء الذي بدأ من الأربعينيات، سنجد أنه كانت هناك العديد من المحاولات لإبعاد الدولة عن الكهرباء وتركها للسوق، وكانت المحاولة الأولى في بداية تسعينيات القرن الماضي، وللمصادفة كانت مصر تمر بأزمة اقتصادية هيكلية مشابهة للأزمة الحالية، حيث تراكمت الديون الأجنبية، مع تقلص موارد النقد الأجنبي، وأصبحت غير قادرة على تسديد التزاماتها، ما جعلها تُنهي نموذج الاشتراكية بغير رجعة وتتجه نحو إبرام اتفاق إصلاح هيكلي مع صندق النقد الدولي والبنك الدولي.

وركز برنامج الصندوق على ضرورة إزاحة الدولة عن الاقتصاد وإعطاء القطاع الخاص فرصة، و"إنهاء سياسات الدعم التي تساهم في تشوه الأسعار"، وفي تقرير نشرته الزميلة مدى مصر للباحث الاقتصادي محمد جاد، تتبع جاد مساعي خصخصة وتحرير قطاع الكهرباء في مصر، مبيناً أن تغيير تعريفة الكهرباء وجعلها تُسعر بسعر التكلفة الحقيقية كان ضمن التصورات المطروحة في البرنامج الاقتصادي خلال التسعينيات.

وبحسب التقرير فقد تراجعت الدولة حينها عن الالتزام بإجراءات صندوق النقد خوفًا من حدوث سخط شعبي، وبدأت في تحرير قطاع الكهرباء بشكل تدريجي وغير محسوس للمواطن، وفي عام 2000 قامت بدمج شركات توزيع وإنتاج الكهرباء وشركة نقل الكهرباء تحت ملكية شركة قابضة. ليكون لديها مرونة كبيرة وبوسعها طرح نسبة من أسهمها للاكتتاب العام.

ليس هناك عائق تشريعي لدى الدولة يحول دون التحول نحو خصخصة خدمات الكهرباء، فالتشريعات الجديدة التي جرى تمريرها تسمح للقطاع الخاص بإنتاج الطاقة وبيعها بشكل مباشر للمستهلكين، ومقابل ذلك يسدد المستثمرون للدولة رسوم وضرائب متنوعة على رأسها "القيمة المضافة"

وبدأ منذ ذلك الحين عملية إدماج القطاع الخاص في منظومة إنتاج الكهرباء بشكل أكبر، من خلال المشاركة بتمويل مشاريع الطاقة أو العمل كمنتج مستقل، ومنذ عام 2014 اتجهت الدولة نحو الاعتماد على التمويل الأجنبي لإضافة قدرات طاقة جديدة تُلبي الطلب المتزايد على التيار الكهربائي، من خلال إنشاء محطات طاقة عملاقة كلفت مليارات الدولارات.

وحصلت الشركة القابضة للكهرباء لحسابها الخاص على التمويل بالشراكة مع كيانات أجنبية قامت بدور المقاول والممول، وبالتالي فإن ضمان تسديد هذه الديون أصبح يرتبط بقدرة القابضة على السداد بواسطة تكلفة الخدمة التي تحصلها، ما يعني أن المواطن أصبح عليه تسديد الديون بدلاً من الحكومة، ويمكن القول أنه منذ هذا التوقيت بدأ تحرير أسعار الكهرباء لتكون بسعر تكلفتها الحقيقية، وكان كذلك تمهيداً لخصخصة القطاع.

وأصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي تغييرات تشريعية للمرة الأولى عام 2015، في قانونتنظيم قطاع الكهرباء. الذي تضمن نصوصاً ترمي إلى كسر احتكار الدولة لإدارة الكهرباء، وحدد مدة ثماني سنوات لإعادة هيكلة الشركة القابضة للكهرباء حتى تستطيع العمل في سوق تنافسي.  وبعدها بعام في 2016 مع توقيع الحكومة المصرية لاتفاق مع صندوق النقد الدولي، كان خفض الدعم وخصخصة قطاع الكهرباء يمثلان هدفين رئيسيين للدولة والصندوق. 

من سيكون المتحكم بعد تحرير قطاع الكهرباء؟

بعد أن بتنا نعرف أن الدولة خلال السنوات الماضية كانت تميل للتخلي عن دورها الاجتماعي والتخفف بشكل تدريجي من عبء إدارة قطاع الطاقة، وفي الوقت الحالي بدأت بالتحرك بوتيرة سريعة لبيع العديد من محطات الطاقة للمستثمرين الأجانب، فإن هناك العديد من التساؤلات، وهو كيف سيكون تأثير ذلك على شكل ملكية وإدارة قطاع الكهرباء التي تحتكره الدولة منذ الأربعينيات.

ليس هناك عائق تشريعي لدى الدولة يحول دون التحول نحو خصخصة خدمات الكهرباء، فالتشريعات الجديدة التي جرى تمريرها تسمح للقطاع الخاص بإنتاج الطاقة وبيعها بشكل مباشر للمستهلكين، ومقابل ذلك يسدد المستثمرون للدولة رسوم وضرائب متنوعة على رأسها "القيمة المضافة"، إضافة إلى قيام "جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك" بلعب دور المراقب والمنظم، لضمان الحفاظ على حقوق المستهلكين ومقدمي الخدمة وإدارة العلاقة بينهم.

تحرير قطاع الكهرباء يعني أن أسعار تيار الكهرباء ستصبح بأسعار السوق وبتكلفتها الحقيقية وبعيدة عن مظلة الدعم، وهو ما يثير مخاوف ملايين المستهلكين من المواطنين الذين يتكبدون بالفعل أثمان باهظة مقابل توصيل طاقة الكهرباء

وتكشف لنا عملية الاستحواذ المنتظرة على محطات إنتاج الكهرباء المطروحة أمام المستثمرين، أن القطاع الخاص سيلعب دوراً كبيراً في مرحلة إنتاج الكهرباء، وهو ليس دوراً جديداً فقد اتسعت مشاركة القطاع الخاص خلال السنوات الماضية في إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة وبيعها للقابضة للكهرباء لتضيفها للشبكة القومية الموحدة للكهرباء.

ولكن التغييرات الجديدة لا تتعلق بعملية الإنتاج فقط، حيث تسعى الحكومة المصرية لتوسيع دور القطاع الخاص، ليمتد بعد مرحلة توليد وإنتاج الكهرباء إلى مرحلة التوزيع، وصولا إلى تحصيل الفواتير من المستهلكين، وهو تحول كبير عن نظام الاحتكار الحالي الذي يسمح فقط للقابضة للكهرباء بنقل وبيع الكهرباء عبر الشبكة القومية.

ومما لا شك فيه أن تحرير قطاع الكهرباء يعني أن أسعار تيار الكهرباء ستصبح بأسعار السوق وبتكلفتها الحقيقية وبعيدة عن مظلة الدعم، وهو ما يثير مخاوف ملايين المستهلكين من المواطنين الذين يتكبدون بالفعل أثمان باهظة مقابل توصيل طاقة الكهرباء.

ولكن هذه المخاوف قد تتبدد عند العلم أن أسعار الكهرباء محررة بالفعل - رغم أن الدولة لا تعترف بذلك في التصريحات الرسمية ولكن في الأوراق والتقارير الرسمية كما تشير دراسة للباحث الاقتصادي إلهامي الميرغني-.

وبحسب وثيقة كشفت عنها وكالة "اقتصاد الشرق" فإن قيمة الدعم في الموازنة قد هوت من 28 مليار جنيه في عام 2019 إلى صفرفي موازنة عام 2020-2021. وهو ما ينفي تصريحات المسؤولين المتكررة عن تحمل الدولة لتكلفة دعم الكهرباء.

 وعلى مدار ثلاث سنوات لم توجه الحكومة أي دعم للمواطنين في فاتورة الكهرباء، بل إنها أصبحت تحقق مكاسب كبيرة من الكهرباء، وأصبح المواطن يسدد قيمة التكلفة كاملة، ويتحمل معها تكلفة سداد مديونيات القابضة للكهرباء من مشاريع إنشاء محطات توليد الطاقة التي اقترضت الحكومة من اجل إنشائها، وتسعى إلى بيعها للحصول على تدفقات مالية تساهم في حل أزمة الديون الخارجية.

هل تحل الخصخصة أزمة انقطاع التيار الكهربائي؟ 

عند النظر إلى أسباب أزمة انقطاع التيار الحالي، والتي أرجأتها الحكومة إلى نقص توفير الوقود اللازم لتشغيل محطات الكهرباء مع صعوبة استيراده بسبب أزمة شُح الموارد الدولارية التي تعانيها مصر.

 وأكدت وكالة فيتش في تقرير لها عن مصر تراجع إنتاجها من حقول الغاز، مع تفضيل الدولة تصدير الكميات المستخرجة من أجل توفير العملة الصعبة، واعتمدت على استيراد المازوت الذي كان أرخص سعراً. واعترف رئيس الوزراء في لقاء له بأن سبب الأزمة الحالية هو عدم توفر كميات من المازوت والغاز لتشغيل الكهرباء وأكد الرئيس عبد الفتاح السيسي تلك المعلومات التي أنكرتها حكومته بدايته في كلمة رسمية ألقاها خلال افتتاحه عدد من المشروعات في بني سويف الأسبوع الماضي.


يؤشر هذا إلى أن بيع محطات الطاقة لمستثمرين أجانب لن يحل الأزمة في التوقيت الحالي، وأن أي نقص في إتاحة الغاز الطبيعي والمازوت أو أي ارتفاع أسعارها سيجدد أزمة إنتاج الكهرباء.

ومع استمرار الأزمة الهيكلية التي يعيشها الاقتصاد المصري، والتي تجعله في ميل دائم لتحقيق عجز في الموازنة مع اتساع الفجوة الدولارية، إضافة إلى تدهور احتياطات النقد الأجنبي، وزيادة أعباء خدمة الدين. ستوفر خصخصة قطاع الكهرباء وبيع محطات الطاقة سيولة من النقد الأجنبي تٌمكن الحكومة من الوفاء ببعض التزاماتها، لكنها لن تكون الحل لعلاج أزمة انقطاع التيار الكهربائي، التي يبدو انها ستستمر ما دامت الحكومة تفضل التمادي في سياسات قطع التيار عن تحمل تكلفة واردات الوقود الباهظة.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

ما زلنا في عين العاصفة، والمعركة في أوجها

كيف تقاس العدالة في المجتمعات؟ أبقدرة الأفراد على التعبير عن أنفسهم/ نّ، وعيش حياتهم/ نّ بحريّةٍ مطلقة، والتماس السلامة والأمن من طيف الأذى والعقاب المجحف؟

للأسف، أوضاع حقوق الإنسان اليوم لا تزال متردّيةً في منطقتنا، إذ تُكرّس على مزاج من يعتلي سدّة الحكم. إلّا أنّ الأمر متروك لنا لإحداث فارق، ومراكمة وعينا لحقوقنا.

Website by WhiteBeard