شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
أهلاً بكم في المملكة السليمانية... كرة القدم لغسيل السمعة والقوة الناعمة الضاربة

أهلاً بكم في المملكة السليمانية... كرة القدم لغسيل السمعة والقوة الناعمة الضاربة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والتنوّع

الاثنين 25 سبتمبر 202311:36 ص

"هل تُستخدم كرة القدم لغسيل السمعة؟" سؤال وُجّه إلى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في مقابلته مع القناة الأمريكية "فوكس نيوز"، حول التوجه الذي نشهده في كرة القدم السعودية ومحوره جلب أشهر نجوم العالم إلى النوادي والدوري المحلي.
ولي العهد السعودي قال إن الاستثمار في كرة القدم أضاف إلى الناتج المحلي للمملكة 1%، لذلك لا يبالي بما يقال، لأنه يريد هذا الـ1%.
في الأعوام الأخيرة ساهمت كرة القدم في تغيير النظرة النمطية للبلاد العربية وخاصة الخليجية ولطبيعتها المحافظة، التي تعتبر متشددة بالنسبة للغرب، فمنذ سنوات كان العالم الغربي لا يرى في المملكة إلا البلد التي لا يُسمح فيها للنساء بقيادة السيارات، الآن يرون جورجينا تتجول في مولات المملكة، ورونالدو بالشماغ والبشت، يرقص العارضة احتفالاً باليوم الوطني السعودي. 

قوة ناعمة

من المعروف أن رؤساء وملوك وحكماء الدول يفضلون التحدث بلغتهم في الحوارات التلفزيونية، لكن محمد بن سلمان تعمد الظهور بصورة المتفاهم على الغرب الذي يتحدث الإنكليزية بطلاقة، ليس فقط من خلال اللغة، بل بما تحمله أيضاً من مفاهيم وقيم.
الارتفاع بمستوى كرة القدم السعودية هو جزء من "رؤية السعودية 2030"، والتي تتضمن خطة الترويج للصورة الجديدة للمملكة العربية السعودية. الأمر ليس بجديد، فكثير من زعماء دول العالم استخدموا الرياضة للترويج لنظامهم، سواء استضافة البطولات الكبرى أو الألعاب الأوليمبية. 

في لقائه الأخير مع فوكس نيوز قال ولي العهد السعودي إن الاستثمار في كرة القدم يساهم في غسيل السمعة، وإنه أضاف إلى الناتج المحلي للمملكة 1%، لذلك لا يبالي بما يقال، لأنه يريد هذا الـ1%
منذ سنوات كان غريباً علينا أن نرى نادي أجنبي كبير يهنئ العرب والمسلمين بأحد أعيادهم على مواقع التواصل، كانت المواقع تتداول هذه المنشورات والتغريدات كخبر  مهم "ريال مدريد يهنأ المسلمين بعيد الفطر".
الآن نرى جيرارد وماني ورونالدو يرتديان الزي السعودي التقليدي، ويرقصون بالسيف في اليوم الوطني للملكة، في مشاهد لو كنا شاهدناها منذ سنوات، لكنا اعتبرناها أقرب إلى الـ"كوميك" منها إلى الحقيقة. 

هل يكترث النجوم لصراعات منطقتنا؟

"ناقص كريستيانو رونالدو يدخل الإسلام"، كان هذا أحد التعليقات على ظهور رونالدو بالزي السعودي. فاللعب على وتر العاطفة لدى الجماهير العربية والمسلمة بارتداء أزياءهم أمر مثير للدراسة، فلو تمعّنا بالنظر إلى لقطات ارتداء رونالدو للعباءة وميسي للبشت، سنجد أنه منذ سنوات ليست بالبعيدة ظهر ميسي بالـ"كيباه" أي الطاقية اليهودية في إسرائيل، وروج رونالدو لصورة له من حيفا. 

"ناقص كريستيانو رونالدو يدخل الإسلام"، كان هذا أحد التعليقات على ظهور رونالدو باللباس السعودي وهو يرقص العرضة 
رونالدو عومل أيضاً كنبي لدى وصوله إلى إيران، فهؤلاء النجوم لا يفكرون في قضايانا العربية، ولا يعطون لها عاطفة، ربما يتحدثون عن السلام بشكل عام، لكن اهتمام كثير منهم بالقضية الفلسطينية مثلاً، قد لا يتعدى اهتمام مواطن عربي عادي بقضية انفصال إقليم كتالونيا عن إسبانيا.

سحب السجادة من تحت قطر 

التوجه السعودي في الرياضة جاء بعد كأس العالم مباشرة، وكأنه رغبة في سحب السجادة من قطر، الدولة الصغيرة في المساحة والسكان مقارنة بالسعودية. فلماذا لا تكون للمملكة الريادة عن قطر والإمارات كوجهة الغرب المفضلة في الخليج، لا سيما وأنها تضم تنوعاً جغرافياً وثقافياً أكبر بكثير بحكم مساحتها الممتدة، كل هذا لن يحدث إلا بمحاولات كسر الصورة النمطية لدى الغرب عن البيئة المحافظة للسعودية، وهو ما يحدث في كل القطاعات حالياً، أبرزها الترفيه والرياضة.
رصيف22 توجه بالسؤال إلى الصحافي الرياضي محمود إبراهيم المختص بكرة القدم، عن إمكانية تطوير الدوري السعودي من حيث استفادة النجوم المحليين ورفع سوية التدريب، أم إن هذه الأسماء تستخدم كقوة ناعمة فقط في المملكة ترويجاً لسياستها الجديدة؟
يقول إبراهيم: "الاستثمار السعودي الضخم في كرة القدم هذا الموسم فتح الباب أمام تساؤلات عديدة، أهمها حول أهداف المشروع وإمكانية تحقيقه، وبالطبع كانت الزاوية الأولى فيما يتعلق بمشاريع مشابهة شهدت معدلات إنفاق ضخمة، على رأسها مشروع باريس سان جيرمان، وكان السؤال الأهم: ماذا كانت محصلة هذه المشاريع ومدى نجاحاتها الرياضية؟"
ويتابع: "بالتأكيد جمع أكبر عدد من النجوم بمبالغ خرافية لم تكن له نماذج نجاح ضخمة في كرة القدم العالمية، سواء في باريس أو في تجربة الدوري الصيني مثلاً، كما أن دفع أضعاف الرواتب للاعبين لجلبهم لا يمثل استثماراً بالمعنى المتعارف عليه، فما هو الإنجاز الاستثماري في دفع راتب 50 مليون يورو في الموسم للاعب يتقاضى 10 ملايين في الموسم في دوري أوروبي؟".
وعن سبب هذا الإنفاق الضخم يقول: "الهدف الواضح لما يحدث في الدوري السعودي، وهو بناء قوة ناعمة للملكة في الفترة المقبلة، والاستفادة من جماهيرية اللاعبين الذين تم التعاقد معهم بأرقام فلكية، ولكن التساؤل الذي يجب أن يُثار هو: أين قوانين اللعب المالي النظيف ومبدأ تكافؤ الفرص مما يحدث؟ فمعدلات الإنفاق للأندية السعودية لا يمكن لفريق أوروبي مجاراتها، خاصة وأن الأندية الأوروبية مقيدة بقوانين اللعب المالي النظيف ولا يمكنها سداد مثل هذه الرواتب الفلكية".

تأثير الاستقطاب العالمي على اللاعب السعودي 

لكن هل قدوم النجوم سيعود بالنفع على اللاعب المحلي ومجال التدريب وبناء قاعدة من المواهب الجديدة للكرة السعودية؟
توجهنا بالسؤال للزميل نوح أحمد (اسم مستعار) ويعمل في إحدى القنوات السعودية ورفض ذكر اسمه لحساسية موقفه، هل جلب النجوم للدوري السعودي مجرد قوة ناعمة للدولة، أم سيعود بالنفع على اللاعب والمدرب المحلي؟ 

التوجه السعودي في الرياضة جاء بعد كأس العالم مباشرة، وكأنه رغبة في سحب السجادة من قطر. لكن هذا لن يحدث إلا إذا كسرت الصورة النمطية لدى الغرب عن البيئة المحافظة السعودية، وهو ما يحدث في كل القطاعات حالياً، أبرزها الترفيه والرياضة
يجيب: "التعاقد مع النجوم الأجانب سيرفع من مستوى التنافس بين الأندية وسيضاعف من نسب المتابعة، لكن مثلما حدث في جميع التجارب السابقة في عالم كرة القدم؛ سيؤثر استقدام الأجانب على مستوى اللاعب المحلي بـ"السلب"، بعدم المشاركة بصفة مستمرة، وسيضعف من مراكز هامة في المنتخب الأول، ولعل خسارة المنتخب السعودي في أول وديتين مع روبرتو مانشيني أمام كوستاريكا وكوريا الجنوبية تعكس ذلك.
ويضيف: "حتى من قبل هذا الانفتاح الكبير على ضم النجوم للأندية السعودية، بدا تأثر المنتخب الأول من ضعف مستوى لاعبي قلب الدفاع وقلب الهجوم، وهما أكثر المراكز تدعيماً باللاعبين الأجانب في الأندية المحلية، لهذا تعرضت السعودية للخسارة من بولندا والمكسيك بسبب العمق الدفاعي، ولم تستثمر وابل الفرص السهلة التي لاحت لها في نفس المباراتين، فحدث الخروج المبكر من كأس العالم، وتأكد الجميع أن الفوز على الأرجنتين كان "مُجرد ضربة حظ" أو كبوة جواد لرفاق ميسي". 

أضاف استقطاب النجوم انتشاراً واسعاً للبطولة، وزاد الحضور الجماهيري بنسبة 24% عن العام الماضي، وارتفعت إيرادات البث بنسبة 650% منذ قدوم رونالدو 
عن هذا السؤال يجيب محمود: "السنوات القادمة سوف تكشف النقاب عن مدى تأثير ما يحدث حالياً على المدى الطويل. وفي اعتقادي الشخصي، تكوين جيل كروي على أسس علمية يتطلب الاستثمار على مستوى التدريب، وبرامجه ومعسكرات الاحتكاك وتطوير أكاديميات الشباب والناشئين، وليس عن طريق صرف المليارات على لاعبين يريدون قضاء آخر سنواتهم المهنية بالاستمتاع بملايين لن يستطيعوا التحصل عليها في أوروبا أو أي مكان آخر". 

1% من الناتج المحلي السعودي

بعد تصريحات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بشأن الكرة السعودية التي أصبحت تضيف للناتج المحلي 1%، توجهنا بسؤال "ماذا أضاف استقطاب المحترفين للاقتصاد السعودي"  للصحافي المختص بالاقتصاد الرياضي عبد الله عيد، الذي صرح لرصيف22 (باسم مستعار): "اقتصادياً أضاف هذا الاستقطاب تنمية للعلامة التجارية وانتشاراً واسعاً للبطولة، وزاد الحضور الجماهيري بنسبة 24% عن العام الماضي، وارتفعت إيرادات البث بنسبة 650% منذ قدوم رونالدو، كما أن هناك زيادة واضحة في مبيعات القمصان وانتشار العلامات التجارية للشركات التي تعلن على قمصان الأندية عالمياً". 

برغم كل ما يقال عن الإنفاق الكبير على كرة القدم السعودية، لكن هذا الإنفاق زاد الناتج المحلي الإجمالي السعودي بـ1%، أي أنه ليس استثماراً خاسراً، مع العلم أن الناتج المحلي للعام 2021 بلغ 883.5 مليار دولار. 


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel

فلنتشارك في إثراء مسيرة رصيف22

هل ترغب/ ين في:

  • الدخول إلى غرفة عمليّات محرّرينا ومحرراتنا، والاطلاع على ما يدور خلف الستارة؟
  • الاستمتاع بقراءاتٍ لا تشوبها الإعلانات؟
  • حضور ورشات وجلسات نقاش مقالات رصيف22؟
  • الانخراط في مجتمعٍ يشاركك ناسه قيمك ومبادئك؟

إذا أجبت بنعم، فماذا تنتظر/ ين؟

    Website by WhiteBeard