بات الاعتقاد اليوم أن واقع الأساليب القيمية التقليدية، مهدد بشكل عام في المجتمع الألماني، وهذه المخاوف وهذا الاعتقاد بات شائعاً بشكل أساسي من قبل اليمين المحافظ ضد اللاجئين، وهو قلق يجد موطناً له لدى المواطن العادي في كثير من الأحيان أمام تزايد التوجه للتحول من دولة قيمية مدافعة بقوة عن نشيد الأسلاف وعن عقائدها الثقافية إلى دولة مهاجرين.
هذا الخوف يتأصل بشكل أساسي ليس في الرغبة في طرد اللاجئين ولا حتى في إيقاف استقبالهم، فالمتنقل داخل المجتمع الألماني يجد أنه مجتمع متعاون، مسالم جداً ويحسن استقبال الضيوف، إنما يتمثل ذلك الخوف في لزوم وضع سياسة منظمة للجوء، والأهم من كل ذلك ضرورة إدماج هؤلاء في المجتمع، اندماجاً على أقله يحترم قيم المجتمع فيما يتعلق بحركة التشريعات الدستورية إن لم يكن لابد منها ثقافياً، حيث هناك مطالبات اليوم بضرورة الالتزام بالقانون وهي دعوة تسير جنباً إلى جنب مع ضرورة استعادة الأعراف الناظمة للمجتمع الألماني.
ومن بين الأمور التي تسيء لهذه الأعراف وفق كثر من الألمان، عدم الالتزام بالقوانين العامة وشيوع ظواهر التحرش والنشل والاعتداءات وتعاطي الممنوعات في الأماكن العامة، خاصة في محطات القطار من قبل مراهقين وأطفال من أعراق شرق أوسطية بالمقام الأول والتي باتت، على حد اعتقادهم تسبب تهديداً للحرية الشخصية، وفق ما قاله، شتيفان. ج، 39 عاماً، وهو موظف حكومي ألماني، غالباً ما يجد أن الحكومة في بلاده تتخبط في ذلك لأن الدول وفق رأيه: "لا تدار بالعاطفة".
"Bahnhofskinder"، هي ظاهرة باتت معروفة لدى الشارع الألماني وتعني"صبيان المحطات"، يعرفها السوريون باسم "عجيان البانهوف". وهي عبارة تطلق على مراهقين وأطفال تحت سن الثامنة عشرة، يتجمعون في محطات القطارات والأماكن العامة
تختصر بعض المصطلحات المحلية المتداولة في الشارع الحالة الاجتماعية التي تنظم العلاقة بين المجتمع الألماني والمكونات الاجتماعية الأخرى من اللاجئين والمهاجرين، ومن بين هذه المصطلحات، مصطلح "Bahnhofskinder"، وهي ظاهرة باتت تتداولها الصحافة الألمانية بشيء من الضجر، وباتت معروفة لدى الشارع الألماني. و"البانهوف كيندر" أو صبيان المحطة، بالعموم هي حالة أوربية عامة منتشرة في كل أوروبا منذ زمن، لكنها في ألمانيا ظهرت على السطح بشكل جديد ويعرفها السوريون مثلاً باسم "عجيان البانهوف"، وهي عبارة أطلقها لاجئون سوريون على مراهقين وأطفال تحت سن الثامنة عشرة، يتجمعون في محطات القطار والأماكن العامة وفي الاحتفالات والأعياد.
التسمية على لطافتها والتي تأخذ طابع المرح والكوميديا إلا أنها كظاهرة باتت تقلق الكثير من المواطنين في ألمانيا وفي مقدمتهم الأجانب قبل الألمان، وباتت تشير إلى حالة القصور العامة للدولة في طرق إدماج المهاجرين في المجتمع، وأحياناً كثيرة باتت تُستغل لمقاصد سياسية.
فـ"العجي" في اللغة العربية هو الصبي الذي فقد أمه فجاء غيرها في تربيته، وعلى هذا المعنى يأتي سبب تلك التسمية التي تشير بشكل أو بآخر إلى مفهوم أطفال الشوارع. والملفت أن هذه الشريحة من الأطفال لا تعرف جنسية محددة، فهم مزيج من أعراق مختلفة تعيش في ألمانيا، من عرب وشرق أوسطيين وأوروبيين وأفارقة ونسبة منهم ألمان. ولكن تلعب وسائل الإعلام دوراً كبيراً في تسييس تلك الظاهرة واختصارها بالاجئين.
التسمية تأخذ طابعاً كوميدياً، إلا إنها ظاهرة تقلق الكثير من المواطنين في ألمانيا وفي مقدمتهم الأجانب قبل الألمان، وباتت تشير إلى حالة قصور في طرق إدماج المهاجرين، وأحياناً أصبحت تُستغل لمقاصد سياسية.
أمام هذا المنعطف الذي تعيشه ألمانيا في اختبار تجربتها الجديدة في العيش المشترك مع عناصر أجنبية، وبنفس الوقت رغبتها في الحفاظ على إرثها القيمي والثقافي، فإن تجربة سيدة مثل، لاورا، اسم مستعار، 50 عاماً، وهي مدرّسة للغة الألمانية في دورات اندماج للاجئين في ولاية بافاريا، عايشت حقبتي تأسيس الجمهورية و قطف الثمار اليوم، وأمام هذا تقول لرصيف 22: "هذه الظاهرة ليست جديدة، هي سيئة بالفعل لكنها ممتدة لسنوات وعقود ولا علاقة لها بموجة الهجرة الجديدة التي جاءت مع ميركل، صحيح أنها تزايدت قليلاً لكنها منتشرة في كثير من بلدان أوروبا".
وتضيف، لاورا، في توصيف هذه الظاهرة بالقول: "تضم هذه المجموعات أطفالاً من أعمار مختلفة، في أغلبها ما بين الثالثة عشرة إلى التاسعة عشرة من العمر، يتجمعون في أماكن معينة ويتعاطون الحشيش والمخدرات ويتحرشون بالفتيات، وهي أفعال سيئة بحق تهدد النظام الليبرالي الألماني".
الملفت أن هذه الظاهرة باتت اليوم تسيء لسمعة المهاجرين بشكل عام و المهاجرين العرب بشكل خاص، وباتت الإشارة إليهم وتحديدهم بالإصبع ليست بالصعبة، فتجدهم يسيرون في مجموعات صغيرة وينتشرون بأعداد كبيرة، يشغّلون موسيقى الراب، ويرتدون ألبسة ذات علامة واضحة، مخمورين في أغلب الوقت، ويفتعلون المشاكل والتحرش.
وكما أن جنسيات هؤلاء المراهقين متعددة فضحاياهم أيضاً لا تتوقف على جنسية محددة، فالتحرش لا يميز بين جنسية أو عرق، لهذا يشتكي مهاجرون عرب من تلك الظاهرة. منصور الحمصي، 43 عاماً، لاجئ سوري منذ ثمان سنوات في فرانكفورت، يقول: "تركت العمل حتى أهتم بأطفالي، لدي فتاة بالغة، وأصبحتُ مضطراً لتوصيلها كل يوم إلى مدرستها بسيارتي وانتظارها حتى تعود، فقد تعرضت لمضايقات في محطة القطار من قبل صبيان البانهوف سابقاً، لا أريد لها أن تتأذى فقد هربت بها من سوريا بعد أن توفيت والدتها بالقصف".
"هذه الظاهرة ليست جديدة، هي سيئة بالفعل لكنها ممتدة لسنوات وعقود ولا علاقة لها بموجة الهجرة الجديدة". لاورا، 50 عاماً، مدرّسة للغة الألمانية في دورات اندماج للاجئين في ولاية بافاريا
الأمر متشعب وخلال إعداد هذا التقرير صادفتنا الكثير من القصص التي يصعب ايرادها جميعها هنا.
حنان، 28 عاماً، وهي لاجئة عراقية رفضت عملاً هي وصديقتها الألمانية، كانتا تجدانه فرصة جيدة لدخل جيد، لكنهما رفضتا العمل لأنهما ستكونان مضطرتين لانتظار القطار لساعة كاملة حتى منتصف الليل في المحطة وهو أمر قد يعرضهما للتحرش والاعتداء من قبل صبيان يرتادون المحطة في ساعات متأخرة من الليل.
كيف بدأت القصة؟
رغم مرور قرابة الخمسة وثمانين عاماً، لا تزل ألمانيا حتى الآن، بشكل أو بآخر، تعاني من تراكمات الاستسلام غير المشروط للرايخ الثالث بعد الحرب العالمية الثانية، فحتى اليوم لازال المرء حين يسير في المدن الكبرى يرى أن الجغرافيا الاجتماعية لازالت ممزقة، وقضية المهاجرين واللاجئين اليوم وعلاقتها بالاقتصاد الوطني هي في أساسها من ضمن هذه التداعيات (تداعيات تلك الحرب).
فلم تعد القضية المؤرقة للجمهورية اليوم هي تنظيف الشوارع من الحطام المسحوق بفعل الحرب، مقارنة بالمهام الأكثر تعقيداً التي تجلت تالياً في كيفية تأمين الأيدي العاملة للنهوض بالاقتصاد تزامناً مع الحذر من تحويل ألمانيا لـ"بلد مهاجرين".
فقد وجدت النساء أنفسهن وسط الركام وقد خسرن أكثر من خمسمئة مليون ونصف المليون شاب في الحرب، ناهيك عن أكثر من مليوني شاب في الحرب العالمية الأولى.
لهذا اندفعت النسوة منفردة وبطاقة جبّارة خلال العقد الأول الذي تلا الحرب من إزالة الركام وبناء الاقتصاد، توازياً مع ما شكَّل برنامج "اقتصاد السوق الاجتماعي"، الذي وضعه المستشار الاتحادي اللاحق، لودفيج إيرهارد، كأساس للسياسة الاقتصادية الألمانية منذ العام 1949، وقد ضَمَنَ هذا البرنامج العمل المؤسساتي الحر وسعى في الوقت نفسه لتحقيق التوازن الاجتماعي. فتتالى جراء ذلك استمرار التحسن الاقتصادي خلال خمسينات القرن الماضي حتى عرفت تلك السنوات بما يسمى بـ "المعجزة الاقتصادية" التي جلبت لها ازدهاراً لم تعرفه في تاريخها. وبفضل هذه المعجزة شهدت البلاد حالة تشغيل شبه كامل لقوة العمل، وارتفع مستوى الدخول بمعدلات عالية لمختلف الفئات الاجتماعية.
لم تعد القضية المؤرقة لألمانيا اليوم هي تنظيف الشوارع من الحطام المسحوق بفعل الحرب، مقارنة بالمهام الأكثر تعقيداً التي تجلت في كيفية تأمين الأيدي العاملة للنهوض بالاقتصاد تزامناً مع الحذر من تحويل ألمانيا لـ"بلد مهاجرين"
وأمام تحرك عجلة الاقتصاد بدأت ألمانيا تدرك مدى حاجتها إلى الكثير من العمال لتعزيز الإنتاج في الاقتصاد المزدهر في حينه، لهذا وفي الثلاثين من أكتوبر/تشرين الأول عام 1961 وقعت جمهورية ألمانيا الاتحادية، ألمانيا الغربية آنذاك، لأول مرة مع الحكومة التركية اتفاقية لاستقدام العمالة التركية، وقد حملت الاتفاقية عنوان: "لمصلحة التوظيف المنهجي للعمال الأتراك في الجمهورية الاتحادية". فشعر السياسيون حينئذ لأول مرة بالخوف وبضرورة الحذر من تلك الهجرة، فتم إطلاق مصطلح "العمال الضيوف" على هؤلاء العمال الذين جاءوا إلى ألمانيا من تركيا ومن دول جنوب أوروبا وعلى رأسها إيطاليا. وذلك في محاولة سياسية لتأكيد أن ألمانيا لن تكون "بلد هجرة"، كما الولايات المتحدة وكندا، وأن وجود هذه العمالة ما هو إلا أمر عارض ومؤقت لغرض التعافي.
وعلى هذا ومع مرور الوقت وحتى نهاية العشرية الأولى من الألفية الجديدة كانت جل السياسات المحلية حول الهجرة تتم بحذر وضمن معايير ضيقة تلائم احتياجاتها الاقتصادية، لهذا تم استقبال أعداد من المهاجرين العراقيين والأفغان ومن الشرق الأوسط بالعموم بشكل حذر.
لكن في سنة 2015 اتخذت ألمانيا خطوة جريئة جداً حين أدركت المستشارة الألمانية، إنجيلا ميركل، أن الاقتصاد الألماني بات يحتاج لـ "سياسة هجرة" قوية وجريئة، للحاجة الملحة لأيد عاملة في عدة مجالات.
اتخذت ألمانيا في عام 2015، خطوة جريئة حين أدركت المستشارة الألمانية، إنجيلا ميركل، أن الاقتصاد الألماني بات يحتاج لـ "سياسة هجرة" قوية وجريئة، للحاجة الملحة لأيد عاملة في عدة مجالات.
ففي تحليل أعدته شبكة رويترز، وقتئذ جاء فيه أن رؤساء الشركات الألمانية يجدون أن الحاجة باتت ملحة لشغل ما يزيد على نصف مليون وظيفة شاغرة. كما بات تفكير الطبقة السياسية في ألمانيا في العبور من قطاع إلى آخر ومن مرحلة الى أخرى مؤلماً نسبياً، إذ تولدت تعقيدات في تأمين اليد العاملة بنوعية محددة بحيث لا تسبب ضغطاً اجتماعياً، ومن ثم تالياً بضرورة كيفية تأمين المأوى لهذه الفئات. لهذا تم فتح الباب أمام طالبي اللجوء السوريين بالدرجة الأولى وبشكل جماعي لأول مرة في تاريخ البلاد، لتتمكن من دعم الاقتصاد الوطني الذي بات الأكبر في الاتحاد الأوروبي ورابع أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية والصين واليابان. إذ بات اقتصادها يصنّف بانتظام بأنه بين أكبر ثلاث دول في قطاع التصدير والاستيراد في العالم.
أمام هذا سنّت السلطات الألمانية العديد من القوانين لتوطين وتنظيم الهجرة واستقبال العمالة الماهرة والمتخصصة، حتى باتت تحتضن اليوم أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ ثلث هؤلاء أوكرانيون يليهم السوريون والأتراك.
وأمام الواقع الجديد وهذه الأعداد المتزايدة، ونتيجة مزيج من ثقافات متناحرة، تنمطت سلوكيات ثقافية محددة، بات كثر يجدون أنها تهدد قيم الجمهورية أمام قيم جديدة جاءت من جنوب وشرق المتوسط. وفي نفس الوقت باتت ألمانيا تدرك أنها مجبرة للمسير في نفس الطريق حتى العقود المقبلة على أقل تقدير، لهذا وبعد نحو عامٍ من اقتراح مشروع قانون الجنسية الجديد، وافق مجلس الوزراء الألماني على مشروع القانون، الذي لا يخفف من متطلبات الحصول على الجنسية الألمانية فحسب، وإنما يسمح أيضاً بحمل أكثر من جنسية، وتسهيلاتٍ أخرى. لذلك وصفت وزيرة الداخلية الألمانية، نانسي فيزر، من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، قانون الجنسية الحديث بأنه "مفتاح حاسم"، لزيادة القدرة التنافسية لألمانيا، مشيرةً إلى أن الإصلاح هو أيضاً جزء من تحديث المجتمع.
وبذلك ووفقاً لوزارة الداخلية الاتحادية، فإن المستفيدين من القانون ما يزيد قليلاً عن 12 مليون شخصاً، ويعيش حوالي 5.3 مليون منهم في ألمانيا منذ عشر سنوات على الأقل.
مجتمعاتٌ متصادمة ثقافياً
في العموم المجتمعات المركبة هي مجتمعات متصادمة ثقافياً بطريقة أو بأخرى، هذا التصادم في ألمانيا تمليه الثقافات المتباينة والعادات والقيم الغريبة عند كلي الطرفين الوافد والمضيف.
واليوم وبعد مرور قرابة العقدين على تلك الهجرة، وهي فترة قليلة، للحكم على مدى نجاحها من فشلها في آلية الاندماج، تشير الدراسات إلى ارتفاع معدلات الجريمة، ففي تقرير أخير أصدره مكتب الإحصاءات الفيدرالي في ألمانيا، كشف أنّ 5.6 ملايين جريمة ارتُكبت في عام 2022 الماضي.
وقد تنوعّت ما بين نشل وجرائم عنصرية وكراهية ذات دوافع سياسية. أمّا بالنسبة إلى المشتبه فيهم الذين وصلوا إلى ألمانيا من ضمن موجات اللجوء، فقد ارتفع عددهم بنسبة تقارب 11.9 في المائة، وتنوّعت الجرائم التي اتُّهموا بارتكابها ما بين نشل وسطو وقتل.
وأوردت شبكة "إيه آر دي" الإخبارية الألمانية أنّه، وفقاً لإحصاءات الشرطة الجنائية الفيدرالية، سُجّلت الزيادة الكبرى في عمليات النشل والسطو وسرقة محال تجارية والدخول إلى المنازل والممتلكات بطريقة الخلع. وبحسب السلطات المعنيّة، من المحتمل أن يرتبط ارتفاع نسبة الجريمة والانتهاكات ذات الصلة بقانون اللجوء وحرية الحركة والحقّ في الإقامة بالاتحاد الأوروبي.
في المقابل يشكك لاجئون في هكذا تقارير، ويجدون ومن بينهم، محمود الشحيل، لاجئ سوري في مدينة إيسن، الذي يقول: "هناك انطباع خاطئ حول اللاجئين من قبل كثير من وسائل الإعلام الألمانية وحتى غير الألمانية وخصوصاً تلك التي تتناول حياة السوريين، هناك تشويه ومبالغة واضحين".
يوافق كثير من اللاجئين السوريين والعراقيين الموجودين في ألمانيا الذين التقاهم رصيف 22 بأن تلك الحملات يقودها اليمين المتطرف في ألمانيا، ويؤثر بها بشكل كبير في الإعلام. ففي وقت سابق خلصت دراسة حديثة إلى أن وسائل الإعلام الألمانية تساهم في إعطاء صورة مشوهة عن الجرائم، التي يكون مرتكبوها من ذوي الأصول الأجنبية. وبينت هذه الدراسة الصادرة عن جامعة "ماكروميديا" الألمانية الخاصة إلى أن الجرائم التي يرتكبها أشخاص من ذوي أصول أجنبية لا يتم التقليل من شأنها أو التعتيم عليها من طرف وسائل الإعلام كما يٌعتقد، بل على العكس من ذلك، تعرف تضخيماً إعلامياً مبالغاً به.
ورغم تصريحاتها المتكررة بغير ذلك، فألمانيا اليوم باتت تتعامل على أنها بلد للمهاجرين فعلاً، وهو أمر يبدو أنه بات مفروضاً عليها، وأنه ليس بكل ذاك السوء الذي يروج له المحافظون.
رغم كل ما قيل ويقال عن حالة الفوضى التي يثيرها اللاجئون، إلا أن الأرقام توضح أن الاقتصاد الألماني قائم على سواعد المهاجرين اليوم، وأن ألمانيا بحاجة سنوياً لما لا يقل عن مليون ونصف المليون مهاجر لدفع عجلة الاقتصاد
وأمام هذا التصور وأمام هذه الأعداد الكبيرة من الوافدين بشكل يومي ومن غير انقطاع ولتجنب تشكيل مجتمعات موازية، تهتم ألمانيا بقضية اندماج المهاجرين قدر الإمكان وإزالة الفوارق الثقافية والقيمية بين الطرفين، لأنها تدرك تماماً أنها تتعامل مع ثقافات متصارعة. لهذا تسعى لتعريفهم بأساسيات السياسة والاقتصاد والعادات والتقاليد السائدة في المجتمع الألماني، كما إن بعض الولايات لديها وزيرٌ خاصٌ للاندماج. ورغم كل ما قيل ويقال عن حالة الفوضى والجدل الذي يثيره اللاجئون إلا أن الأرقام توضح أن الاقتصاد الألماني قائم على سواعد المهاجرين اليوم وفي مقدمتهم العرب، وأن ألمانيا بحاجة سنوياً لما لا يقل عن مليون ونصف المليون مهاجر لدفع عجلة الاقتصاد، وإذا ما قورنت المشاكل الثقافية التي يجلبها المهاجرون مع المشاكل الاقتصادية التي ستكون بدونهم فالأمر في الحقيقة لا يستعي كل ذاك القلق.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 10 ساعاتجميل جدا وتوقيت رائع لمقالك والتشبث بمقاومة الست
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 3 أياممقال مدغدغ للانسانية التي فينا. جميل.
Ahmed Adel -
منذ 6 أياممقال رائع كالعادة
بسمه الشامي -
منذ أسبوععزيزتي
لم تكن عائلة ونيس مثاليه وكانوا يرتكبون الأخطاء ولكن يقدمون لنا طريقه لحلها في كل حلقه...
نسرين الحميدي -
منذ اسبوعينلا اعتقد ان القانون وحقوق المرأة هو الحل لحماية المرأة من التعنيف بقدر الدعم النفسي للنساء للدفاع...
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعيناخيرا مقال مهم يمس هموم حقيقيه للإنسان العربي ، شكرا جزيلا للكاتبه.