شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!

"منتهكات الأعراف"، نعترض طريقَكنّ من جديد… شرطة الحجاب تعود إلى شوارع إيران

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!
Read in English:

Veiled in controversy: The return of Iran's hijab police

أثار قانون الحجاب الجديد، الجدلَ في الشارع الإيراني، وهو قانون تجريبي جديد سنّه مجلس الشورى الإسلامي، أي البرلمان الإيراني، يوم الأربعاء 20 أيلول/سبتمبر الجاري، تحت عنوان "قانون دعم ثقافة الحجاب وتعزيز العفاف"، في خطة تنفيذية على مدى ثلاث سنوات اعتباراً من 23 من الشهر الحالي.

وينص مشروع القانون الجديد، الذي يضم 70 مادةً، منها 55 مادةً جديدةً وافقت عليها اللجنة القضائية في البرلمان، على عقوبات تتراوح بين الحبس والغرامة على من تنتهك/ينتهك قانون الحجاب في البلاد، كما تؤكد بعض مواده على عدم الاختلاط بين الجنسين في الجامعات والدوائر الحكومية والمستشفيات والمستوصفات وبعض المرافق العامة.

وفي الفصل الأخير من مشروع القانون، أُدرجت الجرائم والانتهاكات لمن لا تلتزم/يلتزم بقانون الحجاب، مثل عقوبة السجن التي قد تصل مدتها إلى خمس وعشرين سنةً، إلى جانب غرامات نقدية باهظة.

أحكام قد تطال غير الملتزمين بالقانون الجديد

جاء في المادة الـ38 من هذا القانون، فرض "عقوبة السجن والغرامة على كل من يروّج للعري أو الفحشاء أو عدم مراعاة الحجاب الإلزامي، أو يتعاون في هذا الأمر مع الدول الأجنبية أو القنوات أو وسائل الإعلام أو الجماعات والمنظمات المعادية، بغرامة من الدرجة الرابعة"، تتراوح بين 500 مليون ريال (1،000 دولار أمريكي)، ومليار ريال إيراني (2،000 دولار)، وأحكام بالسجن من 5 سنوات حتى 25 سنةً.

ينص مشروع القانون الجديد، الذي يضم 70 مادةً، منها 55 مادةً جديدةً وافقت عليها اللجنة القضائية في البرلمان، على عقوبات تتراوح بين الحبس والغرامة على من تنتهك/ينتهك قانون الحجاب في البلاد

كما تدين المادة 39 من هذا القانون، أي شخص يسيء في المجتمع أو الفضاء الافتراضي إلى "مبدأ الحجاب"، أو يروّج للتعري وعدم ارتداء الحجاب، إذ سيواجه حكماً شديداً، وسيعاقَب بغرامة من الدرجة الرابعة، كما أن يد السلطات القضائية غير مقيّدة في تشديد هذه العقوبات، وفي حال تكراره للجريمة المذكورة، ستضاعَف الغرامة وتُطبَّق العقوبات الأولية مرةً أخرى.

وتشير المادة 49 من هذا القانون، إلى أن "كل من ترتدي/يرتدي ملابس غير محتشمة" في الأماكن العامة، ستُعاقب/سيعاقَب بغرامة أقصاها من الدرجة السادسة في المرة الأولى، ومن الدرجة الخامسة في الحالات المتكررة.

نساء في شوارع إيران

والمادة 50 من مشروع قانون العفة والحجاب، تنص على أن "كل من يخرج عارياً أو شبه عارٍ في الأماكن العامة والطرق أو يرتدي ملابس غير محتشمة"، سيتم إلقاء القبض عليه من قبل ضباط الشرطة، وسيحال إلى النيابة والسلطة القضائية، للبت في أمره، وسيحكَم عليه بالسجن من الدرجة الرابعة أو الغرامة من الدرجة الثالثة، وفي حالة التكرار ستتم زيادة فترة السجن التي تترواح بين خمسة وخمسة وعشرين سنةً، أو ستتضاعف الغرامة.

يحتوي نص القانون على ملاحظتين تحددان كيفية الملابس السيئة للنساء والرجال، فالنساء مُنعن من ارتداء "الثياب المخالفة للحياء العام، كالملابس المكشوفة والضيقة، أو الملابس التي تُظهر جزءاً من الجسم تحت الرقبة أو فوق الكعبين أو فوق الساعدين"، كما منع الرجال من "ارتداء الملابس المخالفة للحياء العام، كالملابس المكشوفة أو الملابس التي تظهر جزءاً من الجسم أسفل الصدر أو فوق الساق أو الكتف".

شرطة الحجاب عبر الكاميرات

بعدما أعلنت السلطات الإيرانية حلّ شرطة الحجاب، على إثر احتجاجات "المرأة، الحياة، الحرية"، التي اندلعت بعد مقتل الفتاة "مهسا أميني" في أحد مراكز شرطة الحجاب في طهران، تعود تلك الشرطة بحلّة جديدة ومن خلال كاميرات الرصد والتقنيات المتطورة المنتشرة في شوارع البلاد، وذلك بالإضافة إلى رصد نشاطات الأشخاص في مواقع التواصل الاجتماعي، للتعرف على كل من لم يلتزم بقانون الحجاب الجديد.

وبحسب النص النهائي لمشروع قانون الحجاب والعفة، فإن أجهزة المخابرات، بما فيها وزارة الاستخبارات الإيرانية وجهاز استخبارات الحرس الثوري وجهاز استخبارات قيادة الشرطة، بالإضافة إلى قوات الشرطة والبَسيج ومقار هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يُسمح لها بالتعامل والمواجهة بشكل ميداني، مع الأشخاص غير الملتزمين بالقانون.

كما تعمل قيادة الشرطة في الجمهورية الإسلامية، على إنشاء وتدريب قوات تُسمّى "القوات الموثوقة" للمواجهة الميدانية مع "منتهكي الأعراف"، على غرار قوات مكافحة الشغب. وتم تكليف هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بتشكيل مجموعات شعبية في مجال العفة والحجاب لإصدار الترخيص اللازم لمنفذي هذا الواجب الديني، حسب البيان.

ومنظمة الباسيج لديها مسؤولية تثقيف من ينتهك تلك القوانين حول ما هو صحيح وما هو خطأ، "لفظياً" فحسب، وذلك في أثناء تعاملها مع الأشخاص المخالفين سواء في المجتمع أو الفضاء الافتراضي.

المادة 43 تطال المشاهير في إيران

ووفقاً لهذه المادة، سيُحكم على "كل شخص ذي صيت أو نفوذ اجتماعي (المشاهير)، ارتكب الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون، سواء في الفضاء الافتراضي أو الحقيقي، بالعقوبة المقررة للجريمة المرتكبة، فضلاً عن فرض غرامة من الدرجة الثانية أو مصادرة 10% من إجمالي ممتلكاته (ما عدا استثناءات الديون) أيهما أكبر، وسيُحرم من الوظيفة أو الأنشطة المهنية لمدة ستة أشهر إلى خمس سنوات، وذلك حسب تقدير القاضي، كما سيُمنع من مغادرة البلاد لمدة سنتين، وستُحظر أنشطته في الفضاء الإلكتروني من ستة أشهر إلى سنتين، بالإضافة إلى إزالة المحتوى السابق المخالف للقانون وإلغاء جميع الامتيازات والحسومات والإعفاءات الممنوحة".

يحتوي نص القانون على ملاحظتين تحددان كيفية الملابس السيئة للنساء والرجال، وتمنعان النساء والرجال من ارتداء "الثياب المخالفة للحياء العام"

وفي حال تكرار مخالفته للقانون، ستضاف عقوبة مالية من الدرجة الأولى أو عشرة في المئة من إجمالي الأصول لديه (ما عدا استثناءات الديون) أيهما أكبر، وستطول مدة استبعاده من العمل أو الأنشطة المهنية لمدة تتراوح بين خمس و15 سنةً.

عام على الاحتجاجات

بعد الاحتجاجات، انقسم المجتمع النسائي في إيران إلى قسمين، فمنهن من لا تلتزم بقانون الحجاب، ومنهن من تؤكد على أهمية فرضه والالتزام به، ومنذ ذلك الوقت نساء القسم الأول يخرجن حاسرات الرأس، دون معارضة أي جهة حكومية، خصوصاً بعد حل شرطة الحجاب.

نساء غير محجبات في شارع في إيران، إلى جانب جدار يحمل شعار "المرأة، الحياة، الحرية"

وأصبح ارتداء الحجاب إجبارياً بالتدريج، وعلى مراحل عدة للنساء الإيرانيات، بعد انتصار الثورة الإسلامية عام 1979. وبناءً على الدستور الإسلامي الذي يطبَّق في إيران، المواطنات الإيرانيات ملزمات بلبس الحجاب الإسلامي، بعيداً عن شريعتهنّ وديانتهنّ واعتقادهن.

وعلى ما يبدو، فإن المرأة الإيرانية تقع اليوم على مفترق طرق بعدما وافق البرلمان بأغلبية كاسحة، على تنفيذ القانون التجريبي للحجاب. فماذا سيكون مصيرها؟ هل ستستمر في معاندتها للنظام والقانون، أم ستخضع للعقوبات الصعبة والشديدة التي ينص عليها "قانون دعم ثقافة الحجاب وتعزيز العفاف"؟  

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

منبر الشجعان والشجاعات

تكثُر التابوهات التي حُيِّدت جانباً في عالمنا العربي، ومُنعنا طويلاً من تناولها. هذا الواقع هو الذي جعل أصوات كثرٍ منّا، تتهاوى على حافّة اليأس.

هنا تأتي مهمّة رصيف22، التّي نحملها في قلوبنا ونأخذها على عاتقنا، وهي التشكيك في المفاهيم المتهالكة، وإبراز التناقضات التي تكمن في صلبها، ومشاركة تجارب الشجعان والشجاعات، وتخبّطاتهم/ نّ، ورحلة سعيهم/ نّ إلى تغيير النمط السائد والفاسد أحياناً.

علّنا نجعل الملايين يرون عوالمهم/ نّ ونضالاتهم/ نّ وحيواتهم/ نّ، تنبض في صميم أعمالنا، ويشعرون بأنّنا منبرٌ لصوتهم/ نّ المسموع، برغم أنف الذين يحاولون قمعه.

Website by WhiteBeard