نقلت وسائل إعلام إيرانية معارضة عن خروج الآلاف من المواطنين في 50 مدينة للمطالبة بالحريات الفردية إثر مقتل الشابة مهسا أميني في مخفر شرطة الحجاب.
ومما ميز هذه الحركة الاحتجاجية المتصاعدة عن سابقتها هو الحضور النسوي الفاعل في الشوارع، وخلع حجابهن، فالصور التي تظهر ذلك ما زالت متداولة في شبكات التواصل، حتى وصفها بعض الخبراء بأنها ثورة نسائية لنيل حرياتهن.
ومن اللافت أنه خلافاً للمظاهرات السابقة التي يحضرها شريحة واسعة من كبار السن، شكل الشريحةَ الأكبر في هذه الاحتجاجات شبابٌ وفتيات جلهم من مواليد 2000 فما فوق.
"المرأة، الحرية، الحياة"، "مهسا اسمُك سيبقى رمزاً"، "لا أريد أن أموت"، "الموت للديكتاتور"، "لا للحجاب القسري"، هي أهم الهتافات التي يرددها المتظاهرون.
وواجهت قوات الأمن الاحتجاجات بقمع شديد حيث تشير مصادر غير رسمية إلى سقوط 10 قتلى بينهم قوات أمن، وعشرات الجرحى، واعتقال المئات، كما استخدمت الشرطة ولأول مرة قوات الوحدة النسائية الخاصة لقمع المتظاهرين في العاصمة طهران.
الممثلات الإيرانيات مثل كَتايون رِياحي، ومريم بوباني، وشيوا إبراهيمي، نشرن صوراً لهن دون حجاب، كما حلقت الممثلة آناهيتا هِمّتي شعرَ رأسها في مقطع فيديو، حداداً على رحيل مهسا أميني
واستخدمت قوات الأمن سيارات الإسعاف في تنقلاتها للتخفي وسط المتظاهرين، أو نقل المعتقلين لمراكز الاعتقال في طهران. كما أدى عناصر الأمن المتنكرين بالزيّ المدني دوراً بارزاً في تأجيج الاحتجاجات السلمية وخلق الفوضى والمصادمات والعنف ومن ثم اعتقال المتظاهرين.
سيناريو واحد يتكرر في كل الاحتجاجات
يبدو أن ما يحدث من عنف وسط احتجاجات عفوية كانت قد انطلقت منذ السبت الماضي من مدينة سقِّز الواقعة في محافظة كردستان غربي إيران، مسقط رأس مهسا أميني لتعم معظم المدن الكبرى في البلاد، هو سناريو يتكرر في كل مرة يتظاهر فيها المواطنون بسلمية.
وفي هذا الشأن أعاد رواد منصات التواصل مقطع فيديو للرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، الذي تحول إلى معارضٍ داخل النظام بعد إقصائه من دائرة الحكم، يكشف فيه حيلَ السلطات الأمنية لفضّ المظاهرات والقضاء على المتظاهرين السلميين.
"المرأة، الحرية، الحياة"، "مهسا اسمُك سيبقى رمزاً"، "لا أريد أن أموت"، "الموت للديكتاتور"، "لا للحجاب القسري"، هي أهم الهتافات التي يرددها المتظاهرون
يتحدث أحمدي نجاد في الفيديو الذي نُشر عام 2021 للتعاطف مع "ثورة العطش" التي انطلقت العام الماضي في محافظة خوزستان (الأهواز): "يتم قمع أي مطالبة واحتجاج وشكوى من قبل الناس عبر العصابات الأمنية، تتدخل العصابات الأمنية وتنفذ خطتين؛ الأولى، جرّ المظاهرات إلى العنف، فيتصادمون ويحرقون ويطلقون النار كي يبرروا قمع الناس (من قبل الشرطة)، وأما خطتهم الثانية فهي أن يلصقوا مطالب الشعب بالمعارضة في الخارج كي يتيحوا الفرصةَ ثانية لقمع الناس. وهكذا يتمّ سد طريق المعارضات السلمية، ثم يصرحون بوقاحة أنهم لم يطلقوا النار على رؤوس الناس فقط، بل على أقدامهم أيضاً".
أما الصحفي والناشط السياسي الإصلاحي أحمد زيد آبادي، فيتحدث عن نموذج مكرر في كل الاحتجاجات والذي يتضمن 7 مراحل، هي: أولاً تعتدي الدولة على حقوق الناس (مقتل مهسا أميني)، ثم تسود البلاد موجةُ غضب واحتجاج، بعد ذلك وعندما لا يمكن الدفاع عن أفعال الدولة يطالب رجالها بمحاسبة المخطئين. في المرحلة الرابعة تتفاقم أزمة الثقة بين الشعب والحكومة تجاه مطالبات الشعب فيطلق المتظاهرون شعارات ضد كيان الدولة، وتحدث الصدامات.
في المرحلة الخامسة تتدخل الشرطة لفضّ الاحتجاجات وإخمادها، كما يتم تحديد النشاط الإعلامي الحرّ في البلاد، ليتغير مسار الإعلام الحكومي ضد المتظاهرين. وسادساً يتحول المتهم إلى مدّعٍ والمدعي إلى متهم، وأخيراً تصدر المحكمة أحكاماً ثقيلة ضد المحتجزين، ويتم تدمير حياة الكثير ليعود المتهم بعد ذلك إلى حياته الطبيعية بثقة واطمئنان.
معركة الإنترنت والقراصنة
وفي حين لا توجد أي مؤشرات على انخفاض حدة الاحتجاجات، تواجه شبكة الإنترنت في إيران ضعفاً شديداً أو انقطاعاً تاماً في بعض المدن. ونشر مرصد نتبلوكس أن إيران حدت من قدرة المستخدمين على الوصول إلى تطبيقي إنستغرام وواتس أب، وهما آخر المنصات التي تخضع للحجب في البلاد.
كما أكد وزير الاتصالات الإيراني عيسى زارع پور، انقطاعَ شبكة الإنترنت عن الهواتف المحمولة، مصرحاً: "من الممكن أن يتم وضع قيود على الإنترنت بسبب الوضع الأمني الراهن، وهذا أمر طبيعي".
وفي تغريدة باللغة الفارسية أعلنت مجموعة هاكرز "إنونيموس" الدولية عن دعمها للمتظاهرين، وشنّ هجمات على مواقع الدولة الإلكترونية، وكشفت عن اختراق موقع الرئاسة الجمهورية ومركز أبحاث الطب الشرعي الإيراني، وحصولها على قاعدة بياناته.
نجوم يدخلون الساحة
ودعم نجوم الفن والرياضة احتجاجات الناس، يأتي في طليعتهم أسطورة كرة القدم السابق علي كريمي، والذي يحظى بشعبية واسعة لدى مختلف الشرائح، إذ حول حسابه الرسمي في إنستغرام والذي يتابعه 11 مليون، إلى منصة للمتظاهرين والدفاع عن حقوق المرأة.
في حين أنه لا توجد أي مؤشرات على انخفاض حدة الاحتجاجات، تواجه شبكة الإنترنت في إيران ضعفاً شديداً أو انقطاعاً تاماً في بعض المدن. ونشر مرصد نتبلوكس أن إيران حدت من قدرة المستخدمين على الوصول إلى تطبيقي إنستغرام وواتساب
أما المطرب الأهوازي مهدي يَرّاحي، والذي يشتهر بمواقفه الداعمة للشعب في سجله الغنائي، وما زال محظوراً من الغناء منذ عام 2019 إثر توجيه النقد للحرس الثوري بعد الاحتجاجات ضد غلاء البنزين وإسقاط الطائرة المدنية الأوكرانية، قدم أغنية باسم "قفس بس"، تتحدث عن الحرية، حصدت ملايين الاستماع.
أما مطرب البوب الشعبي محسن تشاووشي فقد اتخذ طريقاً آخر للوقوف إلى جانب الشعب حيث غرد: "أنا محسن تشاووشي، بصحة وسلامة عقلية، أعلن من اليوم إنهاء كل تعاوني مع وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي لأخذ التصاريح وما شابه ذلك، وأغني كعادتي حسب إرادة الناس وحبهم. لا يجوز الصمت بعد الآن".
بدوره نشر المخرج والممثل ومقدم البرامج الشهير مِهرَان مُديري، مقطع فيديو يطالب به هيئة الإذاعة والتلفزيون بعدم نشر أيٍّ من أعماله الفنية وبرامجه التلفزيونية، ليعبر عن غضبه تجاه كتم الأصوات في التلفزيون الحكومي وكبح المتظاهرين.
أما الممثلات الإيرانيات مثل كَتايون رِياحي، ومريم بُوباني، وشِيوا إبراهيمي، وشَبْنم فَرشادْجو، فقد نشرن صوراً لهن دون حجاب، كما حلقت الممثلة آناهيتا هِمّتي شعرَ رأسها في مقطع فيديو، حداداً على رحيل مهسا أميني.
المخرج الشهير مسعود كِيمْيَائي، انتقد بشدة مقتل مهسا، وطالب زملاءه في الوسط الفني أن يبدوا مواقفهم تجاه القضايا الحاصلة في البلاد، وأثنى على المتظاهرين وشجاعتهم.
أما المخرج الكردي بهمن قُبَادِي، والذي يعيش في المنفى، فطالب بدوره الفنانين الإيرانيين بعدم الصمت إزاء هذا الحادث والوقوف إلى جانب الناس، وذّكَرهم أنه لا يمكن أن نصبح فنانين مشهورين دون حماية شعبنا.
أما الجاليات الإيرانية خارج البلاد، فقد حولوا حساباتهم الشخصية في منصات التواصل إلى إعلام يعكس احتجاجات الإيرانيين لحظة بلحظة وبلغات عدة، إلى جانب مسيرات احتجاجية خرجت في بعض البلدان، مما تسبب بتعاطف بعض من المؤثرين الدوليين على السوشال ميديا أمثال عارضة الأزياة بيلا حديد، والتيك توكر خابي لام، والممثلة الأميركية شارون ستون، والممثلة التركية أدا أجه، والكاتبة البريطانية ومؤلفة روايات هاري بوتر، جي كي رولينغ، وآخرين من شتى بقاع العالم.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Ahmad Tanany -
منذ يومتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ 3 أياملا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ 6 أيامأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ أسبوعتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه