يوماً بعد يوم يتوسع سوق الأكل الجاهز في المنطقة العربية، وتتسابق المطاعم على إظهار الأفضل والأكثر اختلافاً.
إلا أن الأوضاع المادية لأبناء الطبقة الوسطى والدنيا من البلاد العربية لا تحتمل زيارة المطعم يومياً، وإن كان ألذ أو أفضل، وكما هناك دعاية واسعة للمطاعم، هناك توجه وموجة أخرى على مواقع التواصل الاجتماعي، من ربات منزل أو شيفات الأكل البيتي لتعليم ألذ وأسهل طرق الطبخ المنزلي، على اعتبار موروثنا يقول بأن أكل البيت أنظف وأشهى وألذ، فهل هذا دائماً صحيح؟ وما الذي تقدمه المطاعم ونعجز عن صنعه في المنزل؟
تالياً أهم 10 اختلافات بين أكل المنزل وأكل المطعم.
أولاً... الطهو الأكاديمي
تؤثر الطريقة التي تعلمنا بها الطهو على جودة ونكهة الطعام، يرى الشيف أحمد الهمشري(45 عاماً) من الأردن، ولديه خبرة 25 عاماً في العمل في مجال الحلويات الغربية والفرنسية إن الخبرات في عالم الطهو مهمة، وتصنع فرقاً في جودة الطعام، فمن يعمل على أسس أكاديمية وقد درس الطهو، يكون طعامه أفضل ممن تعلم الطبخ في البيت.
يقول لرصيف22: "الشيف قادر على تعزيز النكهات وضبط مذاق الطعام، على عكس ربة المنزل التي تتعلم الطعام بالوراثة ولا تتبع لمعايير دقيقة".
ثانياً... الخلطات السرية
لكل مكان نكهة خاصة وطريقة طهو تميزه، البيتزا مثلاً تختلف بحسب الطريقة التي يطهو بها الشيف وحسب سعر الوجبة، فإن كانت غالية الثمن يوضع بها مكونات جيدة تجعل الوجبة جذابة، وربما كانت هناك بهارات معينة ونكهات مصنعة تساعد في إضافة رائحة وطعم يعززان من تذوقها.
شيف متخصص: "الخبرات في عالم الطهو مهمة، وتصنع فرقاً في جودة الطعام، فمن يعمل على أسس أكاديمية وقد درس الطهو، يكون طعامه أفضل ممن تعلم الطبخ في البيت"
تميل الكثير من المطاعم التجارية إلى ابتكار صوصات أو خلطات خاصة بها لزيادة مبيعاتها، وهو أمر يختلف كلياً عن طبخ المنزل، إذ تتفق ربات المنازل على 90% من طريقة إعداد الطبخة، ويتداولنها، ويتشاركن تعديلات أو اقتراحات جديدة بشأنها، فلا يوجد ما يمكن تسميته بالـ"مكون السري".
ثالثاً... تجربة المكان والتسويق
يختلف أكل المطعم أو الشارع عن أكل المنزل في التجربة التي يمنحها، فمن المهم ألا ننسى تأثير العلامات التجارية والتسويق على المبيعات وسوق الطعام، وألا نغفل عن حجمها وتأثيرها على العقل الباطن.
يقدم كل مطعم تجربة جديدة وخدمة مختلفة، وقد يكون هذا الدافع لزيارته، وليس من أجل الطعام في حد ذاته.
الإبهار البصري في تقديم أو تغليف الطعام تحديداً هو ما لا تجيد ربة البيت فعله بالوتيرة اليومية في حياة تفرض عليها الطهو المستمر دون مقابل، ووسط مسؤوليات كثيرة أخرى، فأحد التقارير تظهر أن 69% من جيل الألفية يلتقطون صور طعامهم، ما يعني أن هذا سبب مهم للأكل في المطاعم.
69% من جيل الألفية يلتقطون صور طعامهم، ما يعني أن هذا سبب مهم في إقبالهم على الأكل في المطاعم
ولكن هذا لا يعني أن أكل المنزل لا يمنح تجارب خاصة. فاطمة (27 عاماً) كاتبة مستقلة وتتنوع حياتها بين الأكل المنزلي والخارجي، تقول لرصيف22: "شخصياً أرى أنه لا يمكن الاستمرار طوال الحياة على طعام من مكان واحد، لنستثني الحالة المادية، فرغم أن الطعام الجاهز يقدم خيارات مختلفة، لكنه لا يستطيع دائماً أن يقدم تجربة طعام المنزل بروحه وتفاصيله، مثلاً في عيد الأضحى نأكل رقاقاً وفتة وصنوف طعام لا تقدم جاهزة من الأساس، مرفقة بتجمع العائلة وروح العيد، لا أرى أن هذه الأجواء يمكن للأكل الجاهز استبدالها، وإن كان الطعام نفسه مطهو في مطعم، هناك روح وحالة معينة يضيفها أكل البيت على التجربة".
رابعاً... تجربة أكلات جديدة
تميل كثير من الأسر إلى طهو أطباق تقليدية قد تبدو روتينية أو مكررة لبعض أفراد العائلة، خاصة إن كانوا مراهقين، ممن يغريهم الطعام الجاهز.
تقول رضوى إبراهيم (23 عاماً) لرصيف22: "أحب تناول أطعمة معينة من المطاعم، لا أظن أنني أنا أو والدتي سنتمكن من إخراجها بنفس الطريقة، مثل الكريب وبيتزا بابا جونز والوافل والحلويات الغربية المختلفة، لنتفق في النهاية أن طعام المطاعم قد يفوز رغم كل الاعتراضات عليه".
خامساً... النظافة
الشيف سوما حسين (37 عاماً) تعمل في مجال الحفلات، تقول لرصيف22 إنه لا يمكننا الحكم بشكل مطلق بأن طعام المنزل أكثر نظافة من المطاعم، فقد تكون ربة منزل غير نظيفة، وقد يكون شيف رجل في غاية النظافة، لذا فالأمر نسبي.لكنها في نفس الوقت تعتقد أن تعلم الطهي على يد شخص متخصص يمكن أن يجعل الطباخ أكثر التزاماً بمعايير النظافة.
أما الشيف الهمشري فيرى أن مطابخ المنزل أصغر، لذا يمكن تنظيفها بسهولة وسرعة على عكس مطابخ المطاعم الكبيرة، والتي يصعب تنظيفها.
سادساً... فرق التكلفة
عند مقارنة تكاليف نفس الوجبة بين المنزل والمطعم، نجد أن المطعم ينفق أكثر، بينما لا تفعل الأمهات ذلك، فالدافع الأساسي للطبخ لربات البيوت غالباً اقتصادي، إذ توفر الأمهات قدر الإمكان في كل طبخة لتستطيع الإنفاق على طعام الشهر كله دون حرمان أو مبالغة، وهذا يدفعها إلى توفير أجزاء من المكونات التي يمكن أن تؤثر على شكل وجودة الوجبة نفسها، مثل وضع جبنة موزاريلا كافية على البيتزا من عدم وضعها على الإطلاق.
شيف: "ربات المنازل أقدر على التوفير واختصار تكلفة الطبخ من المطاعم، لأنهن لا يربحن بسببها، وهذا قد يؤثر على الطعم النهائي، كأن لا تضع السيدة جبنة موزاريلا على البيتزا لأن سعرها مرتفع، أو تستبدلها بنوع أرخص"
تقول الشيف سوما إننا حين نقارن أكل المطاعم بأكل ربات البيوت، نجدهن أكثر تدبيراً، حتى من يخترن منهن العمل كطباخات أو شيفات، فلا شيء يهدر، ودائماً ما يمكن استغلال الأكل المتبقي في توفير وجبة جديدة أبسط.
سابعاً... جودة المكونات
يعمل أغلب الشيفات الكبار على أسس مدروسة وقواعد وأصول لا اختلاف عليها، ولكن ذلك ينطبق بالأساس على أكل الفنادق والمطاعم الكبرى، لكن حين نتحدث عن المطاعم التجارية والأكلات سريعة التحضير تظهر الإشكالية.
هل تستطيعون أن تجيبوا بصراحة على سؤال ما الذي يجعل أكل المطاعم أكثر إغراءً من أكل المنزل؟ طريقة التقديم؟ المذاق؟ أم تنوع الخيارات والتجربة الجديدة؟
فبعض المطاعم تعتمد على الربح السريع، وتوفير وتقديم ما يجذب الزبائن بغض النظر عن التفاصيل التجارية مثل نوع الزيت أو عدد مرات استخدامه للقلي، أو مكونات الأطعمة، وصلاحيتها. في هذه الحالة يفوز دائماً طعام المنزل.
ثامناً... تعدد الأطباق
من أهم الأسباب التي تدفع الكثيرين لأكل المطاعم هو تعدد الخيارات، فبميزانية معينة يمكن اختيار عدة أطباق في أكثر من مطعم، عكس طعام المنزل الذي يقتصر في العادة على عدد محدد من الأطباق التي تتقنها ربة المنزل.
تاسعاً... وقت التحضير
كلنا مررنا بهذا الموقف حين لم يسعفنا الوقت للطهو، ورغبنا في توفير الوقت لعمل شيء أهم، لذا فتوفير الوقت أحد العوامل التي تصنع اختلافاً كبيراً بين أكل المطعم والبيت، فالعمل كشيف والتفرغ التام بجانب الممارسة، يجعل الوقت الذي تستغرقه الوجبة للوصول إلى الطاولة أقل بكثير.
عاشراً... معدات الطهو مختلفة
إذا كان المطعم يتبع المعايير العالمية، فبالتأكيد سيكون لديه أدوات معينة تجعل طهو الطعام أسرع وأفضل، على العكس من ربة المنزل التي تطبخ لعدد قليل من الأفراد وبالتالي لا تحتاج إلى كل أدوات الطهو المحترفة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...