شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!

"جامد وتحفة" أم "غير صحي"... جدل كبير حول إعلان محمد صلاح الجديد

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والتنوّع

الأربعاء 20 سبتمبر 202310:44 ص

"في يوم أكلت كشري وفطير حسيت بالذنب، وصُمت شهر بحاله"، كانت هذه تصريحات النجم محمد صلاح قائد المنتخب المصري ولاعب ليفربول في حوار سابق مع الإعلامية إسعاد يونس، ومما قاله صلاح في نفس اللقاء أيضاً: "ما بخليش مكة بنتي تاكل شوكولاتة غير يوم واحد في الأسبوع". 
ما قاله صلاح في لقائه التلفازي قد يتعارض مع ما ظهر به في الإعلان الأخير للمشروبات الغازية والذي وُصف بأنه "مكسّر الدنيا"، و"جامد" و"تحفة" على مواقع التواصل، والذي شاركه فيه زميله السابق في نادي ليفربول "ديان لوفرين"، مدافع المنتخب الكرواتي.
لوفرين المعروف بأنه أحد أصدقاء صلاح المقربين، حتى بعد رحيله عن الأنفيلد، ظهر في الإعلان وهو يتجول في شوارع الإسكندرية، ولا يستطيع مقاومة الطعام المصري الشهي، من ساندويتشات الكبدة الإسكندراني، إلى الحواوشي، إلى الأسماك المشوية، فالكشري، قبل أن يلجأ النجمان إلى المشروب الغازي ليساعدهما على هضم الوجبات الدسمة التي تناولاها. 

هل صوّر صلاح في شوارع الإسكندرية بالفعل؟

الإعلان أيضاً أظهر جمال شوارع الإسكندرية، عروس البحر الأبيض المتوسط، ومعالمها الساحرة، وبالبحث في كواليس تصوير الإعلان، تبيّن أن لوفرين بالفعل كان قد وصل إلى الإسكندرية منذ أسابيع، ولكنه صور الإعلان مع شبيه محمد صلاح، قبل أن يلتقي بصلاح في لندن ليكملا تصوير بقية المشاهد باستخدام الذكاء الاصطناعي. 

الإعلان الذي ظهر فيه صلاح مع لوفرين، أظهر جمال شوارع الاسكندرية، وبساطة المصريين وخفة دمهم، ومتعة أكل الشارع 
ورغم المشاهدات العالية التي حظي بها الإعلان منذ الدقائق الأولى، والإعجاب بمحتواه الكوميدي الطريف، وبترويجه للروح المصرية، إلا أن هناك من انتقد استخدام المؤثرات البصرية على اعتبار أنها أظهرت بعض العيوب في التصوير.
البعض الآخر تطرق إلى توجيه النقد لمحمد صلاح،  فهل من حقه  كنموذج وقدوة للرياضيين والمراهقين أن يروّج لمنتجات يصفها خبراء التغذية والرياضيين بغير الصحية؟ 

الملك الفرعوني لا يسلم من الانتقادات

يقول الكاتب الرياضي صبري سراج منتقداً صلاح في منشور على الفيسبوك: "كيف أقنع ابني بأن يصير مثلك، وهو يشرب المياه الغازية، صلاح يوجه رسالة سلبية لمتابعيه ومنتقديه، خاصة من المراهقين".
بينما يختلف معه الصحافي الرياضي في جريدة الوطن عثمان إبراهيم، الذي أشار في منشور له على الفيسبوك، أن الإعلان فيه دعاية لمصر، سواء بإبراز المعالم السياحية في الإسكندرية، أو تسليط الضوء للسائحين على الأطباق المصرية الشهية اللذيذة. 

محمد صلاح في لقاء سابق مع إسعاد يونس: "في يوم أكلت كشري وفطير حسيت بالذنب، وصُمت شهر بحاله، وما بخليش بنتي مكة تاكل شوكلاتة غير يوم واحد في الأسبوع"

رصيف22 سأل الصحافي الرياضي محمود ماهر عن تعليقه حول الاختلاف الذي أثاره الإعلان، يقول: "ليس من العيب إجراء صلاح لهذا الإعلان، فالإعلان دمه خفيف ويعكس روح المصريين وبساطتهم في تناول الأكلات الشعبية، ولكن ليس على الأطفال اتباع النجم الذين يحبونه في كل تصرفاته".
ويضيف: "الكل شارك في إعلانات مشروبات غازية، لكن اللاعبين من قبل كمحمد أبو تريكة، أو بركات، لم يصلوا إلى مستوى صلاح، ولم يتمتعوا بجسد رياضي مثله، وهذا هو السبب الرئيسي لانتقاد صلاح، رغم أن الإعلان ترفيهي وليس فيه شيء جدي". 

علاقة الشركات العالمية بنجوم الرياضة

ومن قبل محمد صلاح، نرى أن لاعبي كرة القدم حول العالم يقومون دائماً بالمشاركة في الترويج لمنتجات غير صحية، فمن منا لم يرَ بيكهام ورونالدينيو وروبيرتو كارلوس وغيرهم في إعلانات للمشروبات الغازية، كذلك الأمر بالنسبة لميسي وكريستيانو رونالدو اللذان ظهرا في إعلانات للمطاعم السريعة، مثل مطاعم الدجاج المقلي بالزيت أو ساندويشات الهامبرغر مع البطاطس المقلية.

استقطاب الشركات العالمية لنجوم الرياضة العالميين هي استراتيجية إعلانية ظهرت منذ السبعينيات في القرن الماضي، وهي قائمة على علم النفس العكسي، فلأنهم رياضيين ويتبعون نمط حياة صحي ويظهرون بقوة جسدية أكبر من البقية، فترويجهم هم تحديداً لهذه المنتجات يدفع عنها تهمة أنها غير صحية وتتسبب بالسمنة والأمراض. 

خبير تغذية رياضية: "ليتخلص صلاح من آثار هذه الجريمة الغذائية عليه تقليل الكربوهيدرات لأيام، وأن يزيد ساعات الكارديو والساونا للتخلص من الأملاح 

رصيف22 توجه بسؤال لخبير التغذية ومدرب اللياقة البدنية أحمد بيكس، الذي يتابع الآلاف صفحتيه على الفيسبوك وانستغرام، عن كيفية التعافي من تناول وجبات سريعة وطعام غني بالدهون ومياه غازية طوال اليوم، فأجاب: "بالنسبة للشخص الرياضي الذي يتبع نظام غذائي ويتمرن في النادي، يستطيع التعافي من آثار هذه الجريمة على مدار يومين ثلاثة، بتقليل الكاربوهيدرات من وجباته ومن إجمالي السعرات من خلال الكارب، على سبيل المثال إذا كان مجموع السعرات التي يحتاجها 2000 سعر حراري في اليوم، يقلل 200 أو 300 سعر، ولكن بعيداً عن البروتين، كذلك يجب عليه ممارسة ألعاب الكارديو بشكل كبير خلال 3 أيام بعد هذه الجريمة لمدة ساعة زيادة عن جدول تمارينه، وأن يدخل الساونا للتخلص من الأملاح والسوائل الزائدة في جسمه".
ويضيف: "أما بالنسبة للشخص غير الرياضي، فسيقلل من وجباته لمدة 5 أيام، فإذا كان يأكل طبق أرز مثلاً فليأكل نص طبق، وإذا كان يأكل صدر دجاجة يأكل نصف صدر، إلى أن يتخلص من آثار الوجبة الدسمة التي تناولها، كما عليه مضاعفة مجهوده بأن يمشي كثيراً، كأن يذهب لشراء البقالة من محلات أبعد عنه، أو يذهب للصلاة في مسجد أبعد من المعتاد".  

جحا والحمار عند المصريين

من عاش فترة الثمانينيات والتسعينيات وبداية الألفية من محبي الكرة في مصر، يعلم جيداً كم كان الشعب المصري يتمنى أن يرى محترفاً بربع قيمة محمد صلاح. دول صغيرة مثل توغو وترينداد وتوباغو كانت تمتلك لاعبين مثل إديبايور ودوايت يورك، ومصر التي لها باع طويل في كرة القدم الإفريقية والعربية لم يظهر منها لاعب محترف في أندية الصف الأول في أوروبا.
فكيف بوصول لاعب حقق كل الأحلام الكروية للمصريين، بفوزه بالدوري الإنجليزي ودوري أبطال أوروبا، وقاد مصر للتأهل لكأس العالم بعد غياب 28 عاماً. 

استقطاب شركات غذاء عالمية لنجوم الرياضة هي استراتيجية إعلانية  قائمة على علم النفس العكسي، فلأنهم يتبعون نمط حياة صحي، فترويجهم هم تحديداً لهذه المنتجات يدفع عنها تهمة أنها غير صحية، أو تتسبب بالسمنة والأمراض
صلاح قام من قبل بإعلانات توعية ضد المخدرات، وقال علناً إنه لا يشرب الكحول، وزوجته تظهر برداء مقارب لما ترتديه كثير من النساء المسلمات في مصر، وابنته اسمها "مكة"، ورغم أن كل هذه الأشياء شخصية وتخصه، إلا أنها تأتي على أهواء كتالوج غالبية المصريين. 

لكن في النهاية، هو شخصية عامة مؤثرة جداً وتحديداً على المراهقين، لذا فكما يحصل صلاح على هذا الحب الكبير، عليه أن يقبل الانتقاد أيضاً، عملاً بالمثل القائل "العتب على قد المحبة".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

نرفض أن نكون نسخاً مكررةً ومتشابهة. مجتمعاتنا فسيفسائية وتحتضن جماعات كثيرةً متنوّعةً إثنياً ولغوياً ودينياً، ناهيك عن التنوّعات الكثيرة داخل كل واحدة من هذه الجماعات، ولذلك لا سبيل إلى الاستقرار من دون الانطلاق من احترام كل الثقافات والخصوصيات وتقبّل الآخر كما هو! لا تكونوا مجرد زوّار عاديين، وانزلوا عن الرصيف معنا، بل قودوا مسيرتنا/ رحلتنا في إحداث الفرق. اكتبوا قصصكم، فكل تجربة جديرة بأن تُروى. أخبرونا بالذي يفوتنا. غيّروا، ولا تتأقلموا.

Website by WhiteBeard
Popup Image