شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
محمد رمضان... النرجسية حين تستجلب أرباحاً عالية

محمد رمضان... النرجسية حين تستجلب أرباحاً عالية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي نحن وحرية التعبير

الخميس 21 سبتمبر 202311:13 ص

ربما ستكون هذه المرة الأولى الذي يستحق فيها محمد رمضان اللقب الذي اختاره لنفسه: "البطل"، وذلك لأنه بطل مقال اليوم، منذ ذلك اليوم الذي قرّر نجمنا الراحل عمر الشريف، أن يبثّ داخل عقول المشاهدين أن محمد رمضان مشروع نجم عالمي و أنا أرى أن تلك مبالغة، الله وحده يعلم كواليسها، فهو ممثل موهوب، ولكنه بالمقاييس الفنية، منذ السينما الصامتة وحتى عامنا الحالي، لا يرتقي لمستوى "فتى الشاشة الأول".

شاهدته لأول مرة في دور الفتى المعدم الذي نجح في خداع ثلاث شقيقات وقام باستغلالهم جنسياً للسيطرة على ميراثهم. كان جيداً، لن أنكر هذا، ولكنني أظن أن إجادته لهذا الدور نابع من كونه جاء من هناك، من عالم الشخصية، فهذا ما جعل تمثيله الجيد يقترب من درجة الامتياز في هذا الدور، فهو لم يحتج أن يقوم بشيء إضافي في قراءة الشخصية ولا باستكشاف أبعادها إلا لأنها تشبهه حرفياً، ولكن بعدما سمعت الجميع يصفونه بـ "النسخة المصغرة من أحمد زكي"، بدأت أختلف معهم ومعه.

لست من ألتراس أحمد زكي، ولكنني أراه من أفضل خمسة ممثلين مرّوا في تاريخ السينما المصرية. لن أنكر أنني أفضّل مدرسة محمود عبدالعزيز، ولكن هذا لم يجعلني يوماً أشير إلى أنه تخطّى أحمد زكي في فن التقمّص. لماذا أقول ذلك؟ حتى لا يعتقد البعض أنني متحيزة لأحمد زكي، لأنه من حيث المقومات والأدوات، هناك قائمة طويلة من الممثلين يمكن أن نقول عنهم "خلفاء زكي" من الجيل الجديد، ولكن بالتأكيد محمد رمضان ليس واحداً منهم، وهذا ما سأفصّله في السطور التالية.

قدّم أحمد زكي دور الضابط الشرير والعسكري الطيب، البواب والرئيس والوزير، ذلك الرجل نجح في أن يجعل ملامحه تطغى على ملامح شخصية حقيقية جسّدها وهي شخصية أنور السادات، كيف يمكن أن نقول عن ممثل فاقد لأكثر من أداة أساسية من أدوات الممثل العادي إنه خليفة له، فقط لأن هناك بعضاً من تطابق لملامح عامة قد نجدها في مليون شخص آخر؟

قدّم أحمد زكي دور الضابط الشرير والعسكري الطيب، البواب والرئيس والوزير، ذلك الرجل نجح في أن يجعل ملامحه تطغى على ملامح شخصية حقيقية جسّدها وهي شخصية الراحل أنور السادات ولاحقاً عبد الحليم حافظ، كيف يمكن أن نقول عن ممثل فاقد لأكثر من أداة أساسية من أدوات الممثل العادي إنه خليفة له، فقط لأن هناك بعضاً من تطابق لملامح عامة قد نجدها في مليون شخص آخر، وننسى أن الملامح تتأثر كذلك بالشخصية والنشأة ولغة الجسد ونبرة الصوت وما إلى ذلك.

محمد رمضان خليفة لأحمد زكي؟ يمكنني أن أنحني لهذه "الحقيقة" فقط إذا كانت كل إجابات الأسئلة القادمة نعم: هل يستطيع محمد رمضان أن يجسّد دور فتى أرستقراطي؟ هل يستطيع أن يجسّد دور وزير؟ هل يستطيع أن يجسّد دور دبلوماسي؟ هل يستطيع أن يجسّد دور عاشق في فيلم رومانسي خالص؟ بل هل يستطيع أن يجسّد دوراً مركباً، في تناقضات ومشاعر متضاربة؟

محمد رمضان الذي فشل في تجسيد دور فرعي عمره خمس حلقات فقط في مسلسل "الأسطورة"، عندما جسّد شخصية ناصر الدسوقي، طالب الحقوق والمفترض أن يترشّح لمنصب وكيل النيابة، فظهر بمظهر كوميدي أقرب منه للاجتماعي، وهو نفسه الذي يعتبر السقطة الوحيدة في فيلم "الكنز"، ذلك العمل الفني الذي أبدع كل من شارك فيه، وعلى رأسهم محمد سعد، الذي صدمني بدوره وجعلني لوهلة أتشكّك بهويته، ومع ذلك تجد محمد رمضان يؤدي دور "علي الزيبق" بروح رفاعي الدسوقي، متناسياً الزمان والمكان، فقط لأنه محمد رمضان.

إذا كانت إجابات تلك الأسئلة هي بالتأكيد "لا"، فهنا يسقط لقب "نمبر وان"، وحتى لقب "الفنان البطل" عن محمد رمضان، لأنه يفتقد لأداة هي الأهم لدى أي ممثل يرغب في احتلال القمة، وهي أنه مؤهّل لأداء أي دور، وبالتالي يصبح "ماينس وان" أي ناقص واحد، أو ناقص لأداة يجب ألا تغيب عن ممثل يدّعي البطولة أو التفرّد.

إذن من هو نمبر وان أو رقم واحد؟ بالتأكيد لن يكون محمد رمضان، حتى ولو لم يكن لدينا مواهب هم بالفعل رقم واحد بجدارة، مثل كريم عبدالعزيز، أحمد عز، أحمد مكي، محمد فراج، طارق لطفى، والقائمة مفتوحة لأسماء أخرى تمتلك أدواتاً لا يمتلكها رمضان ولا يمكن أن يكتسبها مع مرور الزمن.

لابد وأن أذكر أن العناوين التي يختارها لأفلامه هي أيضاً تعكس نوعاً من النرجسية المفرطة والإحساس بالنقص: "الأسطورة"، "البرنس"، "الديزل"، "العمدة"، "آخر ديك في مصر"، جميعها عناوين وألقاب منحها لنفسه عنوة، لإدراكه التام أنه لن يحصل عليها من الجمهور ولو استمرّ مشواره الفني خمسين عاماً آخرين

حتى الآن أنا لم أدخل في صلب الموضوع، لكنني فقط أردت أن أوضّح بعض الحقائق عن الفنان الذي لقّب نفسه بـ "نمبر وان"،  وذلك قبل أن نبحر في أعماقه النفسية بالعلم والأدلة وحتى الحكم عن طريق الفطرة البشرية، مذكراً إياناً ببعض المشاهير الذي أطلقوا على أنفسهم ألقاباً مشابهة، مثل جوزيه مورينيو، المدرب البرتغالي (سبيشال وان) وكريستيانو رونالدو (الأفضل في التاريخ) هروباً من جحيم الفشل الذي لحق بهم في منافساتهما في عالم كرة القدم، مع (على التوالي) الإسباني بيب غوارديولا والأرجنتيني ليونيل ميسي، الذين أثبتا أنهما أفضل منهما في مجاليهما، كما تقول الأرقام والإحصاءات، إذ لا يكفي أن تطلق على نفسك ألقاباً متفرّدة، يجب عليك أن تستحق هذه الألقاب قبل أن تتفاخر بها.

قرّرت أن أستعين بالمحلل النفسي محمد زكريا، مدير الاتحاد الفرنسي للكوتشنج بفرنسا، لتحليل شخصية محمد رمضان وقراءة ملامحه، مستخدماً "علم الفراسة" والذي مزجه بدراسة علم النفس، لتصبح قراءته ذات أساس علمي سليم.

 كنت بالفعل لدي العديد من التكهنات والاستنتاجات النابعة من درايتي بالنفس البشرية، أبرزها أن محمد رمضان هو العدو الأول لنفسه، فكنت أصفه دوماً بأنه مصاب بـ"متلازمة مايكل جاكسون"، يبحث دوماً عن تغيير شكله الخارجي لأنه يحتقره أصلاً، ويبدأ في المبالغة دوماً حول ما يمتلكه، رغم أن عمره الفني لم يكمل عشر سنوات، ومهما كان أجره مرتفعاً، لن يصل إلى الأسطورة الحقيقية عادل إمام، ومع ذلك ترى رمضان يظهر في سيارات فارهة وبيوت مفعمة بالفخامة وطائرة خاصة وأموال داخل حمام السباحة، فقط ليرى نجاحه في عيون الآخرين، فالشخصية المشابهة، لن ترى في مرايا بيوتها الفخمة وسياراتها غالية الثمن إلا ضآلتها الحقيقية، وكرهها لهذه الصورة التي تعيدها إلى فقرها الأول.

جاء رأي الدكتور محمد زكريا كالتالي: "إذا ما قمنا بالتركيز في صورة محمد رمضان وهو طفل، سنجد أذناً مختلفة تماماً عن الأخرى بشكل ملحوظ، وذلك يعني خلافات نفسية أو جسدية بين الأب والأم، وميل رمضان لأحدهم مقابل الآخر، وذلك يوضّح سبب تعلق رمضان الشديد بأمه وتأثيرها الواضح بحياته. كذلك هناك تأثير آخر مهم بطفولته، وهو شكل الحاجب مع الأنف. رمضان كان ضعيف المناعة ومكبوتاً من سلطة عليا (غالباً الأهل) وذلك جعله يتحوّل بشكل كبير، من شخص حساس وودود صاحب مناعة ضعيفة إلى شخص يهتم بجسده بشكل مبالغ، و أقل ودّاً مع غيره، لا يقبل أي ضغوط من الآخرين، وهذا ما يعرف في علم النفس باسم الدفاع العكسي".

يكمل محمد زكريا تحليلاته قائلاً: "رمضان لا يحب النقد والنصح، لأن ذلك يظهر الشخصية القديمة التي يحاول، بكل ما أوتي من قوّة، إخفاءها، كما أن بين عينيه مسافة ضيقة، وذلك يعني أنه صعب أن يسامح بسهولة، لذلك من ينتقده بشدة أو يفعل معه شيئاً ما سوف يضعه في زاويه معينه بعقله حتى ينتقم لنفسه منه".

سنرى من هذا التحليل الأخير رؤية واضحة للمشكلة التي حدثت بين محمد رمضان و الطيار الراحل أشرف أبو اليسر، والذي تسبّب رمضان، بشكل غير مباشر، في تدهور حالة الأخير حتى انتهت رحلته الدنيوية بين ليلة وضحاها.

عن أهم الصفات النفسية لرمضان، يقول محمد زكريا: "رمضان لديه نرجسية بدرجة عالية، لذلك فهو يرى نفسه دوماً فوق الخطأ والحساب، أو حتى المسائلة، وهذا ما يضعه دوماً في العديد من المواقف كانت ستنتهي بسلام لو تحلّى ببعض الصفات الإنسانية السوية، والتي تحارب النرجسية بداخله".

يتفاخر رمضان بما يملكه، متناسياً أن تلك الأشياء قد تصنع منه شخصاً مشهوراً و ثرياً و" تريند"، لكنها لن تضع اسمه بجانب عمالقة التمثيل والتجسيد، ولن تجعل منه ممثلاً له ثقل، يهابه زملائه وتهابه الكاميرا لعظمة الأداء

في النهاية خرجت باستنتاجات لم تبتعد كثيراً عن ما دار بعقلي، خاصة بعد أزمة رمضان مع على الحجار، ومحاولاته المستميتة للثأر غير المباشر منه، بسبب موقف بسيط يتعرّض له مئات الممثلين المبتدئين، وأكاد أجزم أن منهم من تعرّض لمواقف مشابهة مع رمضان ذاته.

لابد وأن أذكر أن العناوين التي يختارها لأفلامه هي أيضاً تعكس نوعاً من النرجسية المفرطة والإحساس بالنقص، كمحاولات بائسة لترك أثر نفسي لديه أولاً، ثم لدى الجمهور: "الأسطورة"، "البرنس"، "الديزل"، "العمدة"، "آخر ديك في مصر"، جميعها عناوين وألقاب منحها لنفسه عنوة، لإدراكه التام أنه لن يحصل عليها من الجمهور ولو استمرّ مشواره الفني خمسين عاماً آخرين.

الكثير من الشائعات أصبحت تريندات وتمّ الترويج لها، أو على الأقل لم يتمّ نفيها، مثل شائعة انضمامه لـ "المليار الذهبي" وأنه من صناعة الماسونية، وأنه وصل لتلك المكانة لأنهم من دعوه، والحقيقة أننا إن صدقنا وجود تلك الجماعة الماسونية أصلاً، سيكون تصديق دعوة محمد رمضان لها دليلاً أكبر على "غباء" قادتها، لأن المواهب التي تستحق وجودها ضمن قائمة المليار الذهبي، أكبر منه بكثير. وشائعة أن لديه ميولاً جنسية مثلية لا تستحق الذكر حتى، وكان تعامله معها بقانون "الشارع" وبعباراته التي تعكس رعباً من مجرّد التفكير بالأمر، بشعاً ولا يليق بفنان، ثم تريند التطبيع وردوده التي أثبتت أنه يفتقر للذكاء الاجتماعي، و غيرها من التريندات التي صنعها للتفاخر بما يمتلكه، متناسياً أن تلك الأشياء قد تصنع منه شخصاً مشهوراً و ثرياً و" تريند"، لكنها لن تضع اسمه بجانب عمالقة التمثيل والتجسيد، ولن تجعل منه ممثلاً له ثقل، يهابه زملائه وتهابه الكاميرا لعظمة الأداء.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

معيارنا الوحيد: الحقيقة

الاحتكام إلى المنطق الرجعيّ أو "الآمن"، هو جلّ ما تُريده وسائل الإعلام التقليدية. فمصلحتها تكمن في "لململة الفضيحة"، لتحصين قوى الأمر الواقع. هذا يُنافي الهدف الجوهريّ للصحافة والإعلام في تزويد الناس بالحقائق لاتخاذ القرارات والمواقف الصحيحة.

وهنا يأتي دورنا في أن نولّد أفكاراً خلّاقةً ونقديّةً ووجهات نظرٍ متباينةً، تُمهّد لبناء مجتمعٍ تكون فيه الحقيقة المعيار الوحيد.

Website by WhiteBeard
Popup Image