شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
هل أرغب في البقاء في بلد تُربط فيه الكويرية بعبادة الشيطان؟

هل أرغب في البقاء في بلد تُربط فيه الكويرية بعبادة الشيطان؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!
Read in English:

Courage in the face of hatred: Navigating queer existence in an ugly Lebanon

باعتباري شخصاً ينتمي للمجتمع الكويري، أكتب هذا المقال بقلبٍ ثقيل وألمٍ عميق وعقلٍ منهك.

"جنود الرب" الذين يرون أن أفعالهم نبيلة، ورجال دين يعتقدون أنهم يحمون أتباعهم، ومتطرفون يعتقدون أنهم يحمون أطفالهم من الأذى، كل أولئك لم يقوموا فقط بنشر المزيد من رهاب المثلية، بل أيضاً خلقوا خوفاً جديداً داخل مجتمع الميم-عين: الخوف من الدين، الخوف الذي ينبع من إدراك مشترك أن جميع الفصائل الدينية قد اتحدت، ربما للمرة الأولى، تحت راية الكراهية والعنف.

تخيّلوا الرعب الذي شعرنا به كمجتمع عندما قرّر "جنود الرب" إهانة الإله الذي يزعمون أنهم يخدمونه، من خلال نشر العنف والكراهية والإرهاب باسمه. تخيّلوا الرعب والخوف الذي شعر به آباؤنا وأمهاتنا عندما علموا أن أطفالهم مستهدفون ويتعرّضون لهجوم، ببساطة بسبب وجودهم وهويتهم. تخيّلوا الألم الشديد والكراهية الذاتية التي شعر بها أفراد المجتمع، عندما رأوا والديهم يشاركون تعليقات مؤلمة تهين وجود أطفالهم.

تخيّلوا الرعب الذي شعرنا به كمجتمع عندما قرّر "جنود الرب" إهانة الإله الذي يزعمون أنهم يخدمونه، من خلال نشر العنف والكراهية والإرهاب باسمه. تخيّلوا الرعب والخوف الذي شعر به آباؤنا وأمهاتنا عندما علموا أن أطفالهم مستهدفون ويتعرّضون لهجوم، بسبب هويتهم

أنا شخصياً سمعت وقرأت تعليقات مليئة بالكراهية من والدي، الذي يعتقد أن المجتمعات الكويرية هي عبارة عن "طوائف شيطانية" نمت وانتشرت من خلال تقنيات لغسل الأدمغة. بعض الأمور الجارحة التي قالها كانت إهانات وتعليقات غاضبة لم أتوقع يوماً بأنها ستخرج من فمه، خاصة أنه عادةً ما يكون رجلاً لطيفاً ومسالماً للغاية، "بس لو كان بيعرف" كيف تأثرت ابنته بكلماته، وكيف سمح لـ "أميرته" بأن تبدأ في احتقاره.

كل هذا يسبّب معركة محتدمة بداخلي. أريد أن أقاتل من أجل حقنا في الوجود. أريد أن أدافع عن أصدقائي الذين وجدوا أنفسهم فجأة محاصرين في حانة، قلقين من التعرّض للاعتداء أو ربما القتل. ومع ذلك، أشعر بأن يدي مقيدتان. أخشى أن تأتي معركتنا بنتائج عكسية، وتؤدي إلى رد فعل عنيف والمزيد من الكراهية والعنف الموجهين نحونا. أخاف من إيذاء والدتي التي لم تكن إلا داعمة لي، والتي حرصت دائماً على حمايتي من كلمات الناس القبيحة، والأهم من ذلك: أخاف على حياتي.

باعتباري شخصاً كان دائماً منفتحاً وفخوراً بهويته الكويرية، لم أكن أبداً من الأشخاص الذين يخافون من الخروج وإظهار هويتي للناس. لم أقلق يوماً بشأن إظهار حبي لشريكتي في الأماكن العامة. ولكن للأسف، بعد الأحداث الأخيرة في بيروت، يجب أن أعترف بأنني الآن خائفة من القيام بذلك.

ذهبت أنا وشريكتي إلى حفل موسيقي مؤخراً، وكلما اقتربت مني، كنت أجفل بشكل لا إرادي. كنت خائفة من أن يرانا شخص ما ويتفاعل بعدائية، ما قد يؤدي إلى تعليقات غير مرغوب فيها، أو شجار، أو ربما شيء أسوأ، وهذا هذا جعلني أشكّ لأول مرة في حياتي فيما إذا كان البقاء في هذا البلد خياراً آمناً بالنسبة لي.

هل أرغب في البقاء في بلد يربط فيه الناس الكويرية بعبادة الشيطان؟ هل أريد البقاء في بلد تعتقد فيه الشخصيات السياسية أن الزواج المبكر والبيدوفيليا هي الطرق الصحيحة لمنع الكويرية؟ في بلد تدعو فيه هؤلاء الشخصيات نفسها إلى موتنا؟

حبي للبنان يفوق الوصف البلاغي، ومن بين جميع أصدقائي وزملائي، كنت دائماً الشخص الذي يتمسّك بفكرة البقاء في هذا البلد وعدم مغادرته أبداً. بالأمس كانت المرة الأولى التي شككت فيها بخياراتي: هل أرغب في البقاء في بلد يربط فيه الناس الكويرية بعبادة الشيطان؟ هل أريد البقاء في بلد تعتقد فيه الشخصيات السياسية أن الزواج المبكر والبيدوفيليا هي الطرق الصحيحة لمنع الكويرية؟ في بلد تدعو فيه هؤلاء الشخصيات نفسها إلى موتنا؟

وكتعريف، فإن كلمة "الإرهاب" تعني استخدام العنف والترهيب غير المشروع، وتحديداً ضد المدنيين. وكلمة "قمع" تعني إخضاع الأشخاص لمعاملة قاسية وغير عادلة، وكلمة "الفصل العنصري" تعني الفصل أو التمييز بين الجماعات أو المجتمعات. تصف هذه المفردات ما تعرضنا له يوم الأربعاء كمجتمع.

كإجابة على سؤالي السابق، هل أرغب في البقاء في هذا البلد الذي أضرّ مجتمعي لفترة طويلة؟ والمثير للدهشة، نعم، أرغب في ذلك. أريد أن أظهر للجميع أنه على الرغم من خوفنا، إلا أننا ما زلنا هنا. كراهيتهم لن تجعلنا نختفي؛ بل على العكس، إنها تجعلنا أقوى.

نحن هنا ونحن في كل مكان، ولهذا السبب فإن الكويرية لن تنتهي أبداً.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel


* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard
Popup Image