بحسب أرقام منظمة الصحة العالمية، فقد تضاعفت أرقام الولادات القيصرية من مجمل الولادات في العالم إلى 21% بعد أن كانت لا تتجاوز 7% في العام 1990، أي أن خمس الأطفال اليوم هم من مواليد هذه العمليات، وتعزي المنظمة ارتفاع الأرقام إلى تشجيع الأطباء للأمهات على اللجوء إليها لأنها تستغرق وقتاً أقل وتدر ربحاً أكبر.
وعلى الرغم من تحذير منظمة الصحة العالمية من الأمر، إلا أن النساء يعتقدن أن هذا الأمر هو خيارهن الكامل، وكثيرات منهن يتحاشين اللجوء إلى الولادة الطبيعية تحاشياً للألم الشديد، أو المضاعفات، أو الامتهان الذي تتعرض له النساء في بعض الأماكن خلال الولادة.
لكن القيصرية لها مضاعفاتها أيضاً، وقد يظهر جزء منها بعد وقت طويل من العملية، إذ تشكو بعض الأمهات ممن أنجبن عن طريق الولادة القيصرية من البطن المتدلي الذي تخلّفه العملية أثراً شبه دائم، حتى صار لـ"بطن القيصرية" سردية خاصة لدى النساء، لكل امرأة تعاني منه، وقصص أخرى لمن نجون منه.
بعد خمس سنوات أنجبت طفلها الثاني بعملية قيصرية، تقول: "الفرق في شكل البطن كان كبيراً؛ رغم أني لم أكتسب وزناً يذكر أثناء الحمل، لكن بعد العملية صار لدي كرش يتدلى إلى الأسفل وبطن فوق الصرة، وكأن جرح العملية قسّم بطني وغيّر في شكله، حاولت من خلال الرياضة وتنظيم الطعام أن أتخلص منه وقد تحسّن مظهره قليلاً لكن الكرش الصغير ما زال موجوداً، وصار جزءاً من جسمي وبدأت أتقبله".
متى يُنصح بالقيصرية؟
تتطور تقنيات إجراء العملية القيصرية بشكل دائم، بعض الأطباء ينصحون بها تجنباً للمشاكل التي قد تنتج عن الولادة الطبيعية مثل توسّع المهبل وهبوط الرحم وارتخاء المثانة، لكن الحالات التي يتخذ فيها الطبيب القرار لإجراء القيصرية غالباً ما تكون للحمل الخطر أو للنساء في عمر متقدم، أو لمن يعانين من إصابات في العمود الفقري أو الحوض، أو في حالات التوائم أو ضيق الحوض وغيرها.تستطيع الأم الحامل أن تختار الولادة القيصرية إذا أرادت تجنب الولادة الطبيعية، لكن في بعض الحالات يتخذ الطبيب هذا القرار عنها، كأن تكون الأم مصابة بالعمود الفقري، أو في حالات الحمل الخطر أو التوائم
تقول سمية الرابح (58 عاماً) لرصيف22، وتعمل مساعدة إدارية في لبنان للجان العمل الصحي، ومسؤولة المختبرات الطبية "أجريت القيصرية في عمر 42 بعد فترة طويلة من الانقطاع عن الحمل ولم أكن أخطط للإنجاب أصلاً، وأخبرني طبيبي بضرورة إجراء قيصرية بسبب وجود كسر في عمودي الفقري نتيجة حادث سير، وقد صار لدي كرش متوسط الحجم بعد الولادة، ربما لأن طبيعة جسمي نحيفة، فبدأت بالالتزام بالتمارين الرياضية بعد الولادة بثلاثة أشهر للتخلص من الوزن الزائد الذي كسبته، وكانت تماريني بالتنسيق مع طبيبي، وبحسب خبرتي في المجال الطبي ومع النساء لا أعتقد أن القيصرية تسبب كرش لكن طبيعة الغذاء خلال الحمل وبعده هي التي تتسبب بزيادة الوزن وتجمّعه في منطقة البطن".
بطن بعد العملية
أكثر الأحاديث التي تسمعها الحامل هي تجارب النساء في الولادة الطبيعية أو القيصرية وما مررن به من مشاكل وكيف تجاوزها الطبيب، بالتالي ينشأ لديها تصوّر مبدئي عما يمكن أن تواجهه في الحالتين، إنما من يجب أن يحسم طريقة الولادة هو الطبيب/ـة المتابع للحالة.تشكو معظم النساء اللواتي خضعن للقيصرية بعدم زوال البطن نهائياً، بسبب تمزق العضلات وقطعها، مما يحدث ترهلاً
لكن المفاجآت تحدث حتى إذا اجتمعت العناصر التي تيسّر الولادة الطبيعية كنزول الرأس في المهبل مثلاً، تقول شهد دغلس (30 عاماً) وتعمل أخصائية صحة عامة في قطر لرصيف22: "لم يكن متوقعاً أن ألد قيصرياً، وقد صار عندي كرش متدلي عند خط العملية لفترة 8 أشهر بعد الإنجاب، وكان مظهره سيئاً بالنسبة لي رغم أن زوجي كان يدعمني، ويخبرني بضرورة تقبله ويؤكد لي بأن مظهري لم يختلف بعد الإنجاب، وبأن تجربة الولادة صعبة جداً أكثر من صعوبة وجود كرش بعد الولادة، حتى الآن لم يختفي بطني لكن الرضاعة الطبيعية ونظام الحياة الصحي وحركتي في المنزل ساهمت بتخفيف أثره".
هل الحل في الرياضة؟
يختلف حجم وشكل البطن بعد القيصرية بناء على عدة عوامل، منها طبيعة جسم المرأة قبل الحمل، فصاحبات المقاسات الكبيرة يعانين من بروز البطن وتدليها بصورة أكبر، مما يصّعب التخلص منه في رحلة إنقاص الوزن بعد الولادة، وفي المقابل تشعر النساء ممن يتبعن نظاماً رياضياً مستمراً قبل الحمل بأثر أقل بعد القيصرية.تقول مدربة الرياضة فدوى جبران لرصيف22: "تتسبب القيصرية بظهور كرش بسبب تمزق العضلات وقطعها، مما يحدث ترهلاً، ولا يمكن التخلص من هذا الترهل إلا من خلال ممارسة تمارين رياضية لإعادة بناء وشد عضلات البطن بالتالي التخلص من الكرش السُفلي، أنصح بصورة عامة القيام بتمرين البلانك بصورة دورية لفاعليته في شد العضلات المرتخية، وممارسة التمارين الأخرى للجسم مع التركيز على شد البطن".
تنصح مدربة الرياضة النساء بتمارين البلانك تحديداً بعد العملية القيصرية، إلا أن نوع الرياضة وقوتها وتوقيتها يتحدد بعد التئام الجرح داخلياً وخارجياًلكن في بعض الأحيان نجد تناقضات بين الآراء الطبية والتجربة العملية للنساء، تقول ولاء صلاحات (31 عاماً) وتعمل مديرة لاحدى الشركات في الأردن: "من المؤكد أن القيصرية تسبب كرشاً، وهذا ما حدث معي، رغم أنني أتمرن بصورة دائمة ولسنين طويلة قبل الحمل، لذا لجأت لطبيبي وأخبرني بأن أبدأ التمارين الرياضية بعد شهر من الولادة، واليوم بعد 3 سنوات من الإنجاب ومن نمط الحياة الصحي ما زال لدي أثر لبطن العملية القيصرية، وأعتقد أن من المستحيل أن يختفي".
وتضيف في حديثها لرصيف22: "وصلت لمرحلة علي فيها أن أتقبل شكل جسمي لأن أمر التخلص من البطن سبب لي هوساً في كثير من الأحيان، خاصة أنني أتأثر بمظهري الخارجي كثيراً، فصرت أتحايل من خلال اللباس فأرتدي ملابس فضفاضة وأضيف حذاء بكعب عال وألجأ لارتداء المشد وأختنق بسببه".
أم الحل في الجراحة؟
لا يعد بطن الولادة القيصرية أمراً حتمياً، فاليوم لدينا العديد من الاقتراحات الطبية الجراحية للتخلص منه، لكنها مخصصة للنساء الغنيات وللفنانات ولعارضات الأزياء وللممثلات، أما للنساء العاديات فهناك خلطات سحرية ونصائح "مجرّبة" وتجارب ناجحة لمن مررن بتجربة التخلص من ذلك البطن العنيد.تقول آيات سلامين (33 عاماً) وتعمل معلمة في مدرسة خاصة لرصيف22: "بدأت بالبحث عن طرق للتخلص من بطني وأخبرتني طبيبتي بأن علي الانتظار 6 أشهر قبل البدء بأي نشاط رياضي، أعتقد أنني جرّبت جميع الطرق للتخلص من كرش الولادة القيصرية، مارست الرياضة واتبعت أنظمة غذائية مختلفة ولم أتخلص منه، ولجأت للوصفات الشعبية التي جربنها صديقاتي، كأن ألف بطني بالنايلون المخصص للطعام، وأشرب أعشاب معينة، لكن استفادتي من كل الطرق لم تتجاوز الـ30 بالمئة، ومؤخرا صرت أتقبل هذه النتيجة الطبيعية للولادة خاصة أن طبيبتي النسائية تجزم أن حل المشكلة بصورة نهائية لا يكون إلا من خلال الجراحة التجميلية لقص وشد البطن المترهّل لكنني لن أقوم بهذا الخيار إلا عندما أتأكد بأنني لن أنجب من جديد".
رأي الطب
أما رئيس قسم النسائية والتوليد في مشفى رام الله الدكتور أحمد عبد الحليم فيقول لرصيف22: "أثناء فترة الحمل تكون عضلات البطن الأمامية مشدودة للغاية، لكن أثناء العملية القيصرية نقوم بقطع لطبقات البطن من الجلد للحجاب الذي يمسك العضلات وصولاً للرحم، مما يتسبب بترهل في العضلات الأمامية التي تتسبب بتدلي البطن إلى أسفل، وهناك عوامل أخرى تزيد من حجم البطن وترهلاته مثل زيادة الوزن بنسبة كبيرة أثناء الحمل، وقلة الحركة بعد العملية وارتفاع نسبة السوائل في الرحم أثناء الحمل، وأخيراً تكرار القيصريات".ينصح طبيب النسائية بلبس مشد خاص بالبطن في فترة النفاس، واتباع نظام غذاء صحي، وعدم ممارسة الرياضة إلا بعد الاستشارة لتقييم وضع الجرحوفي تعليقه عن إمكانية التخلص من كرش الولادة القيصرية يضيف الدكتور أحمد:"هناك بعض النصائح التي تساهم في شد عضلات البطن والتخلص من كرش الولادة أهمها ممارسة الرياضة بعد استشارة الطبيب لتقييم وضع الجرح وصحة المرأة بالإضافة للبس مشد خاص بالبطن في فترة النفاس، واتباع نظام غذاء صحي".
إن حقيقة وجود بطن بعد العملية القيصرية لا تنفي إمكانية التخلّص منه، لكن تجارب غالبية النساء تجزم بأن الرحلة صعبة للغاية، خاصة أن أجسامنا مطالبة بعدة مهام صعبة في نفس الفترة، فبعد القيصرية على الأمهات أن تحاول إرضاع طفلها طبيعياً وإن نجحت المسألة عليها الاهتمام بنظام غذائي غني والابتعاد عن أنظمة الريجيم، وفي الأثناء تعاني الأم الجديدة من قلة ساعات النوم بالتالي اختلال هرمونات الجسم ومعدلات الحرق، وفوق كل هذا هناك اختلاف في طبيعة الأجسام وتعاملها مع كل فترة الحمل والولادة وتوابعهن. وها قد وجدنا ضالتنا وأجبنا عن سؤال النساء المتكرر، نعم هناك كرش بعد القيصرية وهناك إمكانية للتخلص منه.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ 3 ساعات??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 23 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون