الحمل الخفي... كابوس تستيقظ عليه بعض السيدات قرب الولادة

تحدثت إحدى السيّدات عن اكتشافها المفاجئ لحملها في الشهر التاسع، دون أن تشعر بذلك الحمل أو تنقطع دورتها الشهرية، بل شعرت فقط ببعض الألم، فذهبت للطبيب الباطني الذي شكّ في مرض ما وطلب الأشعة، لتجد جنينها المكتمل لا يتبقى له سوى أقل من أربعة أسابيع حتى يبصر النور.

هذه ليست قصة خيال علمي، إنما هي ما يُعرف في المجال الطبي بالحمل الخفي أو Cryptic Pregnancy.

حمل لا يُرى ولا يُحس

الحمل الخفي، كما يتضح من اسمه، لا تعرف فيه المرأة أنها حامل، في بعض الحالات لا تدرك ذلك حتى بداية المخاض نفسه.

بشكل عام، تدرك المرأة بحملها ما بين الأسبوعين الرابع والثاني عشر، وذلك على الأغلب بسبب ظهور أعراض الحمل أو انقطاع الدورة الشهرية، ويؤكد اختبار الحمل النتيجة الإيجابية، لكن مع الحمل الخفي لا شيء يدفع المرأة للاعتقاد بأنها حامل، فلا تظهر أعراض الحمل، أو يتم التعامل في بعض الأحيان مع الحالة وكأنها مرض عابر.

تحدثت إحدى السيّدات عن اكتشافها المفاجئ لحملها في الشهر التاسع، دون أن تشعر بذلك الحمل أو تنقطع دورتها الشهرية، بل شعرت فقط ببعض الألم، فذهبت للطبيب الباطني لتجد جنينها المكتمل لا يتبقى له سوى أقل من أربعة أسابيع حتى يبصر النور

في هذا السياق، قالت طبيبة النساء والتوليد، ياسمين أبو العزم: "في بعض أحوال الحمل الخفي، لا تعرف المرأة أنها حامل سوى مع آلام المخاض، وهذه الحالة تحدث على الأغلب للسيدات اللواتي يعانين من تكيسات المبايض، أو عدم انتظام الدورة الشهرية، أو السيدات في الأربعينيات اللواتي لا يتوقعن حدوث الحمل".

وتابعت ياسمين بالقول: "المشكلة الحقيقية أنه في حالة الاستمرار في تناول حبوب منع الحمل حتى بعد حدوث الحمل الخفي، من المحتمل نزول الدورة الشهرية بانتظام، لأنها تتعلق بدورة الهرمونات في الجسم التي يقودها الدواء وليس الحمل في هذه الحالة، ولذلك لا يتم اكتشاف الحمل الخفي إلا في حالة تأخر الدورة أو بداية الشعور بأعراض غريبة".

وعليه، نصحت السيدات بعدم إيقاف وسيلة منع الحمل بعد سن الخامسة والأربعين، لعدم وجود أمل في حدوث حمل، أو لوجود تكيس بالفعل في المبايض، مشدّدة على ألا تتردّد المرأة التي تشعر بأي أعراض جسدية غير معتادة في زيارة الطبيب/ة، لأنه قد يكون هناك حمل خفي.

من الأسباب الأخرى التي تؤدي لعدم المعرفة بحدوث حمل خفي هو في حال أنجبت المرأة مؤخراً، وذلك لأن الدورة الشهرية قد تستغرق عدة أشهر للانتظام، ما يعطي الأم الانطباع بأنها آمنة من الحمل، ولكن في الحقيقة من الصعب التنبؤ بموعد الإباضة لأول مرة مع الرضاعة الطبيعية، وبالتالي تعاود الخصوبة المرأة وهي لا تعلم، وتظن أن غياب الدورة الشهرية طبيعي بسبب الرضاعة، ويغيب عن ذهنها متابعة الأعراض الجسدية للحمل بسبب الإرهاق الشديد خلال العناية بالرضيع.

حمل خفي غير شائع لكن ليس مستحيل

تشير الدراسات إلى أن 1 من كل 475 حالة حمل تمر دون أن يلاحظها أحد حتى الأسبوع العشرين من الحمل، وتمر حوالي 1 من كل 2500 حالة حمل دون أن يلاحظها أحد حتى الولادة، وتعاني السيدات الحوامل بحمل خفي من نفس أعراض الحمل الطبيعي.

واللافت أن الأغلب السيدات اللواتي يختبرن الحمل الخفي يعانين في الأساس اضطرابات في الدورة الشهرية، مثل غيابها لفترات طويلة أو عدم انتظامها وتأخرها، وبالتالي لا يثير هذا الغياب شكوكهنّ.

كذلك تصاب بعض السيدات خلال الحمل الخفي ببقع دموية خفيفة في بداية الحمل، الأمر الذي قد تظنه المرأة مؤشراً على قرب موعد الدورة الشهرية.

في بعض الأحيان لا تظهر نتيجة اختبار الحمل المنزلي صحيحة بسبب الاستخدام الخاطئ، لذلك ينصح الأطباء دوماً باختبار الدم لتأكيد الحمل من عدمه.

بطبيعة الحال، يحدث زيادة وزن خلال الحمل الخفي، لكن الكثير من السيدات لا يلاحظن هذه الزيادة، بسبب نمط الحياة السريع ولعدم وضع احتمالية الحمل في الذهن من الأساس.

وفي الحقيقة، لا تشعر الأمهات بحركة الجنين، بخاصة في حال كانت المشيمة التي تغذي الجنين أمامية، أي في مقدمة البطن، ما يجعل من الصعب الشعور بركلات الجنين.

تحدثت جهاد مصطفى (28 عاماً)، عن تجربتها مع الحمل الخفي لرصيف22: "لدي طفل عمره أربع سنوات ونصف، وأستخدم حبوب منع الحمل منذ ولادته، ولكن لها أعراض شبيهة بأعراض الحمل، مثل الغثيان البسيط أو الدوخة، وفي شهر مايو الماضي كان لدي التهابات في الجهاز التنفسي واضطررت لتناول الكثير من الأدوية، وبعد التعافي اكتشفت أن أحدها له تأثير بسيط على حبوب منع الحمل، شعرت بالقلق وقمت باختبار حمل وكانت النتيجة سلبية، ثم عادت الدورة الشهرية في موعدها بانتظام، وبعد هذه الحادثة دأبت على نشاطي المعتاد، مثل صعود ونزول الكثير من السلالم".

أكملت جهاد: "مع بداية شهر يوليو الماضي، شعرت بأعراض خفيفة مثل الغثيان، فقمت باختبار الحمل مرة ثانية وجاءت النتيجة سلبية للمرة الثانية، اقتنعت حينها أنه لا يوجد حمل، ولكن مع بداية شهر ديسمبر الماضي، بدأت أشعر بثقل في البطن وظهور نتوء، فذهبت لطبيب باطني أخبرني أنها مجرد زيادة في الوزن، ولكن مع استمرار الانزعاج، قمت بعمل الأشعة التلفزيونية واتضح أن هناك كتلة صلبة في الرحم، وحين توجهت إلى طبيب النساء تبيّن أن لدي ابنة بالأسبوع الخامس والثلاثين، وعليّ الاستعداد للولادة بعد ثلاثة أسابيع".

هذا وأضافت جهاد أنها لم تستعد لاستقبال المولود نفسياً أو مادياً، مشيرة إلى أن الجميع ظن أنها أخفت حملها عنهم لمنع الحسد.

خطر على حياة الأم والجنين

للحمل الخفي أخطار أكبر من مجرد المفاجأة، فإجراء الفحوصات المنتظمة والرعاية المناسبة قبل الولادة كلها أمور تساعد في الحفاظ على صحة النساء وأطفالهنّ. إذا كانت المرأة لا تعرف أنها حامل لن تحصل على الرعاية الصحية التي تحتاجها هي وجنينها، ما قد يعرضهما لخطر العديد من المشاكل الصحية المحتملة.

"في بعض أحوال الحمل الخفي، لا تعرف المرأة أنها حامل سوى مع آلام المخاض، وهذه الحالة تحدث على الأغلب للسيدات اللواتي يعانين من تكيسات المبايض، أو عدم انتظام الدورة الشهرية، أو السيدات في الأربعينيات اللواتي لا يتوقعن حدوث الحمل"

في هذا السياق، قالت طبيبة النساء والتوليد، مروة طايل، لرصيف22: "يحدث هذا النوع من الحمل في حالتين، الجماع مع عدم استخدام وسيلة منع حمل، أو عند حدوث مشكلة في وسيلة تنظيم الحمل، وله أضرار على الجنين، مثل إقدام الأم على استخدام أدوية ممنوعة، ما يحدث تشوهات، أو عدم حصول المرأة الحامل على الفيتامينات والأدوية الضرورية لصحة الجنين، ويصبح الجنين عرضة لأن يكون وزنه أقل من المفروض، ما يؤدي لمشاكل في المناعة والتنفس".

هذا وأضافت مروة أن هناك ضرراً صحياً أيضاً على الأم، خاصة في حالة الولادة القيصرية القريبة من الولادة السابقة، ما قد يؤدي لانفجار الرحم، أو ارتفاع ضغط الدم أو تسمم الحمل، ناهيك عن التأثيرات النفسية والاجتماعية.