شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
تعزيزات أمريكا في المنطقة... على خط السعودية إسرائيل أو السعودية إيران؟

تعزيزات أمريكا في المنطقة... على خط السعودية إسرائيل أو السعودية إيران؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن والتاريخ

الخميس 24 أغسطس 202304:07 م

على متن خطوط البيان "الصيني السعودي الإيراني"، وصل كل من وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، إلى العاصمة السعودية الرياض، يوم الخميس الفائت، وقبله وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، إلى العاصمة الإيرانية طهران في حزيران/ يونيو الفائت، في تبادل زيارات بين كبيري دبلوماسية البلدين بعد استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما.

بين الزيارتين، انتثرت آمال وتلبّدت غيوم حيّرت المتابع لشؤون المنطقة ودولها، من أزمة البيان الصحافي المشترك لوزيري خارجية البلدين في طهران إلى حقل الدرة الغازي المشترك، وبينهما تأخر الإعلان السعودي عن افتتاح سفارتها في طهران، برغم الإعلان الإيراني عن افتتاح السفارة السعودية لديها.

لم تقتصر تعقيدات المشهد بين الجانبين السعودي والإيراني، بل تعدّتها إلى الأمريكي والإيراني، اللذين زادا المشهد ضبابيةً، نتيجة تعزيزاتهما العسكرية ودخول أسلحة حديثة إلى ساحة التنافس بينهما في المنطقة، بالتزامن مع اتفاق غير رسمي وغير معلن بينهما، يقضي بتحرير أموال ورهائن، ضمن جهود خفض التصعيد.

بحسب معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، تجري عمليتان متوازيتان ومتناقضتان بين إيران والولايات المتحدة؛ اتفاق لتبادل الأسرى مقابل تسوية بنحو 10 مليارات دولار، تخصص للاستخدامات الإنسانية الإيرانية، وفي الوقت نفسه زادت الولايات المتحدة قواتها بشكل كبير في مضيق هرمز وحوله، بما في ذلك حاملات قنابل خارقة للتحصينات. فيما أعلنت إيران من جانبها عن قدرات صاروخية جديدة، إلى جانب إطلاقها تهديدات مبطنةً ضد دول الخليج، ومناورات عسكرية بالقرب من جزيرة أبو موسى، إحدى الجزر الثلاثة المتنازع عليها مع دولة الإمارات.

"حرس الثورة": الجمهورية الإسلامية بلغت من القوة ما يجعلها قادرةً على التصدي والرد بالمثل على أي خطوة شريرة

في تعليقه على التعزيزات العسكرية الأمريكية الأخيرة، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، إن "التواجد العسكري للحكومة الأمريكية في المنطقة لم يخلق الأمن أبداً"، مضيفاً: "مصالحهم في هذه المنطقة تجبرهم دائماً على تأجيج عدم الاستقرار وانعدام الأمن".

من جانبه، اعتبر أمير اشتياني وزير الدفاع الإيراني، أن "الجمهورية الإسلامية في مرحلة سلطة لا يمكن لأحد أن يهددها على الإطلاق. لقد تجاوزنا هذه المرحلة ولدينا دور إقليمي ودولي نسعى إليه".

كذلك، أطلق المتحدث باسم حرس الثورة الإسلامية العميد رمضان شريف، تهديده قائلاً: "إن الجمهورية الإسلامية الايرانية بلغت من القوة ما يجعلها قادرةً على التصدي والرد بالمثل على أي خطوة شريرة من قبل الأمريكيين، وعلى سبيل المثال احتجاز السفن".

في المقابل، نفى القائد الأعلى لقوات التحالف في العراق وسوريا، ماثيو ماكفرلين، أن تكون قواته تستعد لقطع الطريق من القائم إلى البوكمال، والذي أشيع مؤخراً في بعض وسائل الإعلام، مما يضع العديد من إشارات التعجب والاستفهام حول فحوى التعزيزات العسكرية التي تشهدها المنطقة، من شمال شرق سوريا إلى مياه البحر الأحمر.

تحوّل ديناميات العلاقة

ترتبط التحركات العسكرية الأمريكية ببعض التطورات التي شهدتها المنطقة والعالم، حسب مركز أبعاد للدراسات والبحوث، خصوصاً التقارب السعودي الإيراني والحرب الأوكرانية والتحولات في ديناميات علاقة دول المنطقة بالقوى العظمى، ومنها تغيّر بعض ثوابت سياسات دول المنطقة مع الولايات المتحدة خصوصاً والغرب عموماً، تغيّراً يؤدي إلى تبنيها سياسة الانحياز المتعدد التي تقوم على بناء صلات مع مختلف القوى العالمية، وعلى رأسها الصين وروسيا، وعدم الاكتفاء بالتحالف مع الولايات المتحدة، وهو ما لا ترغبه واشنطن، كونه سيؤدي إلى مزاحمة النفوذ والتأثير الأمريكيين في المنطقة ويدفع بهما للتراجع. ولعل التقارب السعودي الإيراني برعاية الصين أحد وجوه هذه السياسة غير المرغوبة من قبل واشنطن، كونه سيؤدي إلى تنامي نفوذ الصين وتوسع أدوارها في المنطقة.

في المحصلة، كشفت هذه التطورات عن ضعف النهج الأمريكي القائم تجاه المنطقة، واضعةً إدارة بايدن في موقف حرج وأمام ضغوط داخليه تطالب بمراجعة سياسات إدارته القائمة، مما يدعو إلى تبني نهج أمريكي جديد في التعامل مع أحداث المنطقة.

إلا أن إرسال قوات أمريكية إضافية إلى المنطقة ليس نتيجةً خالصةً لهذه التطورات فقط، وإنما يأتي نتيجة الحاجة إلى أدوات إضافية تعزز فرص نجاح الجهود والتحركات السياسية الناعمة في مختلف الملفات، مما يربط هذه التحركات العسكرية الأمريكية بمبدأ الردع الذي أعلنته إدارة بايدن كأحد مبادئ سياستها تجاه المنطقة، لتحقيق عدد من الأهداف التي يسعى إليها، ومنها: تعزيز المكانة والأدوار، تصحيح العلاقة بالحلفاء، ردع الأنشطة الإيرانية، احتواء نفوذ القوى المنافسة.

يرى الباحث في الشأن الإيراني وتداخلاته مع الدول العربية، سيد علي نجات، أن طهران تراقب التعزيزات الأمريكية بدقة، ضمن منظورها للتحركات العسكرية الأخيرة على الحدود بين العراق وسوريا بهدف إضعاف "محور المقاومة" وحلفاء إيران، ومن أجل إطالة أمد الأزمة السورية من خلال دعم فصائل المعارضة.

كانت التطورات الدولية، كالحرب في أوكرانيا والتنافس بين الولايات المتحدة والصين وروسيا، تشكل عائقاً أمام واشنطن لبدء صراع عسكري مع إيران، فهل هناك ما تغيّر اليوم؟

ويضيف نجات في حديثه إلى رصيف22، أن "واشنطن لا تريد تصعيد التوتر مع طهران لأسباب محلية وإقليمية ودولية، وتسعى إلى إدارة التوتر. فعشية الانتخابات الرئاسية، يبحث جو بايدن عن إنجاز وانتصار في مجال السياسة الخارجية في الشرق الأوسط، لذا فإن الصراع العسكري حالياً ليس في صالح الإدارة الديمقراطية، ولهذا السبب توصلت واشنطن مؤخراً إلى اتفاق مع طهران بشأن صفقة تبادل السجناء".

أما على المستوى الإقليمي، يتابع قائلاً إن "خفض التوتر وإرساء الاستقرار واستتباب الأمن تتماشى مع مصالح الولايات المتحدة. بالإضافة إلى ذلك، فإن التطورات الدولية، بما في ذلك الحرب في أوكرانيا والتنافس بين الولايات المتحدة والصين وروسيا، تشكل عائقاً أمام واشنطن لبدء صراع عسكري مع إيران في المنطقة".

وبرأيه، شهدت العلاقات الإيرانية الأمريكية العديد من التقلبات في العقود الأربعة الماضية. وعلى الرغم من أن الخلافات بينهما قد اشتدت في بعض الأوقات (بما في ذلك بعد قتل قاسم سليماني، قائد فيلق القدس)، إلا أن إستراتيجية البلدين في زمن الأزمات كانت في نهاية المطاف تتمثل في إدارة التوتر وتجنب الحرب. ومن ناحية أخرى، يشير تنفيذ اتفاق تبادل السجناء بين إيران والولايات المتحدة، إلى عملية خفض التصعيد بينهما، لكن هذه الإجراءات لا يمكن أن تؤدي إلى تحسين العلاقات بين البلدين.

ويختم حديثه بالقول إن "هذه التعزيزات العسكرية للقوات الأمريكية هي نوع من استعراض الهيبة والقوة. في الواقع، تريد واشنطن من خلال هذه المناورات أن تقول لحلفائها الإقليميين في المنطقة، لا سيما الرياض وأبو ظبي، اللتين تواصلتا مؤخراً مع منافسَي أمريكا، الصين وروسيا، إنها لا تزال تتمتع بحضور قوي في المنطقة. وفي الوقت نفسه، إرسال رسالة إلى روسيا والصين وإيران وحلفاء إيران الإقليميين مفادها أن أمريكا لا تنوي مغادرة المنطقة وتسليمها إلى منافسيها".

وحسب معهد دراسات الأمن القومي، من ضمن التعزيزات الأمريكية؛ سفينة هجومية برمائية USS Bataan وسفينة إنزال USS Carter Hall، تحمل الآلاف من مشاة البحرية، مع طائراتF-16 F-35 ، مع دراسة إمكانية وضع جنود مسلحين على ناقلات مدنية وسفن تجارية تبحر في مياه الخليج لمنع القوات الإيرانية من السيطرة عليها. هذا بالإضافة إلى المدمرة يو إس إس توماس هاندر.

ووفقاً للمسؤولين العسكريين الأمريكيين، من المخطط أن يكون لهذه القوات الإضافية تواجد دائم في المنطقة. وسبق ذلك وصول تعزيزات عسكرية إلى القواعد الأمريكية في شرق سوريا، مع إجراء مناورات عسكرية شاركت فيها قوات سوريا الديمقراطية "قسد" وجيش سوريا الحرة. ومن المخطط أن تجري القوات الأمريكية في الأيام القليلة القادمة تدريبات عسكريةً وعمليات ميدانيةً أخرى مع شركاء في المنطقة.

كاتب سياسي كويتي فضّل عدم الكشف عن هويته، يرى في هذه التحركات "عودة الحياة اضطرارياً وتلقائياً لعقيدة كارتر(استخدام القوة العسكرية للدفاع عن مصالحها في الخليج) التي حاول بايدن أن يدفنها بنفسه قبل الحرب الأوكرانية، ومن هذا المنطلق يعيد الأمريكيين تشكيل مقاربتهم الأمنية تجاه الملفات الدولية الأكثر إلحاحاً (صعود الصين أمنياً/ الحرب الاوكرانية/ خروج سياسات الطاقة الخليجية عن اعتبارات أمريكا الأمنية/ ووقوف ايران على عتبة السلاح النووي)، حيث تشابكت كل هذه الملفات بشكل معقد يغذي بعضها بعضاً إيجاباً وسلباً، ما أدى إلى تسارع وتيرة إعادة نشر القوات الأمريكية -نوعاً وكماً- في الشرق الأوسط ابتداءً من الأردن وانتهاءً في هرمز".

تطور العلاقات الخليجية الإيرانية سيؤدي إلى تحجيم النفوذ الأمني الأمريكي في مناطق منابع وملاحة الطاقة الخليجية

ويوضح الكاتب الكويتي ذلك في حديثه إلى رصيف22، بـ"اقتراب الهجوم الأوكراني المضاد من الفشل، مع مخاوف غربية كبيرة من توجّه الروس لإطلاق هجوم شامل وموسع على أوكرانيا بعد التأكد من تدمير معظم قدرات أوكرانيا العسكرية في أثناء هجومهم المضاد -غير الناجح- ومع اقتراب دخول فصل الشتاء وارتفاع الطلب الغربي على الطاقة وفقدان المخزون النفطي الإستراتيجي الفدرالي الأمريكي لما يقارب ثلثي كميته خلال سنتين ونصف تقريباً، ومع تغلغل النفوذ الأمني الصيني في منطقة مجلس التعاون على حساب النفوذ الأمني الأمريكي مما يقلّل بشكل واضح من تأثير الاعتبارات الأمنية الأمريكية على عملية صنع القرار الإستراتيجي والنفطي الخليجي".

وفي ظل ما سبق ذكره، والتنامي السريع لنفوذ الصين الأمني في دول مجلس التعاون الخليجي، وتطور العلاقات السعودية الإيرانية خاصةً، والخليجية الإيرانية عامةً، ما يؤدي إلى تحجيم النفوذ الأمني الأمريكي في مناطق منابع وملاحة الطاقة الخليجية، لن يجد الوعي الإستراتيجي الأمريكي أي طريقة يضمن بها استمرار تحكمه بعناصر التّفوق الأمني والجيو-سياسي في النظام العالمي إلا عبر إعلان حرب جوية وبحرية يترتب عليها تدمير كامل قدرات إيران النووية والجوية، بحسب الكاتب الكويتي.

ويضيف: "عندها فقط سيخرج نفوذ الصين من منطقة الخليج العربي تلقائياً، وستضطر دول مجلس التعاون ولأسباب أمنية إلى أن تُكيّف سياساتها النفطية مع اعتبارات ومتطلبات السياسة الأمريكية، بمعنى دخول دول المجلس على الأرجح في حرب نفطية مباشرة مع الروس تلغي اتفاق "أوبك+"، وتعيد سعر برميل النفط إلى 20 دولاراً. عندها ستعجز روسيا تماماً عن تمويل آليتها العسكرية في أوكرانيا، وتالياً، سيكون من المستحيل توسيع نطاق عملياتها العسكرية فيها، لأسباب اقتصادية بحتة وليس لأسباب فنية أو عسكرية".

مجمع الفرقاء

تشهد مناطق شرق سوريا تحركات أمريكيةً نشطةً بالتوازي مع تحركات روسية-إيرانية قد تتجاوز قواعد الاشتباك المعمول بها في المنطقة سابقاً، مما يُنذِر بتصعيد وشيك في منطقة تُصنَّف بأنها خطرة نتيجة تداخُل مناطق نفوذ اللاعبين، حسب مركز الإمارات للسياسات. إذ قامت القوات الأمريكية مؤخراً بترتيبات تنمّ عن رغبة في ترسيخ قواتها لفترة طويلة، واستعدادها لمواجهة صراعات مستقبلية محتملة، من خلال تزويد قواعدها في دير الزور والحسكة بقاذفات صواريخ "هيمارس" الدفاعية، وطائرات "إف 22 رابورت" التي تُعدّ أفضل طائرة مقاتلة من الجيل الخامس، في قاعدة موفق السلطي شمال الأردن، بالإضافة إلى إنشاء قاعدة عسكرية جديدة في منطقة السويدية في ريف الرقة الغربي وتجهيز قاعدة أخرى عند مدخل الرقة الجنوبي، مع إجراء مناورات وتدريبات مشتركة لقوات لتحالف الدولي في التنف وشرق الفرات شملت مهام وتدريبات تتخطى مهمة قتال "داعش".

هذا إلى جانب التقرُب من المكون العربي لإحداث تغيير ديمغرافي وهيكلي في بنى الفصائل المسلحة التي يشكل الكرد عنصرها المهيمن، مع قيام القوات الأمريكية بإعادة هيكلة هذه القوات لتوسيع خريطة المهام التي تقوم بها في شرق سورية، والتي من المتوقع أن تشمل السيطرة على الحدود السورية-العراقية، ومحاربة الميليشيات الإيرانية التي بدأت تهدد الوجود الأمريكي بشكل جدي في المنطقة.

يتمحور السبب الأساسي لتعزيز القوات الأمريكية والإيرانية في المقابل، حول تخوف كل طرف من نوايا الطرف الآخر بالهجوم على مناطق سيطرته في شرق سوريا وغرب العراق، حسب مدير موقع شرق نيوز وابن مدينة دير الزور السورية، فراس علاوي. ويقول: "تتوقع أمريكا هجوماً إيرانياً على قواتها، أو بالأدق، استفزازاً إيرانياً في المنطقة. لذلك، فإن هذه التعزيزات هي نوع من الاستعداد للحرب، وبعبارة أدق هي استعداد للحماية، خشية تعرض قواعدها العسكرية في المنطقة للاستهداف من قبل وكلاء إيران في المنطقة، وللدفاع عن أنفسهم في حال إقدام الأخيرة أو وكلائها الإقليميين بأي تصرف أهوج. في المقابل، زاد الإيرانيون عدد قواتهم في المنطقة تخوفاً من أي هجوم أمريكي عليها".

تتوقع أمريكا هجوماً إيرانياً على قواتها، أو بالأدق، استفزازاً إيرانياً في المنطقة. لذلك، فإن هذه التعزيزات هي نوع من الاستعداد للحرب، وبعبارة أدق هي استعداد للحماية

ويتابع: "إيران ترى أن مهمتها الأساسية في سوريا هي إخراج القوات الأمريكية، بعد مهمة تثبيت حكم حليفها بشار الأسد، فيما ترى واشنطن أن هناك استهدافاً إيرانياً لها في سوريا يجب منعه، لذلك شاهدنا في الفترة الأخيرة نوعاً من سباق التسلح بين الطرفين مع إعادة تموضع للميليشيات الإيرانية في مناطق سيطرتها، دون أن يعني ذلك التوجه نحو التصعيد إلا في حال بدأ أحد الطرفين بمهاجمة الآخر، أو بالأحرى، تهوّر إحدى الميليشيات الإيرانية باستهداف المواقع الأمريكية في لحظة ما، أو عند انسداد الأفق التام خلال المفاوضات الإيرانية والأمريكية. وهو ما لا يبدو حالياً، إذ لا توجد مؤشرات حقيقية لعمل عسكري".

برأي علاوي أن عملية إغلاق الحدود ليست بالأمر السهل، كونها تحتاج إلى العنصر البشري وقواعد قريبة من الحدود ومراقبة دائمة والتنسيق بين قوات التحالف في ما بينها، ما يعني أسباباً لوجستيةً وسياسيةً معاً. وعليه، لا إمكانية لذلك في الوقت القريب إلا في حال قيام عمليات عسكرية أو صدام مباشر مع إيران.

وكانت صحيفة واشنطن بوست قد أشارت إلى لقاء مسؤولين عسكريين واستخباراتيين روس وإيرانيين وسوريين لإنشاء مركز تنسيق لتوجيه حملة مقاومة شعبية تتولى تنفيذ هجمات ضد الأمريكيين في شرق وشمال شرق سوريا، فطرد القوات الأمريكية من سوريا، حيث تعتقد إيران وروسيا أنهما قادرتان على إدارة التصعيد في حال قيام المليشيات بهجمات قاتلة للقوات الأمريكية، لأن الجيش الأمريكي سيحدّ على الأرجح من ردّه على الضربات ضد أهداف داخل سوريا.

ويشير تزايد سلوك إيران العدواني إلى أن طهران تحظى بدعم روسيا الضمني لتصعيد حملة الضغط، أو أنها تعتقد ذلك. وبحسب فرزين نديمي، المتخصص في الشؤون الإيرانية والزميل البارز في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: "إحدى نتائج علاقات إيران العسكرية الوثيقة بشكل متزايد مع روسيا هي إطلاق يدها في سوريا"، والآن بعد أن حصلت إيران بالفعل على هذا الضوء الأخضر من الروس، فإنهم يريدون تصعيد لعبتهم تدريجياً".

ووفقاً لعلاوي، هناك احتمالية لحدوث صدام محدود بين واشنطن وموسكو في البادية السورية، خاصةً مع تكرار التقارير عن اقتراب الطائرات الأمريكية من الطيران الروسي أو العكس، مستبعداً ارتباط أي احتكاك روسي أمريكي بملفات أخرى تتعدى الملف السوري، لذا نلحظ حذر الطرفين من الذهاب الى أي صدام في المنطقة. ويصف علاوي الوجود الروسي حتى هذه اللحظة بالوجود الداعم لإيران.

التطبيع السعودي الإسرائيلي

تنظر واشنطن إلى المصالحة السعودية الإيرانية بوساطة صينية، والعلاقات العسكرية بين إيران وروسيا، واقتراب إيران من وضع دولة العتبة النووية، على أنها تهديد كبير للولايات المتحدة، حسب مركز إيرام. وبرغم نفي المسؤولين الإيرانيين للتعاون العسكري مع روسيا، إلا أن قرب موعد رفع القيود المفروضة على الصواريخ الباليستية الإيرانية بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة في 18 تشرين الأول/ أكتوبر القادم، يضع واشنطن تحت هواجس إزالة العوائق أمام تزويد إيران لروسيا بالصواريخ الباليستية، مما دعا لإيجاد أرضية دبلوماسية تجمع طهران وواشنطن، فكان اتفاق 10 آب/ أغسطس غير الرسمي، والقاضي بتحرير أموال إيرانية مقابل الإفراج عن خمسة من مزدوجي الجنسية الأمريكية الإيرانية. ووفقاً لبعض التقارير المسرّبة، أقنعت واشنطن طهران بإبطاء أنشطتها النووية و"عدم بيع الصواريخ الباليستية إلى روسيا".

برأي الباحثة في الشؤون الإسرائيلية، سارة شريف، "لا يتعارض مسار التطبيع السعودي الإسرائيلي مع المصالحة السعودية الإيرانية"، وتشير إلى "مسار ثالث تسير وفقه السياسة الأمريكية، ويتمثل في إعادة إحياء الاتفاق النووي مع إيران، والمسارات الثلاث تسير مع بعضها البعض، برغم التعقيد في الربط بينها. فواشنطن تسعى إلى اتفاق نووي جديد مع إيران، لأن وضع وجود اتفاق أفضل من وضع عدم وجود اتفاق معرض لتهديدات. كما تسعى إلى التطبيع السعودي الإسرائيلي، لرؤية واشنطن بأنه إلى جوار اتفاق مع إيران فإن اتفاقاً سعودياً إسرائيلياً بعد الاتفاقات السابقة مع الأخيرة التي أبرمتها بعض الدول العربية، من شأنه أن يقلل التوترات في المنطقة".

الرياض ليست لديها أي مشكلة في السير باتجاه التطبيع مع تل أبيب في ظل تطبيع علاقاتها مع إيران بهدف تحييدها

وتضيف في حديثها لرصيف22، أن "فكرة المصالحة السعودية مع إيران لها بعد أكبر عند السعودية، بعد أن بدأت تفقد الثقة بالجانب الأمريكي، وأن الخروج الأمريكي من المنطقة قد يسبب لها بعض التوترات. وعليه، رأت السعودية والدول الخليجية أن المصالحة مع إيران، أو بالأدق تحييد إيران سيكون الأفضل لهم لإنهاء التوترات، وفكرة إنهاء التوترات في الشرق الأوسط تلتقي عليها كل الأطراف. فواشنطن ترى مصلحتها فيها من خلال العودة مجدداً وبشكل تدريجي ومتحكم في كل الأطراف، وفي الوقت نفسه لمحاربة التغلغل الصيني والروسي في المنطقة".

وبرأيها، لا يتعارض التطبيع السعودي الإسرائيلي مع المصالحة السعودية الإيرانية سعودياً. فالرياض ليست لديها أي مشكلة في السير باتجاه التطبيع مع تل أبيب في ظل تطبيع علاقاتها مع إيران بهدف تحييدها، لحصد المكاسب المتوخاة من عملية التطبيع مع إسرائيل في مجال تطوير برنامجها النووي وسواه من المكاسب، بعد الاتفاقات مع واشنطن.

وفي هذه المرحلة، ترغب واشنطن في لعب الرياض دور الشرطي تجاه طهران، إلا أن المصالحة الإيرانية السعودية، تقف عائقاً أمام ذلك، بالإضافة إلى ما أعطته هذه المصالحة للصين من دور في صنع سياسة المنطقة، مع تعزيزها ليد إيران ضد إسرائيل.

وعليه، فإن الجهود الأمريكية لتطبيع العلاقات السعودية الإسرائيلية تحمل في طياتها بذور تخريب المصالحة الإيرانية السعودية، بالإضافة إلى أنه يصب في خدمة الأمن القومي الأمريكي المتعلق في شق تقوية المحور المناهض لإيران في المنطقة، وفقاً لتصريح وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن.

وجدير بالذكر هنا، ما أورده الكاتب الكويتي، من اعتقاده بأن "معظم، إن لم يكن كل، دول مجلس التعاون الخليجي، ستذهب إلى خيار التطبيع مع إسرائيل وإنشاء تحالف إقليمي أمني يضم دول المجلس وتركيا وإسرائيل ومصر والأردن (ناتو شرق أوسطي)، تحت مظلة أمريكية".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها…

لكن رصيف22، هو صوت الشعوب المضطهدة، وصوت الشجعان والمغامرين. لا نخاف من كشف الحقيقة، مهما كانت قبيحةً، أو قاسيةً، أو غير مريحة. ليست لدينا أي أجندات سياسية أو اقتصادية. نحن هنا لنكون صوتكم الحرّ.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها، ولكنك بضمّك صوتك إلينا، ستكون جزءاً من التغيير الذي ترغب في رؤيته في العالم.

في "ناس رصيف"، لن تستمتع بموقعنا من دون إعلانات فحسب، بل سيكون لصوتك ورأيك الأولوية في فعالياتنا، وفي ورش العمل التي ننظمها، وفي النقاشات مع فريق التحرير، وستتمكن من المساهمة في تشكيل رؤيتنا للتغيير ومهمتنا لتحدّي الوضع الحالي.

شاركنا رحلتنا من خلال انضمامك إلى "ناسنا"، لنواجه الرقابة والترهيب السياسي والديني والمجتمعي، ونخوض في القضايا التي لا يجرؤ أحد على الخوض فيها.

Website by WhiteBeard
Popup Image