شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
الصين والتغلغل في العالم العربي... من الشريك الصامت إلى الحليف القويّ

الصين والتغلغل في العالم العربي... من الشريك الصامت إلى الحليف القويّ

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن والتاريخ

الجمعة 18 أغسطس 202310:09 ص

لطالما سعت الصين في علاقاتها مع دول الشرق الأوسط، إلى أن تُقدّم نفسها كحل وسط بين موسكو وواشنطن، مستغلةً الانقسامات الكثيرة التي تحصل بينهما، وتتكرر دائماً.

اليوم، مع تزايد قوتها الدبلوماسية والاقتصادية، تستعد لكي تحتل مركز الصدارة في المنطقة.

فمع توسع التغلغل الصيني في دول الشرق الأوسط، صار فهم التاريخ المشترك بينهما ضروري أكثر من أي وقت مضى. هذا التاريخ الذي يعود إلى زمن الفراعنة واليمن الحِميرية، والعلاقات التي توثقت أكثر مع توسع الفتوحات الإسلامية وتحوّل المنطقة إلى صلة وصل لطرق التجارة بين الشرق والغرب، والتي لم تنقطع إلا بعد سيطرة البرتغاليين على رأس الرجاء الصالح، وتالياً مداخل البحر الأحمر وبحر العرب.

وشهد القرن العشرون حقبةً جديدةً في العلاقات الصينية العربية، إذ سعت جمهورية الصين الشعبية المنشأة حديثاً إلى الحصول على الشرعية من الدول العربية، مقدّمةً نفسها على أنها جزء من "العالم الثالث". ثم سعت بعد ذلك إلى التوجه بشكل مستقل عن مصالح واشنطن وموسكو. اليوم، مع احتياجات الطاقة الهائلة وسياسة عدم تدخلها في الشؤون العربية الداخلية، تبرز الصين كوسيط موثوق به من قبل الأنظمة الحاكمة في المنطقة.

 أثمرت جهود وزير الخارجية الصيني شو آن لاي، في مؤتمر الدول الإفرو-آسيوية عام 1955، اعترافاً عربياً بالصين الشعبية

السعي إلى الشرعية

اختارت الدول العربية عدم الاعتراف بالصين الشعبية (مفضّلةً الإبقاء على اعترافها بالصين الوطنية-تايوان)، إلى أن أثمرت جهود وزير الخارجية الصيني شو آن لاي، في مؤتمر الدول الإفرو-آسيوية في باندونغ عام 1955، فكانت مصر وسوريا أول من أعلن الاعتراف بالصين الشعبية عام 1956، ومن بعدهما العراق والمغرب والسودان واليمن عام 1958، والجزائر عام 1962.

في المقابل، لاقت الحكومة الجزائرية المؤقتة، كما تأسيس منظمة التحرير الفلسطيني وجيشها، ترحيباً ودعماً واعترافاً صينياً. وفي تعقيبه على الاعتراف الصيني، قال رئيس المنظمة آنذاك، أحمد الشقيري: "إن ما جرى اليوم فريد حقاً في العلاقات الدولية (...)، وهذا البيان نفسه حدث ثوري في القانون الدولي".

وكان الوزير شوان لاي، قد قام بجهود جبارة لإدراج القضية الفلسطينية ضمن جدول أعمال مؤتمر باندونغ، لتجاوز الرفض الضمني من قبل رئيس الوزراء الهندي، جواهر لال نهرو، والصريح من قبل بعض دول جنوب شرق آسيا. يقول شوان لاي: "نحن نؤيد كل القضايا العربية بصفة عامة، والقضية الفلسطينية بصفة خاصة، ذلك أننا نؤيد كفاح الشعوب المستعبَدة".

وعقب قيام العلاقات الدبلوماسية بين الصين الشعبية ومصر في أيار/ مايو 1956، أنشأت الصين أول وأهم مكتب عسكري في منطقة غرب آسيا وشمال إفريقيا. وفي كانون الثاني/ يناير عام 1958، عُقدت معاهدة الصداقة اليمنية الصينية، وعُدّت أول معاهدة صداقة للصين الشعبية مع العالم العربي. كذلك، في أيار/ مايو عام 1958، قامت بعثة عسكرية مصرية بقيادة الفريق محمد إبراهيم، بزيارة إلى الصين التقت خلالها بالرئيس الصيني ماو تسي تونغ.

إلى ذلك، شاركت ثماني دول عربية هي الجزائر، العراق، اليمن (الشمالية والجنوبية)، الصومال، السودان، سوريا، وموريتانيا، عام 1971، في تقديم مشروع قانون لاستعادة جمهورية الصين الشعبية لجميع حقوقها في هيئة الأمم المتحدة والأجهزة التابعة لها.

انطوت بذلك إحدى المرحلتين اللتين تحدث عنهما الباحث والكاتب السياسي، علي العبد الله، وخلالهما "انصبّ الجهد السياسي والدبلوماسي والإعلامي على الحصول على الشرعية الدولية للصين الشعبية، من خلال عضوية ومقعد دائمين في مجلس الأمن الدولي، واعتراف دولي بها، ما قادها إلى السعي إلى توثيق علاقاتها مع الدول المستقلّة حديثاً، بما في ذلك الدول العربية".

الشريك الشيوعي عائق

أرخى التنافس الصيني السوفياتي بظلاله على العلاقات الصينية-العربية، فبحسب حكمات عبد الرحمن، في دراسته "الصين والشرق بين عامي 1955-2000"، أدى رفض جمال عبد الناصر استبعاد السوفيات من مؤتمر باندونغ إلى نتائج مخيبة للآمال، كما أن التقارب السوري السوفياتي عام 1966، أوقع الصين في قطيعة سياسية مع بلدان الشرق الأوسط. وساهمت النظريات والأطروحات السوفياتية، التي لقيت آذاناً صاغيةً في دول المنطقة، في زيادة عزلة الصين ومراكمة التحديات أمامها.

عام 1971، شاركت 8 دول عربية في تقديم مشروع استعادة الصين الشعبية لجميع حقوقها في الأمم المتحدة، فكان ذلك إعلان بدء مرحلة جديدة من العلاقات، فكيف تبلورت لاحقاً؟ 

بحسب العبد الله، "الخلاف الصيني السوفياتي، على خلفية تبنّي الرئيس الروسي، نيكيتا خروتشوف، سياسة الوفاق مع الولايات المتحدة، ولّد نشاطاً سياسياً وإعلامياً كثيفاً وواسعاً في معظم دول العالم، للترويج للسرديات المختلفة، ما قاد إلى بروز تيارات ماوية في الأحزاب الشيوعية في الدول العربية، مثيرةً توترات وتعقيدات للأنظمة 'التقدمية' لحاجتها إلى الدعم السوفياتي من جهة، وخوفها من سياسة الوفاق التي قد تأتي على حسابها من جهة ثانية، خاصةً في قضية الصراع العربي الإسرائيلي. ظهر ذلك جلياً إثر حرب حزيران/ يونيو 1967، وهزيمة هذه الأنظمة والضغط السوفياتي عليها للقبول بوقف إطلاق النار وبقرار مجلس الأمن الدولي 242 والانخراط في مفاوضات سياسية مع إسرائيل".

لاحقاً، استغلت الصين توتر العلاقات السوفياتية المصرية لتحقيق تقارب مع القاهرة، تُوّج بتوقيع اتفاق عسكري معها عام 1977، كما قدّمت الدعم للرئيس المصري الأسبق أنور السادات، في سعيه إلى تطوير علاقات سلام مع إسرائيل. فالصين، على حد وصف الرئيس الصيني الأسبق، دينغ شياو بينغ، "جزء من 'العالم الثالث'، على النقيض من كتلة دول 'العالم الأول' الرأسمالية التي تقودها الولايات المتحدة، وكتلة 'العالم الثاني' الاشتراكية التي يقودها الاتحاد السوفياتي".

بحسب إياد حمود، الباحث المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، "كانت إسرائيل أوّل دولة شرق أوسطية تعترف بالصين الشعبية في كانون الأول/ ديسمبر عام 1950، غير أن تداعيات الحرب الكورية بين عامي 1950-1953، وبداية الانحياز الإسرائيلي إلى السياسة الأمريكية في المنطقة، أسهمت في كبح جماح التقارب الصيني الإسرائيلي، ومع رحيل ماو تسي تونغ وشوان لاي، بدأت الصين تنظر إلى منطقة الشرق الأوسط ضمن مفهوم إستراتيجي جديد يتلاءم مع عدائها للاتحاد السوفياتي".

وحاولت أمريكا تشجيع الصين على هذا "المفهوم الجديد"، وفقاً للمعهد الديمقراطي العربي، ليتبلور الموقف الصيني آنذاك حول استغلال الفرص التي تنتجها لتقليص الدور السوفياتي في الشرق الأوسط، دون أن تسعى إلى سياسة لها تأثيرها في الأوضاع العربية.

استغلال الخلافات الدولية

وفقاً للي ويجيان، أحد محللي معاهد شنغهاي للدراسات الدولية، يشكّل الشرق الأوسط امتداداً إستراتيجياً للمنطقة المتاخمة لحدود الصين الغربية، وتؤثر الاتجاهات الشاملة والاتجاهات القومية الأيديولوجية المسيطرة على الوضع في الشرق الأوسط مباشرةً على "أمن الصين واستقرارها"، بحسب ما أورده أندرو سكوبيل وعلي رضا نادر في دراستهما "الصين والشرق الأوسط... التنين الحذر".

وفي ظل الأهمية المتنامية للشرق الأوسط في المنظور الصيني، وتداخلاته السياسية المعقدة، وافقت الصين على قراري مجلس الأمن 660 و661 اللذين أدانا الهجوم العراقي على الكويت، لكنها امتنعت عن التصويت على القرار 678، الذي يسمح للدول الأعضاء في المنظمة الدولية باللجوء إلى استخدام القوة العسكرية عند الضرورة، بالإضافة إلى رفضها المشاركة في التحالف الدولي، ومطالبتها بانسحاب القوات الأجنبية من المنطقة فور انتهاء الحرب، ما يُشير إلى سياسة صينية حذرة ومعتدلة تحاول إرضاء جميع الأطراف آنذاك.

يشير حمود في حديثه لرصيف22، إلى أن "الحظر الغربي على مبيعات الأسلحة والتكنولوجيا العسكرية على خلفية أحداث تيانانمن عام 1989، أدى إلى تنامي العلاقات الصينية الإسرائيلية، حيث أصبحت إسرائيل ثاني أكبر مورد للأسلحة لبكين بعد روسيا، ومورداً مهماً للتقنيات العسكرية المتطورة. وعليه، تم افتتاح الممثلية الإسرائيلية في بكين عام 1990، وفي عام 1992 أُعلن عن إقامة العلاقات الدبلوماسية رسمياً".

الحظر الغربي على الصين على خلفية أحداث تيانانمن عام 1989، أدى إلى تنامي العلاقات الصينية الإسرائيلية

وقد يعود هذا التحول إلى ابتعاد الصين عن السيطرة الأيدولوجية التي كانت مهيمنةً على السياسة الخارجية الصينية، نتيجةً لسياسة الإصلاح والانفتاح التي أقرّها الرئيس الصيني دينغ شياو بينغ في سبعينيات القرن الماضي، والملخصة بمبدأ "لا يهم لون القطة ما دامت تصطاد الفئران".

يضيف حمود: "وفقاً لهذا المبدأ، لم يعد النظر إلى الوسائل مجدياً ما دامت تصبّ في خانة تحقيق أهداف الصين ومصالحها العليا. وهو ما انعكس على الموقف الصيني تجاه عملية السلام ودعمها لمبدأ الأرض مقابل السلام، في صياغة صينية جديدة ترضي جميع الأطراف".

هذا بالإضافة إلى نهج السياسة الخارجية الصينية، القائمة على الاستفادة من الأزمات الدولية، فبحسب المحلل الصيني البارز في السياسات الخارجية، وانج جي زي، "من النافع لبيئتنا الخارجية أن تكون الولايات المتحدة غارقةً بعمق عسكرياً ودبلوماسياً في الشرق الأوسط، إلى درجة لا تتمكن معها من انتشال نفسها".

العصي الإيرانية

تركت العلاقات الصينية الإيرانية، أثراً سلبياً على العلاقات العربية الصينية. في أحد تصريحاته، قال وزير الخارجية الصيني الأسبق، تشيغ بيغ، "إن للشاه الحق في تدعيم الإمكانات العسكرية الإيرانية لمحاربة الأنشطة الهدامة في البلدان المنتجة للنفط في الخليج". وكان رئيس الحزب الشيوعي الصيني هوا غووفينغ، من الشخصيات الأجنبية التي اجتمعت بالشاه قبل فراره من إيران في أعقاب الثورة الإيرانية عام 1979، مما دفع الخميني، إلى عدّ الصين قوةً معاديةً في البداية، بحسب دراسة لمؤسسة راند بعنوان "الصين في الشرق الأوسط... التنين الحذر".

وكانت الصين قد اعترفت بالجمهورية الإسلامية الإيرانية بعد ثلاثة أيام من تأسيسها، فمن وجهة نظر بكين، لإيران قيمة إستراتيجية، إذ أوجد التحالف بين الولايات المتحدة ومجلس التعاون الخليجي نظاماً أمنياً يتوافق مع مصالح واشنطن. وعليه، فإن إيران المجهّزة بمعدات عسكرية متطورة نوعاً ما، والمعارِضة للوجود الأمريكي، تُكمل هدف الصين في منع وقوع هذه المنطقة المهمة جغرافياً وإستراتيجياً تحت السيطرة الأمريكية، كما تصرف انتباه واشنطن عن منطقة المحيط الهادي، بحسب وثيقة مؤسسة راند.

بحسب الدراسة، فإن "عزلة إيران بعد الثورة والحرب الإيرانية العراقية 1980-1988، دفعت إلى مزيدٍ من التعاون الصيني الإيراني، كون الصين القوة الكبرى الوحيدة المستعدّة لبيع الأسلحة إلى إيران. ولم تزوّد الصين إيران بالأسلحة فحسب، وإنما بالمعرفة والتكنولوجيا لتطوير جيشها وبرنامجها النووي، إذ قدّمت لها بين عامي 1984 و1996 مساعدةً حاسمةً في تطوير برنامجها النووي، وساعدتها على بناء مركز أصفهان للبحوث النووية عام 1984، ودرّبت المهندسين النوويين الإيرانيين، كما ساعدتها على استخراج اليورانيوم. وفي عام 1990، وقّع الجانبان اتفاق تعاون نووي".

العلاقات الوثيقة التي نشأت بين الصين وإيران بعد "الثورة الإسلامية"، أعاقت تطور العلاقات الصينية العربية، إلا أن تحولات كبرى بدأ تظهر اليوم، فما هي وما الذي قد ينتج عنها؟

ونتيجةً لنمو الاقتصاد الصيني بشكل منتظم منذ تسعينيات القرن الماضي، تزايدت حاجة الصين إلى النفط الإيراني. ومع عدّها فرصةً جيدةً للاستثمار الصيني، ازدادت أهمية إيران في الحسابات الصينية. في المقابل، لم تعد الصين تهديداً لنموذج الحكم الإسلامي في إيران، بعد تخلّيها عن دعمها للشيوعية الثورية منذ ثمانينيات القرن الماضي، فيما يتشارك الطرفان في تاريخ سيئ من انتهاك حقوق الإنسان.

مرحلة جديدة

لقد عادت العلاقات الصينية العربية إلى نقطة البداية منذ مؤتمر باندونغ عام 1955. فمن خلال سعيها إلى الحصول على اعتراف من الدول العربية المستقلة حديثاً، رسخت الصين نفسها في كتلة "العالم الثالث" بدلاً من كتلة "العالم الثاني" السوفياتية. وانحسرت علاقاتها مع الدول الفردية، لكن الصين كانت في الغالب تتبع طريقاً وسطياً بين الالتزامات الأمريكية والسوفياتية الحازمة، مستفيدةً من الخلافات والانقسامات عند نشوئها.

كانت علاقة الصين المبكرة والداعمة للجمهورية الإسلامية ضروريةً لعدم ترك الميدان لواشنطن. وعلى الرغم من أنها وثقت علاقاتها مع جيرانها العرب لفترة من الوقت، إلا أن النفور من قربها من إيران كان الغالب. لكن الآن يبدو أنها تخطو خطوات أكثر توازناً للنفاذ إلى دول المنطقة، وقد تكون وساطتها لإنهاء القطيعة بين السعودية وإيران مؤشراً على إمكانياتها ورغبتها في الانخراط في شؤون المنطقة، لضمان إستراتيجيتها المسماة "أمن الطاقة".

أيضاً، ما يساعد الصين في تعزيز هذا الواقع، هو مراعاتها لعدم التدخل في الشؤون الداخلية للأنظمة العربية وعدم دعم القوى الانفصالية أو التطرق إلى قضايا حقوق الإنسان، وهو ما يحفز الأنظمة العربية على تطوير علاقاتها معها في المنظور القريب والمتوسط.

هذا التقرير جزء من سلسلة تقارير هي ثمار تعاون مع ويلسون سنتر - برنامج الشرق الأوسط، ونُشر في الأصل على موقع wilsoncenter.org 


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

بالوصول إلى الذين لا يتفقون/ ن معنا، تكمن قوّتنا الفعليّة

مبدأ التحرر من الأفكار التقليدية، يرتكز على إشراك الجميع في عملية صنع التغيير. وما من طريقةٍ أفضل لنشر هذه القيم غير أن نُظهر للناس كيف بإمكان الاحترام والتسامح والحرية والانفتاح، تحسين حياتهم/ نّ.

من هنا ينبثق رصيف22، من منبع المهمّات الصعبة وعدم المساومة على قيمنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image