شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
طرفا النزاع الليبي مختلفان على كل شي ما عدا ضرب المجتمع المدني

طرفا النزاع الليبي مختلفان على كل شي ما عدا ضرب المجتمع المدني

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن وحرية التجمع

الأحد 20 أغسطس 202312:14 م

لم يمنع الصراع على السلطة في ليبيا، الحكومتين المتنازعتين على الحكم من اتفاقهما على شنّ حملة ضد منظمات المجتمع المدني والمنظمات الأجنبية العاملة في البلاد.

ممنوع الاقتراب أو التصوير

انضمت مؤخراً حكومة الاستقرار الموازية والمكلفة من مجلس النواب برئاسة أسامة حماد، إلى غريمتها حكومة الوحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، في ملاحقة منظمات المجتمع المدني بدعوى انتهاكها للأمن القومي الليبي، بعد أن عمّم سامي الضاوي وزير الحكم المحلي في حكومة حماد، منشوراً رسمياً، على عمداء البلديات ورؤساء المجالس التسييرية للبلديات، يطالبهم فيه بعدم السماح لأعضاء المنظمات الإقليمية والدولية بالدخول أو التجول في المناطق الخاضعة لسيطرة هذه الحكومة وعدم التعامل معها إلا بعد أخذ الموافقة من رئاستها أو الجهات المفوضة منها وفقاً للقانون.

تسيطر حكومة حماد غير المعترف بها دولياً، على مناطق شرق ليبيا وجنوبها، بينما تخضع المنطقة الغربية لسيطرة حكومة الدبيبة، التي أوصى عماد الطرابلسي وزير داخليتها مؤخراً، بملاحقة مفوضية المجتمع المدني والمنظمات الدولية التي تنشط داخل ليبيا، بتهمة نشر أفكار الإلحاد والمثلية وغيرهما من الأفعال التي تضرّ بالمصالح العليا للدولة الليبية ومجتمعها.

غطاء لنشر المثلية والإلحاد

ورأى الطرابلسي أن "بعض المنظمات والجمعيات تُستغل من قبل أطراف دولية من أجل تحقيق مآربها الخبيثة للمساس بوحدة التراب الليبي وتمزيق أواصره الاجتماعية وغيرهما من الأفعال التي تضرّ بالمصالح العليا للدولة وسيادتها". واقترح "حفاظاً على سيادة الدولة الليبية وأمنها القومي"، التنسيق مع محمد المنفى رئيس المجلس الرئاسي بشأن حل شرعية مفوضية المجتمع المدني وغيرها من الجمعيات الأهلية الأخرى لعدم تأسيسها وفقاً لأحكام قانون ينظمها.

كما أوصى الطرابلسي بالتعميم على المنافذ البرية والجوية والبحرية بعدم السماح بعمل المنظمات غير الحكومية والجمعيات الأجنبية التي مُنحت الإذن من قبل هذه المفوضية، ودعا إلى إلزام المنظمات غير الحكومة وغيرها من الجمعيات الأجنبية واللجنة الدولية للصليب الأحمر بمغادرة البلاد في أقرب الآجال.

ما علاقة التضييق على جمعيات العمل المدني بالانتخابات المحتملة في ليبيا؟

قوانين معمر القذافي الأخلاقية

كانت منظمة هيومن رايتس ووتش قد رصدت شن حكومة الوحدة وسلطات أخرى، ما وصفته بحملة لقمع المنظمات غير الحكومية بهدف فرض قيود شديدة على منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

وقالت إن مكتب الدبيبة أبلغ في شهر آذار/ مارس الماضي، المنظمات غير الحكومية المحلية والأجنبية، بعدم قدرتها على الاستمرار في العمل إلا إذا "صحّحت وضعها القانوني" بما يتماشى مع قانون عام 2001 المتشدد من عهد معمر القذافي، مشيرةً إلى أن هذا التعميم يأتي في إطار "تزايد القيود على أنشطة الجماعات المدنية، بما في ذلك المضايقة والاحتجاز والملاحقة القضائية للموظفين المحليين، والعقبات التي تحول دون حصول غير الليبيين العاملين في المنظمات الإنسانية والحقوقية وغير الحكومية على تأشيرات دخول".

وكان المجلس الأعلى للقضاء قد عدّ ردّاً على طلب "مفوضية المجتمع المدني" في طرابلس، أن "جميع الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني ستغدو غير قانونية ما لم تعدّل وضعها وفقاً لأحكام القانون رقم 19/ 2001 بشأن المنظمات غير الحكومية".

وبعدما أصدرت حكومة الوحدة تعميماً يأمر جميع المؤسسات الحكومية بالالتزام به حتى إشعار آخر، سرعان ما تراجعت عنه ومنحت المنظمات غير الحكومية وضعاً قانونياً مؤقتاً لكي "تصحح وضعها القانوني"، من دون تحديد جدول زمني واضح.

وقالت المنظمة الأمريكية إن السلطات الليبية وجماعات مسلحةً مختلفةً في عموم البلاد، تقيّد على مدى سنوات قدرة المنظمات غير الحكومية وموظفيها على العمل.

السجن للملحدين والنسويين

قضت السلطات الليبية بعقوبة السجن لمدة ثلاث سنوات مع الأشغال الشاقة في كانون الأول/ ديسمبر 2022، في طرابلس، في حق أربعة أعضاء من "حركة تنوير"، وهي منظمة شعبية تروّج للأنشطة الثقافية والفنية، بتهم الإلحاد والنسوية والكفر.

وتم اعتقال الأربعة ضمن مجموعة من تسعة رجال اعتقلهم "جهاز الأمن الداخلي" في طرابلس، ما دفع "حركة تنوير" للفرار إلى الخارج وإزالة وجودها على وسائل التواصل الاجتماعي.

وفرضت السلطات منذ نهاية العام الماضي، قيوداً كبيرةً على تأشيرات الدخول للموظفين غير الليبيين العاملين في الوكالات الإنسانية والمنظمات غير الحكومية، وهو ما عدّته 22 منظمة مجتمع مدني ليبيةً في بيان مشترك بمثابة هجوم هو الأحدث من نوعه في سلسلة الهجمات على المجتمع المدني في ليبيا.

توثيق انتهاكات حقوق الإنسان

نبهت المنظمات التي قالت إنها لعبت منذ سقوط نظام القذافي عام 2011، دوراً حيوياً في توثيق انتهاكات حقوق الإنسان ودعم ضحايا الجرائم والانتهاكات بمختلف أنواعها والمحافظة على التماسك الاجتماعي وتقديم المساعدة الإنسانية لكل فئات المجتمع الليبي ولكل فئات المهاجرين، إلى أن "هذه الحملة القمعية المتجددة تثير تساؤلات حول نية حكومة الوحدة في تنظيم انتخابات نزيهة تنقل البلاد نحو الاستقرار والديمقراطية".

ويعني التضييق على جمعيات العمل المدني عملياً منعها من المشاركة في أي عملية مراقبة مستقلة للانتخابات المحتملة في البلاد.

وبالنسبة إلى منظمات المجتمع المدني التي لا تزال مستقلةً وتعمل في البلاد، أضافت اللوائح الصارمة الأخيرة تحديات جديدةً، حيث تجب الموافقة على كل نشاط يقوم به ممثلو منظمات المجتمع المدني وناشطوه، حتى لو كان صغيراً.

تغيب المساءلة وإرادة الإصلاح في ليبيا، وجزء من الحملة على المجتمع المدني، هدفه وقف أي إمكانية لتحقيق إصلاح ما، حتى لو محدود

وفي شهر أيار/ مايو الماضي، حذر مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان من تبعات قرار حكومة الدبيبة، بتشكيل لجنة جديدة للمجتمع المدني تحت إشرافه، تتولى السيطرة الكاملة على المنظمات المحلية والدولية في ليبيا استناداً إلى قانون قمعي يعود إلى عهد القذافي، على نحو يهدد استقلالية عمل المنظمات وحرية تكوينها.

وقال المركز آنذاك، إن اللجنة التي ستضم 6 أعضاء، يتولى الدبيبة تعيينهم والإشراف على عملهم، تتزامن مع حملة قمع مكثفة للمجتمع المدني في جميع أنحاء ليبيا، تباشرها حكومتا الشرق والغرب، ما ينبئ باحتمال توظيف هذه اللجنة الجديدة كأداة إضافية للتدخل في تشكيل منظمات المجتمع المدني وتسجيلها وعملها، وتهديد العاملين فيها بالملاحقة القضائية.

وخلص تحليل للصحافية المتخصصة في قضايا الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أليساندرا باجك، إلى أنه "من شبه المستحيل بناء مساحة آمنة وديمقراطية في ليبيا، مع غياب المساءلة والإرادة السياسية اللازمة للتخفيف من العنف، خاصةً مع عدم وجود إطار قانوني لتنظيم عمل المجتمع المدني الداعم لحرية التعبير وتكوين الجمعيات".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image