#نطالب_بالقصاص، و#لا_يوجد_مبرر_للقتل؛ هاشتاغان احتلا مواقع التواصل الاجتماعي في ليبيا، عقب جرائم القتل المتسلسلة التي استهدفت نساءً ليبيات داخل منازلهنّ، في دليل على تغوّل العنف الأسري إلى أقصى مراحله، والإقدام على سلب النساء حياتهنّ باسم الوصاية الاجتماعيّة التي يمنحها المجتمع للذكور ويعزّزها باسم العادات والتقاليد المقدسة التي يرفض كسرها تحت أي بند.
شهر تموز/ يوليو الحالي، كان موعداً لسلسة من الجرائم المروعة التي ارتُكبت على طول البلاد، شرقاً وغرباً، إذ قُتلت الطفلتان بشرى وياسمينة الطوير، على يد والدهما أحمد الطوير وشقيقهم في يوم الوقوف في عرفة في التاسع من تموز/ يوليو الجاري. جريمة القتل التي وقعت في مدينة بنغازي أتت بعد تهديدات عديدة بقتلهن وأمهنّ (زوجته)، وكنّ قد لجأن إلى القانون مراراً وفتحن محاضر رسميةً عن تعرّضهنّ للتهديد من قبل والدهنّ من دون أي تدخّل يُذكر من الجهات المعنيّة. في اليوم ذاته، لاقت سلوى أرحيّم المصير نفسه على يد أخيها الذي أقدم على ذبحها والفرار بعد طعن زوجها وشقيقتها الأخرى.
"زوبعة في فنجان" أقل ما يمكن قوله في وصف الوضع، فوسط كم الجرائم التي ضربت النساء خلال هذا الشهر لم يكن المجهود المبذول من قبل الجهات المعنيّة متجاوزاً للبيانات والتنديدات من دون أي عمليّات قبض تُذكر على الجناة
قطار الموت كان قد انطلق قبل أيام من عيد الأضحى، بخبر مقتل هاجر الفاخري من منطقة عين زارة، في العاصمة الليبية طرابلس، في الرابع من تموز/ يوليو الجاري، لتضاف القتيلة إلى قائمة المغدورات بعد تعرّضها للرمي بالرصاص من قبل شقيقها الذي لم يُلقَ القبض عليه حتى اللحظة. وفي مدينة غريان الواقعة في الجبل الغربي، استفاق أهالي المدينة في الرابع من تموز/ يوليو أيضاً، على خبر مقتل مرام أحميد ووالدتها ووالدها على يد ابن عمها رمياً بالرصاص إذ رفضت القبول بالزواج منه، لينتقم منها بإنهاء حياتها وأسرتها جميعهم مرّةً واحدة.
مجازر شهر تموز/ يوليو شملت معها أيضاً عائشة الفطيسي التي قُتلت بأبشع طريقة على يد زوجها وأشقائه الذين أقدموا على حرقها حيّةً، لتلقى مصير رفيقاتها اللّواتي سبقنها إلى المصير نفسه.
أمّا ختام عرس الدم الذي أصاب نساء ليبيا في هذا الشهر، فكان بإصابة الشابة هبة مفتاح ووالدها في مدينة البيضاء بالرصاص من قبل شاب تقدّم لخطبتها ورفضته ليصيبها إصابةً شديدةً في منطقة البطن، وتدخل إثرها إلى غرفة العمليات بشكل طارئ ومستعجل.
امتلأ الفضاء الإلكتروني بمطالبات عديدة بالقصاص، وإدانات من منظمات محليّة حقوقية وناشطين، ووصل الأمر إلى حد استنكار لجنة شؤون المرأة والطفل في مجلس النواب، وتنديد وزارة شؤون المرأة في حكومة الوحدة الوطنية. ولكن ما هي التحركات على الأرض؟ وكيف تتعامل القوى الفاعلة مع مستوى العنف الحاصل ضد النساء في ليبيا؟ وكيف تواجه المكنة القانونية هكذا تجاوزات؟
في حديثها إلى رصيف22، قالت السيدة عبير أحمد، القانونيّة والناشطة الحقوقية، واصفةً أصل الإشكال القانوني: "إجمالاً، في الإمكان القول إنّ القانون الليبي لا يحمل داخل مواده مغالطات عديدةً، ولكن هذا لا يعني أنّ القانون معفيّ من ضرورة التعديل والتنقيح والتحديث بما تستلزمه المرحلة، وفي الإمكان القول إنّ المشكلة الحقيقية التي تواجه التشريعات النافذة هي التطبيق وآليته، ومن غير المنطقي تحميل التشريعات المسؤولية كلها وسط عجز الجهات المعنيّة عن تطبيق هذه التشريعات".
#نطالب-بالقصاص، و#لا-يوجد-مبرر-للقتل؛ هاشتاغان احتلا مواقع التواصل الاجتماعي في ليبيا، عقب جرائم القتل المتسلسلة التي استهدفت نساءً ليبيات داخل منازلهنّ، في دليل على تغوّل العنف الأسري إلى أقصى مراحله، والإقدام على سلب النساء حياتهنّ باسم الوصاية الاجتماعيّة التي يمنحها المجتمع للذكور
وتكمل عبير شارحةً فكرة "جرائم ذوي القربى" (تعبير قانوني لوصف الجرائم التي حدثت خلال هذا الشهر): "تندرج معظم الجرائم التي حدثت خلال الفترة الماضية ضمن جرائم ذوي القربى، حيث يكون الجاني على صلة قرابة من الدرجة الأولى بالضحيّة، فإمّا أن يكون أباً أو أخاً أو زوجاً، وفي هذه الحالة يتخذ التشريع بند قانون القصاص والديّة، وتحديداً في جرائم ذوي القربى، إذ ينص على أنّ الوالد لا يعاقَب وفق التشريع النافذ، مع إمكانيّة تنازل من يسمّون أولياء الدم، وهنا يصبح التشريع معاباً وغير قادر على النفاذ إلى تطبيق القصاص المطلوب، وفي حال أحلنا الأمر على أعلى سلطة تنفيذية، أي القضاء، يدخل بند اجتهاد السلطة القضائية، فتعيقنا مقولة "لا اجتهاد مع صراحة النص"، وتالياً يقف الجميع عاجزين، لذا لا بد من التدخل التشريعي وتعديل النصوص التشريعية من أصلها، وهو الأمر الأكثر تعقيداً وسط التخبّط التشريعي الذي تمر به ليبيا".
من جانب آخر، فإن الواقع المعيش في ليبيا يعزّز من ارتفاع نسبة العنف الحاصل بين الأفراد، والذي يستهدف بدوره الفئات الأكثر ضعفاً المتمثلة في النساء والأطفال، وضياع بوصلة فهم أصل الإشكال الذي يتأرجح بين الباحثين. وقد عبّرت الدكتورة جازية شعيتير، عضوة هيئة التدريس في قسم القانون الجنائي في جامعة بنغازي، عبر حسابها على فيسبوك، في تحليل أسباب العنف الأسري المرصودة خلال شهر تموز/ يوليو، قائلةً: "ليبيا ليست استثناءً بين الدول المجاورة التي وجب البحث عن الأسباب المشتركة بينها، والتي أبرزها انتشار المذهبات العقلية والسلاح وسوء الأحوال الاقتصادية. لاحظت اهتماماً حقوقياً محلّياً ودولياً بتوثيق ومعالجة المشكلة على الرغم من أنها رأس جبل المشكلات التي تبدأ بالسياسة فالأمن والاقتصاد، والاجتماع والثقافة".
وختمت السيدة جازية شعيتير منشورها بجملة: "القادم أسوء إذا لم نهتم بجذور المشكلة".
"زوبعة في فنجان" أقل ما يمكن قوله في وصف الوضع، فوسط كم الجرائم التي ضربت النساء خلال هذا الشهر لم يكن المجهود المبذول من قبل الجهات المعنيّة متجاوزاً للبيانات والتنديدات من دون أي عمليّات قبض تُذكر على الجناة أو تفعيل حقيقي لأهميّة البدء بتعديل التشريعات النافذة التي تُعنى بتطبيق القصاص في حق مرتكبي هذه الجرائم. ويبقى السؤال: هل سنرى موقفاً جاداً حيال العنف المتفاقم، أم ستبقى التنديدات هي الوسيلة الوحيدة للتعبير؟
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...