بعد أن نال جائزة مهمة في مهرجان كان السينمائي، تسبب الفيلم الإيراني "إخوة ليلى" (برادران ليلا)، بصدور أحكام قضائية ضد مخرجه سعيد روستائي ومنتجه جواد نوروزبيكي، حيث حوكما الرجلان في يوم 15 آب/أغسطس من قبل القضاء الإيراني.
وأصدرت محكمة الثورة الإسلامية في طهران بحق مخرج ومنتج فيلم "إخوة ليلى"، حكماً بالسجن لمدة 6 أشهر وتعليق العمل لمدة خمس سنوات، إذ جاء في نص حكم التعليق النقاط التالية: "1. المنع من الأنشطة المتعلقة بالجريمة المرتكبة أو استخدام الوسائل التواصل الاجتماعي أثناء التعليق. 2. عدم التواصل مع الناشطين في مجال صناعة الأفلام خلال فترة التعليق. 3. الحضور في دورة صناعة الأفلام للحفاظ على المصالح الوطنية والأخلاقية في كلية مدينة قم الإذاعية، يومياً وعلى مدار الساعة في اليوم طيلة فترة التعليق".
اعتقالات وأحكام ضد النجوم الإيرانيين
قصة اعتقال وصدور الأحكام ضد النجوم في إيران ليست جديدة، فهناك تاريخ طويل بين المحاكم والسجون وبين المشاهير؛ فعلى سبيل المثال يمكن ذكر قضية الممثلة الإيرانية ترانه عليدوستي، التي كانت بطلة هذا الفيلم الممنوع من العرض في إيران.
أصدرت محكمة الثورة الإسلامية في طهران بحق مخرج ومنتج فيلم "إخوة ليلى" الحاصل على جائزة من مهرجان كان السينمائي، حكماً بالسجن لمدة 6 أشهر وتعليق العمل لمدة خمسة سنوات
وسجنت عليدوستي في سجن إيفين لمدة 18 يوماً وأخلي سبيلها بضمان وثيقة مالية، وذلك بعدما نشرت صورة لها على صفحتها الشخصية في الإنستغرام خالعة الحجاب ورافعة لافتة مكتوب عليها "المرأة، الحياة، الحرية" باللغة الكردية، وهو شعار الاحتجاجات الأخيرة التي حدثت في إيران على خلفية مقتل مهسا أميني.
كما مُنع لفترة الزوج الفني المكون من الممثل الإيراني نَويد محمد زاده والممثلة الأفغانية الإيرانية فِرِشْته حسيني، من مزاولة أي عمل فني في إيران، بعد القبلات الحميمة التي تبادلاها أثناء مشاركتهما في مهرجان كان السينمائي 2022 لعرض فيلم "إخوة ليلى"، وذلك عند حضورهما على السجاد الأحمر للمهرجان.
هاتان القضيتان ليست إلا غيض من فيض، فطال المنعُ والتعليق والأحكام الأخرى العديدَ من المشاهير الإيرانيين في مختلف المجالات، كما أن هناك رياضيين/ات وموسيقيين/ات وإعلاميين/ات وآخرين كُثراً في قطاعات أخرى، عاشوا تجربة مشابهة لتجربة روستائي.
ردود الفعل المحلية والدولية
بعد انتشار خبر صدور الحكم بحق مخرج ومنتج فيلم "إخوة ليلى"، بدأت ردود الفعل تظهر، خاصة من قبل السينمائيين في داخل وخارج إيران، وتزايدت بعد أن أطلق المخرج العالمي مارتن سكورسيزي حملة لدعم روستائي ونوروزْبيْكي، إذ دعا جمهوره ومتابعيه عبر منصات التواصل الاجتماعي، للتوقيع على عريضة لإلغاء الحكم القضائي الصادر في إيران على الرجلين.
من جهة أخرى أدان منظمو مهرجان كان السينمائي قرارَ المحكمة الإيرانية بمقاضاة روستائي ونوروزْبيْكي، واعتبروا هذا الأمر "انتهاكاً خطيراً لحرية التعبير".
الأوساط السينمائية في إيران شنت حملة دعم كبيرة لهذا الحدث، فخلال بيان نددت جمعيةُ المخرجين السينمائيين بشدة هذا الحكمَ واعتبرته "أغرب حكم قضائي في تاريخ السينما الإيرانية"، وأوضح البيان أن "صدور هذا الحكم الغريب هو محاولة غير مجدية لإذلال هذا المخرج الشاب الموهوب، وعلى رئيس السينما الإيرانية عدم التخلي عن روستائي في هذه اللحظة الحساسة".
وعلى الرغم من الضجة التي خلفها هذا الحدث، كان موقف وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي الإيرانية يكاد يكون لا شيء يذكر، حيث اكتفى الوزير محمد مهدي إسماعيلي بإشارة بسيطة حول الأحكام القضائية قائلاً فيها: "سنتابع الموضوع"، مضيفاً: "تصدر هذه الأحكام من قبل النظام القضائي ويصدرها القاضي فحسب، حيث لا يمكنني أنا ولا حتى رئيس السلطة القضائية تغيير حكم القاضي؛ لكننا سنتابع الموضوع. وقد تابعنا بعض الأحكام التي صدرت من قبل وحاولنا تقليل الأحكام قدر الإمكان، وذلك رغم جفاء بعض الشخصيات الفنية بحقنا".
سبب الأحكام القضائية
شارك الفيلم في مهرجان كان السينمائي 2022، دون أخذ إذن العرض من الجهات المختصة في إيران، وكان ذلك السببَ الرئيسي لجلب الأحكام القضائية لمخرج ومنتج العمل، فالمحكمة الإيرانية اتهمتهما بالدعاية ضد النظام.
وما زاد الطين بلة أنه حين عُرض "إخوة ليلى" في المهرجان، اتضح أنه لم يخضع للرقابة المتفق عليها، وقال مخرج الفيلم سعيد روستائي بشأن الموضوع إنه كان مخطئاً بشأن أفلامه السابقة التي سلمها بيد الرقابة، وهذه المرة ليس على استعداد للانخراط في هذه العملية بخصوص فيلمه الجديد، وإنه إذا خُيّر بين الرقابة وعدم عرض الفيلم، فخياره سيكون الثاني.
من هم "إخوة ليلى"
"إخوة ليلى" هم أبطال فيلم روائي طويل، يروي قصة عائلة إيرانية فقيرة، تتكون من أب وأخت وأربعة إخوة، والأسرة على وشك التفتت إثر الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في إيران. وقد شارك في بطولة الفيلم عدد كبير من النجوم/النجمات الإيرانيين/ات، من بينهم ترانه عَليدوستي ونَوِيد محمد زاده وبيْمان معادي وفرهاد أصلاني وعدد آخر من الممثلين اللامعين الإيرانيين.
حاز الفيلم على جائزة الاتحاد الدولي لنقاد السينما في مهرجان كان السينمائي 2022، كما أنه نال إعجاب النقاد في جميع أقسامه من الإخراج والتمثيل والتصوير، حتى قصته التي هي من تأليف روستائي نفسه.
روستائي، من حصد الجوائز إلى حكم بالسجن
سعيد روستائي هو مخرج سينمائي وكاتب، ولد في 14 آب/أغسطس 1989، وتخرج من جامعة "سوره" الإيرانية، وبدأ مشواره الفني رسمياً عام 2011 بإنتاج الأفلام القصيرة ولمع في هذا المجال، كما سطع نجمه عندما أخرج أول فيلم طويل له "أبدية ويوم" (life and a day)، الذي برز في السينما الإيرانية ونال جوائز كثيرة. ثم أنتج "قانون طهران" الذي نال الكثير من الجوائز المحلية والدولية، كانت أبرزها جائزتَي أفضل إخراج وتأليف في مهرجان "فجر" السينمائي في إيران.
أطلق المخرج العالمي مارتن سكورسيزي حملة لدعم روستائي ونوروزْبيكي، إذ دعا جمهوره ومتابعيه عبر منصات التواصل الاجتماعي للتوقيع على عريضة لإلغاء الحكم القضائي الصادر في إيران على المخرج والمنتج الإيرانيَين
وفيلم "إخوة ليلى" هو التجربة الثالثة لهذا المخرج في صناعة الأفلام السينمائية الطويلة، التي كانت تجربة موفقة سينمائياً وغير ناجحة على الصعيد الشخصي لروستائي، بعد أن خلفت له حكماً يمكن أن يلقي به خلف قضبان السجن.
لا يعتبر هذا السينمائي الموهوب مخرجاً فقط، إنما برع في الكتابة أيضاً، إذ أظهر قدرته في تأليف السيناريو أيضاً، وتمحورت جميع تأليفاته حول قضايا مجتمعه والتي تتصل جميعها بالمشاكل الاقتصادية في البلد.
المشاهير في إيران بين التلميع ورعاية المصلحة الوطنية
مسلسل النجوم الإيرانيين/ات والأحكام القضائية ضدهم لا ينتهي، وكما كان الحال فإن القضاء الإيراني مصرّ في إصدار الأحكام بحق هذه الفئة، ويعمل كل ذلك بهدف "رعاية المصالح الوطنية"، وفقاً لتصريحات المسؤولين القضائيين الإيرانيين. فهل ستكون المصالح الوطنية بأمان عبر اتخاذ قرارات مماثلة لإصدار الحكم على روستائي، أو أنها مجرد خطوة تجلب الشهرة وردود الفعل الأوسع على المستوى المحلي والدولي، وتصب في سبيل تلميع مجاني للنجوم والمشاهير الإيرانيين قبل كل شيء؟
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينرائع
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعربما نشهد خلال السنوات القادمة بدء منافسة بين تلك المؤسسات التعليمية الاهلية للوصول الى المراتب...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحرفيا هذا المقال قال كل اللي في قلبي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعبكيت كثيرا وانا اقرأ المقال وبالذات ان هذا تماما ماحصل معي واطفالي بعد الانفصال , بكيت كانه...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحبيت اللغة.