"أشعر بإهانة كبيرة عندما يقترب مني زوجي لممارسة الجنس معي بعد شجار كبير بيننا، دون أن يهتم لشعوري أو يحاول الاعتذار لي"؛ هذا ما قالته ريم (اسم مستعار) لرصيف22، كاشفةً عمّا تشعر به عندما يحاول زوجها لمسها دون الاهتمام بحلّ الخلاف القائم بينهما.
وأضافت ريم (31 عاماً) موضحةً ما يدور بينهما: "أحاول أن أجعله يشعر بأن هذا الأمر يزعجني، ولكنه يتابع ما بدأه ويظن أن ممارسة الجنس هي الحل ويتجاهل المشكلة وعندما أبتعد عنه وأرفض العلاقة تتفاقم المشكلة بشكل أكبر".
الاتصال الجنسي
يعتقد العديد من الرجال أن ممارسة الجنس هي الوسيلة الأمثل لتجاوز الخلافات القائمة بين الشريكين في الوقت الذي تظن فيه بعض النساء أن المشاركة العاطفية والاعتذار وقضاء الوقت معاً تشكل الحل.
في مقال كتبته ليا روز إميري، أوضحت أن الخلافات بين الشريكين قد تأتي وفق النمط نفسه بشكل مستمر ولا يكون لها حلّ جذري، ومن ثم قد يرى بعض الشركاء، خاصةً الرجال، أن ممارسة الجنس هي الحل للتغلب على المشكلة بدلاً من القتال المستمر.
"أشعر بإهانة كبيرة عندما يقترب مني زوجي لممارسة الجنس معي بعد شجار كبير بيننا، دون أن يهتم لشعوري أو يحاول الاعتذار لي"
وقد استشهدت كاتبة المقال بدراسة أقيمت في جامعة بنسلفانيا، على 74 رجلاً وامرأةً، وتبيّن أن النسبة الأكبر من الرجال يعتقدون أن ممارسة الجنس هي الطريقة الأكثر متعةً وفاعليةً لإنهاء المشكلات، بينما تظن النساء العكس تماماً، ويشدد المقال على أهمية الحوار وطرح حلول للمشكلة.
وفي السياق نفسه، ذكر موقع الترفيهhellogiggles أن الكثير من المشكلات تنشأ وتتفاقم عندما يستخدم الأزواج الجنس لتجنّب صراعاتهم العاطفية، ولا ينخرطون في مناقشة ما يحدث بينهم وبين شريكاتهم، ومن ثم فإن الأمور تزداد سوءاً، ونصح الموقع الأزواج بأن يخصصوا وقتاً إضافياً لشريكاتهم لزيادة التواصل العاطفي بينهم والذي يكون أقوى في النهاية من التواصل الجنسي المؤقت.
لا بديل من الاعتذار
رأت رانيا (32 عاماً)، أنه مهما كانت العلاقة الجنسية قويةً، فإنه لا بديل من الاعتذار عند وقوع الخلافات الزوجية: "زوجي لا يجيد الاعتذار ويفضّل دائماً أن يمنحني قبلةً، وأن يمارس الجنس معي بعد كل عراك بيننا"، موضحةً لرصيف22، أنها تتقبل الموضوع في حال كانت المشكلة صغيرةً، ولكن لو شعرت أن المشكلة كبيرة وتحتاج إلى نقاش، فإنها ترفض أن يقترب منها.
وعن ردة فعل زوجها، قالت: "في بعض الأحيان يغضب ويثور، وفي أحيان أخرى يحترم رأيي ويضحك قائلاً إن الجنس أفضل حل".
وتابعت: "بعض الرجال لا يفهمون أن هذا الموضوع مهين جداً للمرأة، خاصةً لو كان الرجل مخطئاً وعليه أن يعتذر لها، فالعلاقة الجنسية لا تحل محل الاعتذار ولا تغني عنه".
في الواقع، إن الاعتذار يُشعر المرأة بأن شريكها يقدّرها، ويحاول أن يجدد عاطفتهما من خلال تقديره لما تشعر به، في حين أن تجاهل الرجل التام للاعتذار يجعلها تشعر بأنه لا يفكر فيها على الإطلاق، ولا يهتم بإيجاد حل جذري للمشكلة، وفي حال إقباله على الجنس تشعر بأنه يفكر في رغباته دون النظر إليها.
"بعض الرجال لا يفهمون أن هذا الموضوع مهين جداً للمرأة، خاصةً لو كان الرجل مخطئاً وعليه أن يعتذر لها، فالعلاقة الجنسية لا تحل محل الاعتذار ولا تغني عنه"
تعليقاً على هذه النقطة، قالت الأخصائية النفسية شيماء العيسوي، لرصيف22، إن بعض الرجال يظنون أن ممارسة الجنس مع المرأة تُشعرها بسعادة كبيرة، وكأنها تكريم وتقدير لها، ولا يلتفتون إلى التمنع الذي قد يصدر عنها متمسكين بالمثل الذي يقول "يتمنّعن وهنّ راغبات"، ولا يشعرون بأن ما يفعلونه إهانة كبيرة للمرأة ويتسبب في تفاقم المشكلة.
وتابعت العيسوي: "في مجتمعاتنا العربية، أغلب الأزواج لا يعيشون حياةً جنسيةً عظيمةً، ولذلك تزداد المشكلات بينهم، وعندما يحاول أحد الطرفين أيضاً أن يحل الخلافات اليومية بممارسة العملية الجنسية التي لا تتم في الأصل بشكل مثالي، فذلك يفاقم المشكلات بصورة كبيرة جداً".
مجرد لعبة
لا تقبل منار (اسم مستعار)، ما يفعله زوجها باستمرار عندما تحدث مشكلة بينهما: "حدث بيننا مؤخراً شجار كبير ورفع صوته عليّ كعادته، وأنا أيضاً دخلت في صدام معه بسبب مشكلات خاصة بالمنزل والأولاد، ولكنه لم يسمعني وكالعادة بدأ يهينني ببعض الألفاظ الجارحة واتهمني بأنني السبب الأول في حدوث المشكلة، ودون أن يهتم بي قرر أن يترك المنزل".
أكملت منار البالغة من العمر (42 عاماً) لرصيف22: "عند الساعة الثانية عشرة ليلاً، عاد إلى المنزل وكنت في الغرفة نائمةً. لاحظت بعد ذلك أنه يحاول الاقتراب مني ليقبّلني ويقيم علاقةً معي دون أن يحاول النقاش أو الاعتذار وحل المشكلة، غير أنني رفضت وطلبت منه أن نحل المشكلة أولاً، ولكنه تجاهل كلماتي قائلاً إن هذا أفضل حل، ولكن عندما لاحظ أنني ما زلت جامدةً ولا أستجيب للمساته ابتعد عني وهو يستمر في صراخه ولومه".
وأضافت: "هذا الأمر يتكرر من وقت إلى آخر، والحقيقة أنه يستخدم وسيلةً للاعتذار تصبّ في صالحه هو، ويحقق بها رغباته دون الاهتمام بما أشعر به".
تتحدث شيماء العيسوي عن مشاعر المرأة عندما يحاول الرجل أن يستبدل الاعتذار بالجنس، قائلةً: "المرأة في هذه الحالات تشعر بأنها مجرد لعبة بين يدي شريك لا يهتم بمشاعرها وأحاسيسها على الإطلاق، ولذلك تشعر بالإهانة وهذا إحساس طبيعي جداً".
وتابعت: "للأسف، اعتاد الرجل في مجتمعاتنا أن يفصل بين الخلاف وبين العلاقة الجنسية، بمعنى أنه يستطيع أن يمارس الجنس ويستمتع به جداً حتى لو كانت هناك مشكلة بينه وبين زوجته، وهذا الأمر لا تستطيع أن تفعله النساء على الإطلاق"، مشددةً على أن هذا الاختلاف بين الجنسين يسبب الكثير من المشكلات في حال عدم تفهم الرجل لطبيعة المرأة الحساسة جداً.
"للأسف، اعتاد الرجل في مجتمعاتنا أن يفصل بين الخلاف وبين العلاقة الجنسية، بمعنى أنه يستطيع أن يمارس الجنس ويستمتع به جداً حتى لو كانت هناك مشكلة بينه وبين زوجته، وهذا الأمر لا تستطيع أن تفعله النساء على الإطلاق"
في السياق نفسه، قالت هند (اسم مستعار)، لرصيف22: "أشعر بإهانة كبيرة عندما يحاول زوجي أن يتجاهل مشاعري وغضبي منه، ويقفز فوق المشكلة من خلال محاولة ممارسة الجنس معي دون أن يعطيني الحق في معاتبته ودون أن يعتذر لي".
وأعربت هند عن امتعاضها من تصرفات زوجها وطريقته الخطأ لحل الخلافات بينهما: "في أوقات أشعر بأنه يتعالى ولا يحب الاعتذار، وفي أوقات أخرى أحس بأن هذا هو ما يجيده فعلاً، وكأنه يظن أن ممارسة العلاقة اعتذار وهدية يقدمها لي والحقيقة أن الحديث والنقاش هما أفضل الحلول".
وختمت حديثها بالقول: "أقول لنفسي دائماً إنني أستحق أفضل من ذلك".
حلول بديلة
إليكم/ نّ بعض الطرائق التي يمكن أن يعتذر الرجل من خلالها من شريكته بدلاً من استخدام الجنس كوسيلة للمصالحة:
أولاً، عليك الاستماع إلى شريكتك قبل الاندفاع بقول كلمة "أنا آسف"، حتى لا تجعلها تشعر بأنك تريد إنهاء المشكلة فقط دون الاهتمام بما تشعر به وما يمر داخلها.
ثانياً، بعد أن تتأكد من أن شريكتك قد سمعتك، وبعد تفهمها لموقفك، يجب أن تتحدث عن دورك في سوء التفاهم الحاصل بينكما، مع العلم أنه ليس بالضرورة أن تكون مخطئاً بنسبة 100%، ولكن قد يكون الخطأ نابعاً عن طريقة الحديث بشكل مؤذٍ أو غير لائق، وحينها يجب أن تعترف بأنك تصرفت بشكل خطأ.
الخطوة الأخيرة هي الاعتذار، ويجب وقتها أن تعبّر لشريكتك عن مدى أسفك وعن الطريقة التي تنوي أن تصلح بها هذا الخطأ حالياً حتى لا تتكرر المشكلة في ما بعد.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...