شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
أريد صاحباً، لا زوجاً

أريد صاحباً، لا زوجاً

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

مدونة نحن وحرية التعبير

الخميس 17 أغسطس 202312:32 م

أريد صاحباً، لا زوجاً

استمع-ـي إلى المقال هنا
Read in English:

I want a companion, not a husband


منذ أيام قليلة، جمعني لقاء بمجموعة من صديقاتي، تبادلنا الأحاديث حتى سألتني إحداهن عن سبب عدم زواجي، وتطرّق الحديث إلى مواصفات رجل أحلامي. سرحت قليلاً وعدت بذاكرتي إلى أعوام كثيرة مضت، بالتحديد إلى العشرينيات من عمري، حين كان يسألني أحد عن مواصفات رجل أحلامي كنت أجيب بلا تردّد، بأن يكون طويل القامة، ذا جسد رياضي، طموحاً، خفيف الظل، ومحباً للحياة، ولن أنكر أنني لم يكن لدي أي مرونة لتقبّل رجل يفتقر إلى تلك المواصفات من قبل، فقد كنت أرفض حتى إعطاءه فرصة للتعارف، وكنت ألجأ إلى الجملة الشهيرة التي تلجأ إليها معظم الفتيات حين يرفضن الارتباط برجل معين: "مبفكرش في الارتباط دلوقتي... خلينا إخوات أحسن".

ولكن بيني وبين نفسي، أو مع صديقاتي المقربات، كنت أبدي أسبابي في الرفض بأن هذا قصير القامة، وذاك "دمه تقيل"، فقد كانت المواصفات التي حدّدتها لرجل أحلامي قياسية وصارمة، ولا يمكنني التنازل عنها.

تذكرت كل ذلك بمجرد أن سألتني صديقتي ذلك السؤال الذي جاءت إجابتي عليه بلا تردّد: "أنا عايزة صاحب مش زوج". نطق لساني بتلك الإجابة بكل ثبات. نعم، فالآن، وبعد أن تخطيت الـ 35 من عمري، أصبحت أدرك جيداً ما أريد في الرجل الذي سوف أكمل معه ما تبقى من سنوات عمري، فأصبحت المواصفات الشكلية لدي ليست لها أي قيمة، ولم أعد أبحث عن طويل القامة أو خفيف الظل، ولكن ما أبحث عنه هو رجل تربطني به علاقة صداقة وطيدة.

نعم أصبحت الصداقة هي الصفة الوحيدة التي تجعلني أوافق على الارتباط بالرجل دون تردّد، فمن منا يختار مصادقة إنسان وهو لا يشعر بالتآلف الروحي معه؟

جاءت إجابتي بلا تردّد: "أنا عايزة صاحب مش زوج". نعم، فالآن، وبعد أن تخطيت الـ 35 من عمري، أصبحت أدرك جيداً ما أريد في الرجل الذي سوف أكمل معه ما تبقى من سنوات عمري

هذا بالضبط ما أبحث عنه في زوج المستقبل، صديق لا أشعر بالخجل حين أنطق أمامه بكلمات غير مرتبة، أو حين أشكو له بأن وجهي اليوم يبدو شاحباً بسبب فترة دورتي الشهرية، وأن ثقتي بنفسي وجمالي ليست على ما يرام. لا أسعى أن أبدو أمامه بصورة مثالية، أو أضطر لأن أنطق بتلك الجملة الشهيرة البالية، التي ينطق بها معظم أهالي الفتيات حين يتقدم لخطبتهن عريس: "بنتنا متربية أحسن تربية ومش زي بنات اليومين دول"، بل أود الارتباط برجل نتبادل سوياً الأحاديث عن رغباتنا غير المألوفة، أعانقه فجأة أثناء سيرنا في الشارع، فقط لأنني بحاجة إلى ذلك العناق دون أن يلقنني درساً عن ما يصحّ وما لا يصحّ، أفصح له عن رغباتي الجنسية دون أن يصنّفني بداخله بأنني امرأة منحلة، فللأسف، معظم الرجال الشرقيين يصنفون المرأة بأنها جريئة إلى درجة الانحلال، لمجرد أنها تفصح عن رغباتها الجنسية حتى وإن كان لزوجها لنفسه.

لا أنسى صديقتي التي زارتني ذات يوم وعلى وجهها آثار كدمات، وحين سألتها عن سبب تلك الكدمات، سقطت في نوبة من البكاء، وشرعت تحكي بأن زوجها نهرها وضربها ركلاً بالأقدام لمجرّد أنها فاجئته بأشياء جديدة أثناء علاقتهما الجنسية، ما جعله يتهمها بأنها منحلة أخلاقياً، ولم يكتف بذلك، بل اتهمها أيضاً بالخيانة وبدأ يستجوبها: "إنتي عرفتي الحاجات دي منين"، وحين أخبرته أنها تحاول تجديد العلاقة بينهما حتى لا يتخللها الفتور، انهال عليها بالضرب ووصفها بأبشع الكلمات.

ولا أنسى أيضاً صديقة أخرى، طلقها زوجها لأنها أصبحت مُهملة لنفسها وجسدها نتيجة إصابتها باكتئاب حاد بسبب وفاة والدها.

وفي الحقيقة أتعجّب كثيراً من مجرّد الفكرة، فهل من المنطقي أن يكون الزواج بكل هذا الكم من التعقيدات، رغم أنه من المفترض أن يكون أكثر علاقة تحتوي على الراحة النفسية والبساطة والصراحة، تماماً مثل علاقة الأصدقاء، فنحن لا نسعى لأن نتجمل أمام أصدقائنا المقربين، بل نبدو أمامهم كما نحن بطبيعتنا وفطرتنا، من حب، ضعف، جنون وغرابة أيضاً.

كان الإنجاب لدي غاية وهدف أسعى إليه، وأشعر بالخوف والقلق الشديد كلما تقدمت في العمر دون زواج خشية ألا أستطيع تحقيق ذلك الهدف، ولكن الآن أصبحت أنظر إلى الأمر بنظرة أقل حدّة وأكثر هدوءاً، فأصبح هدفي أن أحيا مع رجل تجمعني به علاقة "مريحة" خالية من التعقيدات

ولن أنكر أنني أشكر الله على عدم زواجي في سن صغيرة مثل أغلب صديقاتي، حيث أصبحت أنضج في اختيار مواصفات شريك الحياة، وحتى نظرتي لمنزل الزوجية فقد تغيرت كثيراً، فحين كنت في العشرينيات من عمري، كنت أتخيل منزلاً مرتباً يملؤه الحب، الأغاني الهادئة، وتناول العشاء على أضواء الشموع، ولكن الآن أصبحت أتخيل منزلاً صغيراً، أجلس فيه مع زوجي نتبادل الأحاديث الطريفة ونتقاسم الضحك سوياً، يحكي لي مواقف أصدقائه، أول فتاة أحبها، وأول جواب غرامي كتبه، وأنا أيضاً كذلك أحدثه في كل شيء وأي شيء، حتى وإن كنت أحدثه عن حيرتي في اختيار لون أحمر الشفاه.

نتشارك في متابعة مسلسلنا المفضل أو مشاهدة ماتش كرة القدم، وكل ذلك لا يعني أنني لا أود أن أحيا معه لحظات رومانسية، فبالطبع أود ذلك بشدة، ولكن أقصد هنا المشاركة والصداقة بنفس قدر الرومانسية والحب.

حتى رغبتي في الإنجاب تبدلت عن زي قبل، فقديماً كان الإنجاب لدي غاية وهدف أسعى إليه، وأشعر بالخوف والقلق الشديد كلما تقدمت في العمر دون زواج خشية ألا أستطيع تحقيق ذلك الهدف "الإنجاب"، ولكن الآن أصبحت أنظر إلى الأمر بنظرة أقل حدّة وأكثر هدوءاً، فأصبح هدفي أن أحيا مع رجل تجمعني به علاقة "مريحة" خالية من التعقيدات، فلا يكون الرابط بيننا هو الإنجاب فقط، ولكن تكون الراحة النفسية والسكينة هي أساس علاقتنا.

والآن وبعد أن اصبحت في الـ 37 عاماً من عمري، أقول وبكل ثقة أنني أبحث عن صديق لا عن زوج، ولن أتنازل عن تلك الصفة حتى وإن بقيت طوال حياتي بلا زواج.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

ثورتنا على الموروث القديم

الإعلام التقليديّ محكومٌ بالعادات الرثّة والأعراف الاجتماعيّة القامعة للحريّات، لكنّ اطمئنّ/ ي، فنحن في رصيف22 نقف مع كلّ إنسانٍ حتى يتمتع بحقوقه كاملةً.

Website by WhiteBeard
Popup Image