شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
هل نقع في غرام شخصٍ مرتين؟... عن العودة بعد الانفصال

هل نقع في غرام شخصٍ مرتين؟... عن العودة بعد الانفصال

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والحريات الشخصية

الجمعة 11 أغسطس 202310:12 ص

"كان حبيبي يكبرني بأيام طوال، لذا لم نشعر بفارق العمر يوماً. يختلف عني دينياً وطقوسياً. إنه حبي الأول الذي شعرت معه بأن الدنيا بدأت تقويماً جديداً لتوها. أسميناها السنوات السبع العجاف، إذ وبرغم حبنا الشديد، كان كثير البعد والاختفاء. وعلى قدر الذكريات الرائعة كانت الأيام المؤلمة التي اتخذت على أساسها قرار الانفصال بلا عودة... لم يكن الأمر سهلاً بسبب حبي الجنوني له، لكني فعلتها"؛ هكذا حكت ماريا لرصيف22، عن الجزء الأول في تجربتها التي لم تنتهِ بعد.

وأضافت: "بعد أيام، قررت الارتباط بشخص آخر شعرت معه بالحب والأمان اللذين افتقدتهما في علاقتي الأولى. كان قراراً متهوراً وغير صحي، لكن هذا ما حدث. لم تمر سوى أشهر قليلة حتى عاودني الحنين إلى حبيبي الأول، فقررت الانفصال عن الشريك الحالي، وعادت حياتي إلى طبيعتها لكني لم أعد".

وتابعت حديثها: "تحوّلت صورة حبيبي إلى صورة مثالية كنت أريدها بشدة قبل الانفصال. الذكريات والحنين وكل الأشياء كانت في مكانها الطبيعي، باستثناء شيء فقدته لم يعد أبداً ولا أدري ما هو".

وداعاً للغرام

في كتابه "ما تشعر به يمكنك علاجه"، يوضح جون غراي، أن الكثير من الأشخاص الذين يصمدون في علاقاتهم لا يستطيعون النظر حتى إلى مشكلاتهم والاعتراف بها لأنفسهم أو لشركائهم، لذلك تضمحل مشاعرهم طوال الوقت حتى يموت الحب، ولعلّ هذا ما يجعلنا بعد الانفصال والعودة نشعر بأننا نحب شريك حياتنا، لكننا لم نعد نشعر بالغرام تجاهه.

هذا الشعور راود بسمة (اسم مستعار)، التي بدأت حديثها بجملة قرأتها ذات مرة تقول: "لا تحب الشخص نفسه مرتين، لأنك في المرة الثانية ستحب الذكريات لا الشخص".

حكت بسمة لرصيف22، عن تجربتها مع الحبيب: "كان الحب الأول في حياتي، وكنا نستعدّ لارتباط رسمي، لكنه عانى من نوبات اكتئاب متكررة، وبعد مشكلات كثيرة بيننا قررنا الانفصال".

"لا تحب الشخص نفسه مرتين، لأنك في المرة الثانية ستحب الذكريات لا الشخص"

لم يمر وقت طويل حتى عادت بسمة إلى حبيبها، وهي على أمل أن يتعافى سريعاً من خلال دعمها وحبها، لكنها بدأت تشعر بتغيير كبير في مشاعرها وفي شخصيته بعد عودتهما.

تعليقاً على هذه النقطة، قالت بسمة: "بعد الرجوع تحولنا إلى شخصين Toxic، وأصبح بيغير عليّا غيرة قاتلة بسبب إحساسه أني ممكن أمشي تاني أو أحب غيره".

وأضافت: "أنا كمان مشاعري اتغيرت وبقيت أحس بفقدان شغف، بحبه لكن مش زي الأول الأمر اختلف تماماً، لذلك قررنا لتاني مرة الانفصال دون عودة".

عودة الثنائي بعد الانفصال

في حديثها إلى رصيف22، كشفت الباحثة النفسية، ياسمين محمد عبده، أن هناك عدداً من الأسباب التي تمهد لعودة الثنائي بعد الانفصال نهائياً، ومن أهمها: التعلق العاطفي وافتقاد الأوقات الحنونة بينهما، أو الشعور بالندم كأن يشعر أحد الطرفين بالتسرّع في قرار الانفصال وعليه يحاول العودة وإصلاح الأمور. "بشكل عام، الانفصال يسبب الإحباط والألم وهذه المشاعر تدفع الفرد للعودة مهما كان الثمن"، تقول ياسمين.

بدوره، قال استشاري الصحة النفسية، الدكتور وليد هندي: "في معظم الأحيان، وعند الانفصال ثم العودة إلى الشريك/ ة يقلّ الشغف بمقدار كبير. العودة هنا تصبح عودةً بلا تدفق في المشاعر كما في السابق، لأن فترة الانفصال تُعدّ بمثابة كسرٍ كبير للطرفين من الصعب أن يتم إصلاحه في يوم وليلة، كذلك يرى الشريك الوجه السيئ الآخر لشريكه وهو وجه لم يعرفه من قبل".

وبحسب التجارب المختلفة للنساء والرجال في معايشة العودة بعد الانفصال، فإن الشريك/ ة المخطئ/ ة، إما يتحول إلى شخص مؤذٍ من خلال غيرة قاتلة أو غضب خفي، أو كما شرحت عالمة الأعصاب، هيلين فيشر، في كتابها "لماذا نحب؟"، يدرك أن شريكه قد يرحل مرةً أخرى، فيعتريه قلق شديد ويغرق في الحنين والتوق ويسخّر كل وقته وطاقته وانتباهه للشريك/ ة الذي هجر ويصبح هاجسه إعادة الاتحاد كما كان سابقاً.

عانت ديانا (اسم مستعار)، مع شريكها الذي يكبرها بنحو 17 عاماً، وانخرطت معه في علاقة دامت أربع سنوات.

"في معظم الأحيان، وعند الانفصال ثم العودة إلى الشريك/ ة يقلّ الشغف بمقدار كبير. العودة هنا تصبح عودةً بلا تدفق في المشاعر كما في السابق، لأن فترة الانفصال تُعدّ بمثابة كسرٍ كبير للطرفين من الصعب أن يتم إصلاحه في يوم وليلة، كذلك يرى الشريك الوجه السيئ الآخر لشريكه وهو وجه لم يعرفه من قبل"

روت ديانا لرصيف22، تفاصيل هذه التجربة: "علاقتنا كانت مثاليةً جداً في السنة الأولى. وقعت في غرامه في فترة قاسية في حياتي، وكنت على أتم الاستعداد للزواج منه بأي شكل. بعد مشكلات اجتماعية وخوف وترقب من المجتمع بسبب اختلافنا في الدين، قررنا الانفصال، وشعرت وقتها كما لو أن قلبي تحطم بالمعني الحرفي للكلمة".

لم تستطع ديانا تحمّل الانفصال وعادت إلى حبيبها الذي أدرك عدم مقدرتها على تركه مرةً أخرى، وتالياً لم يرغب في تقديم أي تضحية منطقية من أجل حياتهما معاً في مجتمع يخشى الحب في ظل اختلاف الأديان.

غير أن ديانا وبرغم حبها له، كانت تشعر بأنها غير سعيدة بعودتهما بعد الانفصال: "كنت بحس إني اتدبست خصوصاً أن الاعتراض مبقاش له قيمة لأني خلاص اتوصمت بإني بحب واحد مش من ديني".

كذلك عانت من فقدان شغف الاستمرار وقلة اللهفة، وحللت أن سبب رجوعهما كان حبهما لكن طريقة تعايشهما لم تكن مناسبةً كما أنه تحوّل فجأةً إلى كائن مؤذٍ واستغلها وعنّفها لفترات طويلة حتى انفصلت عنه للمرة الأخيرة، وتابعت مع طبيبة نفسية من أجل التعافي.

وهنا فسر الدكتور وليد هندي، أنه بعد العودة قد يتحول الشريك/ ة إلى شخص مؤذٍ و"كأنه عاد لينتقم من إحساس الغدر الذي شعر به أو إحساس الانفصال، فيزيد ذلك الدافع أو الرغبة العدائية المادية أو المعنوية".

وشرح أن بعض الأشخاص الذين ينفصلون عن شريكهم المؤذي ثم يعودون مرةً أخرى يعانون من "عقدة ستكهولم"، والتي تعني التعاطف مع من ينكّل بهم.

"ليه رجعنا؟"

كشفت أمنية إبراهيم لرصيف22، أن حبيبها هو صديقها المقرّب، غير أنهما قررا الانفصال بشكل نهائي بعد عامين بسبب عدم الاتفاق على الكثير من الأمور، ومن بعدها تواصلا من جديد وعادت علاقتهما العاطفية: "على عكس ما توقعت، فإن العلاقة لم تصبح باهتةً، لكننا تغيّرنا، فخلال مدة الانفصال مررنا بأمور فارقة في حياتنا جعلتنّا شخصيتين مختلفتين".

لم تدرك أمنية وشريكها أن عليهما أن يتفاعلا مع الأمور بنظرتهما الجديدة لا بالمقارنة مع شخصيتيهما قبل الانفصال، وكانت تسأل نفسها دوماً: "ليه رجعنا؟"، وبعدها قررا الانفصال للمرة الأخيرة.

 "على عكس ما توقعت، فإن العلاقة لم تصبح باهتةً، لكننا تغيّرنا، فخلال مدة الانفصال مررنا بأمور فارقة في حياتنا جعلتنّا شخصيتين مختلفتين"

بعد فترة كونت أمنية رؤيةً أكثر وضوحاً لهذا التغيّر الحاصل لهما: "لما انفصلنا ورجعنا، إحنا فقدنا شيء غير معروف، لإننا بنخاف من التغيير وبنشوف بزاوية قديمة من مكاننا الجديد، بالتالي بنتوقع توقعات قديمة لا يمكن تتحقق بشخصياتنا الجديدة".

في النهاية، يتفق الدكتور وليد هندي مع الباحثة ياسمين شندي، على أنه لا توجد قاعدة معيّنة لكل الأفراد، فالوضع يتغير مع تغيّر الشريكين وأسباب الانفصال والظروف الأخرى، لكن الدكتور وليد يرى أن العودة في الغالب لا تكون بسبب الحب بل ربما لاعتبارات التعود أو الوضع الاجتماعي أو غيرهما من الظروف، في حين أن ياسمين شندي ترى أنه بإمكاننا العودة واكتشاف الحب مع الشريك/ ة نفسه/ ا مرةً واثنتين إن كنا على استعداد نفسي لهذه العلاقة. 


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

خُلقنا لنعيش أحراراً

هل تحوّلت حياتنا من مساحةٍ نعيش فيها براحتنا، بعيداً عن أعين المتطفلين والمُنَصّبين أوصياء علينا، إلى قالبٍ اجتماعي يزجّ بنا في مسرحية العيش المُفبرك؟

يبدو أنّنا بحاجةٍ ماسّة إلى انقلاب عاطفي وفكري في مجتمعنا! حان الوقت ليعيش الناس بحريّةٍ أكبر، فكيف يمكننا مساعدتهم في رصيف22، في استكشاف طرائق جديدة للحياة تعكس حقيقتهم من دون قيود المجتمع؟

Website by WhiteBeard
Popup Image