يقال في معرض الإجابة عن جدوى الشعر، إنه كلما خُلق شاعر قلّ عدد القتلة واحداً، وهذه إجابة شعرية وغير مسؤولة بلا شك، إذ لو دققنا فيها جيداً لاكتشفنا دون أدنى جهد، أن الإنسان إما أن يكون شاعراً أو قاتلاً، وهذا يعطي أهمية كبيرة، بل ومبالغ فيها، للشعر كمانع للإجرام أو الإرهاب، وهو غير صحيح بالمطلق، لا نظرياً ولا على ارض الواقع.
لا داعي هنا لإيراد الكثير من الإحصائيات التي تدلّل على العكس، أو على الأقل تنفي صحّة هذه المقولة، فكثير من المجتمعات التي تنتج، يومياً، شعراء وشاعرات، تنتج بالتوازي إرهابيين وقتلة. بل إن الكثير من القتلة ينظّرون لأفكارهم بالشعر، أو باللغة الشاعرية على أقل تقدير، ناهيك عن شعراء لا يتورّعون عن الانتماء لتنظيمات إرهابية، كالقاعدة وداعش.
صحيح أن منتجهم الأدبي غير معترف به من منظور حداثي، ولا يرقى لأن يكون شعراً من وجهة نظر أصحاب الإجابة أعلاه، إلا أنه في مجتمعات تفتقد للمعايير، يكفي أن تسمّي نفسك شاعراً ليعترف بك الآخرون.
يقال في معرض الإجابة عن جدوى الشعر، إنه كلما خُلق شاعر قلّ عدد القتلة واحداً، وهذه إجابة شعرية وغير مسؤولة بلا شك، فكثير من المجتمعات التي تنتج، يومياً، شعراء وشاعرات، تنتج بالتوازي إرهابيين وقتلة
دون التمعّن في الدراسات الجادة وغير الجادة، وبمطالعة سطحية لقادة التنظيمات المتطرّفة والكثير من أعضائها، فإننا نجد بينهم الطبيب والمهندس وأستاذ الجامعة. وفي دراسة مشتركة بين مركز البحوث والدراسات والتوثيق في جامعة تونس ومركز المساواة والأمن في جامعة موناش، تبيّن أن أصحاب التخصّصات العلمية من بين المنتمين للجماعات المتطرّفة، أكثر بشكل ملحوظ من أصحاب التخصّصات في العلوم الإنسانية. وغني عن القول إن أيمن الظواهري مثلاً كان طبيباً جراحاً، وأن نسبة كبيرة من منتسبي داعش هم مهندسون او طلبة هندسة، حسب دراسة موثوقة.
إن لم يكن للعلم دور حاسم في منع القتل، فهل يقوم بذلك الوضع الاقتصادي الجيد؟ وهل البيئة الفقيرة مهيأة لأن تنتج متطرّفين أو قتلة أكثر من البيئة التي تمتاز بمستوى اقتصادي مرتفع؟
تقول بعض الدراسات، إن التهميش النسبي يلعب دوراً ملحوظاً في توجه الناس نحو التطرّف وبالتالي القتل، فلو افترضنا أن اثنين من الزملاء في كلية الهندسة في جامعة ما، أحدهما من العاصمة والثاني من قرية بعيدة أو نائية على الحدود، وأن الأخير مبدع في دراسته وينال علامات ممتازة في جميع المواد، بينما ابن العاصمة لا يلتفت كفاية إلى دراسته ويكتفي بعلامة النجاح. بعد التخرج يجد ابن العاصمة، بحكم مكان سكنه، فرصة للعمل في شركة من الشركات الكثيرة الموجودة في العاصمة، بينما لا وجود لفرصة مماثلة لابن القرية النائية في قريته.
بنظرة سريعة على تاريخ القتل والقتال في أفغانستان وغير أفغانستان، نستطيع التذكر كم صنعت دول الخليج الغنية وكم صدّرت إلى العالم من إرهابيين وقتلة
من ضمن المشاركين، كان هناك شاب خفيف الظل وصاحب نكتة جاهزة دوماً. في إحدى المحاضرات التي تسبق مباراة التنس الأرضي، وبينما كانت مسؤولة البرنامج تشرح عن الأهداف والنتائج المرجوة، قاطعها المشارك وسألها بخبث: "يا أستاذة إنت بتعتقدي إنهم الشباب بروحوا على سوريا لأنه ما في عندنا تنس هون؟ يعني رايحين يلعبوا تنس هناك؟". لم تستطع المسؤولة تقديم إجابة مقنعة لهذا السؤال، كما لا يستطيع أحد أن يجزم أن قلة الترفيه، أو فراغ الوقت هو الدافع وراء الجريمة، فأبو مصعب الزرقاوي كان "طخيخ أعراس" ولم يكن يشكو لا من ملل الوقت البطيء ولا من قلة التسلية.
إن لم يكن الوضع الاقتصادي الجيد أو الحصول على وسائل الترفيه مانعاً للقتل، فهل يمكننا البحث في تخلي الدولة نفسها عن دورها في تأمين الرعاية الاجتماعية للأفراد، وانسحابها من وظيفتها هذه أو عجزها عن تقديمها بالشكل الذي يجعل الجميع راضين، أو على الأقل مطمئنين لمستقبلهم ومستقبل أبنائهم؟
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...