في أعماق القارة الأفريقية، نستكشف جمال السودان، البلد الذي يحتضن مزيجاً فريداً من المعالم الطبيعية والتراث الثقافي والتاريخي، بمساحته الشاسعة وثقافاته المختلفة، ليضم العديد من المعالم السياحية المتنوعة، التي تظل شاهدة على سحر وحضارة وثقافة السودان وتاريخه العريق.
لا بد أن تنتهي الحرب، وحين تنتهي ربما تفكرون بالسودان من زاوية جديدة لا تشبه التي قدمتها عنه نشرات الأخبار، زاوية سياحية ترفيهية واستكشافية بالمقام الأول، رصيف22 يقدم نفسه هنا مرشداً سياحياً إلى العديد من الوجهات والمعالم السياحية على طول السودان، والتي تستحق الزيارة عقب أن تضع الحرب أوزارها.
أجمل متاحف الخرطوم
قبيل الحرب كانت الخرطوم المقصد الأول لسياح السودان، فهي تتشكل من مزيج رائع بين المباني الحديثة والمعالم التاريخية.شارع النيل أشهر المعالم السياحية في الخرطوم، حيث يحتضن مبنى المتحف القومي، ويضم كوكبة واسعة من مختلف المعالم الأثرية لفترات الحضارة السودانية، والعديد من المعابد التي تم تفكيكها لإنقاذ آثار منطقة النوبة عند إنشاء السد العالي جنوب مصر.
تضم الخرطوم عدداَ من المتاحف المهمة كالمتحف الرئاسي، والمتحف القومي، ومتحف التاريخ الطبيعي، ومتحف بيت الخليفةكما تحتوي العاصمة على متاحف أخرى، بينها متحف القصر الرئاسي الذي يتميز بطراز أوروبي فريد، يعود إلى حقبة الاستعمار البريطاني، ومتحف التاريخ الطبيعي الذي يوثق الحياة البرية في السودان، ويضم عدداً من صالات العرض لبعض النماذج الحيوانية المحنطة، وعدداً من النباتات الغريبة، بالإضافة إلى بعض الكائنات الحية، ومتحف بيت الخليفة الذي يعود إلى حقبة الثورة المهدية، وكذلك مقابر الأتراك التي تعود إلى عهد الدولة العثمانية والدولة المصرية.
المملكة النوبية
من الخرطوم إلى الولاية الشمالية، على بعد أكثر من 500 كم، تقع بقايا المدينة النوبية القديمة كرمة، التي كانت تعد العاصمة الإدارية لحضارة كرمة التي ظلت عاصمة للمملكة أكثر من 1000 عام، حيث يمكن للسياح زيارة مجمع حضارة كرمة الذي تم افتتاحه في العام 2008م، ويضم عدداً من تماثيل الفراعنة السود من الملوك، الذين حكموا مصر والسودان، وقطعاً من ألواح معابد أخناتون وصور تمثال الإله آتون، وبقايا تماثيل الإمبراطورية الوسطى التي تحمل الهيروغليفية المصرية القديمة، كما يحتوي مجمع الحضارة على نماذج متعددة لمقابر قديمة، إذ توضح النماذج طقوس ومراسم الدفن التي كانت سائدة في تلك الفترة، كتزويد الميت بممتلكاته لترافقه في الحياة الأخرى.دنقلا العجوز والأهرامات السودانية
من كرمة إلى دنقلا، عاصمة الشمال في السودان، واحدة من أقدم المدن الغنية بالآثار القديمة، جنوب الضفة الشرقية لنهر النيل، دنقلا العجوز، العاصمة التاريخية لمملكة المقرة النوبية المسيحية، أحد أهم الممالك التي نشأت بعد سقوط مملكة مروي، وتضم المنطقة بقايا آثار كنسيّة متعددة، وقلعة الخندق، وعدداً من الأديرة، كما يوجد بها مسجد عبد الله ابن أبي السرح، وهو مسجد أثري قديم، ويعتبر أول مسجد بني في السودان خلال فترة خلافة عثمان بن عفان، وثاني أقدم مسجد في قارة أفريقيا بعد مسجد عمرو بن العاص بمصر.
يمكن للسياح زيارة مجمع حضارة كرمة الذي تم افتتاحه في العام 2008م، ويضم عدداً من تماثيل الفراعنة السود من الملوك، الذين حكموا مصر والسودان
ومن دنقلا العجوز، نتحرك في رحلة جديدة إلى مدينة كريمة بالولاية الشمالية، حيث يقع جبل البركل "الجبل المقدس"، الذي كان يمثل المسكن الجنوبي للإله آمون، والمسجل في هيئة التراث العالمي منذ العام 2003 ضمن مواقع مملكة نبتة التاريخية، ويعتبر من أهم المعالم السياحية التي يرتادها السياح. وعلى بعد 20 كم جنوب مدينة كريمة، جنوب الجبل المقدس، نجد "الكرو"، التي تحتوي على أكثر من 20 مقبرة ملكية وتعرف بأنها مقابر الأسلاف.
بين الشلال الخامس والسادس على الضفة الشرقية لنهر النيل، وفي المنطقة الواقعة بين نهر النيل ونهر عطبرة بمحافظة شندي في ولاية نهر النيل، نستطيع توثيق ذكريات رحلتنا إلى مملكة مروي العاصمة الثانية لحضارة كوش السودانية لعدة قرون، والتي ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بتاريخ مصر الفرعونية، وتُعد أهرامات الباجورية في مروي، أحد أهم المعالم السياحية في المنطقة، ويبلغ عدد الأهرامات التي تم اكتشافها في المدينة أكثر من 200، ويصل ارتفاع بعضها إلى 30 متراً.
المملكة الكوشية والحياة البرّية
وعلى بعد 40 كم من مروي، تقع المصورات الصفراء، المشيدة من الحجر الرملي، والتي يحتضنها سياج عظيم، وتحتوي على غرف تخزين وورش عمل ومطابخ وغرف فردية متعددة، وتحتضن المصورات الصفراء في النقعة معبد "الأسد"، مقر عبادة الإله الكوشي "أبا دماك".
أما على الضفة الشرقية للنهر، فتقع مدينة ود بانقا الأثرية، حيث يتواجد قصر الملكة الكوشية "أماني شاخيتي" وهرما خاص بها، كما يتواجد بقايا لمعبد للآلهة المصرية "ايزيس"، ومعبد صغير للإله "بس" الذي اشتهر في الحضارة الافريقية القديمة، وتم عبادته على طول نهر النيل، وفي أجزاء من مصر القديمة، ويعد "بس" إله الجمال والرقص والموسيقي والملذات، كما اشتهر بأنه الحامي من الأرواح الشريرة.
في بورتسودان، بالقرب من الأرصفة البحرية للميناء، والمنارة الأثرية القديمة، يقع منتزه سنجانب الوطني حيث يجد محبو الغوص ضالتهم في الحدائق المرجانية، والأسماك الاستوائية التي تُبرز التنوع البيولوجي للبحر الأحمر
عشاق الحياة الطبيعية سوف يكونون على موعد ساحر في أحضان أحواض جبال تاكا، بالقرب من الحدود مع أريتريا، شرق السودان، في ولاية كسلا، حيث يمكنهم استكشاف الوديان الصخرية، والأخاديد الرملية المترامية هنا وهناك. وفي الغرب نجد سهول دارفور، حيث جبل مرة، أعلى قمة في البلاد، ويتشكل من الأحجار البركانية الضخمة التي تكونت منذ آلاف السنين، وعلى حافته نستمتع بتأمل "ديريبا كريتر"، التي تتألق وسط المناظر الطبيعية الخضراء وتحتضن المياه طيلة الوقت، هناك حيث تنتشر البيوت الريفية أعلى الجبل.
وفي جنوب شرقي البلاد يمكنك أن تبدأ رحلة استكشاف الحياة البرية الأفريقية القديمة، إلى حديقة الدندر الوطنية، حيث السهول الاستوائية على الحدود الأثيوبية، والتي تنحدر من مرتفعات عالية داخل اثيوبيا، وتكتسي باللون الأصفر للأعشاب المترامية والبحيرات المتفرقة على مساحات شاسعة، والتي تحتضن عشرات الأنواع من الحيوانات والطيور كالأسود والقرود والظباء والنعام، في واحد من أقدم أماكن الإقامة الطبيعية لهم تاريخياً.
البحر الأحمر
وفي بورتسودان، بالقرب من الأرصفة البحرية للميناء، والمنارة الأثرية القديمة، يقع منتزه سنجانب الوطني، حيث يجد محبو الغطس والغوص ضالتهم في استكشاف الحدائق المرجانية، والأسماك الاستوائية، التي تُبرز قيمة التنوع البيولوجي الهائل للبحر الأحمر. وعلى الساحل الغربي للبحر الأحمر تقع جزيرة سواكن التاريخية، التي تضم آثار وأطلال المدينة التاريخية القديمة، التي بنيت فوق سطح الجزيرة المرجانية، والتي كانت الميناء التاريخي السابق للسودان، حيث توسعت في العصر الحديث لتضم الساحل الذي يجمع العديد من البحيرات والسهول والشعب المرجانية.
منطقة البحر الأحمر من أجمل المناطق السياحية في السودان، وتضم جزيرة سنقنيب التي تزخر بتنوع كبير بالأسماك والكائنات البحرية والشعاب المرجانية. وبالقرب من محمية سنقنيب يقع مصيف أركويت، في موقع من أجمل مواقع البحر الأحمر الخلابة، حيث يمكنك الاستمتاع بنقاء المياه المذهل، بينما تحيط بالمنطقة الجبال من جميع الجوانب.
أماكن الإقامة
يتميز السودان بتنوع كبير لأماكن الاستضافة، بين الفنادق، وبيوت الضيافة، والشقق المجهزة، التي تلبي كافة الأذواق والرغبات، وتنتشر أماكن الاستضافة في جميع ولايات السودان، خاصة التي تضم الأماكن الأكثر جذباً للسياح والزائرين، ويعد فندق "كورنثيا" بالخرطوم، الشهير بفندق الفاتح والمملوك للحكومة الليبية، واحدا من أهم الفنادق بالعاصمة الخرطوم، حيث يقع في شارع النيل الأزرق، ويقدم خدمات الارشاد السياحي إلى جانب خدمات الاستقبال والاقامة، ويتميز بموقعه الذي يتوسط كافة المتاحف والمباني الأثرية بالعاصمة، والمطل على النيل.يُفضل أن ترتدي النساء الملابس الطويلة والفضفاضة في المساجد والأديرة التاريخية، كما يمنع احتساء الكحول والمشروبات الروحية في الأماكن العامة
وفي العاصمة فندق السلام بشارع أفريقيا أمام الحديقة الدولية، أحد أشهر الفنادق التي تلبي احتياجات الزائرين بمحبة ولطف، حيث الإقامة الراقية بجانب أشهر توكيلات المطاعم العالمية، وفي مركز العاصمة، حيث يمكنك استكشاف كافة الوجهات السياحية بالمنطقة، ولمحبي الشقق الفندقية يتخصص البرج الأبيض بالقرب من مطار الخرطوم، بحي المنشية في شارع النيل، في استضافة راغبي الإقامة بالشقق المجهزة، والتي تحظي بخدمة فندقية ممتازة، كما يتمتع بقربه من كافة الخدمات التي يحتاجها الزائر.
العادات والأسعار
وفي "كرمة" حيث تستكشف بقايا المدينة النوبية القديمة، سوف تستمتع بالإقامة في منتجع الدفوفة السياحي، الذي ينظم زيارات استكشاف الحضارة القديمة، ورحلات السفاري بين أطلال المدينة القديمة، بالإضافة للحفلات التي يتميز بتنظيمها في رحلات نيلية فريدة، كما يقدم المنتجع الأطعمة والمشروبات المحلية التي يتميز بها السودان، وتمثل رمزاً لتراكم ثقافات وحضارات سابقة في المطبخ السوداني.وتحتضن الولاية الشمالية بالسودان، منتجع ترهاقا السياحي، بعاصمة الشمال دنقلا، بالقرب من مملكة المقرة النوبية المسيحية، والمسجد الأثري بالبلدة العجوز، وعلى الطراز النوبي بمدينة كريمة، يوجد بيت ضيافة كريمة النوبي، واحد من أجمل بيوت الضيافة بالسودان، الذي يتمتع بتصميم نوبي قديم على مساحة شاسعة، ويقدم خدمات الرحلات لاستكشاف كافة اللآثار والمعالم السياحية بالمدينة. وفي بورتسودان بولاية البحر الأحمر سوف تستمتع بالإقامة في منتجع البحر الأحمر، حيث الإقامة على ضفاف البحر والمناظر الطبيعية الخلابة، والطقس المدهش.
تتراوح أسعار الإقامة في أماكن الإقامة بين العاصمة والولايات المختلفة، بين 100 و 300 دولار لليلة الواحدة شاملة كافة الخدمات، ويتميز الشعب السوداني بحسن الاستقبال والضيافة، فهم ودودون للغاية، ولكن مع حرص السياح على أن يلتزموا بعادات وتقاليد البلاد العربية والإسلامية، خاصة في الأماكن العامة والأثرية الدينية، حيث يفضل أن ترتدي النساء الملابس الطويلة والفضفاضة في المساجد والأديرة التاريخية، كما يمنع احتساء الكحول والمشروبات الروحية في الأماكن العامة. فلا تترددوا أن تضعوا رحلة استكشاف سحر وتاريخ السودان ضمن قائمة اهتماماتكم خلال الفترة المقبلة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 21 ساعةمتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع