تحت عنوان "هل تشكّل الكرة السعودية خطراً على الكرة الأوروبية؟"، نشر موقع "أوفر كلوكرس" البريطاني، تقريراً الشهر الماضي، تحدّث فيه عن الصفقات الكبيرة التي تقوم بها الأندية السعودية، وانعكاساتها المحتملة على البطولات الأوروبية وأنديتها في المديَين المنظور والبعيد.
كاتب التقرير قال إنه يتفهم انتقال عدد من النجوم في السنوات الأخيرة من مسيرتهم، إلى دوريات خارج أوروبا، كالدوري الأمريكي والدوريات الخليجية، إلا أن الجديد هذه المرة هو انتقال لاعبين في منتصف مسيرتهم للّعب في السعودية، وأعطى مثالَين على ذلك؛ كروبن نيفيز الذي كان مطلوباً في برشلونة، والحارس إدوارد ميندي أفضل حارس في العالم في العام 2021. وأضاف الكاتب: "نحن في أوروبا نلتزم بقانون اللعب المالي النظيف (أي الموازنة بين الإيرادات والمصاريف)، وهو أمر لا يحصل في السعودية، وتالياً كيف يمكننا مواجهة السعودية في حال أرادت شراء أفضل مواهب الكرة الأوروبية؟".
رئيس اليويفا: السعودية ترتكب خطأً جسيماً
في الفترة نفسها، كان هناك حديث عن احتمال انتقال برناردو سيلفا، نجم مانشستر سيتي إلى الدوري السعودي، الأمر الذي أثار غضب مدافع ليفربول السابق، ومحلل شبكة سكاي سبورت جيمي كاراغر، فكتب على حسابه على تويتر: "برناردو سيلفا في قمة مستواه اليوم، وهو واحد من أفضل لاعبي العالم في السنوات الخمس الأخيرة. لم أتخوف في السابق عندما كانت السعودية تستهدف اللاعبين المتقدمين في السن، وتخوفت قليلاً عندما استهدفت لاعبين أقلّ من النخبة مثل روبن نيفيز، ولكن إذا حصل هذا (أي انتقال سيلفا)، فهذا يعني تغييراً في قواعد اللعبة".
اعتبر رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (اليويفا) ألكسندر شيفرين أن السعودية ترتكب خطأً كبيراً عبر دفع أموال طائلة لنجوم في نهاية مسيرتهم، قائلاً "يجب أن يستثمروا في الأكاديميات الكروية، وجلب مدرّبين لتطوير اللعبة، أما جلب نجوم في نهاية مسيرتهم فهو ليس النظام الذي يطوّر كرة القدم، إنه الأمر نفسه الذي فعلته الصين في السابق ولم يأتِ بنتيجة"
بعد هذه التغريدة، انتقل صديقان مقرّبان لكاراجير إلى الدوري السعودي، حيث تعاقد نادي "الاتفاق" مع أسطورة ليفربول ستيفن جيرارد، لتدريب الفريق، ولحق به قائد ليفربول جوردان هندرسون، للّعب تحت إشرافه، فوجد كاراجير نفسه في موقف حرج، وقد اتهمه مدافع مانشستر يونايتد ريو فرديناند، بازدواجية المعايير، بسبب تغاضيه عن انتقاد أصدقائه. الصفقات السعودية هي الشغل الشاغل للإعلام الرياضي في أوروبا.
مدافع إنكليزي دولي سابق آخر، انتقد ما تقوم به السعودية، إذ طالب غاري نيفيل بالبدء بتحقيق فوري في المبالغ الكبيرة التي تضخّها السعودية في سوق الانتقالات الحالية، وتحدّث لاعب مانشستر يونايتد السابق عن علامات استفهام حول "السوق العادلة"، ومساعدة الأندية السعودية في قضية اللعب المالي النظيف، وعن ضرورة تنظيم ما أسماه الفوضى التي تجتاح كرة القدم والأندية الإنكليزية، بعد انتقال عدد من لاعبي البريميرليج إلى السعودية، في أسرع وقت ممكن.
الموقف الأبرز في هذا المجال كان لرئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم اليويفا ألكسندر شيفرين، الذي اعتبر أن السعودية ترتكب خطأً كبيراً عبر دفع أموال طائلة لنجوم في نهاية مسيرتهم، حيث قال: "أين هي المشكلة؟ هي أنهم يجب أن يستثمروا في الأكاديميات الكروية، وجلب مدرّبين لتطوير اللعبة، أما جلب نجوم في نهاية مسيرتهم فهو ليس النظام الذي يطوّر كرة القدم، إنه الأمر نفسه الذي فعلته الصين في السابق ولم يأتِ بنتيجة".
ياسر القحطاني يردّ
كلام كاراجر، نيفيل، وشيفرين، استدعى ردّاً قاسياً من المهاجم السعودي السابق ومحلّل قنوات "بي إن سبورت"، ياسر القحطاني، حيث قال عبر حسابه على تويتر: "كيف سمحتم لأنفسكم أيها المهرّجون بأن تتكلموا عن بلد يبحث عن التطور لرياضته المحلية دون أن يضرّ بأحد ودون أن يخالف أي أنظمة؟ ماذا عن صفقات الأمريكيين والأوروبيين في دوريّكم وفي أوروبا بأكملها؟ أعلم تماماً بأن أمثالكم لا تسكِت أفواههم سوى حفنة من المال، فقد تعودتم على جعل هذا الأمر مصدر رزقكم، وهذا ما جعلكم منبوذين لدى محبّي كرة القدم".
وحمل القحطاني بشدّة على شيفرين، وتوجّه إليه بالقول: "قبل أن تتكلم عن مشروع التطوير الرياضي السعودي العظيم، كنت أتمنى أن تحاول أن تطوّر كرة القدم في بلدك، ولا تشغل نفسك في بلد تأهل منتخبه إلى كأس العالم 6 مرات أكثر من منتخب بلدك (أي سلوفينيا)".
ضمن السياق نفسه، يرى موقع "ذا إيكونوميست"، إن الفرق الأوروبية بدأت تنظر شرقاً (نحو السعودية)، بعين القلق، مع استمرار عملية مراقبة النجوم واستهدافهم من قبل الدوري السعودي، واعتبر الموقع أن أهداف هذه الصفقات ستظهر في السنوات المقبلة، فمن الممكن أن تنضم الفرق السعودية إلى دوري أبطال أوروبا الموسّع وهي فكرة مطروحة، أو إلى الدوري الأوروبي الممتاز في حال تم توسيعه، أما في الوقت الحالي، فإن السعودية تشكل تحدياً حقيقياً لسيطرة أوروبا الحالية على المواهب الأكثر إشراقاً في العالم.
الخطر الأكبر يتمثل في القدرات المالية اللا محدودة للفرق السعودية، مقابل الضوابط التي تواجهها الفرق الأوروبية، فهي لا تستطيع استخدام إلا 90% من وارداتها لشراء اللاعبين وتسجيلهم ودفع حصص وكلائهم، بالإضافة إلى رواتب اللاعبين والمدربين
فوضى في سوق الانتقالات
بدوره، رأى الصحافي المعروف في موقع "كيك 442"، ريموند إيلوم، أن الأموال الضخمة التي تضخّها السعودية اليوم لشراء اللاعبين، تحدث فوضى كبيرةً في سوق الانتقالات الصيفي الحالي، والذي يمتدّ حتى نهاية شهر آب/ أغسطس الحالي، إلا أنه عدّ أن جذب حفنة من النجوم العالميين لن يكون كافياً لاستقطاب شرائح كبيرة من المشاهدين من حول العالم، لأن جودة اللعب ستظل أقل بكثير من جودة الدوريات الأوروبية صاحبة الشعبية الأكبر.
ويرى إيلوم أن الخطر الأكبر هي القدرات المالية اللا محدودة للفرق السعودية، مقابل الضوابط التي تواجهها الفرق الأوروبية، فهي لا تستطيع استخدام إلا 90% من وارداتها لشراء اللاعبين وتسجيلهم ودفع حصص وكلائهم، بالإضافة إلى رواتب اللاعبين والمدربين، وسيتم خفض هذه النسبة إلى 70%، وفي حال لم تنجح الفرق الأوروبية في رفع نسب إيراداتها (وهو أمر تعاني منه فرق كثيرة في إيطاليا، إسبانيا، ألمانيا وغيرها)، ومع ارتفاع رواتب نجوم الصف الأول في أوروبا، ستضطر الفرق إلى تخفيض جودة لاعبيها للحفاظ على التوازن المالي، ما يؤدي إلى أضرار أكبر في منافستها مع الفرق من خارج أوروبا، خاصةً السعودية.
تمويل صفقات فرق الدوري السعودي هذه الفترة، يتم عبر الصندوق الوطني الاستثماري الذي يحوي مبالغ طائلةً لذا منافسة السعودية مالياً في مجال جذب اللاعبين أمر غاية في الصعوبة، خاصةً مع غياب قوانين اللعب المالي النظيف في المملكة، بعكس أوروبا.
التقرير تحدّث أيضاً عن قدرة الدوري السعودي المتزايدة على استقطاب المواهب من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ما يسبب مشكلات للفرق العريقة في هذه البلاد في المحافظة على نجومها. يلعب حالياً في الدوري السعودي الثنائي المصري أحمد حجازي وطارق حامد، والجزائريان الدوليان سفيان بن دبكة والحارس مصطفى بن زغبة، والدولي المغربي منير المحمدي.
يُذكر أن تمويل صفقات فرق الدوري السعودي هذه الفترة، يتم عبر الصندوق الوطني الاستثماري المؤسَس في العام 1971، والذي يتغذى بدوره من عائدات النفط بشكل رئيسي، ويحوي مبالغ طائلةً من الأموال، وتالياً فإن منافسة السعودية مالياً في مجال جذب اللاعبين، أمر غاية في الصعوبة، خاصةً مع غياب قوانين اللعب المالي النظيف في المملكة، بعكس أوروبا.
في ما يلي أبرز الصفقات التي أتمّتها الفرق السعودية بشكل رسمي حتى كتابة هذا المقال، والدوريات والأندية التي أتى منها اللاعبون.
النصر: كريستيانو رونالدو من مانشستر يونايتد الإنكليزي (انتقال حرّ بعد فسخ عقده)، بروزوفيتش من إنتر الإيطالي، سيكو فوفانا من لنس الفرنسي.
الهلال: روبن نيفيز من وولفرهامبتون الإنكليزي، ميلينكوفيتش سافيتش من لاتسيو الإيطالي، خاليدو كوليبالي من تشيلسي الإنكليزي.
الاتحاد: كريم بنزيما من ريال مدريد الإسباني، نجولو كانتي من تشيلسي الإنكليزي، جوتا من سيلتيك الإنكليزي.
الأهلي: روبرتو فيرمينو من ليفربول الإنكليزي (انتقال حرّ)، إدوارد ميندي من تشيلسي الإنكليزي.
الاتفاق: جوردان هندرسون من ليفربول الإنكليزي.
هذا بالإضافة إلى مفاوضات متقدمة مع عدد من النجوم مثل رياض محرز، ساديو ماني، وروميلو لوكاكو قد تُحسم في الساعات القادمة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...