لا حديث في الأوساط الكروية في الوطن العربي في هذه الأثناء، يعلو على حديث صفقة انضمام النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، إلى نادي النصر السعودي، عقب رحيله عن مانشستر يونايتد بعد فسخ العقد بين اللاعب والنادي بالتراضي، إثر الأزمة التي أحدثتها مقابلته الشهيرة مع بيرس مورغان، قبيل انطلاق كأس العالم.
وبالرغم من عدم خوضه مباراته الأولى مع فريق العاصمة السعودية حتى الآن، إلا أن الحديث عن الأرباح التسويقية التي قد يجنيها النادي العالمي من ضم واحد من أفضل لاعبي العالم في آخر عقدين، تتصدر عناوين الصحف الرياضية والاقتصادية.
فهل تغطي أرباح بيع قمصان كريستيانو رونالدو، قيمة الصفقة التي سيحصل بموجبها اللاعب على 200 مليون يورو سنوياً؟ ما ينتشر عادةً على مواقع وسائل التواصل الاجتماعي، أن الأندية تغطي قيمة الصفقات من أرباح بيع قمصان نجومها الجدد، ولكن في الحقيقة، ما يُثار هو مجرد خرافة لا أساس لها من الصحة.
المتعارف هو أن شركات الملابس الرياضية الشهيرة مثل أديداس ونايكي وبوما ونيوبالانس وشركات أخرى، تُبرم عقود رعاية مع الأندية الكبرى، تحصل بموجبها الأخيرة على مبلغ مادي ثابت سنوياً من الشركة، بالإضافة إلى إمدادها بالملابس والأدوات الرياضية، بينما تجني هذه الشركات أرباح المبيعات.
على سبيل المثال، عقد الرعاية الأعلى في عالم كرة القدم حالياً، هو العقد الذي أبرمه نادي ريال مدريد الإسباني، مع أديداس منذ عام 2020 حتى 2028، بقيمة مليار يورو، أي 125 مليون يورو سنوياً، ولم يُكشف عن أي شروط تفيد بحصول ريال مدريد على نسبة من مبيعات القمصان التي من المتوقع أن تدخل خزائن الشركة الألمانية بالكامل.
ما ينتشر عادةً على مواقع وسائل التواصل الاجتماعي، أن الأندية تغطي قيمة الصفقات من أرباح بيع قمصان نجومها الجدد، هو مجرد خرافة ، فما الذي يحصل فعلياً؟
ثاني أكبر عقد رعاية في العالم هو آخر نادٍ لعب له رونالدو في أوروبا، وهو مانشستر يونايتد الذي يحصل من أديداس على 848 مليون يورو لمدة عشر سنوات، أي أكثر من 84 مليون يورو في العام الواحد، مقابل تسويق قمصان النادي ومنتجاته وبيعها، والتي قد تُدخل لأديداس أرباحاً تُقدَّر بما بين مليار ونصف إلى ملياري يورو طوال فترة العقد المبرم بين الشركة الألمانية ونادي الشياطين الحُمر.
إذاً، فإن الحديث المتداول دائماً عن أن أرباح مبيعات القمصان تدخل إلى خزائن النادي، ليس لها أي أساس من الصحة، وهناك بعض العقود المبرمة بين الأندية وشركات الملابس فيها بنود عن حصول الأندية على نسبة من المبيعات.
أبرز هذه الأمثلة، فسخ ليفربول لعقد الرعاية مع شركة نيوبالانس الأمريكية التي كان يحصل منها سنوياً على 50 مليون يورو، ليُبرم عقداً أقل مع شركة نايكي مقابل 33 مليون يورو سنوياً، بشرط الحصول على نسبة 20% من أرباح بيع قمصان الفريق.
صحيح أن عقد ليفربول مع نايكي أقل من عقده مع نيوبالانس بـ17 مليون يورو سنوياً، إلا أن بند حصوله على نسبة 20% من مبيعات القميص، بالإضافة إلى المبلغ السنوي الذي سيحصل عليه النادي، من المتوقع أن يُدخِل إلى خزائن ليفربول ما يقارب 80 مليون يورو سنوياً، لتصبح بذلك أرباح ليفربول من عقد الرعاية شبه متساوية مع غريمه الأزلي مانشستر يونايتد، بعد أن كان الفارق أكثر من 30 مليون يورو سنوياً.
تواصلنا مع الصحافي الرياضي المختص بالجانب الاقتصادي عبد الرحمن الشويخ، وأخبرنا بما حصل عليه من معلومات من داخل نادي النصر، وقال: "نادي النصر السعودي حالة مختلفة، فربما يحصل على حصة أرباح بيع قميص كريستيانو رونالدو بالكامل، لأن النادي يملك حقوق التصنيع والمتاجر الخاصة ببيع قمصان ومنتجات النصر، مقابل أن يتكلّف النادي حقوق المواد الخام وتشغيل المتاجر بالكامل وأجور الموظفين فيها".
مبيعات قمصان رونالدو ستذهب بالكامل لصالح خزائن نادي النصر، كونه استحوذ على المتاجر بالكامل تحت مُسمى شركة النصر الاستثمارية، فكم يُمكن أي يجني؟
وأضاف عبدالرحمن: "ماركة "Dunues" التي يرتديها فريق النصر، هي علامة تجارية مستقلة، ولكن النادي يملك الحقوق التجارية كاملة لها، وحق التصنيع، والمتاجر كانت من قبل تابعةً لشركة راعية والآن هي تابعة لنادي النصر، وتالياً فإن أرباح القمصان من المتوقع أن تذهب بالكامل إلى خزائن النادي، مقابل تحمّله للمواد الخام وتكلفة تشغيل وأجور موظفي المتاجر، وهذه التكاليف كانت تتحملها من قبل شركة راعية بدلاً من النصر، إلا أنه بموجب الاتفاق الجديد أصبحت للنصر اليد العليا في هذا الاتفاق المبرم".
هذا الأمر أكده أيضاً الصحافي أحمد رجب، المختص بشؤون الكرة السعودية، والذي أشار إلى أن "المبيعات ستذهب بالكامل لصالح خزائن نادي النصر، كونه استحوذ على المتاجر بالكامل تحت مُسمى شركة النصر الاستثمارية".
وتُباع قمصان النادي حالياً بسعر 300 ريال سعودي للقميص الأساسي، و260 ريال للقميص الاحتياطي، و220 ريال للقميص الثالث.
أما تكلفة كتابة وطباعة رقم 7، واسم كريستيانو رونالدو، على القميص، فتُقدَّر بـ115 ريالاً، وكانت صحيفة الاقتصادية السعودية قد أعلنت في 31 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، عن أن متاجر نادي النصر قد باعت 5 آلاف قميص، بعد 24 ساعةً تقريباً من إعلان صفقة ضم رونالدو، وقدّرت مبيعات هذه القمصان بمليوني ريال، أما عن قيمة المبيعات وأرباحها حتى الآن، فلم يتم حصرها.
متاجر نادي النصر قد باعت 5 آلاف قميص، بعد 24 ساعةً تقريباً من إعلان صفقة ضم رونالدو، وقدّرت مبيعات هذه القمصان بمليوني ريال، وهو رقم لا يساوي شيئاً مقارنة براتب رونالدو السنوي
قد تكون تجربة النصر فريدةً من نوعها، ولكنها شبيهة بتجربة يوفنتوس عام 2015، الذي كان قد أبرم عقداً مع أديداس لرعايته بقيمة 23.5 مليون يورو سنوياً، بالإضافة إلى حصوله على 6 ملايين يورو سنوياً كحد أدنى من مبيعات منتجاته، على أن تتجاوز مبيعاته حداً معيناً.
إلا أن النادي الإيطالي قرر التخلي عن الملايين الستة، مقابل أن تتولى الشركة تكلفة إدارة المتاجر الخاصة بيوفنتوس، وإدارة التراخيص والترويج لمنتجاتها في المتاجر الرسمية، وكذلك الإلكترونية، وأن يقوم النادي بشراء قمصان الفريق من أديداس بسعر أقل ويتولى عملية بيع القمصان للجمهور، وأن يتحمل تكاليف النقل والتشغيل، ليحصل يوفنتوس على نسبة أكبر من أرباح مبيعات القميص، وحصد بذلك أكثر بكثير من الملايين الستة التي كانت سيحصدها سنوياً كحد أدنى من نسبة المبيعات.
جدير بالذكر أن تجربة يوفنتوس ساهم في نجاحها بيع النادي لأكثر من 520 ألف قميص بعد يوم واحد من إعلان التعاقد مع كريستيانو رونالدو، وكان قادماً وقتها من ريال مدريد.
في المحصلة، فإن حصة مبيعات قمصان النجوم تصب غالبيتها في خزائن شركات الرعاية وليس الأندية، ولكن بكل تأكيد هذه الأندية مستفيدة بشكل كبير من الإقبال التاريخي على شراء قمصان نجومها، حتى لو على المدى البعيد.
على سبيل المثال، فإن العرض الخيالي من أديداس لريال مدريد، لم يكن سيصبح بهذه الضخامة إلا لأن أديداس تعلم تماماً بأن ريال مدريد يتعاقد دوماً مع صفوة نجوم العالم، ويستقطب الأسماء الكبيرة ذات الشعبية الواسعة، ما سيحقق لها أرباحاً خياليةً نتيجة بيع قمصان النادي.
وعليه، يستطيع ريال مدريد عند تجديد عرض الرعاية، فرض شروط وامتيازات جديدة، واستقطاب شركات رعاية منافسة، لأنه يعلم أن قمصان نجوم هذا النادي، هي البيضة التي ستبيض ذهباً في خزائنه.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع