شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
سلوان موميكا الذي خاف وقال مرتعداً:

سلوان موميكا الذي خاف وقال مرتعداً: "سلوان أخريكا"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي نحن وحرية التعبير نحن والتطرف

الاثنين 24 يوليو 202301:54 م

مسكين سلوان موميكا، الذي أحرق نسخةً من القرآن في صبيحة أول أيام عيد الأضحى، إذ وجد نفسه مختبئاً في مكان سرّي بعد آلاف التهديدات التي وصلته، ويطالب الحكومة السويدية من مخبئه بالحفاظ على حياته، بل إنه يحمّلها مسؤولية ذلك. سلوان موميكا، تحوّل في وقت قصير إلى سلوان أخريكا، كما قال عن نفسه معلّقاً على حاله في فيديو بثه بعد خمسة أيام من الحادثة.

على الأغلب، كان موميكا بإقدامه على هذه الخطوة الخطيرة، يبحث عن تصحيح وضع إقامته المؤقتة التي شارفت على الانتهاء، فوجد نفسه أسير الخوف والرعب اللذين تسببت بهما خطوته آنفة الذكر.

من الواضح أيضاً أنه كان يستعد لها منذ عام على أقل تقدير. ربما من اللحظة التي انتسب فيها إلى حزب "ديمقراطيو السويد" اليميني المتطرف، وأعلن عن ذلك صراحةً، لكن الحزب المشار إليه، بالرغم من أنه لا يخفي إطلاقاً عداءه للمهاجرين عموماً، وللمسلمين خصوصاً، قال ناطق باسمه إنه لا يعرف هذا الـ"موميكا"، والانتساب إلى حزبه القوي شبيه تماماً بالاشتراك في محطة نتفليكس. بهذه الكلمات يكون حزب "ديمقراطيو السويد"، قد تنصّل تماماً من فعلة موميكا، بعد أن حصد نتائجها على الصعيد الداخلي، وليس مهتماً على ما يبدو بنتائجها على الصعيد الخارجي، فزعيم الحزب جيمي أوكيسون احتل المرتبة الثانية بين الشخصيات التي يرغب السويديون في احتساء كأس جعة معها. جاء ترتيبه قبل ملك السويد نفسه.

مسكين سلوان موميكا، الذي أحرق نسخةً من القرآن في صبيحة أول أيام عيد الأضحى، إذ وجد نفسه مختبئاً في مكان سرّي بعد آلاف التهديدات التي وصلته، ويطالب الحكومة السويدية من مخبئه بالحفاظ على حياته

حقاً لماذا يجب على السويديين شرب البيرة مع ملكهم؟ يتساءل البعض ممن يحبون هذا الشراب. ربما يكون شخصاً مملاً؟! بينما يحمل اللقاء مع أوكيسون إثارةً غير متوقعة قد تخفف من ضجر السويديين، وميلهم الطوعي إلى الامتثال للقوانين.

يقول البعض إن تصرّف سلوان موميكا، يحمل قدراً كبيراً من الإثارة المفقودة، ربما تسعف البعض من السويديين بتغيير درامي ما في حياتهم الروتينية اليومية، لكن الأمر ليس بهذه السهولة، فهذه ليست المرة الأولى التي يُحرَق فيها القرآن في مملكة السويد. إنها المرة الرابعة التي تضع هذا البلد تحت المجهر مكشوفاً أمام العالم برمته، وتعرضه ربما لمخاطر ليست في الحسبان.

سبق للمتطرف الدانماركي راسموس بالودان، أن قام بذلك، ولكن في واقعة موميكا أخذت عملية حرق القرآن منحى مختلفاً، لأن الفاعل يجيء من الشرق الأوسط، أي أنه يجيء من منطقة ملتهبة، وكل ما فيها يدعو للخذلان، والانتكاس على كل الأصعدة، وليس موميكا أو "أخريكا" إلا إشارة من مكان آخر عن مدى هذا الخذلان والتردد والانكسار الذي تعانيه شعوب الشرق الأوسط حتى يجيء ويحمّلها ما هو فوق طاقتها، ففي اللا وعي الجمعي تدرك هذه الشعوب أن الأنظمة التي تستنكر وتدين هذه الواقعة وسواها لن تتعدى ردود أفعالها بيانات الشجب والاستنكار، وهي طريقة إدارة وفن حكم لتبسط هيمنتها أكثر على شعوبها بعد التوسع في إذلالها، وهي (الشعوب) التي تحتاج أيضاً إلى التعليم والصحة والعمل ومشاريع التنمية والاستثمار في قطاع الشباب وبقية الديباجة معروفة للجميع، لأن شيئاً من هذه الحاجات لا يتحقق ولو في جزء بسيط منه، أو لن يتحقق أقله في العقود القادمة التي نشهدها نحن الآن.

سلوان موميكا، الذي يشبه انضمامه إلى حزب "ديمقراطيو السويد" اليميني المتطرف، الاشتراك في محطة نتفليكس، يحلم بأن يصبح عضواً في البرلمان السويدي عن هذا الحزب. 

الواضح أيضاً أن كل من يملك أجندةً من وراء الحادثة، يراجع حساباته الآن، حتى أولئك المتضررين من ضمّ السويد إلى حلف الناتو الذين يراهنون على تصلّب تركي أكبر. ربما كان الأسهل أن يكون حارق القرآن شخصاً ليس من الشرق الأوسط، فبهذا لن تحظى فعلته بكل ردود الفعل التي صدرت حتى الآن. "وأما وقد انكشفت خلفيات سلوان موميكا حين كان في العراق، كما يروّج بعض الإعلام السويدي الناطق بالعربية، لكونه ميليشيوياً حاقداً وطائفياً ولديه سجل حافل بارتباطات مشبوهة مع مجرمي حرب". سوف لن تتأخر أحزاب المعارضة السويدية (على رأسها الديمقراطي الاشتراكي) التي تجاهلت حرق القرآن في المرات السابقة برفع صوتها في البرلمان مطالبةً بالتوقف عن ذلك. هذا لم يحدث من قبل، وإن حدث فعلى خجل وحياء.

سلوان موميكا، الذي يشبه انضمامه إلى حزب "ديمقراطيو السويد" اليميني المتطرف، الاشتراك في محطة نتفليكس، يحلم بأن يصبح عضواً في البرلمان السويدي عن هذا الحزب. بعض التعليقات جاءت مناسبةً من سويديين مراقبين. تقول سيدة سويدية على تويتر، إن سلوان يحلم بمراكمة ثروة في البرلمان على حسابنا. حقاً لماذا لا نسأل بهذه المناسبة هؤلاء السياسيين في هذه الحكومة عن أسباب رفع رواتبهم "الخيالية" مقارنةً بما يجري حولنا في أوكرانيا؟ وتتساءل سيدة أخرى: كيف تسمح الحكومة لشخص غير سويدي ويملك إقامةً مؤقتةً بالإقدام على هذه الفعلة؟ يتساءل آخر عن أموال دافعي الضرائب التي تذهب لحماية سلوان موميكا؟ حتى تأمين حياته سيكون على حساب دافعي الضرائب هؤلاء، وهم من الواضح كما تناقش الصحف الكبرى مثل "أفتونبلاديت" و"إكسبريسن"، ضاقوا ذرعاً بكل ذلك، ربما ليس حبّاً بالقرآن وأهله، ولكن من باب السؤال على الأقل عن الأموال التي يدفعونها من أجل توفير الحماية لمن يقومون بذلك، ومعروف للقاصي والداني أن الضرائب في السويد مرتفعة جداً.

النقاش يحتدم فعلاً في السويد حول ما إذا كان حرق القرآن حرية تعبير أم لا. وإذا كانت ثمة أصوات من حزب "ديمقراطيو السويد"، تبجّل فعلة سلوان موميكا، كما هو حال رئيس لجنة العدل في البرلمان ريكارد يومشهوف، الذي لا يخفي دعمه لفعلة سلوان، ويطالب علناً بحرق المزيد من المصاحف، ويقول إن الدول الإسلامية هي المشكلة، وليست الديمقراطية السويدية، فإن أصوات بعض الحقوقيين على المقلب الآخر تقول إن بعض التعديلات على مثل هذه القوانين ممكنة، وغير مضرّة بمصالح السويد العليا. السويد نفسها التي تعاني من ارتفاع غير مسبوق في عدد الجرائم الناتجة عن حرب عصابات المخدرات والتهريب على أراضيها، الأمر الذي دفع الجيران في الدانمارك والنرويج وفنلندا إلى اجتماعات أمنية رفيعة المستوى مع الجانب السويدي من أجل تدارك ما يحدث قبل فوات الأوان.

الحال اليوم، وبعد كل ما تقدَّم، شبيه بما قاله الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، عندما كان في سدة الحكم في 2017 أمام حشد من المؤيدين في فلوريدا، إذ أشار إلى حادثة لم تحدث في السويد -حيّرت الكثيرين- ليس أقلهم السويديون أنفسهم:" تنظر إلى ما يحدث في ألمانيا. تنظر إلى ما حدث في السويد في الليلة الماضية. السويد. من سيصدّق هذا؟".

ليس موميكا أو "أخريكا" إلا إشارة من مكان آخر عن مدى هذا الخذلان والتردد والانكسار الذي تعانيه شعوب الشرق الأوسط حتى يجيء ويحمّلها ما هو فوق طاقتها

لم يكن واضحاً تماماً ما هو الحادث الذي أشار إليه ترامب، كما علّق كثيرون على تويتر في حينه، بمن فيهم رئيس وزراء سابق للسويد. حتى أن السفارة السويدية في واشنطن طلبت توضيحاً من وزارة الخارجية الأمريكية.

إذاً ما الذي حدث في السويد بالضبط يوم الجمعة؟

جريدة "أفتونبلاديت" لخصت أحداث ذلك اليوم كالتالي:

-رجل يشعل النار في نفسه وسط ستوكهولم.

-المغنّي الشهير أوي ثورنكفيست يعاني من مشكلات فنية في البروفات.

-إغلاق طرق في شمال السويد بسبب قسوة الطقس.

-سيارة شرطة تطارد سائقاً مخموراً في وسط ستوكهولم.

هل كان دونالد ترامب يشير إلى شيء آخر؟

هل كان سلوان موميكا يشير إلى شيء آخر؟!

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

بالوصول إلى الذين لا يتفقون/ ن معنا، تكمن قوّتنا الفعليّة

مبدأ التحرر من الأفكار التقليدية، يرتكز على إشراك الجميع في عملية صنع التغيير. وما من طريقةٍ أفضل لنشر هذه القيم غير أن نُظهر للناس كيف بإمكان الاحترام والتسامح والحرية والانفتاح، تحسين حياتهم/ نّ.

من هنا ينبثق رصيف22، من منبع المهمّات الصعبة وعدم المساومة على قيمنا.

Website by WhiteBeard