شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
تصميم لبوسترات مسلسل ريفيو الجزء الأول والثاني

ريفو الجزء الثاني... محاكاة باهتة تطارد ظل نجاح مضى

تصميم لبوسترات مسلسل ريفيو الجزء الأول والثاني

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الأربعاء 19 يوليو 202301:39 م

أزعم أني من محبي مسلسل ريفو، الذي ربما غير علاقتي بفريق كايروكي، من مستمع يزجي الوقت إلى مستمع يجد أن أغانيهم وتجربتهم تعبر عنه، وكنت من أشد المعجبين بأداء أمير عيد المناسب للشخصية، إذ خطف قلبي منذ لحظة ظهوره في مسلسل ريفو، مؤدياً شخصية شادي. كأني استعدت بشكل شخصي صديق قديم أعرفه عن حق، لكن تفرقت بنا السبل، كمرشد فقدته في الطريق، أخ أكبر متخيل يمكن أن يلهمني غضبه لا حكمته شيئاً، تماماً كما مثّل شادي لأصدقائه في الباند الذي تفكك بموته داخل المسلسل، ورأوا أن في استعادة ذكراه، استعادة لأنفسهم من تيه أنفسهم، حيث كل واحد فيهم لم يعد يملك إلا إشاحة النظر عن الحلم، ومواصلة الحياة كجثة، أحدهم بمخدر الدين والثاني في الهجرة والثالث بالمال، والرابع بالاستسلام لليأس.
ألبوم أغاني المسلسل في الجزء الأول لا تمل، لا أتذكر عدد المرات التي استمعت فيها إليه، رغم أنه ليس مشحوناً بطاقة تمرد تلك المرة، بل حزن عميق على ما آلت إليه أحلامنا، ولمحة لأشباح قديمة لما كنا عليه.
إذن إعجابي بالمسلسل يتجاوز مفهوم الجودة من عدمه، بل بسبب الارتباط العاطفي الذي نجح المسلسل في خلقه في الجزء الأول، مع شخصيات الباند التي تشبه حلماً مهزوماً، والتي وإن كانت مستعارة من أجواء الثمانينيات، إلا أن امتدادها الواضح كان هزيمة أحلام يناير، سواء في اكتئاب الأبطال بعد انهيار الباند، أو في ثورية شادي الذي أدى دوره أمير عيد في الفلاش باك

في الجزء الثاني من المسلسل ثمة أزمة واضحة، لا توجد قصة حقيقية قادرة على جذبك لمشاهدة العمل، والاتكاء على أن المشاهد قد يتابع الأحداث فقط ليعرف كيف مات شادي، مقامرة لم تكن في محلها

لكن في الجزء الثاني، لا شيء من هذا الامتداد العاطفي وصلني كمشاهد، لذا كان تركيزي الأكبر مع مشاكل الدراما والأداء التمثيلي في المسلسل، والتي ربما كانت موجودة في الجزء الأول، لكن غطاها الارتباط العاطفي الذي يجعلنا نغفر ما لا يُغفر، فضلاً عن جودة أغاني المسلسل ونجاحها.


يعتمد الجزآن على التكنيك نفسه، قصة الماضي المتناثرة كبازل يعمل الحاضر على جمعها وحلها ويتقاطعان معاً.
في الجزء الثاني ثمة أزمة واضحة، لا توجد قصة حقيقية قادرة على جذبك لمشاهدة العمل، والاتكاء على أن المشاهد قد يتابع الأحداث فقط ليعرف كيف مات شادي، مقامرة لم تكن في محلها.
في الجزء الأول كانت هناك قصة كبيرة عن الباند تتكشف ببطء، تبدأ من لحظة هزيمة مروان (صدقي صخر) اكتئابه المنطقي كمفتاح لقصة أخرى عن حلم كبير في الماضي، حلم مبهج عن مجموعة شباب تحلم بموسيقى ثورية يعبرون فيها عن أنفسهم، على عكس الجزء الثاني الذي تبدو فيه نبرة الاكتئاب هي السائدة لدى الجميع بشكل مبالغ فيه، وهو ما يقتل التعاطف، فتلك النبرة الكئيبة المهمومة التي يقطع فيها الكلام بالطريقة نفسها لدى أغلب الشخصيات، تحولها من شخصيات تحمل هما يمكن التعاطف معه، إلى شخصيات تبدو كأنها متمحورة حول ذواتها، تعيش مشكلات لا أجد رابطاً بيني وبينها كمشاهد.

أغاني الجزء الثاني تبدو مجرد استنساخ ومحاكاة أقل صدقاً من الأغاني العظيمة للجزء الأول، حالة المسلسل في الجزء الثاني تبدو إلحاحاً مباشراً على الحزن، حتى إن صناع العمل اختاروا أغنيتي "على باب السيما" و"أنا نجم طاير" من أغاني الجزء الأول، لتكرارها

حتى وإن بدت مشكلة شخصية شادي في المسلسل مفهومة، إلا أنها لم تكن كافية هذه المرة لخلق صراع كالذي حدث في الجزء الأول حيث يلعب "أدهم السلكاوي" و"ياسمين"، فصراعه هو الآخر شديد الذاتية، صراع الفنان مع نفسه وهو صراع يكفي لدفع الدراما إلى الأمام، لكن طريقة التعبير عنه في الجزء الثاني لم تكن كافية، أما صراع الباند نفسه في الحاضر فمفهوم من الجزء الأول، أنهم في حاجة للعودة كفريق حتى وإن لم يكن شادي بينهم.
المفاجآت التي تكشفت في الجزء الأول لشخصية مريم التي أدتها الممثلة ركين سعد، كانت أقوى بما لا يقاس في الجزء الثاني، بحيث بدت رحلة تيهها في الجزء الثاني من خلال الأداء الحزين المبالغ فيه لا يتناسب مع حجم ما اكتشفته بالفعل سابقاً، فقد عرفت أن شادي هو شقيقها من ناحية الأم، وأن والدتها امرأة أخرى.
امتداد باقي الخطوط في الجزء الأول للثاني بلا معنى كبير، كقصة المنتج الذي ابتز صديقة مريم، حتى قصة ابن شادي الذي سيأخذ مكانه في الباند كانت متوقعة بشدة، كذلك لم تستغل أجواء العجمي في التسعينات بشكل جيد.
حتى أغاني الجزء الثاني تبدو مجرد استنساخ ومحاكاة أقل صدقاً من الأغاني العظيمة للجزء الأول. جاءت الأغاني محاكية لحالة المسلسل التي باتت تتعمد الإلحاح المباشر على الحزن، حتى إن صناع العمل لم يجدوا سوى أغنيتي "على باب السيما" و"أنا نجم طاير" من أغاني الجزء الأول، لتكرارها.
في النهاية مسلسل ريفو بجزأيه، أفضل من أعمال درامية كثيرة، ويحسب لواتش إت، أنها أنتجت عملاً يتحلى بجرأة غير معتادة من تلك الجهة المعروفة بتدخل المعايير الأخلاقية التي تفسد الفن والدراما.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image