شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
هل سيجمد الغازُ العلاقاتِ الإيرانية الخليجية؟

هل سيجمد الغازُ العلاقاتِ الإيرانية الخليجية؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

"هناك جهوزية كاملة لبدء الحفر في حقل آرَش النفطي المشترك، وقد اعتمدنا موارد كبيرة لتنفيذ خطة تطوير هذا الحقل في مجلس إدارة شركة النفط الوطنية الإيرانية، وعندما تتهيأ الظروف سنبدأ التنقيب"؛ تصريح أدلى به رئيس الشركة النفطية الوطنية محسن خُجَسْته ‌مِهر في 27 من حزيران/يونيو الماضي حول عمليات حفر حقل غاز آرش (Arash)، وهو الحقل المسمى عربياً "الدرة"، والمتنازع عليه بين إيران والكويت والسعودية.

أثار التصريح ردود أفعال من الكويت والسعودية؛ ردت الكويت رسمياً على أنها صاحبة الحقوق الحصرية في الحقل البحري مع السعودية، وطالبت طهران بالجلوس على طاولة الحوار لبدء ترسيم الحدود المائية.

يعود النزاع الدائر حول حقل الدرة أو آرَش، إلى ستينيات القرن الماضي، حين منحت إيران امتيازاً بحرياً للشركة النفطية الإنكليزية-الإيرانية، فيما منحت الكويت الامتياز إلى شركة "رويال داتش شل"

ثم جاء التأكيد السعودي على أن السعودية والكويت فقط تملكان حق استخدام الثروات الطبيعية في حقل غاز "الدرة"، ودعت إيران إلى البدء في مفاوضات لترسيم الحد الشرقي للمنطقة المغمورة المقسمة بين السعودية والكويت كطرف تفاوضي واحد مقابل الجانب الإيراني.

بعد ذلك التقى وزير النفط الإيراني جواد أوجي، بنظيره السعودي عبد العزيز بن سلمان، لأول مرة بعد ثماني سنوات على هامش اجتماع منظمة أوبك في فيينا الأربعاء الماضي 5 من تموز/يوليو، وتحدث الجانبان حول القضايا المشتركة في مجال البترول والطاقة، حسب وسائل إعلام إيرانية.

محلياً، طالب المدير الأسبق للشؤون الدولية والتسويق في وزارة النفط الإيرانية علي ماجدي، شروع الاستخراج والاستفادة من هذه الحقول رداً على مواقف السعودية والكويت: "الإنتاج والاستفادة من الحقول المشتركة يتطلب استثمارات ضخمة وتكنولوجيا حديثة، وكلما تأخرنا في العمل، كلما سمحنا للبلدان الجارة بأخذ المزيد منها".

وشدد أنه على إيران أن تتخذ قرارات جادة بشأن الحقول النفطية المشتركة في مجال التكنولوجيا وجذب الاستثمار، مضيفاً أن التصريحات والمواقف الأخيرة من دول الجوار ستستمر ما لم تتخذ طهران إجراءات عملية.

وأبرمت الرياض والكويت في 26 آذار/مارس2022، اتفاقاً ثنائياً لتطوير حقل الدرة للغاز، ما اعتبرته طهران خطوة "غير قانونية"، مؤكدة على احتفاظ إيران بحق الاستثمار في حقل "آرَش" المشترك بين الدول الثلاث، حيث أشارت إلى أن هنالك أجزاء منه في نطاق المياه غير المحددة بين إيران والكويت، داعية إلى دخول الدول الثلاث في مفاوضات حول كيفية استثمار الحقل المشترك.

جذور الخلاف

أوضح الخبير النفطي عامر الشوبكي، إلى أن سبب الأزمة يتلخص في أن المسافة بين شاطئي السعودية وإيران أقل من 400 ميل بحري، ما يمنع تقاسم المياه بينهما إلا باتفاق ثنائي بينهما في إطار القوانين الدولية، التي حددت 400 ميل بحري كحدّ أقصى لسيادة الدول على المياه التجارية والجرف القاري.

وأضاف أن احتياطات حقل الدرة تقارب الـ11 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، وحوالى 300 مليون برميل من النفط والمكثفات النفطية، واصفاً تلك الكميات بأنها كبيرة جداً.

ويعني ذلك أن حقل الدرة ذو أهمية استراتيجية بالنسبة للكويت، التي تحتاج إلى مزيد من الاحتياطيات الغازية والنفطية، ويوفر حقل الدرة وحدة تعادل 30٪ منها.

حقل الدرة

ولفت الخبير في شؤون الطاقة إلى أن التوقعات تشير إلى إنتاج حقل الدرة لنحو مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعي وقرابة 84 ألف برميل من النفط والمكثفات النفطية، بعد الاستثمار الذي أعلنت عنه السعودية والكويت العام الماضي، ولذا فأهمية الحقل في إنتاج الغاز كبيرة جداً.

وبيّن الشوبكي أن الموقف السعودي من الأزمة محسوم، لافتاً إلى أن الرياض ترى أن الحقل يقع في المنطقة الإقليمية السعودية الكويتية المشتركة ضمن المنطقة المحايدة بينهما، ما يعني أن مطالبة إيران بإعادة ترسيم الحدود في هذه المنطقة كونها غير مرسمة، غير صحيحة.

ويرى أن حل الأزمة ليس له سوى طريق واحد، هو التعاون في ترسيم الحدود أولاً، ثم تحديد المناطق الخاضعة لولاية كل بلد خليجي في حقل الدرة، وبالتالي تقاسم إنتاج النفط والغاز.

وإذا لم تتفق الأطراف الثلاثة، يرى الشوبكي ضرورة اللجوء إلى محكمة العدل الدولية للفصل في قضية الحدود عبر الجرف القاري، وبالتالي تحديد أحقية كل دولة في المياه وثروات النفط والغاز.

الموقف الإيراني

تعتقد إيران أن ثلث هذا الحقل يقع في مياهها الإقليمية. وصرح الخبير السياسي الإيراني عماد آبْشِناس، أن خلاف حقل الدرة البحري قديم، حيث تم اكتشاف هذا الحقل في ستينيات القرن الماضي، وهو مشترك بين إيران والسعودية والكويت.

وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، فإن الخلاف حول هذا الحقل يأتي بسبب إصرار إيران على أن يكون ترسيم الحدود على أساس الجسم القاري، وهنا يكون 40% من هذا الحقل في مياه إيران الإقليمية، فيما تصر الكويت على أن يكون الترسيم طبقاً للحدود البرية، وهذا يعني أن إيران خارج الحقل بشكل كامل.

وأوضح أن هذا الخلاف أدى إلى وقف كل عمليات التنقيب عن الغاز في هذا الحقل منذ عقود، حتى يوجد حل لمشكلة الحدود وترسيمها بين البلدين، لكن خلال الفترة الأخيرة، اتفقتا السعودية والكويت على استخراج الغاز من الحقل، وهذا الموضوع أغضب الإيرانيين.

ولفت إلى أن الجانب الإيراني يريد التفاوض حول حقل الغاز مع الكويت والسعودية من أجل التوصل إلى حلّ للخلاف القائم، ولا ترغب طهران في الدخول مجدداً في صراع أو حرب أو مواجهة عسكرية مع الكويت، أو صراع سياسي مع دول الخليج.

يعود النزاع الدائر حول حقل الدرة أو آرش إلى ستينيات القرن الماضي، حين منحت إيران امتيازاً بحرياً للشركة النفطية الإنكليزية-الإيرانية، فيما منحت الكويت الامتياز إلى شركة "رويال داتش شل"، وتداخل الامتيازان في القسم الشمالي من الحقل، فأجرت إيران والكويت طوال سنوات محادثات حول حدودهما البحرية الغنية بالغاز، لكن كلها باءت بالفشل.

هل ستتأثر العلاقات الإيرانية الخليجية؟

مع تصاعد احتياج العالم إلى الغاز، بعد الحرب الروسية الأوكرانية، باتت الدول النفطية تكترث بالغاز الطبيعي، ومع التصريحات التي خرجت من طهران والكويت والرياض، ثمة من يرى أن الحقل الغازي المتنازع عليه بإمكانه أن يعرقل طريق المصالحة العربية الإيرانية.

أشار الخبير الاقتصادي نهاد إسماعيل إلى أن النزاع حول الدرة سيخلق توترات جديدة مع دول الخليج التي تسعى للتقارب من إيران، خاصة أن هناك اتهامات خليجية لطهران برفض الدخول في حوار أو تفاوض بشأن الحقل، والمماطلة لشراء الوقت.

وأضاف: "هذا يحدث بوقت حرج وفي ضوء عودة العلاقات الدبلوماسية مع السعودية وتبادل السفراء، ومنطقة الخليج لا تحتاج لأزمة جديدة". ولفت إلى أن استغلال الحقل لن يكون دون استثمار، وهو ما لن يتحقق في ظل تهديدات إيرانية، ما يعني ضرورة الوصول لحل سياسي بشأن الدرة.

أما الخبير في شؤون الطاقة علي أحمد درويش، يرى أن أزمة حقل الدرة لا يمكن حلها إلا بالانطلاق من منطلقات متقاربة للوصول إلى حل وسط بين السعودية والكويت من جانب وإيران من جانب آخر.

استبعد الخبير الاستراتيجي الإيراني عماد آبشناس، أن يؤثر هذا الخلاف على عملية التقارب الإيراني الخليجي والعربي، مؤكداً أن الموضوع خلاف قديم

وفي حال عدم الاتفاق الثنائي، فإن صيغة إطارية تابعة للأمم المتحدة هي الأوفق لحل النزاع وفق القوانين الدولية، على أساس اعتبار إيران طرفاً والسعودية والكويت طرفاً ثانياً، وأكد: "للعرب وإيران مصلحة في التقارب، في ظل الصراعات القائمة عالمياً".

ولفت درويش إلى أن الظرف الاقتصادي العالمي يفرض على طرفي النزاع عدم ترسيخ حالة الخلاف، إذ يمكن أن تساهم احتياطيات حقل الدرة في إفادة كبيرة بتعزيز إنتاج النفط والغاز لدى كل من السعودية وإيران والكويت.

واستبعد الخبير الاستراتيجي الإيراني عماد آبشناس أن يؤثر هذا الخلاف على عملية التقارب الإيراني الخليجي والعربي، مؤكداً أن الموضوع خلاف قديم، وكانت هناك في بعض الفترات محاولات من الولايات المتحدة الأمريكية لتحريض الدول على بعضها بعضاً، لكن الكويت عرضت أن تعود الاتصالات والتنسيق لترسيم الحدود.

أما الخبير عامر الشوبكي فيتوقع أن يمثل الدرة عنوانَ خلاف جديد في منطقة الخليج، ربما تكون له تداعيات على المصالحة التي جرت مؤخراً ما بين السعودية وإيران.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

ألم يحن الوقت لتأديب الخدائع الكبرى؟

لا مكان للكلل أو الملل في رصيف22، إذ لا نتوانى البتّة في إسقاط القناع عن الأقاويل التّي يروّج لها أهل السّلطة وأنصارهم. معاً، يمكننا دحض الأكاذيب من دون خشية وخلق مجتمعٍ يتطلّع إلى الشفافيّة والوضوح كركيزةٍ لمبادئه وأفكاره. 

Website by WhiteBeard
Popup Image