شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!

"بوادر لفلفة القضية"... هل يفلت الجُناة في حادثة وفاة الطفلة لين طالب؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والطفولة

الاثنين 3 يوليو 202301:48 م

ما تزال قضية وفاة الطفلة لين طالب (6 سنوات) إثر اعتداء جنسي مزعوم تُثير ضجّةً وغضباً واسعين في لبنان بعد مرور خمس أيام على الحادثة التي لم يُحدد أي متهم فيها حتى نشر هذه السطور، وهو ما عزّز المخاوف من "لفلفة القضية" والسماح بـ"تفلت الجُناة من العقاب".

وفق المعلومات المتاحة، كانت الطفلة المتحدرة من قرية سفينة القيطع في عكار، شمال لبنان، تقضي أيام عيد الأضحى مع والدتها المنفصلة عن والدها في منزل جدّيها في بلدة المنية حين اصطحبتها والدتها إلى مستشفى المنية الحكومي بسبب ارتفاع درجة حرارتها وسوء حالتها الصحية.

بشكل مبدئي، انتبه الطبيب في المستشفى الحكومي إلى معاناة الطفلة من "فقر دم حاد" علاوة على وجود "كدمات على وجه الطفلة وتورّم في شفتيها"، ووصف لها أدويةً وطلب إدخالها المستشفى على الفور إلا أن الأم اصطحبتها إلى المنزل قبل أن تعود بها مساء نفس اليوم وهي متوفية.

شكوك واتهامات

تحدّث أهل الطفلة من ناحية الأب عن إبلاغهم من قبل أحد الأطباء بأن الطفلة تعرضت لاعتداء جنسي تسبب في نزيف مستمر، ما قد يفسّر إصابتها بفقر الدم الحاد. وأعربوا عن شكوكهم في ملابسات وفاة الطفلة إذ أُبلغوا بموتها جراء حادث سيارة تارةً وجراء إصابتها بالحمى تارةً أخرى. 

تعهد رسمي بأن "لا غطاء عائلي ولا قبلي ولا سياسي فوق رأس أي مجرم اعتدى على هذه الطفلة، وكل من يتدخل لتخفيف العقوبة سيكون شريكاً في الجريمة"... غضب واسع من وفاة #لين_طالب في #لبنان إثر "اعتداء جنسي وحشي متكرر" مزعوم

وبينما ادّعى أهل الأب على الأم وذويها، قالوا في بيان: "العائلة حضرت إلى المستشفى الحكومي في المنية على أساس أنّ والدتها وعد بو خليل قد وضعتها هناك للمعالجة، ولدى سؤالنا في المستشفى لم نجد الأم نهائياً، وقد علمنا بأنّها نقلت الطفلة إلى المستشفى الحكومي في المنية ظهراً، إذ حوّلها طبيب الطوارئ إلى طبيب أطفال أفاد بضرورة إدخالها إلى المستشفى فوراً، إلا أنّ الأم أخرجتها من المستشفى وعادت بها الساعة السابعة والنصف متوفية". 

وأضاف البيان أن أحد الطبيبين الشرعيين اللذين كشفا على الطفلة بعد وفاتها، ويدعى سامي الأحدب، أخبرهم بأن الوفاة نجمت عن إصابة الطفلة بنزيف جرّاء تعرضها لـ"اعتداء جنسي". علماً أن الطبيب الأحدب قال في تصريحات صحافية إنّه تحدّث عن "شكوك"، ولم يجزم بتعرض الطفلة للاعتداء الجنسي، متابعاً "هناك تحقيقات أمنية وتحقيقات تجريها وزارة الصحة في الملفّ وهي التي ستبيّن الحقيقة، وعلى الجميع انتظار نتائجها قبل إطلاق الأحكام النهائية والمسبقة في هذه المسألة".

ونقلت وسائل إعلام محلية أن تقريرين للطب الشرعي أكدا تعرض الطفلة لـ"اعتداء جنسي وحشي متكرر"، وهو ما لم يتسن لرصيف22 التحقق منه بشكل منفصل.

على الجانب الآخر، رفضت عائلة الطفلة من جهة الأم اتهام والدتها بالإهمال، قائلةً في بيان: "ننتظر التحقيقات وكلّ ما يقال عن إهمال الأم للطفلة هو أمر عار من الصحة، لأنّ الأم أخذت الطفلة 3 مرّات إلى الطبيب والمستشفى، ولم يكن هناك أي نزيف، كما يدّعي أهل والدها".

وتمسّك ذوو الأم بأن "الطفلة أُدخلت طوارئ مستشفى المنية الحكومي لأنّها كانت تعاني ارتفاعاً في الحرارة ما استلزم إدخالها المستشفى في حال لم تستجب للعلاج بالأدوية، وهذا ما حصل، وقد فارقت الحياة لهذا السبب".

مخاوف من "لفلفة القضية"

وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، عبّر العشرات من اللبنانيين والعرب عن انزعاجهم من المصير الذي آلت إليه حياة الطفلة، ووجه الكثير منهم اللوم إلى "عدم وجود رادع" و"ضعف العقوبات" في مذل هذه الحوادث بما يؤدي إلى تكرارها على حد قولهم.

وكان لافتاً أن أعرب البعض عن تخوّفه من "لفلفة القضية" والسماح بـ"تفلت الجُناة من العقاب" في حادثة الطفلة لين طالب لاعتبارات القرابة وصلة الرحم، وتوقعه أن يكون المعتدي - إن صحّ أن وفاتها أعقبت تعرضها لاعتداء جنسي وحشي - من أقارب الطفلة والأشخاص الموثوق بهم لدى العائلة بحيث تمكن من الانفراد بها والاعتداء عليها.

في #لبنان "تستمر الاعتداءات والانتهاكات لحقوق الأطفال وحياتهم ولا يظهر منها للعلن إلا القليل، وآخرها ما تعرضت له الطفلة لين طالب. وتستمر الدولة بالقيام بإجراءات شكلية لاحقة للجريمة، وليست استباقية أو رادعة لها، حيث تهرع بعد الجريمة، لا قبلها" #لين_طالب

واستشهدت الصحافية اللبنانية مريم سيف بالتصريح الأخير المنسوب للطبيب الشرعي سامي الأحدب حول أن افتراضه تعرض الطفلة لاعتداء جنسي كان محض شكوك وليس جزماً، معتبرةً أن التصريح "يشير إلى بوادر 'لفلفة' قضية اغتصاب طفلة عمرها 6 سنوات والتسبب بموتها". وتساءلت مريم: "كيف يعجز طبيب شرعي عن تحديد ما إن كانت طفلة بعمر 6 سنوات قد تعرضت لاعتداء جنسي تسبب بنزيف ووفاة؟!".

وتحدثت الإعلامية سلام الفيل عن "موت مأساوي آخر لطفلة في ربيعها السادس ضحية بريئة لجريمة وحشية شنعاء ودنيئة"، قائلةً إنه "يجب تشديد العقوبة على المغتصبين والمتسترين عليهم  إلى أقصى حد إذ من دون رادع حقيقي قد يفلت هؤلاء الوحوش من العقاب".

غرد حساب باسم فرح: "الطفلة ‎#لين_طالب ماتت بسبب نزيف جراء الاعتداء الجنسي المستمر عليها. لا تكفي الحقيقة بل العقاب ثم العقاب ثم العقاب. اليوم لين وربما خلف الجدران المئات مثل لين. يجب وضع حد للبربرية والوحشية". 

علاوة على التأكيد على ضرورة عدم السماح بإفلات الجُناة من العقاب، لفت البعض إلى ضرورة الحديث عن "مسؤولية المستشفى والطاقم الطبي في ترك الطفلة تموت"، مشيرين إلى أن "الواجب المهني" لهم يفرض عليهم الإبلاغ عن الجريمة وعدم السماح بـ"إخراج الطفلة من المستشفى من دون تلقي العلاج وهي في وضع صحي حرج".

في هذا الصدد، أفاد المكتب الإعلامي في وزارة الصحة اللبنانية بأن الوزارة "تتابع ظروف وفاة الطفلة التي نقلت مرتين متتاليتين في اليوم نفسه إلى مستشفى المنية الحكومي" وبأنها "باشرت التحقيق اللازم في ظروف الوفاة مع المعنيين لتبيان أسبابها"، مؤكدةً أنها "ستودع كل ما لديها من معطيات لدى القضاء المختص لإجراء المقتضى".

ونوّه المكتب الإعلامي بأن "النيابة العامة في الشمال أوفدت طبيبين شرعيين لإجراء الكشف الطبي والفحوص الضرورية لوضع التقرير الذي يوضح تفاصيل الحال الصحية للطفلة التي أدت إلى وفاتها".

تعهدات رسمية بأشد العقوبات للجناة

والأحد 2 تموز/ يوليو 2023، شدد عضو تكتل "الاعتدال الوطني" بالبرلمان اللبناني، النائب وليد البعريني، خلال مشاركته في تشييع الطفلة المغدورة: "لين اليوم ليست فقيدة عكار وحسب، بل فقيدة لبنان وكل إنسان صاحب ضمير حي، ونحن لن نسمح أبداً بتغطية هذه الجريمة البشعة، وسنتابع مع المعنيين كشف ملابسات الجريمة لأبعد الحدود".

وبينما أعرب عن الثقة بـ"بنزاهة القضاء"، قال البعريني إنه يثق أيضاً بـ"ضمير أهل الساسة الذين لن يتحملوا هكذا ذنب"، متابعاً "بعد تواصلي مع عدد من الشخصيات في المنية لمست حرصهم وتأكيدهم ضرورة معاقبة الفاعل كائناً من كان".

"بماذا تفيد التحقيقات من الوزارات بعد وقوع المصيبة؟ وماذا تفيد التقارير الطبية والشرعية؟ خاصة أن بعض الحالات كشفت انتهاكاً مزمناً لم يلتفت أو يرفعه أحد!". 

كذلك، زار النائب أحمد الخير ذوي الطفلة وقدّم واجب العزاء، مؤكداً تنسيقه مع النائب البعريني مسألة "متابعة القضية حتى ينزل القضاء أقصى العقوبات بحق كل من يظهره التحقيق متورطاً في هذه الجريمة الشنعاء التي هزت ضمير كل واحد منا".

صرّح الخير: "أنا والنائب البعريني نحمل التوجه نفسه، فلا غطاء عائلي ولا قبلي ولا سياسي فوق رأس أي مجرم اعتدى على هذه الطفلة، وكل من يتدخل لتخفيف العقوبة سيكون شريكاً في الجريمة. هذه القضية ليست قضية آل طالب وآل بو خليل وحسب، وإنما هي قضية كل أب وأم لديهم أطفال. لن نهدأ قبل أن يصبح المجرم في قبضة العدالة وينال عقابه ليكون عبرة لكل من تسوّل له نفسه ارتكاب مثل هذه الأفعال الدنيئة".
وختم النائب اللبناني: "لين الطفلة البريئة طير من طيور الجنة، وهي ستبقى في قلوبنا وأذهاننا، وستكون قضيتها قضية كل لبناني وكل إنسان لديه ضمير، ونحن نسأل الله أن يجعل دماءها وبكاءها سبباً ليتوقف مسلسل التساهل مع الإجرام، وليأخذ القضاء الحق لكل مظلوم وينتزعه من كل ظالم".

بدوره، كان عضو كتلة "اللقاء الديمقراطي"، النائب وائل أبو فاعور، أكثر غضباً إذ قال: "تستمر الاعتداءات والانتهاكات لحقوق الأطفال وحياتهم ولا يظهر منها للعلن إلا القليل، وآخرها ما تعرضت له الطفلة لين طالب. وتستمر الدولة بالقيام بإجراءات شكلية لاحقة للجريمة، وليست استباقية أو رادعة لها، حيث تهرع بعد الجريمة، لا قبلها". 
وتساءل أبو فاعور في بيان: "بماذا تفيد التحقيقات من الوزارات بعد وقوع المصيبة؟ وماذا تفيد التقارير الطبية والشرعية؟ خاصة أن بعض الحالات كشفت انتهاكاً مزمناً لم يلتفت أو يرفعه أحد!". 
ودعا في ختام بيانه: "إذ يستمر الغياب المفجع للمجلس الأعلى للطفولة عن الاجتماع والقيام بدوره، فإنني أدعو الحكومة ووزير الشؤون الاجتماعية إلى إعادة تشكيل المجلس الأعلى للطفولة وإعطائه دوره التنظيمي والتخطيطي والرقابي والقانوني، ليشكل المرجعية الحامية للأطفال، بأسرع وقت ممكن".

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

نفكر بالأطفال من أجل اليوم والغد

"هيك متعودين. هيك كانوا يعاملونا أهلنا"، وغيرها من الإجابات الجاهزة، تؤدي إلى تفادي التغيير.

المستقبل المشرق، هو أن يعيشوا في أيامنا هذه حياةً سليمةً.

كيف؟

عبر تسليط الضوء على قصصهم، وما يؤثر في حيواتهم، والمطالبة بحقوقهم وحسن تربيتهم.

من خلال التقارير والمقالات والحوارات، يمكن للإعلام أن يدفع نحو تغييرات في السياسات التربوية، وأن يعزز الحوار الاجتماعي حول قضايا الأطفال.

معاً نطرح القضايا الحساسة المتعلقة بسلامتهم النفسية والجسدية والبيئية والمجتمعية.

حين نرفع أطفالنا على أكتافنا، نرى الغد بعيونهم كما لو يكون الآن.

Website by WhiteBeard