شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
عبد الناصر زمن الوحدة... حين راهن عليه السوريون فأهداهم

عبد الناصر زمن الوحدة... حين راهن عليه السوريون فأهداهم "الديكتاتورية"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

كان الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر يتقدم نحو تحقيق الوحدة مع سوريا بحذر، برغم أن السوريين، شعباً وحكومةً وجيشاً، اندفعوا بصورة جارفة إلى تحقيقها، وسعوا في كل مناسبة إلى تأكيد استعدادهم للتضحية في سبيلها.

رحّب عبد الناصر بالوحدة، غير أن ذلك اقتصر في البداية على خطبه وتصريحاته، فحتى بعد عقد الاتفاق العسكري الثنائي بين البلدين، عزف عن اتخاذ أي خطوات عملية في هذا المسار. وتأكيداً لهذا الواقع، سجّل أكرم الحوراني، أحد القادة التاريخيين لحزب البعث العربي الاشتراكي، أنه "بعد عقد الاتفاقية، أغارت إسرائيل عدة مرات على خطوط الهدنة، على الجانبين السوري والمصري، إظهاراً لعدم فاعلية الاتفاقية"، منبهاً إلى أن "ذلك لم يقترن بتنفيذ جدّي للاتفاقية، حيث اقتصر رد الفعل على تشكيل لجنة عليا، وهيئة لشؤون الدفاع وقيادة مشتركة رئيسها وزير الحربية المصري عبد الحكيم عامر، أمّا الأمور الأخرى الهامة التي تتعلق بشؤون التسليح والصناعات الحربية وبناء المنشآت العسكرية وغيرها والتي تعتبر بداية بناء القوة العسكرية الذاتية، فقد بقيت بدون تنفيذ بالرغم من سير سوريا الحثيث إلى تنسيق سياستها الخارجية مع مصر؛ لأن اهتمام عبد الناصر بعد عقد اتفاقية الدفاع المشترك بين سوريا ومصر كان منصبّاً على توسيع دائرة نفوذه وأنصاره في الجيش السوري" (أكرم الحوراني، مذكرات أكرم الحوراني، مكتبة مدبولي، ص 1946).

عبد الناصر يتباطأ تجاه الاتحاد

تعددت الإشارات التي تروّج لهذا المعنى، فبعد تشكيل الحكومة السورية في حزيران/ يونيو 1956، كان من أوائل الأمور التي اضطلعت بها، إقرار لجنة للتفاوض مع مصر على إقامة اتحاد فيدرالي، ليوافق عليها المجلس النيابي السوري بالإجماع، وبهذه المناسبة دعا المجلس الذي رأسه وقتها الحوراني، نظيره المصري، إلى إرسال وفد برلماني للزيارة، حيث استُقبل الوفد المصري استقبالاً رسمياً وشعبياً حافلاً في تشرين الثاني/ نوفمبر 1957، وبرغم ما تبدى حينها من رغبة السوريين بجميع أطيافهم في الوحدة، إلا أن ذلك لم يشجع القيادة المصرية على اتخاذ خطوات عملية في هذا الاتجاه.

بعد تشكيل الحكومة السورية في 1956، كان من أوائل الأمور التي اضطلعت بها، إقرار لجنة للتفاوض مع مصر على إقامة اتحاد فيدرالي

في هذا الخصوص أيضاً، يذكر الحوراني أن مباحثات دارت بين ضباط أركان الجيش السوري والعميد حافظ إسماعيل موفد عبد الناصر، وكيف أنه رفض التطرق إلى تفاصيل تخص توحيد الجيشين أو إقرار ميزانية خاصة بالجيش الموحد، زاعماً أنه ليس مخولاً إلا بتوحيد المصطلحات العسكرية وتوحيد الرتب وبعض المظاهر العسكرية.

كان عبد الناصر غير مبالٍ بالحصول على ما حصل عليه بالفعل، إذ استطاع عبر رجلَيه، السفير محمود رياض (يصفه الرئيس السوري الراحل خالد العظم في مذكراته بـ"المندوب السامي")، والملحق العسكري محسن أبو النور، احتواء الطبقة السياسية والعسكرية السورية التي كانت في أغلبها مدفوعةً إلى الوحدة بصورة محمومة، إثر شعور مسيطر بأن بلدهم أمسى محاصراً، فمن ناحية كان هناك "حلف بغداد" الذي أسسته دولتا الجوار تركيا والعراق، ثم التحقت به بريطانيا، لتمارس قوى إقليمية وغربية ضغطاً على سوريا للالتحاق به، ومن ناحية أخرى كان هناك التهديد الإسرائيلي.

تلك الرؤية بشأن عزوف عبد الناصر عن الوحدة في البداية، تتماهى مع رأي ذكره الصحافي البريطاني المختص بشؤون الشرق الأوسط باتريك سيل، حيث ذهب إلى أن هدف عبد الناصر كان "منذ عام 1955، السيطرة على سياسة سوريا الخارجية دون أن يتحمل مسؤوليات حكمها، وكان هدفه المعلن هو التضامن العربي أكثر من الاتحاد السياسي، ولم يقتنع بالأمر الثاني إلا عندما تهدد الهدف الأول"، ويشير هنا إلى اضطراب الوضع الداخلي السوري بشدة حينذاك، في ظل تجاذب القوى الإقليمية والدولية لأطراف السياسة المحلية ("الصراع على سوريا"، دار طلاس، طبعة 1986، ص 419).

في المقابل، لم يقلّل عزوف عبد الناصر من اندفاع السوريين بصفة عامة، وحزب "البعث" خاصةً، نحو الوحدة، فإلى جانب الأيديولوجيا المحرضة على الاتحاد، كان الحزب يشعر بالتهديد من تعاظم قوّة التيار الشيوعي بزعامة خالد بكداش، هذا إلى جانب بروز خصومه التقليديين من العائلات العريقة في سوريا، ما جعل قيادات الحزب الوحدوي تتغاضى عن أي سلبيات رصدتها أو تحذيرات مبكرة تلقتها من مشروع الوحدة.

في هذا الشأن، سجّل الحوراني أنه في أثناء زيارة رسمية قام بها إلى مصر على رأس وفد برلماني (1957): "شعرنا منذ الأيام الأولى لزيارتنا بأن حكم الإرهاب يخيم على الشعب المصري. كان كلام الناس همساً، وحديثهم احتراساً، ونظراتهم حذرة خائفة، كان هذا شأن شباب حزبنا (الطلاب البعثيين في القاهرة) عندما زارونا في الفندق، فاختصروا أحاديثهم السياسية، لأن في الفندق عيوناً...".

يتابع الحوراني أنه التقى وصلاح البيطار القطب الثاني للحزب ووزير الخارجية آنذاك، مع الطلبة السوريين سرّاً، وحاول الاثنان إقناعهم بصحة توجهات عبد الناصر، لكنهم لم يتزحزحوا عن عدّ النظام الناصري "نظاماً ديكتاتورياً مباحثياً، لا يُرجى منه خير للقضية العربية، وأن الناس في مصر مجمعون على كرهه، وكانوا مصرّين على عدم تورط الحزب بأي خطوة اتحادية" (الحوراني، ص 2019).

هناك أيضاً تحذيرات زغلول عبد الرحمن، الملحق العسكري المصري (السابق على عبد النور) من الوحدة، حيث يذكر الحوراني أن زغلول توجه بالنصح سرّاً إلى عدد من القادة الحزبيين بعدم التورط في أي مشروع اتحادي مع مصر، وأن يحافظوا على الديمقراطية وعلى بلدهم حتى لا تخرّبها ديكتاتورية عبد الناصر، وتنبّأ بفشل أي مشروع وحدوي.

العسكريون أكثر طلباً للوحدة

في ظل الأوضاع المضطربة في سوريا، كان العسكريون المنغمسون في السياسة منذ الاستقلال عام 1946، الأكثر جنوحاً تجاه الوحدة، وتمثل ذلك في موقف "مجلس القيادة العسكري"، وهو لجنة تشكلت داخل الجيش، أواخر عام 1956، من 24 ضابطاً، انتمى عدد منهم إلى حزب البعث السوري، خلافاً لآخرين ماركسيين وقوميين ومستقلين؛ حيث فاجأ المجلس العسكري الجميع بسفر وفد منه إلى مصر في 11 كانون الثاني/ يناير 1958، بغرض الضغط على عبد الناصر لتحقيق الوحدة.

استقبل عبد الحكيم عامر الوفد العسكري السوري وأوحى لهم "بعدم الاكتراث أو على الأقل بعدم التلهف للوحدة"، وهو ما فهمه عامر من ناصر، إلا أنهم بعد يومين حين التقوا الأخير، فاجأهم بموافقته!

في القاهرة، استقبلهم عبد الحكيم عامر، وزير الحربية والقائد العام للقيادة العسكرية المشتركة، وبحسب الحوراني فقد تظاهر "بعدم الاكتراث أو على الأقل بعدم التلهف للوحدة"، ليخبرهم بأنه شخصياً يفضّل تحقيقها تدريجياً، بدءاً من المسائل الاقتصادية والسياسة الخارجية ثم يأتي بعدها الشأن العسكري، وتأخّر لقاؤهم بعبد الناصر إلى ما بعد يومين من وصولهم، ليردد عند مقابلتهم ما سبق وذكره عامر، لكنه فاجأهم بالموافقة بعد أن وضعوا أنفسهم تحت تصرفه، مؤكدين أن تحفظاته حول وجود حياة حزبية وتسييس الجيش لن تقف عائقاً أمام الوحدة.

أصرّ عبد الناصر بعد ذلك على الوحدة الاندماجية، متجاوزاً حديثه السابق عن ضرورة التدرج، رافضاً محاولة عفيف البزري، رئيس المجلس العسكري ورئيس الأركان السوري، إقرار وحدة كونفدرالية، فبعدما تشكلت لجنتان عن الجانبين لوضع أسس الاتفاق ومبادئه، حاول البزري التراجع عن الشكل الاندماجي، فقد كان الرجل صاحب الميول الشيوعية، يساير زملاءه الضباط في مسألة الوحدة الاندماجية، آملاً في أن يرفض عبد الناصر بناءً على مواقفه السابقة، لكن ناصر فاجأه بالموافقة وأصر على الوحدة الاندماجية، وقيل إنه كان يعلم مسبقاً بنية البزري.

وفي محاولة لتدارك الحرج الذي تسببت فيه رحلة العسكريين المفاجئة من دون موافقة الحكومة، سافر وزير الخارجية السوري صلاح البيطار، بعدها على عجل لإجراء مباحثات مع الجانب المصري حول الوحدة، حاملاً مشروع اتحاد فيدرالي أقرّه حزب البعث وتبنّته الحكومة، غير أنه وصل وقد تحددت بالفعل الملامح العامة لمشروع الوحدة في صورتها الاندماجية.

رواية هيكل لما جرى

في رواية الصحافي الراحل محمد حسنين هيكل، أبرز وجوه الجهاز الدعائي الناصري والمؤرخ شبه الرسمي لتلك الحقبة، لا يجد الرجل نفسه ملزماً بتسجيل ما وقع بالفعل، بحسب شهادة الشهود، حيث قام بإخراج المشهد بصورة مغايرة تماماً، ليؤكد على هيئة رجل الدولة التي حرص دوماً على ألا يتجاوزها عبد الناصر.

يلجم هيكل ناصر عن الحديث في أي تفاصيل بخصوص الوحدة، أو حتى الموافقة عليها، حيث يتوجه عبد الناصر بالسؤال إلى الضباط السوريين بعدما ساءه حديثهم، عن الصفة التي يحملونها حتى يحدثوه في أمر كهذا، ويلقّنهم بعدها درساً حول ضرورة احترام الشرعية، وحين يخبره أحد الضباط بأنهم أرسلوا قبل سفرهم من يُعلم رئيس الدولة شكري القوتلي، وأنه لا يجرؤ على معارضتهم، عندها يجمع عبد الناصر أوراقه معتذراً بأنه لا يستطيع قبول هذه الأوضاع، وأنه لن يبحث مشروع الوحدة إلا مع "حكومة مسؤولة شرعياً ودستورياً".

هذا المشهد الذي انفرد به هيكل، خلافاً لما جاء في جميع المصادر والشهادات التي تناولت الواقعة، إذ سجّل كل من الحوارني والبغدادي الحادثة مثلما جاء سابقاً، والأمر نفسه بالنسبة إلى شهادات السمان وأمين الحافظ والنحلاوي، كان يتطلب بالطبع أن يتجاهل تفاصيل أخرى بخصوص ما وقع بالفعل، من ذلك اقتراح عبد الناصر على الوفد العسكري السوري تشكيل لجنتين لوضع الأسس والمبادئ لإعلان الوحدة، مثّل الوفد السوري فيهما: عفيف البزري (رئيس الأركان)، بشير صادق، مصطفى حمدون، عبد الغني قنوت، حسين حدة، بينما شارك من الجانب المصري: عبد الحكيم عامر، أنور السادات، عبد اللطيف البغدادي، وخالد محيي الدين.

لا يذكر هيكل أي شيء بخصوص ما جرى في اجتماع اللجنتين، وأبرزه الخلاف الذي وقع حين حاول البزري التراجع عن الوحدة الاندماجية

لا يذكر هيكل أي شيء بخصوص ما جرى في اجتماع اللجنتين، وأبرزه الخلاف الذي وقع حين حاول البزري التراجع عن الوحدة الاندماجية، ليستأذن الوفد المصري للاتصال بعبد الناصر الذي ألزم البزري بالوحدة الاندماجية بعدما أجمع عليها ضباطه (البغدادي، ص 36 و37).

بحسب وصف هيكل للمشهد، يؤجل عبد الناصر طرح شرطيه على الضباط بحل الأحزاب ورفضه تسييس الجيش السوري إلى حين وصول البيطار، بينما يذكر جميع من قدّم شهادته بشأن تلك الحادثة التاريخية، أن ناصر قد فرض شرطيه منذ اللقاء الأول، ومن ذلك شهادة للضابط مصطفى حمدون على لسان أكرم الحوراني، جاء فيها أن عبد الناصر تحدث في اللقاء الأول "بإسهاب أن في سوريا أحزاباً وهذا غير موجود في مصر، وأن الجيش السوري مسيّس وأن هناك عدة تنظيمات فيه لعدة أحزاب"، ليوجه سؤالاً إلى حمدون، كونه ضابطاً بعثياً: "هل تعتقد أن حزب البعث العربي الاشتراكي يرضى بحلّ نفسه؟".

أجابه الضابط السوري أنه يمكن له أن يبحث هذا الموضوع مع قيادات الحزب، خاصةً أن صلاح البيطار سيأتي إلى القاهرة، بينما أكد جميع أعضاء الوفد أن التحفظَين لن يقفا عائقاً أبداً أمام الوحدة، وأنهم يضعون أنفسهم تحت تصرفه. هنا وافق عبد الناصر، لكن في رواية هيكل لم يقع أي من ذلك إلا بعد حضور البيطار، وكأنه أراد أن ينفي عن عبد الناصر تناقضاً وقع فيه، إذ كان يطالب الضباط بالابتعاد عن السياسة لكنه لا يستنكف في الوقت ذاته أن يفاوضهم حول الوحدة (الحوراني، ص 2575).

الوحدة الاندماجية وإفشالها

قبلت الأحزاب بشروط عبد الناصر القاسية، فحلّت نفسها، وتخلت عن ديمقراطية قطعت في مسارها شوطاً، كما تعهد العسكريون ترك العمل السياسي ووضعوا أنفسهم رهن إرادة "زعيم العروبة"، لكن في المقابل ومنذ اللحظة الأولى، عمل عبد الناصر على خسارة كل شيء، فهو وإن استهدف الربح ظاهرياً، لكنه سرعان ما يتجاوزه وبشكل لا واعٍ إلى الخسارة، لا يحجزه عن بلوغها شيء، كأنما هي بغيته.

وقعت اتفاقية الوحدة وحضر عبد الناصر إلى سوريا فاستقبلته الجماهير استقبالاً لم يخصّ به البلد الشقيق رجلاً غيره. تدفق السوريون من أنحاء البلاد كافة من أجل تحية ناصر، ولم ينقص احتفاء السوريين به مع تعدد زياراته، فكانوا يبيتون لياليهم في الطرقات وأمام قصر الضيافة الذي اعتاد النزول به ليحظوا بنظرة منه. كانت سيارته تُحمل حملاً في أثناء تنقلاته، بشهادة حتى من انقلبوا عليه بعد ذلك. لقد بجّلته الجماهير إلى حد القداسة.

هذه الحفاوة البالغة وقبلها تنفيذ شروطه، بعدما حلّت الأحزاب نفسها ووضع قيادات الجيش أنفسهم رهن مشيئته، لم تثنِ عبد الناصر عن إثارة الخلاف في أوساط السياسيين السوريين منذ اللحظة الأولى، وفي هذا الصدد يذكر الحوراني أنه بعد تشكيل الوزارة الاتحادية، أوصاه عبد الناصر بأن يتواصل مع عضوَي "مجلس القيادة" أحمد عبد الكريم وأمين النفوري (مستقلَين) لإزالة أي خلافات سابقة.

عمل الحوراني بالنصيحة، فداوم على التواصل مع الرجلين ولم يمر وقت طويل حتى حضر إلى مقابلة القطب البعثي أحد ضباط الاحتياط، وأخبره بأن توجيهاً رسمياً في الجيش يروّج أن الحوراني اتفق مع أحمد عبد الكريم وأمين النفوري على العمل ضد الوحدة بالاتفاق مع قوى الاستعمار، كما علم القيادي البعثي في ما بعد من عبد الكريم أن رجل عبد الناصر عبد المحسن أبو النور، اتصل به في الفترة نفسها، ليخبره بأن الحوراني "قد طالت أظافره، ويجب أن نتفق معاً على تقليمها"، لكن عبد الكريم أجابه بأن الاتفاق مع عبد الناصر يقضي بعدم تدخل الجيش في السياسة، ولا يصح أن تطلب مني ما يخالفه (يحكي البغدادي في مذكراته في الجزء الأول، أن عبد الناصر قام بموقف شبيه معه حين حاول زرع الشقاق بينه وبين جمال سالم عضو مجلس قيادة الثورة).

لم يقابل عبد الناصر تكريم الجماهير السورية له بأفضل مما قابل زعماءها، فسلّط على الشعب عبد الحميد السراج (رئيس المكتب الثاني أو جهاز المخابرات السوري)، ثم قرر ناصر تعيينه وزيراً للداخلية، ليضع الرجل السوريين في سجن كبير، بعدما منع أي مواطن من مغادرة سوريا إلا بـ"تأشيرة خروج" أو إذن سفر، كما انتشرت حملات الاعتقال وحفلات التعذيب إثر جلب النظام الجديد أجهزةً لهذا الغرض من ألمانيا الشرقية، وخصص جهاز السراج عدداً من الأقبية لممارسة هذه الأنشطة بعيداً عن الأعين.

لم يقابل عبد الناصر تكريم الجماهير السورية له بأفضل مما قابل زعماءها، فسلّط على الشعب عبد الحميد السراج، وقرر تعيينه وزيراً للداخلية، ليضع الرجل السوريين في سجن كبير

يشير الضابط الوحدوي مطيع السمان، إلى ما بلغه التعذيب من وحشية في عهد السراج، ولم يكن مألوفاً قبلها في سوريا، حيث كتب في مذكراته: "كان قد انتحر شنقاً أو هكذا قيل، للتخلص من تعذيب مخابرات السراج، المواطن سعد الله الدروبي، كما حاول الضابط السابق (ن. م.) الانتحار بقطع شريان يده اليسرى في أحد أقبية التعذيب... كذلك الضابط الفلسطيني (ع. ي.) وغيرهم كثيرون عُذّبوا على يد المخابرات عذاباً لا يحتمله بنو البشر، ولا الحيوانات" (مطيع السمان، "وطن وعسكر... قبل أن تدفن الحقيقة في التراب"، دار بيسان للنشر والتوزيع، ص 22).

وكان من أشهر وقائع التعذيب ما تفجّر وقتها بخصوص واقعة القيادي الشيوعي المعروف فرج الله الحلو، الذي لم يحتمل جسده ضراوة التعذيب فسقط ميتاً، ليقوم جهاز السراج بتذويب جثته في الأسيد، وتناقلت الحادثة وسائل الإعلام العالمية حينذاك، كما احتج الاتحاد السوفياتي آنذاك على مقتله.

يذكر البغدادي أيضاً لمحات عن هذا النهج القمعي الذي اعتمده عبد الناصر في سوريا، حيث كتب يقول: "كانت اللجنة الوزارية (تشكلت من أكرم الحوراني وزكريا محيي الدين والبغدادي)، قد علمت في 24 كانون الثاني/ يناير 1959، من عبد الحميد السراج أنه قام باعتقال بعض المزارعين السوريين، لا لشيء إلا لأنهم رغبوا في مقابلة أعضاء اللجنة، وكان غرضهم شرح وجهة نظرهم بالنسبة لهذا القانون، وعندما قام السراج بمنعهم عن هذا اللقاء، أرسلوا برقيات إلى جمال فمنعها (السراج) أيضاً، واعتقلهم على أثر ذلك... والتقى بنا في دمشق بعض من الصحافيين المصريين هناك، وعلمنا منهم أن الناس في سوريا تشعر بالخوف وعدم الأمان، وليس هناك من يمكنهم الرجوع إليه..." (مذكرات عبد اللطيف البغدادي، المكتب المصري الحديث، ص58 و59).

وفي موضع آخر، يعلّق البغدادي على إصدار قرار تعيين ستمئة عضو لمجلس الأمة الجديد (أربعمئة من مصر ومئتين من سوريا) في حزيران/ يونيو 1960: "كان الشعب في خلال تلك الفترة كثير الشكوى والتبرم من الأسلوب البوليسي الذي يتبعه السراج... وكانت الشائعات أيضاً قد بدأت تنتشر وتتردد على أن هناك رغبةً من شعب سوريا أو أن ما يجري بها سيؤدي في النهاية إلى الانفصال..." (البغدادي، ص 72).

لا يُستثنى من هذا الموقف غير الكريم تجاه الشعب السوري، الذي اندفع كالسيل تأييداً لمشروع الوحدة؛ ما وُضع من قوانين استهدفت الصالح العام أو كان من المفترض أن تكون كذلك، لكن نتيجةً لغياب أي دراسات جادة حول الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في سوريا، جاءت هذه القرارات على خلاف المنتظر منها، فوفق شهادة السمان، فإن قانون الإصلاح الزراعي على سبيل المثال قد "أضرّ كثيراً بالزراعة والمزارعين" وهو ما أكده البغدادي في تسجيله واقعة اعتقال المزارعين.

تكرر الأمر في ما يخص قرارات التأميم الصادرة في 23 تموز/ يوليو 1961، حيث كتب البغدادي أن هذه القرارات التي "قد شملت أيضاً بعض المؤسسات والشركات الصناعية والتجارية في سوريا وزيدت فيها أيضاً الضرائب على الدخول السنوية، ولما كان السوريون هم أنفسهم الذين يملكون الأغلبية العظمى من تلك الشركات بخلاف الوضع في مصر، لذا كان وقع تلك القرارت سيئاً عند فئة من الشعب ليست بالقليلة، وزادت هذه الإجراءات من ضيقهم عما هم فيه" (البغدادي، ص 74).

وإلى جانب ما سجّله البغدادي، فإن الكثير من رجال الصناعة والتجار، حسب ما يذكر السمان، قد أغلقوا مصانعهم وصفّوا أعمالهم "بعد صدور قرارات التأميم الارتجالية"، والتي كانت موضعاً للانتقاد والتندر حيث "ظهر أن عدد المساهمين، وجلهم من النساء والمعوزين، في بعض الشركات التي أُممت، يزيد على عدد عمالها" (السمان، ص 22)، فكثير من الأرامل وأرباب المعاشات ومحدودي الدخل في سوريا كانوا قد استثمروا مدّخراتهم المحدودة في صورة أسهم في المصانع المؤممة آملين أن تعود عليهم بعائد ثابت.

لم يكن كل ذلك خافياً على عبد الناصر في ظل وجود أربعة أجهزة للمخابرات، أحاطته علماً بكل شاردة وواردة، وهو ما أكده البغدادي في مذكراته: "كان ما يتردد هناك من شائعات يصل إلى جمال. كذلك عن تردي الوضع وعدم شعور أفراد الشعب السوري بالأمان في ظل تلك الأوضاع. لكن جمال كان دائم الاطمئنان ومعتقداً أن شعبيته بين الجماهير السورية لها من القوة والوزن إلى حد أن تقف حائلاً دون ما يعتقده الآخرون، وأن هذه الشعبية هي الكفيلة بضمان الاستقرار هناك، وكان دائم التعبير بهذا المعنى عندما يُذكر أمامه هذا التدهور في الإقليم الشمالي..." (البغدادي، ص 72).

في ظل تردّي الأمور في سوريا إلى هذا الحد، كان من الطبيعي أن تكون هناك محاولات من جانب أبنائها للاحتجاج لكنها جوبهت بالقمع، فعلى سبيل المثال حين علم عبد الناصر بأن عدداً من السياسيين السوريين يُعدّون مذكرةً اعتراضاً على ما وصل إليه الحال، خطب في اللاذقية (شباط/ فبراير 1960) مهاجماً هؤلاء هجوماً عنيفاً، ومتوعداً بـ"أنه سيدوس بعض رجال السياسة بجزمته" (السمان، ص 21).

لم يُستثنَ الجيش الأكثر جموحاً في طلب الوحدة من سياسة القمع والتنكيل، حيث جرى تسريح المئات من ضباطه

لم يُستثنَ الجيش الأكثر جموحاً في طلب الوحدة من سياسة القمع والتنكيل، حيث جرى تسريح المئات من ضباطه وأُلحق عدد منهم بوظائف مدنية. في هذا الشأن، يورد الكاتب السوري سامي عصاصة شهادةً لأحد الضباط السوريين: "بعد صدور لائحة الإحالة للتقاعد لضباط الجيش السوري تساءل ضابط سوري عن مغزى هذه التصرفات مستنكراً إياها، فإذا بالملازم الأول المصري محمد إبراهيم أمين يجيب: إحنا جينا لتنقية الجيش السوري من هذه الديدان" ("أسرار الانفصال... مصر وسوريا"، دار الشعب، ص 298).

هذه السيرة غير الحميدة للمصريين في سوريا، يأتي عضو المجلس العسكري ووزير الشؤون البلدية والقروية في حكومة الوحدة، أحمد عبد الكريم، على طرف منها أيضاً، حيث كتب يقول: "بعد مضي أشهر على قيام الوحدة، وصل مئات من الضباط والمعلمين المصريين، هؤلاء وُزّعوا على القيادة والوحدات، وأولئك عُيّنوا في مختلف المحافظات، وأخذت الألسن بعد فترة ممارستهم أعمالهم، تتحدث عن تصرفاتهم الفوقية وتدخلاتهم، ومحاولات بعضهم التسلط على زملائهم" (أحمد عبد الكريم، "حصاد سنين خصبة وسنين مرة"، دار بيسان، ص 396).

زيادةً على ذلك، جرى الاستيلاء على صفقات أسلحة تعاقدت عليها سوريا مع الاتحاد السوفياتي قبل الوحدة، ليجري تحويل مسارها إلى مصر، كما أُرسلت لجان عسكرية إلى الإقليم الشمالي بغرض إجراء حصر الأسلحة ليتم نقل جزء كبير منها إلى الإقليم الجنوبي، ومن ذلك: 3 غواصات، سرب طيران ليلي، أفواج من المدافع المضادة للطائرات، مدافع B10، T21 المضادة للدروع...، هذا في الوقت الذي خصصت فيه سوريا 45% من ميزانيتها للجيش، بينما كان نصيب القوات المسلحة المصرية من الموازنة العامة لبلدها 17% فقط، وحين اعترض وزير الصحة بشير العظمة على عدم العدالة في النسبتين، أمام عبد الناصر في اجتماع وزاري، رفض الرجل مناقشة الأمر.

باختصار، وعلى حد توصيف مدير مكتب عبد الناصر للشؤون الخارجية والسفير المصري في الاتحاد السوفياتي ووزير الخارجية لاحقاً مراد غالب: "كان نظام الحكم في سوريا يمارس سلطاته بديكتاتورية فظة وبالكثير من القهر والإرهاب ووُصفت سوريا بأنها مستعمرة مصرية" (مراد غالب، "مع عبد الناصر والسادات... سنوات الانتصار وأيام المحن"، مركز الأهرام للترجمة والنشر، الطبعة الأولى، ص 56).

كل هذا أتاح الفرصة لضابط برتبة متوسطة، يحتل منصباً إداراياً (نائب مدير إدارة شؤون الضباط ومدير مكتب المشير عبد الحكيم عامر)، ليست تحت يده أي قطع عسكرية، وهو المقدم عبد الكريم النحلاوي، لأن يخطط للانقلاب وينجح في تنفيذه من دون عقبات تُذكر.

هيكل مجدداً

إذا انتقلنا إلى ما سجّله هيكل، حول أسباب الانفصال، نجده يعزوها إلى أن "القوى المعادية للثورة العربية داخل المنطقة وخارجها قد ركزت جهودها على عاصمة الأمويين العتيدة"، ثم يُحمّل عبد الحكيم عامر الجزء الأكبر من المسؤولية بينما لا يأتي على ذكر رجل عبد الناصر، عبد الحميد السراج الذي حكم سوريا بالرعب والإرهاب إلا في إطار صراعه بعد ذلك مع عامر، ليجعل من ذلك أحد أسباب الانفصال، مع أن الأول لم يُعفَ من مسؤوليته سوى في آب/ أغسطس 1961، أي قبل الانفصال بأربعة أشهر فقط، حاول خلالها عامر، بشهادة مطيع السمان، كسب ثقة الشعب السوري مجدداً عبر حل أجهزة السراج وختم مقارها بالشمع الأحمر، وإخلاء سبيل جميع المعتقلين بأوامر عرفية أو من دونها لكن الأوان كان قد تأخر وفق الضابط السوري (السمان، ص 24).

يتحدث هيكل بعد ذلك عن معركة بين السراج وحزب البعث، الذي "راح يحاول أن يتسلم السلطة في سوريا بإذن جمال عبد الناصر ورضاه... ونتيجةً لذلك اشتعل الخلاف بينه (السراج) وبين حزب البعث، وتحول إلى معركة قصف شديدة: عبد الحميد السراج يتحدث عن مؤمرات ومخططات، وحزب البعث السوري يتحدث عن الدولة البوليسية لعبد الحميد السراج، وفي الفترة التالية مباشرةً لقيام الوحدة كان جمال عبد الناصر حائراً بين التيارات المتضاربة..." (محمد حسنين هيكل، "حرب الثلاثين سنة... سنوات الغليان"، ص 564)، وهو أمر يخالف شهادة جميع المعنيين الذين سجّلوا شهادتهم عن تلك الفترة.

منذ اللحظة الأولى للوحدة، علم الجميع بأن السراج هو رجل عبد الناصر في سوريا، وذلك حينما غالى ناصر في الإشادة به والثناء عليه في خطبه في سوريا التي تلت إعلان الوحدة، وليضخم دوره في إفشال مؤامرة ضد الوحدة من قبل الملك سعود بن عبد العزيز، بصورة أثارت وقتها نقمة مجلس القيادة العسكري، إذ كان السراج مجرد وسيط حمل إليهم عرض سعود حتى ينقلبوا على الوحدة، فرفض المجلس وكلّف السراج بإعلام عبد الناصر.

يتحدث هيكل بلغة لا تستدعي المسؤولية عما قام به عبد الناصر في سوريا، فلا يأتي بطبيعة الحال على أي ذكر للاستبداد والقمع والإذلال الذي تعرض له السوريون كافة تحت مرأى عبد الناصر ومسمعه

تبعاً لذلك، عيّن عبد الناصر السراج وزيراً للداخلية، ثم مشرفاً على تنظيمات الاتحاد القومي في الإقليم الشمالي (سوريا)، وعضواً في اللجنة التنفيذية العليا للاتحاد القومي، ثم رئيساً للمجلس التنفيذي في الإقليم الشمالي، وبذلك أصبح الحاكم المطلق لبلده، في حين أن قطبَي حزب البعث المنحل، أكرم الحوراني (نائب الرئيس) وصلاح البيطار (وزير دولة)، كانا رهينتين لدى عبد الناصر، مثلهما مثل جميع المسؤولين السوريين، يعيشون في القاهرة بلا عمل، وهو ما تحدث عنه تفصيلاً وبمرارة شديدة وزير الصحة المركزي بشير العظمة (تكنوقراط)، في مذكراته، واستمر هذا الوضع حتى تقدّم كل من الحوراني والبيطار والوزراء السوريين باستقالاتهم في كانون الأول/ ديسمبر 1959، ليعود إلحوراني إلى سوريا، ويقيم في منزله تحت حصار ضربته حوله مخابرات السراج وهو ما تكرر مع البيطار.

يشير هيكل إلى أسباب أخرى منها القادة العسكريون في الجيش السوري "الذين ظلوا على ارتباطهم السابق بأحلامهم الشخصية، وبارتباطاتهم الحزبية والاجتماعية"، بينما القيادات العسكرية التي أشار إليها هيكل إما استقدمهم عبد الناصر للمشاركة في وزارة الوحدة (بلا عمل فعلي)، أو أبعدهم إلى وزارة الخارجية وإلى وظائف مدنية أو ألحقهم بالجيش في مصر، بينما تولى المصريون أغلب المناصب القيادية العسكرية في سوريا، وبرغم ذلك لا يستثني هيكل عبد الناصر من المسؤولية، فتبعاً لوصفه: "من الممكن إيجاد أعذار لجمال عبد الناصر من وجهة نظر إنسانية وعملية، ولكنه من وجهة نظر سياسية وتاريخية يتحمل نصيبه من أخطاء شارك فيها كثيرون"، وحينها لم يكن لأحد أي سلطة إلا تلك التي يمنحه إياها ناصر.

يخيّم الغموض بعدها على عبارات هيكل لدى تعرّضه لأخطاء عبد الناصر، فيذكر أنه "وقع في خطأ الاعتماد على مسلّمات قديمة سابقة تكونت لديه في مراحل متقدمة، ولم يعد إلى مراجعتها بين وقت وآخر لكي يتأكد من استمرار صحتها وصدقها"، و"أنه قبل بتجربة الوحدة مع سوريا من نفس الأوضاع التي كانت قائمةً في سوريا عند إعلان الوحدة، وهكذا فإن التناقضات التي ساعدت على إنهاء الوجود المستقل للدولة السورية ظلت هي نفس العوامل المهددة لدولة الوحدة بعد قيامها، فمجموعات الضباط التي عجزت عن استبقاء الدولة السورية حتى تتهيأ الظروف الموضوعية للوحدة، بقيت هي نفسها بكل تناقضاتها هي العناصر الحاكمة..." (هيكل، ص 555).

واستكمالاً لتعداد تلك الأخطاء، يتحدث هيكل بلغة لا تستدعي المسؤولية بقدر ما تثير السخرية باعتمادها أسلوباً شاعرياً لا يتناسب وما قام به عبد الناصر في سوريا، فكتب الصحافي الكبير يقول إن ناصر "وقع في محظور يقع فيه كثيرون غيره من الثوريين إذ يعتمدون على الجماهر بطريقة تكاد تكون غيبيةً..."، و"أن جمال عبد الناصر أحب سوريا على وجه اليقين، لكنه لم يستطع النفاذ إلى قلب تركيبتها الخاصة، ومن ثم فإنه وإن وصل إلى عواطفها لم يتمكن من التخاطب مع عقلها..." (هيكل، ص 556).

لا يأتي هيكل بطبيعة الحال على أي ذكر للاستبداد والقمع والإذلال الذي تعرض له السوريون كافة تحت مرأى عبد الناصر ومسمعه، ولا للعشوائية في اتخاذ القرارات التي أثقلت كاهل المجتمع السوري، ولا للتعامل مع سوريا كأنها، بتعبير مراد غالب، "مستعمرة مصرية"، ولا للاستهتار بعواقب كل ذلك إلى حد تعمد الفشل الذي اتجه إليه عبد الناصر بخطوات واسعة مثل أي مقامر لا يرضيه الفوز الباهر الذي حصّله دون عناء، كأنما بغيته على الحقيقة هي الخسارة، وانتظم هذا التغافل من قبل هيكل في إطار جهده لإخراج الأحداث بصورة تتناسب وهيئة رجل الدولة التي ألزمها دوماً لعبد الناصر، بينما لم يغادر الأخير في تعامله في هذا الملف صورة المقامر بمقدرات بلد وربما أمة بأكملها.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel

‎من يكتب تاريخنا؟

من يسيطر على ماضيه، هو الذي يقود الحاضر ويشكّل المستقبل. لبرهةٍ زمنيّة تمتد كتثاؤبٍ طويل، لم نكن نكتب تاريخنا بأيدينا، بل تمّت كتابته على يد من تغلّب علينا. تاريخٌ مُشوّه، حيك على قياس الحكّام والسّلطة.

وهنا يأتي دور رصيف22، لعكس الضرر الجسيم الذي أُلحق بثقافاتنا وذاكرتنا الجماعية، واسترجاع حقّنا المشروع في كتابة مستقبلنا ومستقبل منطقتنا العربية جمعاء.

Website by WhiteBeard