شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
فين تكريم عبلة كامل يا

فين تكريم عبلة كامل يا "ولاد المتضايقة"؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي نحن والتنوّع

الأحد 25 يونيو 202311:00 ص

مع دعوات التكريم المتصاعدة من صنّاع السينما على اختلافهم، بأن يكون اسم عبلة كامل مطروحاً لتكريمها ضمن قائمة المكرّمين في مهرجان السينما المصري، ظهر فريق مضاد يرفض هذا التكريم جملة وتفصيلاً، معتمدين -كما يقولون- على هامشية إسهامها السينمائي مقابل ما أسهمت به في أعمالها للتليفزيون. قاد هذا الهجوم المضاد أساتذة وإعلاميون، يعرفون جيداً مناهج البحث الإعلامي، ويعرفون أن آفة أبحاثنا "التعميم".

بمعنى، أنه لا يصحّ علمياً أن تقول إن فلاناً "أعماله سيئة"، أو "أفلامه من أحط أفلام السينما المصرية، لكني أحب له كذا"، فمنهج البحث العلمي يقول لك يا سيدي، إنه عليك أن تبحث عن أفلام فلان، فتحصرها، ثم تقيّم كل منها منفرداً، ثم تقول إن فلان لديه نسبة كذا أفلام جيدة لأسباب كذا وكذا، فيما كانت نسبة كذا من أفلامه دون المستوى لأسباب كذا وكذا.

وتناسى أصحاب هذا الرأي، لو صحّ أن نطلق عليه رأياً بالمفهوم العلمي، أنه لا مكان للحب والكراهية، في البحث العلمي، وأن وسائل الإعلام لم تخلق أبداً لنقول فيها آراءنا، لكن دعنا من يوتوبيا التفكير هذه، وتعال نجيب عن سؤال افتراضي، لو أني أمنح الجوائز كما أريد، لماذا سأمنح ألف جائزة وجائزة لعبلة كامل؟!

مع دعوات التكريم المتصاعدة من صنّاع السينما على اختلافهم، بأن يكون اسم عبلة كامل مطروحاً لتكريمها ضمن قائمة المكرّمين في مهرجان السينما المصري، ظهر فريق مضاد يرفض هذا التكريم جملة وتفصيلاً

وجه أول

"ليل ويا ليالي وياه والقمر مخنوق ضياه..

يالا يا بنات الحور رجعوا القمر يدور

بدلوا لنا الضلمة نور

رجعوا النور للحياة" 

كنت صغيرة جداً كعقلة أصبع، لكن والدي كان يجلسني إلى جواره ولا يجعلني أتوقف عن المشاهدة، مسلسلات السادسة على القناة الثانية للتليفزيون المصري، والسابعة على القناة الأولى، نشرة الأخبار في التاسعة، "قلم رصاص" لحمدي قنديل، و"حوار صريح جداً" لمنى الحسيني، وأيضاً "حديث المدينة" لمفيد فوزي، وحتى برنامج "خلف الأسوار".

ظلت عادة المشاهدة مستمرّة، نضيف إليها مسرحيات الخميس المتأخرة نسبياً أحياناً، حتى اتخذ أبي قراراً حاسماً: "لابد أن يدخل بيتنا الدِش""، وهو ما يعد قفزة حضارية في مدينة تبعد عن العاصمة المصرية 147 كيلو متراً، ولا يتذكرها أحد سوى في كتب الدراسات الاجتماعية، مع حلول عيدها القومي في ذكرى انتصار المحافظة (البحيرة) على حملة فريزر، والشيء بالشيء يذكر حين تأتي سيرة جان فرانسوا شامبليون، وفكّه لرموز حجر رشيد.

كان يظن أن تلك الطريقة ستعرّفني على العالم مبكراً، ولا أنكر أنها فعلت، بل الأدهى أن ما علق بذاكرتي من هذه الفترة لا يريد أن يبرحها، فيعطي فرصة للحاضر وتفاصيله بأن يبقيا على راحتهما، مرة بعد مرة، وعند حزني لا أتذكر سوى شكل عبلة كامل وهي تدخل من باب خشبي في مسلسل أصبح يوصف بـ "النادر" هو "حد السكين"، وأسمع صوتها تغني للقمر في اختناقه: "ليل ويا ليالي وياه... والقمر مخنوق ضياه".

ثلاثة وثلاثون عاماً على وجه الأرض ولا يعبر عن حزني سوى هذه اللقطة المقتطعة من سياقها، لتناسبني فقط.

وجه ثانٍ

"بيبة جولت له ما آكلشي

بيبة أمي بعيد

بيبة آخر الصعيد

بيبة والصعيد مات

بيبة خلف بنات"

"عبلة لو الشيطان اتذكر قدامها هتقول ربنا يهديه، مش هتدعي عليه". عزّت أبو عوف متحدثاً عن عبلة كامل، في إحدى حلقات "القاهرة اليوم"

توفي أبي وكبرت، تعلمت وقرأت، وسافرت، لأجد أن الناس في العاصمة يحتفون بأفلام الواحدة ظهراً التي كانت تسليتي الوحيدة (الأبيض والأسود منها والملونة)، كنت أصف أفلام بداية التسعينيات وأنا في مطلع الألفية بالفيلم الجديد، رغم جهاز الفيديو، ورغم الدش، ورغم كل شيء.

كان المحتفون في القاهرة العنيدة يحتفون بـ "هيستيريا"، و"عرق البلح"، و"مرسيدس"، و"سواق الهانم"، و"الستات"، و"سيداتي آنساتي"، وكنت أحفظها عن ظهر قلب، وفيها جميعاً أتوحّد مع وداد، وسليمة، وعرافة، وعواطف، وسعاد، وآمال، ما منحني منزلة خاصة لديهم.

أتذكر الآن الإضاءة الخافتة لـ "عرق البلح"، وضع عبلة كامل ليدها على رأسها، طريقة نطقها للكلمات، أتذكر أيضاً حوارها مع عماد الدين أديب على قناة أوربيت المشفرة، فتتحطم صورتي عن البطلة الخارقة، وتحلّ محلها صورة لامرأة ليست غريبة أو قريبة، بل أنا. أتماهى معها تماماً خلال هذا الحوار، الذي انتشر مؤخراً عبر وسائل التواصل الاجتماعي، رفضها للمكياج، قبولها للأدوار، لو أنهم سألوني هذه الأسئلة لكانت هذه إجابتي تماماً.

وجه ثالث

"أم سيد: " لو مسكوني المنتخب، أعمل فرقة صاعقة على حق ربنا… وألعب براس حربة واحد حمادة شنح والهجمة المرتدة وجووون وخلص الماتش 4-1"

"وعاوزين سمير كمونة يا خالتي".

اشمعنى؟!

"الأكل محتاجه"

يمكنك أن تقول إن أفلاماً كـ "سيد العاطفي"، "اللمبي"، "خالتي فرنسا"، "بلطية العايمة"، ليست من أفلامك المفضلة، تفتقر إلى العنصر الذي يجذبك أنت تحديداً لمشاهدتها، لكن أن تقول إنها من "أحطّ أفلام السينما المصرية" وتدخلنا في إشكالية مارتن سكورسيزي ومارفل، التي انتقد فيها هذه السينما لأنها قائمة على الكوميكس ويراها تجارية بحتة، وانتهينا فيها إلى أن سكورسيزي يصرّح بأنه يريد أن يخرج فيلم "الجوكر"، وهو مأخوذ عن الكوميكس أيضاً. صحيح أنه من عالم مختلف هو عالم "دي سي"، فلا يا سيدي، توقف عندك وخذ نفساً عميقاً، ولا تقل شيئاً.

لو استطعت لكنت أجمع رابطة محبي الفنان عبلة كامل، وطلعنا طلعة على لجنة تحكيم جوائز الأوسكار، فنضيء لعميان البصيرة درباً، ونقول لهم: أين الأوسكار يا أبناء المتضايقة؟

أقول هذا وأنا مؤمنة تمام الإيمان بأن "مشهد الخروج من المصنع"، هو سينما تامة وغير ناقصة، لأنه حقق الغرض الأول والأخير من السينما أصلاً: التسلية التي يراها البعض في عالم "المحنكين" عيباً على الصناعة.

وجه رابع وأخير

"عبلة لو الشيطان اتذكر قدامها هتقول ربنا يهديه، مش هتدعي عليه". عزت أبو عوف متحدثاً عن عبلة كامل، في إحدى حلقات "القاهرة اليوم".

"أنا مش شايفة حاجة، أنا شايفة بس إني بحب التمثيل جداً، والفن ده مهم للأمم": تقولها عبلة رداً على سؤال المذيعة، "هل ترين في نفسك الموهبة كي تستطيعي إنجاز 5 أفلام خلال عام؟". كان سؤال المذيعة مستفزاً إعلامياً، ولو كنت مكان الست عبلة لأجبت إجابة أخرى، تكشف عن غروري المتوحش.

لكن، لأنها عبلة التي رأيناها وعرفناها من شخصياتها وأحببتها شخصياً في كل ما قدمت، إلا الأجزاء ما بعد الأوّل من "سلسال الدم" (معلش يا ست عبلة، ما كامل إلا محمد)، فهي لا ترى إلا حبها لما تفعل.

والحقيقة، أنني أشعر بضرورة تكريم عبلة كامل، ليس لشيء، لكن لما تقوله تالياً في الحوار نفسه، إن طموحها كما طموح أي ممثل أوسكار، ولو استطعت لكنت أجمع رابطة محبي الفنان عبلة كامل، بداية من المتصلين بها خلال حوارها مع عماد أديب، وحتى يومنا هذا، وطلعنا طلعة على لجنة تحكيم جوائز الأوسكار، فنضيء لعميان البصيرة درباً، ونقول لهم: أين الأوسكار يا أبناء المتضايقة؟


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها…

لكن رصيف22، هو صوت الشعوب المضطهدة، وصوت الشجعان والمغامرين. لا نخاف من كشف الحقيقة، مهما كانت قبيحةً، أو قاسيةً، أو غير مريحة. ليست لدينا أي أجندات سياسية أو اقتصادية. نحن هنا لنكون صوتكم الحرّ.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها، ولكنك بضمّك صوتك إلينا، ستكون جزءاً من التغيير الذي ترغب في رؤيته في العالم.

في "ناس رصيف"، لن تستمتع بموقعنا من دون إعلانات فحسب، بل سيكون لصوتك ورأيك الأولوية في فعالياتنا، وفي ورش العمل التي ننظمها، وفي النقاشات مع فريق التحرير، وستتمكن من المساهمة في تشكيل رؤيتنا للتغيير ومهمتنا لتحدّي الوضع الحالي.

شاركنا رحلتنا من خلال انضمامك إلى "ناسنا"، لنواجه الرقابة والترهيب السياسي والديني والمجتمعي، ونخوض في القضايا التي لا يجرؤ أحد على الخوض فيها.

Website by WhiteBeard
Popup Image