وجّه مواطنون سعوديون وخليجيون نشطون عبر الإنترنت انتقادات لاذعة لأحد مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي على خلفية تكهنه بأن الأديب والسياسي والدبلوماسي السعودي الراحل د. غازي القصيبي كان "قهوجياً" قبل أن يُصبح وزيراً، وهو ما اعتبروه افتئاتاً على سيرة شخصية وطنية مرموقة و"تشويهاً" لسيرته.
وخلال مقطع مصور، قال سعد العنزي الشهير بـ"سمو كابتشينو" إنه يتوقع أن الراحل غازي القصيبي هو الذي "كان قهوجياً قبل أن يصير وزيراً"، في معرض إجابته عن سؤال: "هل قرأت كتباً لغازي القصيبي ولا لأ".
قال العنزي: "قرأت كتب لغازي القصيبي ولا لأ؟ من كتر الكتب عندي، أنا ما أذكر قرأت كتاب لغازي القصيبي ولا لأ. ما أدري. ولكن غازي القصيبي كشخصية، أنا من الناس اللي معجبين فيه. معجبين بالفكر، معجبين بالطموح، بالإصرار. أتوقع، إذا ما خاب ظني، أن غازي القصيبي هو اللي كان قهوجي وأصبح وزير. إذا ما خاب ظني، هو غازي القصيبي أو واحد تاني… لا تنقلوا الكلام عني بس تأكدوا".
على الرغم من أن العنزي لم يكن حاسماً أو يصر على "معلومته" المزعومة عن القصيبي، تسببت في ردة فعل غاضبة واسعة النطاق على السوشال ميديا في السعودية والدول الخليجية المجاورة حيث اتُهم بـ"الجهل" بتاريخ الشاعر والسياسي الراحل و"التطاول" و"الانتقاص" من إسهاماته الوطنية.
"أتوقع، إذا ما خاب ظني، أن #غازي_القصيبي هو اللي كان قهوجي وأصبح وزير"... مشهور سناب شات يثير غضب سعوديين وخليجيين بسبب "جهله" بـ"سندباد الشعر السعودي"، وينتهزون الفرصة للتذكير بسيرته وإسهاماته الوطنية
تذكير وتعريف بسيرته
واستغل المغردون الفرصة للتعريف بالقصيبي وبالمناصب الحكومية التي شغلها، والتذكير بإنتاجه الإبداعي وبأبرز مقولاته ووصاياه. كما شددوا على أن والده كان تاجراً شديد الثراء ومن المقربين من الحكام المؤسسين للمملكة.
عنه كتب الأديب والصحافي السعودي محمد الرطيان: "غازي ابن ‘عبدالرحمن القصيبي‘ أحد أثرى أثرياء زمانه، لم يأتِ للعمل العام وعينه تتلصص على العقود! أتى وعينه تراقب المجد البعيد. لم يأتِ لكي ‘يأخذ‘، أتى لكي ‘يعطي‘. على سواحله ستجد: الأستاذ الجامعي/ الشاعر/ الوزير/ الروائي/ السفير/ الكاتب، الحر والتنويري والمقاتل الذي يحترمه الجميع. حتى خصومه. على سواحله ستجد: شاعراً جريئاً يكتب آخر رسائل المتنبي إلى سيف الدولة. وألف شهادة تقول إنه من القلّة التي لم تفسدها السلطة".
وشدد على أن القصيبي كان "من القلة الذين استطاعوا أن يقرأوا مستقبل الغلو (التشدد) بوضوح. قاتل بشجاعة كل فكرة متطرفة. اختلفوا على ما تخطه يده، ولكنهم اتفقوا على نظافة هذه اليد في كل منصب ذهبت إليه. لهذا: حتى خصومه يحترمونه".
في غضون ذلك، اعتبر البعض أن ردة الفعل العنيفة ضد ما قاله "سمول كابتشينو" دليل على عميق محبة وتقدير السعوديين للقصيبي. قال الباحث السعودي صغير العنزي: "محبة السعوديين للدكتور غازي القصيبي، وغضب المجتمع حين يُمَسّ، يؤكدان أن المجتمع يُقدّر المسؤول المخلص النزيه، ويحفظ له وزنه، فيظلّ حيّاً في القلوب، وإن رحل عن الدنيا… عفّت يده، وأخلص ضميره، فأثرى بحبٍّ خالد، وما أعظمه من ثراء!".
في المقابل، اعتبر البعض أن مشهور سناب شات لم يُسء للقصيبي لأن مهنة القهوجي ليست مخلة بالشرف، معربين عن أملهم بأن يتعلم مما حدث أن يقرأ عن القصيبي وألا يتحدث عن شخصية مؤثرة ثانيةً بدون سابق معرفة وإطلاع.
"كان من القلة الذين استطاعوا أن يقرأوا مستقبل الغلو (التشدد) بوضوح. قاتل بشجاعة كل فكرة متطرفة. اختلفوا على ما تخطه يده، ولكنهم اتفقوا على نظافة هذه اليد في كل منصب ذهبت إليه. لهذا: حتى خصومه يحترمونه"... عن #غازي_القصيبي
يُذكر أن "سمو كابتشينو" خرج موضحاً أنه لم يقصد أي إساءة وإنما بعض "الباحثين عن الشهرة" و"الحاقدين الذين يرغبون في تحويل الحقائق وتضليل المجتمع" قاموا بـ"اجتزاء" كلامه، وتحريفه عن سياقه.
ونشر المقطع كاملاً، قائلاً إن حديثه كان عن قصص كفاح شخصيات سعودية عامة تمكنت في التغلب على الفقر ووصلت لأعلى المراتب.
من هو غازي القصيبي؟
توفي القصيبي، منتصف آب/ أغسطس 2010، عن عمر ناهز السبعين عاماً. ولد عام 1940. حصل على شهادة الليسانس في الحقوق من جامعة القاهرة عام 1961. ثم الماجستير في العلاقات الدولية من جامعة جنوب كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1964.
وعام 1970، نال الدكتوراه في العلاقات الدولية من جامعة لندن قبل أن يعمل محاضراً في كلية التجارة بجامعة الرياض (جامعة الملك سعود حالياً)، منذ 1965 حتى 1970 ثم أصبح أستاذاً مساعداً رئيساً لقسم العلوم السياسية بالكلية لمدة عام وبعدها عميداً للكلية من 1971 حتى 1973.
في العام التالي، عُين القصيبي مديراً عاماً للسكة الحديد، ثم في منصب عين وزير الصناعة والكهرباء عام 1975. كما عُين وزيراً للصحة بالإنابة عام 1982، ثم وزيراً للصحة 1983.
ومن وزارة الصحة انتقل القصيبي إلى السلك الدبلوماسي سفيراً للسعودية لدى البحرين حتى عام 1992 إذ بُعث سفيراً لبلاده لدى بريطانيا. وعاد بعدها وزيراً للمياه عام 2002. ومن ثم وزيراً للعمل عام 2004.
"محبة السعوديين للدكتور #غازي_القصيبي، وغضب المجتمع حين يُمَسّ، يؤكدان أن المجتمع يُقدّر المسؤول المخلص النزيه، ويحفظ له وزنه، فيظلّ حيّاً في القلوب، وإن رحل عن الدنيا… عفّت يده، وأخلص ضميره، فأثرى بحبٍّ خالد"
علاوة على مناصبه الحكومة والدبلوماسية، نشط الدكتور القصيبي في كتابة الشعر والأدب، فنُشرت له عدة دواوين شعر بالعربية والإنكليزية وعدة مؤلّفات - تجاوزت الـ60 مولّفاً - بالعربية وكتاب مقالات بالإنجليزية ومقالات ومحاضرات متنوعة في الأدب والسياسة والإدارة والقانون.
ومن أبرز أعماله الروائية: شقة الحرية، وسعادة السفير، والعصفورية، وحياة في الإدارة، وحكاية حب، وأقصوصة الزهايمر. ومن دواوينه الشعرية: الشرق والصحراء، ومعركة بلا راية، وأنتِ الرياض.
برغم عمله السياسة، مُنعت الكثير من أعماله الأدبية لتجاوزها "الخطوط الحمراء" في ما يتعلق بانتقاد السلطة ونظام الحكم في المملكة والدول العربية بوجه عام وأحياناً الدين. مع ذلك، كان هناك اعتراف بإنتاجه الأدبي كأحد أهم الأدباء الذين أثّروا في الأدب الخليجي والسعودي حتّى أنه وُصِف بـ"المتنبي الثاني" و"سندباد الشعر السعودي".
إنسانياً، عُرف عن القصيبي إسهاماته العديدة في المجال الخيري والتطوعي. ويُنسب له تأسيس جمعية خيرية للأطفال المعوقين لأول مرة في البلاد وتحويل راتبه الحكومي خلال آخر 30 عاماً من حياته إليها.
وعام 2021، دُشّنت جائزة غازي القصيبي كشكل من أشكال "التقدير والعرفان لهذه الشخصية الوطنية، التي أسهمت بعطاءات وطنية راسخة وشاهدة حتى يومنا هذا" في ثلاثة مجالات تعكس اهتماماته ومسارات إبداعي.
وفروع الجائزة الثلاثة هي: السيرة الذاتية للأفراد ضمن فرع الأدب، وإدارة الأزمات للجهات الحكومية والخاصة وغير الربحية ضمن فرع الإدارة والتنمية، ومسار المبادرات والأعمال التطوعية المنفذة للجهات الحكومية والخاصة وغير الربحية في فرع التطوع. وذلك بقيمة مالية تبلغ 100 ألف ريال لكل رابح.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
HA NA -
منذ 3 أياممع الأسف
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت بكل المقال والخاتمة أكثر من رائعة.
Eslam Abuelgasim (اسلام ابوالقاسم) -
منذ أسبوعحمدالله على السلامة يا أستاذة
سلامة قلبك ❤️ و سلامة معدتك
و سلامك الداخلي ??
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعمتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ أسبوععظيم