شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
مع بداية موسم الحج... كيف يمكن أن تكون حاجّاً صديقاً للبيئة؟

مع بداية موسم الحج... كيف يمكن أن تكون حاجّاً صديقاً للبيئة؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

بيئة ومناخ نحن والبيئة

الأحد 18 يونيو 202311:09 ص

"سافرت العام الماضي لأداء فريضة الحج بعد انقطاع 10 سنوات، فوجئت بكثير من التغيرات. أصبح هناك اهتمام بالحفاظ على البيئة، وإرشادات للحجاج لكيفية فرز النفايات وترشيد المياه داخل الحرم، وكذلك الابتعاد عن استخدام العبوات البلاستيكية، ولم يكن ذلك موجوداً من قبل"، يقول الحاج علي لرصيف22.

مع اقتراب موسم الحج، تتجدد الدعوات من المملكة العربية السعودية والمنظمات البيئية المهتمة بالحج المستدام، لاتباع التعليمات الضرورية من الحجاج لتحقيق استراتيجية الحج والعمرة الخضراء.

وحول هذا يقول الناشط البيئي الدكتور أحمد شريدة لرصيف22: "الحج الأخضر أصبح ضرورة إستراتيجية كبرى بسبب التغير المناخي وتأثيراته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فلا بد من ممارسات مثل استخدام الطاقة الصديقة للبيئة في كافة مراحل الحج، وغيرها من الأمور".

الحج الأخضر أصبح ضرورة إستراتيجية كبرى بسبب التغير المناخي.

ومع استقبال ملايين الحجاج كل عام، تواجه المملكة العديد من التحديات البيئية، لعل على رأسها الحد من النفايات، إذ يُنتج الحجاج آلاف الأطنان من مختلف أنواع النفايات كل موسم حج، إلى جانب آثار بيئية سلبية أخرى صار لا بد من أخذها بعين الاعتبار عند التخطيط لهذا الموسم السنوي.

دليل أخضر للحج

تتجدد الدعوات التي تطلقها منظمات بيئية لحث الحجاج على اتباع الإجراءات اللازمة لتحقيق استراتيجية الحج المستدام، ومنها ما قامت به منظمة "غرينبيس" في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إذ قدمت "الدليل الأخضر للحج والعمرة".

وقالت نهاد عواد، المسؤولة عن الحملات في مشروع "أمة لأجل الأرض" في "غرينبيس" لرصيف22: "يعتبر الحج من أكبر التجمعات السنوية في العالم، ويمكن أن يكون التأثير البيئي لمثل هذا الحدث كبيراً جداً، بما في ذلك استهلاك المياه والطاقة، وتوليد النفايات، وتلوث الهواء، والضغط على الموارد الطبيعية، ويساعد تنفيذ المبادرات الخضراء واعتماد الدليل الأخضر للحج والعمرة الذي أطلقناه باللغات العربية والإنكليزية والاندونيسية والماليزية على تقليل البصمة البيئية للحج، والتخفيف من هذه الآثار السلبية والحفاظ على النظم البيئية الحساسة في المنطقة".

وذكرت عواد أن مبادرات الحج الأخضر تدعو إلى الإدارة المستدامة للموارد، من خلال التركيز على الحفاظ على المياه، وكفاءة الطاقة، والحد من النفايات، والاستهلاك المسؤول، باعتماد ممارسات صديقة للبيئة، مثل استخدام مصادر الطاقة المتجددة، وإعادة تدوير النفايات، وتقليل استخدام المياه، مما يساعد على تقليل الضغط على الموارد المحلية، مما يضمن توافرها على المدى الطويل لكل من الحجاج والمجتمعات المحلية.

كما شددت عواد على أهمية التخفيف من آثار تغير المناخ والذي يحتم اتخاذ إجراءات عاجلة، وقالت: "يساهم الدليل الأخضر للحج والعمرة في التخفيف من آثار تغير المناخ من خلال تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري المرتبطة بالنقل واستخدام الطاقة وإدارة النفايات أثناء الحج. من خلال اعتماد ممارسات مستدامة وتعزيز البدائل منخفضة الكربون، مثل النقل العام أو أماكن الإقامة الصديقة للبيئة، يمكن تقليل البصمة الكربونية للحج بشكل كبير".

وتشير عواد إلى أن الدليل الأخضر للحج والعمرة يساعد على خلق بيئة أكثر صحة وأماناً للحجاج، وكذلك المجتمعات المحلية، فالحد من تلوث الهواء والماء، وإدارة النفايات بشكل فعال، وضمان الممارسات الصحية يمكن أن يقلل من المخاطر الصحية ويعزز التجربة الكلية للحج، منوهة إلى أن الترويج للحج الأخضر يتماشى مع التعاليم الإسلامية للحفاظ على البيئة والاستدامة واحترام العالم الطبيعي، ووصفته بأنه بمثابة فرصة للحجاج لأداء واجباتهم الدينية مع مراعاة مسؤولياتهم البيئية.

تشرح المتحدثة مبادئ الدليل والتي يسعون لنشرها من خلال المنافذ المختلفة للمنظمة ومواقع التواصل، ومنها التثقيف والتوعية من خلال توفير المواد التعليمية وورش العمل والندوات، لتوعية الحجاج بأهمية الممارسات المستدامة أثناء الحج والعمرة، وإدارة النفايات من خلال تطبيق أنظمة فعالة طوال فترة الحج، بما في ذلك فرز النفايات وإعادة تدويرها والتخلص السليم منها، وكذلك تشجيع الحجاج على تقليل إنتاج النفايات واستخدام العناصر التي يعاد استخدامها، إلى جانب الحفاظ على المياه من خلال استخدام تركيبات موفرة للمياه وتقليل استخدام المياه أثناء الوضوء، وأيضاً من خلال النقل المستدام وتعزيز استخدام وسائل النقل العام وخيارات النقل المشتركة لتقليل انبعاثات الكربون.

يعتبر الحج من أكبر التجمعات السنوية في العالم، ويمكن أن يكون التأثير البيئي لمثل هذا الحدث كبيراً جداً، بما في ذلك استهلاك المياه والطاقة، وتوليد النفايات، وتلوث الهواء، والضغط على الموارد الطبيعية، ويساعد اعتماد الدليل الأخضر للحج والعمرة على تقليل البصمة البيئية للحج

ضمن سياق متصل يذكر أحمد شريدة، وهو رئيس جمعية التنمية للإنسان والبيئة الأردنية، أهم الإجراءات التي يمكن للحاج الالتزام بها ليكون صديقاً للبيئة: "أولاً يحب على الحاج أن يستخدم عند الإمكان وسيلة سفر صديقة للبيئة، تعمل بالطاقة الشمسية أو الكهرباء. وفي مكة يجب أن يفكر باختيار فندق صديق للبيئة، واستخدام باصات تعتمد على الطاقة الشمسية. على الحاج أيضاً فرز الفضلات الناتجة عنه لإعادة تدويرها، وهذا أصبح متوفراً في المملكة فهناك حاويات لكل نوع من النفايات. وبالنسبة للأضحية يجب أن تتم في الأماكن المخصصة لها لتجنب تلويث البيئة بأي شكل".

مؤشر خطر

وفق حديث سابق لرئيسة مجلس إدارة جمعية البيئة السعودية الدكتورة ماجدة أبو رأس مع صحيفة عكاظ السعودية، "تتضح قيمة هذه المبادرات إذا عرفنا أن كل حاج تصل نفاياته يومياً إلى 1.8 كيلوغراماً، أي بمعدل 3.6 ملايين كيلوغرام يومياً لمليوني حاج، 70 في المئة منها مواد عضوية. وهذا يعني أن التخلص من هذه النفايات بشكل صحيح وإعادة تدويرها له فوائد كبرى على البيئة والصحة".

كل حاج تصل نفاياته يومياً إلى 1.8 كيلوغراماً، أي بمعدل 3.6 ملايين كيلوغرام يومياً لمليوني حاج.

وفي هذا الشأن تشير نهاد عواد إلى أنه في غضون 20 عاماً، من المتوقع أن تنتج مكة 44 مليون طن من النفايات الصلبة البلدية يومياً بسبب زيادة عدد الحجاج، وبالتالي فإن حكومة المملكة العربية السعودية تواجه قضية حساسة للغاية بسبب الغازات المنبعثة من النشاط البيولوجي للنفايات الصلبة المحلية في مدافن النفايات، وخاصة الميثان.

وفيما يتعلق بالمياه قالت عواد إن المياه المحلاة تضخ في مكة من منطقة الشعيبة (140 كم جنوب مكة)، بمعدل 670.000 متر مكعب في اليوم الواحد من الأيام العادية، بينما في الحج يتجاوز ضخ المياه هذا الرقم يومياً لتغطية احتياجات الحجاج. على سبيل المثال، في عام 2018 وبسبب الزيادة في عدد الحجاج، كانت هناك زيادة في إمدادات المياه المحلاة بمعدل استهلاك يومي تجاوز 900 ألف متر مكعب.

نتائج على أرض الواقع

بدأت السعودية بالتصدي لكل هذه التحديات البيئية المرتبطة بفترة الحج منذ عام 2018، عندما أطلقت مشروع "الحج الأخضر"، الذي استهدف بشكل أساسي فرز النفايات وإعادة تدويرها بشكل يسمح بالاستفادة منها بعد انتهاء الموسم.

الدكتورة ماجدة أبو رأس صاحبة مبادرة الحج الأخضر، وعضو هيئة التدريس في كلية العلوم بجامعة الملك عبد العزيز في جدة، قالت لرصيف22: "بدأت الاستراتيجية منذ عام 2018 كعملية تجريبية، وبالفعل استطعنا أن نحقق بعض الإنجازات والنتائج في الكثير من الملفات".

وتضيف المتحدثة: "من أهداف رؤية المملكة 2030 تعزيز الوعي البيئي لدى ضيوف الرحمن، وتطوير عمليات التجميع والفرز للنفايات، واستثمار النفايات من خلال التدوير. وخلال السنوات الماضية أيضاً طُبقت العديد من الكثير من المبادرات، بتحويل الكثير من المخيمات إلى مخيمات صديقة للبيئة، من خلال تطبيق نظام الطاقة الصديقة للبيئة، وترشيد استهلاك المياه، وإدارة النفايات، وفي بعض المخيمات لم يستخدم البلاستيك على الإطلاق، وكانت هذه بمثابة نماذج لخطة تعمل عليها المملكة، ويتم العمل بشكل تدريجي لأن الحج منطقة حساسة ومزدحمة".

وأشارت أبو رأس إلى خطوات منها تجهيز حاويات ملونة ومخصصة للمواد المختلفة العضوية والبلاستيكية والكرتون والورق والعلب المعدنية، مع طباعة ولصق التصاميم في مقدمة كل حاوية ليفهم الحجاج كيفية التطبيق، كما تم التعامل مع ملف المياه من خلال وضع أدوات الترشيد في الحمامات والمراحيض، إلى جانب ترشيد الطاقة من خلال استبدال الإضاءة التقليدية بإضاءة مخفضة للطاقة.

يحب على الحاج أن يستخدم عند الإمكان وسيلة سفر صديقة للبيئة، تعمل بالطاقة الشمسية أو الكهرباء. وفي مكة يجب أن يفكر باختيار فندق صديق للبيئة، واستخدام باصات تعتمد على الطاقة الشمسية. على الحاج أيضاً فرز الفضلات الناتجة عنه لإعادة تدويرها

كما تم العمل على ملف الصحة العامة من خلال وضع أجهزة تعقيم، إلى جانب تخفيض استخدام البلاستيك من خلال استبدال الأطباق البلاستيكية بالكرتونية، والعبوات البلاستيكية للمياه والألبان بالعبوات الكرتونية، كما استخدمت الأكواب الورقية والزجاجية.

العالمة السعودية المتخصصة في التخطيط الإستراتيجي للإدارة البيئية المتكاملة والاستثمار الأخضر أضافت: "انتشرت إستراتيجية الحج الأخضر على مستوى جنسيات مسلمي العالم، وشارك بها أشخاص تنوعت بلدانهم بين الجزائر والكويت وليبيا ولبنان ومصر وسوريا والعراق والأردن، ومن جنوب شرق آسيا ماليزيا وأندونيسيا والهند وباكستان وبنجلاديش، وغيرها".

ومن أهم النتائج التي تم الوصول إليها حسبما قالت الخبيرة التي أشرفت على تطبيق الاستراتيجية في الميدان بدعم الجهات المعنية: في عام 2019 شارك 678 ألف من بين 2.5 مليون حاج، و190 مخيماً من إجمالي 915، وتم تدوير أكثر من ثلاثة ملايين طن من النفايات من إجمالي وزن النفايات في المخيمات المشاركة.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

ما أحوجنا اليوم إلى الثقافة البيئية

نفخر بكوننا من المؤسّسات العربية القليلة الرائدة في ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺇﺫﻛﺎﺀ ﺍﻟﻮﻋﻲ البيئيّ. وبالرغم من البلادة التي قد تُشعرنا فيها القضايا المناخيّة، لكنّنا في رصيف22 مصرّون على التحدث عنها. فنحن ببساطةٍ نطمح إلى غدٍ أفضل. فلا مستقبل لنا ولمنطقتنا العربية إذا اجتاحها كابوس الأرض اليباب، وصارت جدباء لا ماء فيها ولا خضرة.

Website by WhiteBeard
Popup Image