شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
نساء الهشاشة ورجالها في رواية

نساء الهشاشة ورجالها في رواية "كالييا"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

الرواية المكتوبة بالعربية في كندا صنفان؛ صنف من تلك الروايات كتبها كتاب عرب سبق أن نشروا روايات سابقة في بلدانهم الأصلية التي جاؤوا منها إلى كندا، وصنف آخر من قرر الكتابة في كندا. ضمن الصنف الأخير تنتمي الكاتبة الكندية اللبنانية آسين شلهوب. فلم يسبق أن عرفها القراء من قبل نشرها لروايتها "كالييا، لحن الرغبة والهزيمة" عن دار عشتار بتورنتو.

تفتتح الكاتبة تجربتها الروائية برواية في ثلاثمائة صفحة بخط دقيق. تعرّف نفسها في ظهر الغلاف إلى جوار صورتها بالأسود والأبيض بـ"آسين شلهوب، كاتبة لبنانية كندية، تحمل بكالوريوس في علم النفس من الجامعة اللبنانية، عملت في مجال التعليم في المدارس اللبنانية والكندية". سيرة تبدو هشة، فلا إشارة فيها لأي سابقة في الكتابة ولو اشارة إلى نصوص بالصحف أو المجلات. وكأنها تقول: لا شيء قبل هذا وعليكم أن تبدأوا في التعرف عليّ مع هذا الكتاب. وحول ذات الهشاشة تدور روايتها "كالييا".

هشاشة العالم والموضوع

تنطلق الرواية بإهداء تقدم فيه الكاتبة نفسها على أنها روائية تكتب لأول مرة، وتهدي روايتها إلى "ابنة كاميليا شعيا" تلك الفتاة التي تصر دائماً وهي تعرف نفسها إلى الانتساب للهشاشة، حيث أنها كانت كلما سُئلت: ابنة من أنت؟ أجابت: "أنا ابنة كاميليا"، مما يدفع الناس إلى الضحك والاستهزاء من إجابتها، وتقول: "تمر السنوات وأكتشف أن ردة فعلهم على جوابي باسم الأم، وليس اسم الأب، نابعة من اعتقادهم الراسخ أن الأم مجرد امرأة لا ينسب إليها شيء أو أحد؛ بل هي من تنسب وتلحق وتجر حتى الذوبان في عالم لا ينظر إليها كإنسان بل مجرد أسيرة في عالمهم". تواصل الكاتبة الإهداء الطويل نسبياً والذي يحتل صفحة كاملة، بإصرارها على أن تكون ابنة "كاميليا شعيا".

الرواية المكتوبة بالعربية في كندا صنفان؛ صنف من تلك الروايات كتبها كتاب عرب سبق أن نشروا روايات سابقة في بلدانهم الأصلية التي جاؤوا منها إلى كندا، وصنف آخر من قرر الكتابة في كندا. ضمن الصنف الأخير تنتمي الكاتبة الكندية اللبنانية آسين شلهوب

هكذا تحسم الكاتبة أفق التلقي في الزج بنصها في خانة النسوية "الفيمينسم"، لنراجع من جديد غلاف الرواية ونتأمّل مرة ثانية صورة المرأة التي ترقص وحيدة وحولها النوتات الموسيقية وكأنما الماء الآسن يزحف من كل أطراف الصورة يمحو معالمها ويضيق على الراقصة الفضاء.

هذا الموضوع الهش، الذي شبع طرحاً، يُطرح سؤال عن المتلقي وهو يشرع في قراءة الرواية لأول مرة؛ ما الذي ستضيفه كاتبة تكتب لأول مرة في موضوع صار هشاً حتى هجرته الكاتبات في كل أنحاء العالم، بل انقلبت بعضهن تهاجمنه منذ سنين على غرار أنييس نن؟ ثم ماذا يعني أن تتبنى كاتبة معاصرة تعيش في الغرب منذ أكثر من عشرين سنة خطاباً نسوياً في عصر كسرت خانات الجندر في الوثائق الرسمية ثنائية الذكر والأنثى، واستحدثت خانات أخرى تشمل العابرين والآخرين؟

التوغل في قراءة النص يجعلنا أمام هشاشة منعكسة على العالم الذي تتحرك فيه الأحداث وعلى هشاشة الخطاب الروائي نفسه.

نساء الهشاشة ورجال الهشاشة

تقدم آسين شلهوب نموذجين للرجل اللبناني؛ الأول هو الذكر الشرير يمثله كمال، زوج أم الراوية، أستاذ الثانوية الذي يغتصب زوجته ويخونها مع طليقته، ووليد زوجها الذي يفعل الأمر نفسه، وجاد، الذي خدع أختها وترك في بطنها جنيناً وهرب إلى أمريكا، ورئيسها في العمل المتحرش سامي السبعي. صور متكررة للرجل الشرقي في الخطاب الروائي النسوي وغير النسوي. وصنف آخر من الرجال يمثل الهشاشة، وتمثلها الذكورة الجريحة في شخصية ابن العم (سامي)، الحلاق الذي يحب الرجال والذي أصبح أكثر هشاشة مع خبر استعداد حبيبه (جوني) للهجرة إلى دبي، وجاد، ابن زوج أمها العائد من الولايات المتحدة مريضاً ويحتضر ويعيش حالة الندم على ما فعله بأختها ريما، والجار الموسيقي(رايين عبد الله)، عازف البيانو.

وكأن بالكاتبة لا ترى من طريقة لسحب كل ذلك الاحتياطي من الشرّ في الذكر إلا عبر ثلاثة: المرض أو الضعف الجنسي والانتماء الجندري أو الثقافة والفنون. أما الرجل العادي البسيط فهو دائماً مدان بسبب تربيته وتمسكه بتقاليد المجتمع الذكوري.

لم تقدم الرواية في جانبها النسوي إلا نماذج من نساء الهشاشة، فكل شخصيات الرواية ضحايا العنف الذكوري والإهمال وتسلط النظام البطريركي الذي يتحكم في المجتمع اللبناني الذي سعت لفضحه. والفضح هنا يعني كشف زيف صورته التي يروج لها الإعلام باعتباره مجتمعاً منفتحاً ومتحرراً، والحال -كما يُصوَّر في الرواية- أنه كغيره من المجتمعات العربية يرزح تحت أشكال مختلفة من التخلّف والفكر الذكوري إلى جانب المأساة الطائفية.

كتابة الإيروسية حد البورنوغرافيا

تمثل الجرأة واحدة من الرهانات التي وضعتها الكاتبة لتشييد روايتها، وهي جرأة التمرد على المؤسسة، بما هي المجتمع ومؤسسة الزواج عبر شخصية كالييا، التي تدخل في علاقة حميمة بالفنان العازف رايين عبد الله، وتدفع الروائية بالموضوع عبر تحرير الجسد مما كبله من موانع، ليعبّر عن نفسه بعد تجربة الاستعباد التي عاشتها كالييا مع الزوج وليد.

وهنا تُغرق الكاتبة الرواية في حفلات الإغواء كل مرة من خلال تلك العلاقة المحرمة والمحظورة مجتمعياً على شاكلة رواية مدام بوفاري لغوستاف فلوبير. والحق أن الروائية نجحت في كسب موضوع الجرأة في مواطن من الرواية، على غرار ما توغلت فيه مواطنتها اللبنانية حنان الشيخ منذ سنين، لكن آسين شلهوب دفعت بالإيروسي نحو البورنوغرافي الخالص، وهو أدب مفقود عربياً باستثناءات افتتحها الكاتب التونسي أيمن الدبوسي في أعماله "انتصاب أسود" و"انقلاب العين" و"أخبار الرازي".

تكتب آسين شلهوب متحررة من قيود الكتابة المراقبة متحدثة عن العشيق: "يرسم بسبابته استدارة ياقة فستانها المستديرة التي يظهر منها الشق المنحدر بين نهديها الممتلئين، ترتجف ركبتاها وتتجمع كل دماء جسدها في وجنتيها، تعلم بأنها يجب أن تنسحب من بين يديه وأن تهم بالمغادرة، ولكن صوتاً هامساً يغويها بالبقاء، يرجوها الاكتشاف ومعرفة المزيد من هذه المشاعر التي لم تختبرها يوماً، تعجب لنفسها، تقف مسمّرة بين يديه الفاحصتين المتنقلتين بخفة تمسحان كتفها ثم تهبطان على جانب ذراعها تثيران فيها رعشة لذيذة....".

تضطلع التجربة الإيروسية في رواية شلهوب بمهمة اكتشاف الراوية ذاتها من جديد واستعادتها بعد المحو الذي تعرضت له من الزوج الذي تقول إنه شككها حتى في جمالها الذي يشيد به الجميع. ومن ثم فالجنس في الرواية محاولة لترميم الجسد المنتهك بالإهمال وبالاغتصاب وبالخيانة وبالشتم والازدراء والطرد من سرير الزوجية.

تقول الراوية: "تمتلئ عيناها بالدموع، ويغلّفها الإحراج والتوتر، تسمع نفسها تخبره كيف طلب منها وليد منذ ثلاث سنوات أن تترك غرفته نهائياً بعد أن كان يطلب منها ذلك أحياناً في السنوات السابقة، يضحك وهو يقول ساخراً:

ـ ليس هناك كارثة أعظم من كارثة سرير الزوجية، هذا ما كان يقوله تولستوي. لقد تعذّب مع زوجته لغياب الانسجام وخاصة الجنسي بينهما، وحين قرر هجرها أخيراً وهو في الثمانين من عمره، مات وهو في طريقه للبدء بحياة جديدة دون زوجته، مات وهو ينتظر القطار ليرحل....".

وتتوغل الكاتبة في سرد طقوس المواعيد الجنسية بعد ذلك لتستثمر قدرتها الكبيرة في الوصف لتنقل لنا المشاهد البورنوغرافية باحترافية كبيرة فتكتب: "همس وهو يفتح فرجها بأصابعه فيما يبعد فخذيها بيده الأخرى:

ـ اشش... أنت جميلة جداً، هذا ما حلمت به، أريد أن أتذوقك، أن ألتهم جسدك إنشاً إنشاً.

ترتعد حين يلعق بطرف لسانه الرطب تلك الحبة الصغيرة النافرة ويأخذ في مداعبتها بإلحاح ثم يمتصها ليعود وينفخ فوقها قبل أن يلعقها من جديد، يدخل إصبع يده الأخرى فيها ويحركه ذهاباً وإياباً بينما ما يزال لسانه يداعب ويثير حبتها الصغيرة المنتصبة، تسمع أنيناً يضج في المكان، ثم صراخاً متقطعاً".

وتعود في مقطع آخر: "أمسك بيديها برفق ووضعها فوق انتفاخ بنطاله، فاعترتها أحاسيس متناقضة وهي تمرر يدها فوقه وتتلمس صلابته، تمرر أصابعها ببطء محاولة اكتشافه تحت قماش جينزه الأزرق، تسليها محاولته اليائسة للسيطرة على حركاته، يضطرب تنفسه وهو يزيح يدها ليخلع بنطاله وما تحته، ثم يسحب يدها بعجل ويلف أصابعها فوق عضوه القاسي وقد ألقى برأسه إلى الخلف، عيناه مغمضتان نصف إغماضة وهو يقول بصوت خافت أجش:

ـ بسرعة، شدي عليه أكثر وحركي أصابعك بسرعة".

ولا تتوقف الكاتبة عن سرد المشهد إلا وقد فاض السائل بين يد بطلتها لتنقل لنا كل تفاصيل المشهد الجنسي من الغواية إلى الاستمناء، ولتواصل المشهد بعد عودة العازف من الحمام لينشف فرجها ويديها المبلولتين بمنيه.

تنخرط رواية آسين شلهوب في تيار الرواية النفسية الكلاسيكية التي تروى بلسان الراوي العليم الواثق الذي يعرف كل شيء مثل إله.

لا تكتفي الروائية بسرد مغامرات بطلتها، بل تدفع بالعشيق العازف إلى الاعتراف بمغامراته وقصصه الأولى مع الجنس التي تعلمها من صديقة أمه، ليروي حكايات الشبق على مسامع عشيقته.

كان العازف مهرباً لكالييا من الموت البطيء الذي بدأ يأكلها ويمحو جسدها، فالعازف، أيضاً، يمثل بعداً آخر للذكر؛ إنه المعادل الإنساني للفن، وتجسيد للفنان وللإنسان الحق، والإنسان الحلم، كما وصفته في الرواية، وكأنها تعيد عبارة نيتشه الشهيرة: "لنا الفن حتى لا تميتنا الحقيقة"، ولذلك لم تشعر بأي ذنب كلما ذهبت إليه ولم تشعر أبداً أنها تخون زوجها وليد.

هكذا تقرأ آسين شلهوب الواقع الاجتماعي العربي عبر نافذة الجسد وتلويناته؛ الجسد المغدور والمصاب والمتروك والمهان والمستقيل واليائس والمحتضر والشبق والحي والمستيقظ أو المبعوث من العدم. كل ذلك لتؤكد أن جسد المرأة اللبنانية والعربية في العموم، ما زال فيه، كما هو منذ القِدم مأزق وجودي بالنسبة للذكر في إدراك إنسانيته والمجتمع في إدراك طريق التطور والرقي.

تقود الروائية برنامجها السردي مستنداً على قدرتها الكبيرة على الحكي والوصف.

ارتباكات البرنامج الجمالي

تشهد الرواية في بنيتها بعض المشاكل، منها المصادفات الكثيرة التي تسير بها الأحداث وارتكاز الكاتبة على كليشيهات سردية، وأحياناً تقود الشخصيات الكثير من اللاعقلانية، والتي لا ترجع إلى جنون الشخصيات وتمردها، بل إلى مشاكل في السرد، خاصة في بناء أحاسيسها نحو بعضها، كمشاعر الأم تجاه ابن زوجها الذي دمر حياة ابنتها، وانسياق البطلة وراء رجل الموسيقى بشكل سريع ومفاجئ، يعيدنا إلى اقتباسات المنفلوطي وكتابات إحسان عبد القدوس، وهو ما يتناقض كلياً مع الوجه البراغماتي الذي تنظر به لشروط العلاقة الناجحة بين الرجل والمرأة القائمة على الثقة وقوة شخصية كلا الطرفين واستقلاليتهما.

تنخرط رواية آسين شلهوب في تيار الرواية النفسية الكلاسيكية التي تروى بلسان الراوي العليم الواثق الذي يعرف كل شيء مثل إله، وهي بذلك لا تدعي اقتراحاً جمالياً جديداً بلغتها البراغماتية البسيطة وسردها النهري، حيث يحتل الوصف فيها المركز الثاني بعد السرد المتسارع،  وكلاهما ينسجان عدداً غير متناهٍ من التفاصيل التي تعمّق من تشكيل البعد النفسي للشخصيات.

غير أن هذا الإغراق في التفاصيل مثل ثقلاً في مراحل من الرواية إلى جانب الوقفات التنظيرية الفجة لأطروحة النسوية بطريقة تعليمية كان يمكن للكاتبة أن تتخلى عنها، لأن صوتها فيها طغى على أصوات الشخصيات، وهي كثيراً ما تقف منظرة مرتدية قميص المعلّمة لتعيد ترديد دروس النسوية القديمة؛ فالرواية واضحة منذ إهدائها، معلنة انخراطها في الخطاب النسوي التحرري، ولم تكن بحاجة إلى تلك الخطابات المباشرة التي تقولها الشخصيات.

تقول الراوية مثلاً في حوار مع ابن عمها سامي: "آمل أن يأتي يوم ويعي مجتمعنا بأن الاستقلال المادي للمرأة هو أهم بكثير من البحث عن عريس ثري يُعيلها، فالمرأة المستقلة مادياً  تكون إنسانة قوية وقادرة على الاتكال على نفسها، وعندما تقرر الزواج فسوف تختار رفيقاً لدربها، لمن يشاركها حياتها وليس بم يُعيلها، كما أن الرجل أيضاً يجب عليه النظر إلى من سيتزوجها كشريكة لحياته وليس كمدبرة لشؤونه اليومية".

وتعيد خالة الراوية ذات الدرس النسوي عندما تخاطبها بعد صفحات قليلة قائلة: "أنت متعبة وضائعة ولكن لا يغيب عن بالك بأن مأساتك هذه تتشاركينها مع آلاف النساء، زوج غير مسؤول، يهمل عائلته ولا يبالي، يعلم جيداً بأنك أسيرة وضعك، فلا مال لديك أو عائلة تؤازرك أو تحميك، يستغل حاجتك للحماية والاستقرار ليُخضعك لاستبداده واستغلاله يوماً بعد الآخر، حتى تقبلت ما آل إليه وضعك، حتى أنك وفي الكثير من الأحيان لا تتذمّرين، وكأن ما تعيشينه من ذلّ أصبح أمراً عادياً، هذا ما يسمونه بـ'ستوكهولم سندروم'، حيث الضحية تستسلم لجلادها وتختلق له الأعذار والتبريرات فيمعن في استغلالها....".

هذا الإصرار على تلقين الدروس يضعف العمل الفني ويرميه بهشاشة جديدة، كما أن التمسّك بالتفاصيل الميكروفيزيائية والتي تخلصت منها الرواية المعاصرة، وخاصة رواية ما بعد الحداثة لتكون دعوة للقراء ليشاركوا في إنتاج النص والتخييل تدفع بهذه الرواية نحو الكتابة الدرامية. إنها أشبه ما تكون بالنص المعد للمسلسلات التلفزيونية بايقاعها البطيء، ويتسيد الوصف ونقل التفاصيل وتوقيف السرد عبر الوصف مرة والحوار مرة أخرى؛ فالحوار في الرواية لا يدفع كثيراً بالأحداث والسرد، بل يبطئ من حركة الأحداث، وهو عيب يجب التخلص منه، لأن الحوار ومنذ عشرينيات القرن الماضي لم يعد ذلك العنصر الزائد، بل أًصبح جزءاً أساسياً من بناء العمل السردي ودفع الأحداث، ويمكن أن يعوض الوصف والسرد معاً، وقد تأكد هذا الدور للحوار بعد ذلك، خاصة مع كتاب مثل إرنست هيمغواي وتشارلز بيكوفسكي، وتخلصت الرواية الحديثة تدريجياً مع السرد البلزاكي.

هل المرأة العربية اليوم في حاجة إلى مدام بوفاري جديدة لتشق طريق الحرية؟ وهل حرية المرأة اليوم ما زالت فقط في هاجس التحرر المادي أم أن هواجس المرأة تعدّى ذلك إلى قضايا أكثر معاصرة تشترك فيها مع الرجل؟  

وهذا ما يجعلنا نرى أن الرواية كانت في حاجة إلى محرر أدبي أشد قسوة من مؤلفتها، قبل دفعها للنشر، ليخلصها من الكثير من الترهّلات، غير أن استحضار أن هذه التجربة السردية الأولى للكاتبة يشفع لها ذلك.

ويبقى أنه بعد الانتهاء من قراءة الرواية نخرج بالكثير من الأسئلة، وهذا دور الأدب في النهاية: هل المرأة العربية اليوم في حاجة إلى مدام بوفاري جديدة لتشق طريق الحرية؟ وهل حرية المرأة اليوم ما زالت فقط في هاجس التحرر المادي أم أن هواجس المرأة تعدّى ذلك إلى قضايا أكثر معاصرة تشترك فيها مع الرجل؟ هل تحتاج المرأة العربية اليوم إلى ثورة بورنوغرافية لتتعرّف على جسدها المقهور والمحظور حتى عليها؟ هل كتابة الحميم ضروري اليوم ليتصالح الجسد مع عناصره ويخرج من غربته؟ هل يعرف الرجل نفسه جسده فعلاً؟ وهل يمكن الآن أن نتمسك بهذه الثنائية المزمنة (المرأة والرجل)، في ظل هذا الانفجار الجندري من جهة والعولمي من جهة أخرى، حيث أصبحنا نتحدث عن ما بعد الإنسانية (Posthumanism)؟

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

ثورتنا على الموروث القديم

الإعلام التقليديّ محكومٌ بالعادات الرثّة والأعراف الاجتماعيّة القامعة للحريّات، لكنّ اطمئنّ/ ي، فنحن في رصيف22 نقف مع كلّ إنسانٍ حتى يتمتع بحقوقه كاملةً.

Website by WhiteBeard