تندرج هذه المادة ضمن ملف "أسرار الروائح الشرقية"
في مدينة الألف مئذنة، في قاهرة المعز لا يُسمى بائع العطر "عطاراً"، اللهجة تختلف عن سائر البلدان العربية، فلقب عطار صار يطلق على بائع التوابل والبهارات والزيوت، أما مُصنّع العطر فيُطلق عليه اليوم في اللغة الدارجة "برفيومر".
يختلف وصف العطر عند المصريين حسب اختلاف الأجيال والثقافات. في الثمانينيات كانوا يسمونها "كلونيا" أو "ريحة"، ثم سموها في التسعينيات "برفان".
الآن أصبحت كلمة "برفان" موضة قديمة بين أبناء الجيل الحالي، خاصة الطبقة فوق المتوسطة التي تستخدم الإنجليزية في حديثها اليومي فيقولون "Perfume".
عطور شارع المعز
بالبحث عن أشهر وأقدم "برفيومر" في القاهرة، توجه رصيف22 إلى شارع المعز لدين الله الفاطمي، بين جدران مساجد ومدارس ومقاهٍ عمرها يقارب الألف عام تشعر وكأنك عدت بالزمن إلى الوراء، تسير بين بائعي الأنتيكات والعملات والجرائد النادرة، مروراً ببائعي الزخف والفوانيس والأزياء الشعبية، وصولاً إلى "الصاغة" وهي مجموعة محلات لبيع وشراء الذهب، وبجوارها أشهر بائعي العطور.تجذب رائحة العطور الطيبة والبخور الأنف وكأنها تسير بالشخص مُكبلاً بها، ولها القدرة على خطف الأنظار عن بريق الذهب، إنه اختلاط غريب بين الروائح الشرقية والغربية وأعواد البخور لا تجده إلا هناك.
تختلف تسمية العطر عند المصريين لحسب اختلاف الأجيال والثقافات، فمرة يسمونه "كلونيا" ومرة يسمونه "ريحة"، وفي بعض الأحيان هو "برفان"
عائلة الحناوي
عائلات بأكملها من جد الجد إلى الحفيد عملوا في مهنة صناعة وبيع العطور في مصر، منها عائلة "الحناوي" التي تمتلك 3 متاجر متجاورة في نفس الحي، كلهم من أحفاد الجد الكبير مصطفى يوسف الحناوي وأخوته، الذي افتتح المحل الأول سنة 1942.استضافت محلات الحناوي رصيف22، حيث سألنا الأستاذ حسام الحناوي أحد أفراد العائلة عن أسرار صناعة الروائح الزكية في مصر وتاريخها، قال: "نحن نصدر لفرنسا. في مصر تصنع عجينة الياسمين، والتي يتم استخلاصها من زهرة الياسمين الموجودة في أكثر من محافظة من مصر، خاصة الفيوم، وتصدر بأكملها إلى الخارج، لصناعة العطور ومواد التجميل".
تُصدّر مصر عجينة الياسمين لفرنسا، حيث تنتج في عدة محافظات أبرزها الفيوم، حيث تساهم 3 غرامات منها في صناعة 100 كغم من العطرويضيف: "ثلاثة غرامات فقط من العجينة تساهم في تصنيغ 100 كيلوغرام من العطور، العجينة ثمينة جداً، وتُصدر إلى فرنسا وبقية دول العالم، وأغلب الدول التي اشتهرت بصناعة العطور ليس لديها اكتفاء ذاتي من المواد الخام، وتستورد مكوناتها من الخارج".
وبالإجابة عن سؤال لماذا لا يتم تصنيع العطور محلياً في مصر، قال العاملون في محلات الحناوي: "ليست لدينا الإمكانيات الكيميائية لصناعة العطور، في مصر نُصدر المادة الخام لعجينة الياسمين إلى فرنسا، وهناك يصنعونها ويدخلونها مع مركبات أخرى، المادة الخام المستخلصة من العجينة قد تدخل في أكثر من 100 نوع مختلف من العطر، نحن نستورد هذه المواد الخام، ونبيعها جملة إلى مصنعي العطور وبائعي التجزئة".
لافتاً إلى أن إنشاء مصنع عطور هو أمر صعب ومعقد، فهناك مواد قابلة للاشتعال، وهناك محاذير حكومية في بعض المواد المستخدمة بالإضافة إلى مراقبة التصنيع، كما أن إمكانيات الكيميائيين أنفسهم مقارنة بالخارج لا تصب في صالح التصنيع المحلي المصري.
"يعني المادة بتطلع من عندنا إحنا.. وتلف وتتصنع برة وإحنا نستوردها مرة تانية؟"
"صحيح".
عطور المصريين
أما العطور المفضلة لدى المصريين بحسب عائلة الحناوي فتختلف بين الفئات العمرية، فالشباب مثلاً يميلون إلى العطور الغربية، أمّا كبار السن فيحبون روائح الورود مثل الفل والورد والياسمين والمسك، أما العطر الذي يتميز بالبصمة المصرية الواضحة فهو عطر كليوباترا، وله قصة أخرى.تختلف أذواق العطور لدى المصريين باختلافهم، لكن في العموم تفضل الأغلبية الروائح القوية للسهرات، والروائح الهادئة لأماكن العمل، لكن الأغلبية تطلب دائماً الروائح ذات الثبات القوي بحسب الحناوي.
عطر الملك فاروق
تفتخر عائلة الحناوي بأنها هي التي قامت بتركيب العطر الملكي "رائحة دلال الحب"، ويقول حسام يقول إنه صنع من تركيبة خاصة من الروائح أهديت للبلاط خلال عهد الملكية في مصر، وقد نالت استحسان الملك فاروق.وحتى اليوم لا يزال أحفاد الحناوي يحتفظون بصورة من إحدى الجرائد المصرية القديمة، للإعلان عن هذا العطر وطرحه للجمهور في الأربعينيات من القرن الماضي.
تفتخر عائلة الحناوي بأنها قامت بتركيب العطر الملكي "رائحة دلال الحب"، الذي أهدي للبلاط خلال عهد الملك فاروق ونال استحسانه
عطر كليوباترا
اكتشفت بعثة علمية في منطقة الدلتا شمال مصر بقايا بعض الأواني الخزفية التي كانت تستخدم لتخزين العطور، والتي تعود للعصر الفرعوني، يُتوقع أن العطور وقتها لم تكن سائلة، بل كانت على شكل جيلاتيني كالمراهم هذه الأيام، وبعد البحث عن المواد المستخلصة من هذه الأواني وربطها بالعطور المفضلة للفراعنة بحسب بعض النصوص اليونانية القديمة، عمل كيميائيون على إعادة تركيب عطر مستخلص من مواد خام كصمغ شجرة المر الشائكة.ورغم شهرة العطر، لا يوجد إثبات تاريخي علمي أو بحثي يثبت ارتباط هذا العطر بالملكة كليوباترا.
انضم/ي إلى المناقشة
jessika valentine -
منذ 5 أيامSo sad that a mom has no say in her children's lives. Your children aren't your own, they are their father's, regardless of what maltreatment he exposed then to. And this is Algeria that is supposed to be better than most Arab countries!
jessika valentine -
منذ 4 اسابيعحتى قبل إنهاء المقال من الواضح أن خطة تركيا هي إقامة دولة داخل دولة لقضم الاولى. بدأوا في الإرث واللغة والثقافة ثم المؤسسات والقرار. هذا موضوع خطير جدا جدا
Samia Allam -
منذ شهرمن لا يعرف وسام لا يعرف معنى الغرابة والأشياء البسيطة جداً، الصدق، الشجاعة، فيها يكمن كل الصدق، كما كانت تقول لي دائماً: "الصدق هو لبّ الشجاعة، ضلك صادقة مع نفسك أهم شي".
العمر الطويل والحرية والسعادة لوسام الطويل وكل وسام في بلادنا
Abdulrahman Mahmoud -
منذ شهراعتقد ان اغلب الرجال والنساء على حد سواء يقولون بأنهم يبحثون عن رجل او امرة عصرية ولكن مع مرور الوقت تتكشف ما احتفظ به العقل الياطن من رواسب فكرية تمنعه من تطبيق ما كان يعتقد انه يريده, واحيانا قليلة يكون ما يقوله حقيقيا عند الارتباط. عن تجربة لم يناسبني الزواج سابقا من امرأة شرقية الطباع
محمد الراوي -
منذ شهرفلسطين قضية كُل إنسان حقيقي، فمن يمارس حياته اليومية دون ان يحمل فلسطين بداخله وينشر الوعي بقضية شعبها، بينما هنالك طفل يموت كل يوم وعائلة تشرد كل ساعة في طرف من اطراف العالم عامة وفي فلسطين خاصة، هذا ليس إنسان حقيقي..
للاسف بسبب تطبيع حكامنا و أدلجة شبيبتنا، اصبحت فلسطين قضية تستفز ضمائرنا فقط في وقت احداث القصف والاقتحام.. واصبحت للشارع العربي قضية ترف لا ضرورة له بسبب المصائب التي اثقلت بلاد العرب بشكل عام، فيقول غالبيتهم “اللهم نفسي”.. في ضل كل هذه الانتهاكات تُسلخ الشرعية من جميع حكام العرب لسكوتهم عن الدم الفلسطيني المسفوك والحرمه المستباحه للأراضي الفلسطينية، في ضل هذه الانتهاكات تسقط شرعية ميثاق الامم المتحدة، وتصبح معاهدات جنيف ارخص من ورق الحمامات، وتكون محكمة لاهاي للجنايات الدولية ترف لا ضرورة لوجوده، الخزي والعار يلطخ انسانيتنا في كل لحضة يموت فيها طفل فلسطيني..
علينا ان نحمل فلسطين كوسام إنسانية على صدورنا و ككلمة حق اخيرة على ألسنتنا، لعل هذا العالم يستعيد وعيه وإنسانيته شيءٍ فشيء، لعل كلماتنا تستفز وجودهم الإنساني!.
وأخيرا اقول، ان توقف شعب فلسطين المقاوم عن النضال و حاشاهم فتلك ليست من شيمهم، سيكون جيش الاحتلال الصهيوني ثاني يوم في عواصمنا العربية، استكمالًا لمشروعه الخسيس. شعب فلسطين يقف وحيدا في وجه عدونا جميعًا..
محمد الراوي -
منذ شهربعيدًا عن كمال خلاف الذي الذي لا استبعد اعتقاله الى جانب ١١٤ الف سجين سياسي مصري في سجون السيسي ونظامه الشمولي القمعي.. ولكن كيف يمكن ان تاخذ بعين الاعتبار رواية سائق سيارة اجرة، انهكته الحياة في الغربة فلم يبق له سوى بعض فيديوهات اليوتيوب و واقع سياسي بائس في بلده ليبني عليها الخيال، على سبيل المثال يا صديقي اخر مره ركبت مع سائق تاكسي في بلدي العراق قال لي السائق بإنه سكرتير في رئاسة الجمهورية وانه يقضي ايام عطلته متجولًا في سيارة التاكسي وذلك بسبب تعوده منذ صغره على العمل!! كادحون بلادنا سرق منهم واقعهم ولم يبق لهم سوى الحلم والخيال يا صديقي!.. على الرغم من ذلك فالقصة مشوقة، ولكن المذهل بها هو كيف يمكن للاشخاص ان يعالجوا إبداعيًا الواقع السياسي البائس بروايات دينية!! هل وصل بنا اليأس الى الفنتازيا بان نكون مختارين؟!.. على العموم ستمر السنين و سيقلع شعب مصر العظيم بارادته الحرة رئيسًا اخر من كرسي الحكم، وسنعرف ان كان سائق سيارة الاجرة المغترب هو المختار!!.