شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
هل الحياة

هل الحياة "أحلى" بدون سكر؟... مرضى القلب والسرطان وضغط الدم يجيبون

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والتنوّع

الثلاثاء 13 يونيو 202311:59 ص

"ليش عم تعقديها؟ ليش بتعاقبي حالك؟ والله الحياة حلوة".
قاطعت وئام عيسى (36 عاماً) السكر منذ خمس سنوات، في أول عامين من التحدي كانت ممتنعة امتناعاً تاماً عنه، ولا تطهو في منزلها من الحلويات إلا تلك الخالية من السكر الأبيض، باستثناء في العزائم العائلية حين كانت تضطر أحياناً لأخذ قطعة بسيطة من الحلوى المقدمة كضيافة تفادياً للإحراج. 
ما الذي دفعك نحو خطوة قطع السكر؟ تجيب وئام لرصيف22: "كنت أمرض كثيراً وكلما تعرضت لنزلة برد بسيطة لازمت الفراش، وكأم لثلاثة أطفال كان الأمر مرهقاً، لذلك بدأت بالبحث عن حلول لتقوية مناعتي ووجدت أن السكر سبب أساسي في إضعاف مناعة الجسم فقررتُ الإقلاع عنه من أجل صحتي وعائلتي".

تحسنت مناعتي 

كانت تعي جيداً أن اتخاذ مثل هذا القرار ليس بالأمر اليسير، وأنه يحتاج لنفس طويل للالتزام به، خصوصاً أنها كانت من المدمنين على الشوكولاتة بعد كل وجبة بجانب فنجان من القهوة، تضيف: "في البداية كان الأمر صعباً للغاية، كنت أبحث عن البدائل كالتمر والعسل والتين المجفف والفاكهة وأتناولها بكثرة لسد رغبة جسمي بالحلويات، لكن شرب الشاي الأسود بدون سكر كان الأصعب على الإطلاق". 

قاطعت وئام السكر منذ 5 سنوات نتيجة تدني مناعتها وتعرضها الدائم للأمراض، ولاحظت مذ اتخذت هذه الخطوة تحسناً كبيراً في صحتها وتناقصاً في وتيرة المرض وحِدّته  
خلال الشهر الأول من بداية حمية السكر، فقدت وئام 3 كيلوغرامات من وزنها، على الرغم من أن خسارة الوزن لم تكن هدفها، لكنها لم تشعر بأية أعراض سلبية كالخمول أو الدوخة التي يشكو منها بعض مقاطعي السكر.
وتستطرد حول التغيير الذي لمسته خلال المغامرة الصحية، قائلةً: "صارت وتيرة المرض أقل بكثير وحدته أخف، أي أنني صرت قادرة على النهوض وأداء واجباتي رغم مرضي،  والشيء الجيد الآخر  أنني أصبحت أتذوق الطعم الحلو الطبيعي الموجود في الأطعمة دون إضافة". وتضيف أنها لم تعد تحتمل تناول 5 حبات من العنب بعد الطعام لشدة حلاوتها، كما أنها صارت تستمتع بتذوق حلاوة الحليب دون إضافة شيء له.
في كل أسبوع من تجديد العهد بينها وبين خطوة مقاطعتها للسكر، تقوي نفسها للمضي قدماً في طريقها الذي اختارته، كانت تتخيل أن السكر عبارة عن سم، فلم تعد تشتهيه، وفي أول عامين من التحدي لاحظت أن المأكولات المحلاة تصيبها بالإعياء، فلم تعد تتناولها نهائياً، وإن اضطرت تحت إلحاح تعقبه بالعديد من أكواب الماء. ولفتت إلى أن انقطاعها عن السكر والشوكولاته أدى إلى توفير كبير في قائمة المشتريات المنزلية.
تقدم وئام نصيحتها لمن يود الانقطاع عن السكر بقولها "التجربة أمر إيجابي وجيدة جداً للجسم. لكن المبالغة بها مرهقة، كثير من المنتجات ذات الأهمية تحتوي على السكر، مما يضطرني للبحث عن البدائل بشكل مستمر".
تتبع الأم الثلاثينية نظاماً غذائياً يعتمد على الخضروات والشوربة الصحية، ونجاح تجربتها مع السكر منحها دافعاً جديداً وشغفاً أقوى للإقلاع عن الخبز أيضاً. 

علاج للكوليسترول وضغط الدم

عائد الموسوس (58 عاماً) خاض أيضاً تجربة ناجحة في مقاطعة السكر، وما دفعه إلى خوض التحدي هو نتائج التحاليل الدورية التي يقوم بإجرائها، التي أظهرت ارتفاع معدل الكوليسترول وضغط الدم لديه، لذلك كان لزاماً عليه تخفيض نسبة الدهون في الجسم، فعقد العزم على اتباع نظام صحي متكامل يخلو من السكريات والمشروبات الغازية والنشويات، إلى جانب ممارسة رياضة المشي.
يقول لرصيف22: "بدأت نظامي في عام 2016 ونجحت في الابتعاد تماماً عن المشروبات المحلاة والحلويات واكتشفت خلال اتباعي لنظامي الصحي أن لقطع السكريات فائدة كبيرة تعود على الجسد، أصبحت صحتي أفضل ورشاقتي في مستوى عالي".

العقبة الأصعب... مجتمعاتنا الصغيرة

يقول الموسوس: "كان هدفي هو الامتناع عن كل شيء تدخل في صناعته السكريات، لكن ولأن الجسم يحتاج إلى سكر كي يقوم بوظائفه استخدمت السكاكر الطبيعية من الفواكه والتمور والحمضيات باعتدال". 

تحسنت صحة الذي يعاني من الكوليسترول وارتفاع ضغط الدم بشكل كبير بعد أن استبدل السكر الأبيض بالفواكه والتمور 
عن دعم الدائرة الضيقة من العائلة والمقربين له، يقول: "المقربون لا يعجبهم امتناعي عن تناول الحلوى، وخاصة الكنافة والحلويات الأخرى، بعضهم كان يستهجن الفكرة والبعض الآخر لا يأخذها على محمل الجد، ولكن بقيت ثابتاً على ما بدأته، أما حقيقة أن الإنسان لا يستسيغ طعم المشروبات بدون سكر فهي مسألة تعوّد".
حاولت كل من زوجته وأولاده الامتناع عن السكر الأبيض والحلويات الدسمة أسوة به، ولكن كان التزامهم متقطعاً، بالرغم من إشادتهم بالفوائد الصحية العائدة من قطع السكر. 

هل كل تحديات قطع السكر صحية؟ 

تُعرف السكريات بأنها جزيئات موجودة في كل أنواع الطعام من المخبوزات كالحلويات، والألبان، والفاكهة، والخضروات والمكسرات. وبناء عليه من غير الممكن قطع السكر بشكل نهائي، وإنما يمكن منع النوع غير الصحي منه والموجود في الكربوهيدرات البسيطة مثل الخبز الأبيض والسكر المضاف للطعام والعصائر المحلية والمشروبات الغازية والحلويات التي تحتوي على كميات هائلة من السكر، واستبدالها بالكربوهيدرات المعقدة، مثل: الخبز الأسمر والطحين الأسمر الغني بالألياف، بالتالي فإن قطع النوع السيء من السكريات والذي يعود على الجسم بمخاطر جسيمة خطوة سليمة لا يحتاج إلى مراجعة الطبيب أو التردد. بحسب ما تشرحه الأخصائية بعلم التغذية والحمية رقية ازحيمان لرصيف22.
تقول: "إذا تم قطع السكر بشكل تام أي كل العناصر الغذائية بما فيها الضرورية للجسم كالفاكهة والمكسرات والخضروات، خاصة النشوية مثل البطاطا والقرع والبنجر والذرة الصفراء، والألبان، وتم الامتناع أيضاً عن تناول الكربوهيدرات بكل أنواعها البسيطة والمعقدة، فذلك يسبب سوء تغذية وخسارة لعناصر غذائية مهمة جداً له مثل الألياف، الحديد، الكالسيوم، الزنك، وغيرها من المعادن، في هذه الحالة فإن تحدي مقاطعة السكر سيكون ضاراً وغير مفيد أبداً". 

خبيرة تغذية: "لدى مقاطعة السكر يجب الحذر من المحليات الصناعية التي يتم الترويج لها على أنها خالية من السعرات الحرارية، فقد تضر بالجهاز الهضمي وصحة القلب وتزيد دهون الكبد" 
وتبين الأخصائية أنه يجب الابتعاد عن السكر الأبيض وتناول السكر من مصادره الطبيعية باعتدال وبما لا يزيد عن حصتين من الفاكهة، وتناول حفنة من المكسرات يومياً والألبان بما يحتاجه الجسم فذلك يعطي تحسن ملحوظ على الجسم من جميع النواحي الصحية، سواء من وزن الجسم، تحسن عمليات الأيض، المحافظة على طاقة وحرارة الجسم، وعلى صحة القلب.
تضيف ازحيمان: "على الممتنع عن تناول السكر الأبيض تغيير نوعية الكربوهيدرات البسيطة إلى معقدة مثل الخبز الأسمر، والشوفان، والخضروات النشوية مثل البنجر والقرع والذرة الصفراء والبطاطا العادية والحلوة، إضافة إلى ضرورة عدم إضافة أي نوع من المحليات الصناعية الخالية من السعرات الحرارية التي يتم الترويج لها، كونها ضارة صحياً، واستهلاكها يسبب مشكلات في الجهاز الهضمي مثل انتفاخ البطن والإسهال، ويؤثر على صحة القلب والأوعية الدموية، ويزيد دهون الكبد، وأيضاً يجب عدم استبدال السكر الأبيض بالعسل الذي يحتوي بالأساس على كمية كبيرة من السكر، ويفضل تناول المشروبات دون أي إضافات".
وتلفت رقية إلى أن مدمني الحلويات يمكنهم استبدال السكر الأبيض وكريمة الحلوى، بالموز والتمر لإضفاء نكهة محلاة، ولكن مع عدم تجاوز الحد المسموح به من الحصة اليومية المسموح بها، فمثلاً لا يمكن تناول قطعة كيك من التمر وفي ذات اليوم تناول 3 حصص من الفاكهة فذلك يسبب بالمجموع كمية عالية من نسبة السكر المدخلة للجسم، والسكر العالي يؤدي لدهون مرتفعة وأضرار كثيرة حتى لو كان من مصدر صحي.
وعما يروّج له من منتجات كبدائل لمقاطعي السكر، تقول اخصائية التغذية: "يجب الانتباه لما يروج له أنه صحي وخال من السكر أي منتج هو خال من السكر أو هو 0% دهون ويحتوي على مذاق حلو هو عالي الدهون وعند قراءة الملصق المرفق جيداً سيتبين أن المنتجات الخالية من السكر كما يُعتقد، تحتوي على نسبة سكر جيدة لا بأس بها".

تؤكد الدراسات العلمية أن الغذاء الأول للسرطان هو السكر، ومقاطعته تسرّع في علاج المرضى به بشكل كبير 
وتشدد من جديد على أنه يجب الحفاظ على تناول مصادر السكر المفيدة مثل الأرز والفاكهة، لأن الإقلاع عنه نهائياً قد يؤدي إلى حدوث الكيتوزية (حالة مرضية تحدث نتيجة لتراكم الأجسام الكيتونية في الدم)، وأيضاً يسبب انخفاض معدل الجلوكوز الذي يصل إلى خلايا المخ مما يؤدي في بعض الأوقات إلى الضعف البدني والإغماء بسبب نقص السكر في الدم.

الفوارق الصحية 

ما الذي يمنحه تحدي قطع السكر الأبيض؟ تجيب: "اكتساب وزن صحي، الشعور بالطاقة، ضبط نسبة السكر والدهون الثلاثية في الدم، تحسن في أداء الكبد، محاربة السرطان نظراً لأن الغذاء الأول للسرطان هو السكر الأبيض، نضارة البشرة وتحسن الجلد، تحسن أداء القلب ومنع تصلب الشرايين، منع تسوس الأسنان".
أما أضرار زيادة تعاطي السكر فهي ارتفاع الدهون الثلاثية بالدم المسببة لأمراض القلب وتصلب الشرايين، والسمنة المفرطة، كما يرتبط السكر بأمراض مزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم والكبد الدهني وإضعاف الجهاز المناعي.
أما عن الأعراض التي يمكن أن يتعرض لها الممتنعون عن السكر في بداية الإقلاع عنه فهي الاكتئاب وعدم الشغف لأي شيء، وصعوبة التركيز، والقلق، والرغبة في تناول الحلويات بشراهة، الإرهاق الشديد، الصداع، الغثيان، آلام العضلات والمعدة.



رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها…

لكن رصيف22، هو صوت الشعوب المضطهدة، وصوت الشجعان والمغامرين. لا نخاف من كشف الحقيقة، مهما كانت قبيحةً، أو قاسيةً، أو غير مريحة. ليست لدينا أي أجندات سياسية أو اقتصادية. نحن هنا لنكون صوتكم الحرّ.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها، ولكنك بضمّك صوتك إلينا، ستكون جزءاً من التغيير الذي ترغب في رؤيته في العالم.

في "ناس رصيف"، لن تستمتع بموقعنا من دون إعلانات فحسب، بل سيكون لصوتك ورأيك الأولوية في فعالياتنا، وفي ورش العمل التي ننظمها، وفي النقاشات مع فريق التحرير، وستتمكن من المساهمة في تشكيل رؤيتنا للتغيير ومهمتنا لتحدّي الوضع الحالي.

شاركنا رحلتنا من خلال انضمامك إلى "ناسنا"، لنواجه الرقابة والترهيب السياسي والديني والمجتمعي، ونخوض في القضايا التي لا يجرؤ أحد على الخوض فيها.

Website by WhiteBeard
Popup Image