من الآيس كريم والشوكولا وصولاً إلى الحلويات العربية والأجنبية، يحبّ معظم الناس تناول الأطعمة الحلوة، ولكن وجود الكثير من السكر في الوجبات الغذائية يمكن أن يؤدي إلى زيادة الوزن والسُمنة، بالإضافة للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني وغيرها من المشاكل الصحية.
وفي حين أننا ندرك جيداً ضرورة الابتعاد قدر الإمكان عن تناول كميات كبيرة من الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من السكر، إلا أننا نعجز في بعض الأحيان عن مقاومة هذه المأكولات، بحيث تتحول الرغبة بها إلى إدمان يصعب التخلص منه بسهولة.
ماذا يحدث للدماغ عند وجود كمية مرتفعة من السكر في النظام الغذائي؟ وكيف يمكن التخلّص من الإدمان على الأطعمة الحلوة؟
مصدر طاقة
يحتاج الدماغ لطاقة أكثر من أي عضو آخر في جسم الإنسان، والسكر هو المصدر الأساسي لتزويد الدماغ بهذه الطاقة، كما أنه يعمل على تغذية الخلايا التي يتكوّن منها الجسم، بما في ذلك خلايا الدماغ (الخلايا العصبية).
بالعودة إلى قاعدة التطور البشري، يمكن ملاحظة أن الإنسان البدائي كان يبحث عن الأطعمة الغنية بالسكر، وذلك بهدف تزويد جسمه بالطاقة وضمان البقاء على قيد الحياة، بخاصة وأن الطعام، بشكل عام، كان نادراً في تلك الفترة، ولكن مع الوقت تحولت الأطعمة الحلوة لمصدر متعة وإدمان لدى الكثير من الناس.
فبالرغم من أن بيئتنا اليوم وفيرة بالمأكولات التي توفر الطاقة، إلا أنه، ولسوء الحظ، لا يزال دماغنا يعمل بطريقة مشابهة جداً لدماغ أسلافنا، وذلك لناحية الرغبة في تناول السكر.
بمعنى آخر، هناك نظام دماغي فطري يجعلنا كبشر نحب الأطعمة الحلوة، لكونها مصدراً كبيراً للطاقة يعمل على تغذية أجسادنا.
إدمان السكر
بغض النظر عن الحاجة لتزويد الأجسام بالطاقة، يعاني الكثير من الناس من الرغبة الشديدة في تناول الأطعمة الحلوة، بخاصة عند الشعور بالإجهاد أو الجوع أو عند وجود مغريات معيّنة.
والحقيقة أنه لدى السكر تأثيرات شبيهة بتأثير المخدرات في مركز المكافأة في الدماغ، إذ كشف العلماء أن الأطعمة الحلوة، إلى جانب المأكولات المالحة والدهنية، يمكن أن تحدث تأثيرات شبيهة بالإدمان في دماغ الإنسان، ما يؤدي إلى فقدان القدرة على ضبط النفس والإفراط في تناول الطعام وزيادة الوزن في مرحلة لاحقة.
واللافت أنه عندما يلامس السكر اللسان، فإنه ينشط بعض براعم التذوق التي ترسل إشارة إلى الدماغ، بما في ذلك القشرة الدماغية، وتنشّط الإشارة نظام المكافأة في الدماغ، بحيث يتم إطلاق الدوبامين، وهو عبارة عن مادة كيميائية في الدماغ تطلقها الخلايا العصبية، ويمكن أن تشير إلى أن حدثاً ما كان إيجابياً.
كشف العلماء أن الأطعمة الحلوة، إلى جانب المأكولات المالحة والدهنية، يمكن أن تحدث تأثيرات شبيهة بالإدمان في دماغ الإنسان، ما يؤدي إلى فقدان القدرة على ضبط النفس والإفراط في تناول الطعام وزيادة الوزن في مرحلة لاحقة
وعليه، عندما يعمل نظام المكافآت فإنه يعزز السلوكيات، ما يزيد من احتمالية قيامنا بالفعل نفسه مرة أخرى، بخاصة وأن معدلات الدوبامين ترتفع عند تناول السكر، وتأتي الحاجة إلى استهلاك المزيد من الأطعمة الحلوة، بمعنى آخر، فإننا بحاجة إلى تناول المزيد من هذه الأطعمة الغنية بالسكر للحصول على نفس الشعور بالمكافآة، وهي سمة كلاسيكية للإدمان.
في هذا الصدد، أوضحت الأخصائية في علم التغذية سالي الزين، أن السكر مادة مدمنة لكونها المصدر الرئيسي للطاقة في جسم الإنسان: "مع الوقت، بصير الواحد ببطل يقدر يعيش يوم واحد بلا سكر".
وفي معرض الحديث عن تحوّل السكر إلى إدمان، كشفت الزين لموقع رصيف22 أن السكر يعد أساسياً لتزويد الجسم والعقل بالطاقة، وسبب الإدمان على هذه المادة يعود إلى الأنسولين الذي له دور مهم في تنظيم معدل السكر في الدم وتوزيع الطاقة على الخلايا كلها، مشيرة إلى أنه كلما تناول المرء كميات كبيرة من الحلويات، كلما رغب جسمه في الحصول على المزيد والمزيد من السكر.
وبحسب سالي، عندما تكون معدلات السكر أعلى من المعدل العام في الدم، فإن كل زيادة في السكر لا يأخذها الإنسولين تتحول إلى دهون في الجسم، الأمر الذي قد يسبب ضغط الدم، السمنة، بالإضافة إلى التأثير السلبي على وظائف الدماغ، شارحة ذلك بالقول: "نتحدث هنا عن insulin resistance أي مقاومة الأنسولين، عندما لا يعود الدماغ والجسم قادرين على التجاوب مع الأنسولين بسب وجود كميات كبيرة من السكر".
ولكن ماذا يحدث في الدماغ عندما نستهلك السكر بشكل مفرط؟
أظهرت الأبحاث التي أجريت على الفئران، أن الإقدام على تناول وجبات غنية بالسكر يمكن أن يغير الخلايا العصبية المثبطة التي تتركز في قشرة الفص الجبهي، وهي منطقة رئيسية في الدماغ، تشارك في صنع القرارات والتحكم في الانفعالات وتأخير الرغبة.
وقد تبيّن أن الفئران التي تتغذّى على السكر كانت أقل قدرة على التحكم في سلوكها واتخاذ القرارات، ما يوضح حقيقة أن ما نأكله يمكن أن يؤثر على قدرتنا على مقاومة الإغراءات، وقد يفسر سبب الصعوبة التي يجدها بعض الأشخاص عند تغيير النظام الغذائي.
وكانت دراسة أخرى قد طلبت من الناس تقييم مدى رغبتهم في تناول أطعمة ذات سعرات حرارية عالية عندما كانوا يشعرون بالجوع، مقارنة بما كانوا قد تناولوه مؤخراً، وقد تبيّن أن الأشخاص الذين كانوا يتناولون بانتظام نظاماً غذائياً عالي الدهون والسكر، صنفوا رغبتهم الشديدة في تناول الأطعمة الحلوة حتى عندما لم يكونوا جائعين.
وفي معرض الحديث عن تأثير السكر على الدماغ، تبيّن أن هناك منطقة أخرى في الدماغ تتأثر بالأطعمة الغنية بالسكر، وهي الحُصين التي تعتبر مركز الذاكرة الرئيسي، بحيث أظهرت الأبحاث أن الفئران التي تناولت وجبات غنية بالسكر كانت أقل قدرة على تذكر ما إذا كانت قد شاهدت أشياء من قبل في مواقع محددة، ما يعني بأن استهلاك السكر بشكل كبير يمكن أن يعطل الذاكرة.
كيف نحمي عقلنا من السكر؟
توصي منظمة الصحة العالمية بضرورة الحدّ من تناول السكريات المضافة إلى 5% من السعرات الحرارية اليومية، أي 25 غرام (6 ملاعق صغيرة).
وعند خفض استهلاك السكر في النظام الغذائي، تصبح قدرات المرونة العصبية للدماغ إلى حد ما قادرة على تجديد نفسها، ويمكن أن تعزز التمارين البدنية هذه العملية، هذا وتعتبر الأطعمة الغنية بدهون أوميغا 3 (الموجودة في زيت السمك والمكسرات والبذور) مصدراً مهماً للأعصاب، ويمكن أن تعزز المواد الكيميائية في الدماغ اللازمة لتكوين خلايا عصبية جديدة.
كان الإنسان البدائي يبحث عن الأطعمة الغنية بالسكر، وذلك بهدف تزويد جسمه بالطاقة وضمان البقاء على قيد الحياة، بخاصة وأن الطعام، بشكل عام، كان نادراً في تلك الفترة، ولكن مع الوقت تحولت الأطعمة الحلوة لمصدر متعة وإدمان لدى الكثير من الناس
وفي السياق نفسه، نصحت سالي الزين بضرورة جعل معدل السكر في الدم منتظماً، عن طريق استبدال السكر المصنع والمضاف بالسكر الطبيعي، مثل تناول الفاكهة والأطعمة المبنية على الفركتوز، والتركيز على وجبات غذائية مكتملة، تضم البروتين والنشويات والخضار والفاكهة، بعيداً عن الأطعمة الدسمة والمصنعة والكربوهيدرات المكررة: "عندما يتناول المرء وجبة غذائية مكتملة، فإن معدل السكر في الدم يصبح منتظماً، وبالتالي فإن الجسم سيتوقف عن طلب المزيد من السكر".
هذا وشددت الزين على ضرورة التخلي عن بعض العادات الغذائية السيئة عن طريق خفض كمية السكر المستهلكة تدريجياً.
وفي حين أنه ليس من السهل كسر عادات غذائية معيّنة، مثل الابتعاد قدر الإمكان عن تناول الحلوى أو عدم إضافة السكر مثلاً إلى القهوة، فإن عقلكم/نّ سيشكركم/نّ على اتخاذ مثل هذه القرارات الإيجابية. صحيح أن الخطوة الأولى هي الأصعب، ولكن غالباً ما تصبح هذه التغييرات في النظام الغذائي أسهل على طول الطريق.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 3 أياميخلقون الحاجة ثم يساعدون لتلبيتها فتبدأ دائرة التبعية
Line Itani -
منذ 4 أيامشو مهم نقرا هيك قصص تلغي قيادات المجتمع ـ وكأن فيه يفوت الأوان عالحب
jessika valentine -
منذ أسبوعSo sad that a mom has no say in her children's lives. Your children aren't your own, they are their father's, regardless of what maltreatment he exposed then to. And this is Algeria that is supposed to be better than most Arab countries!
jessika valentine -
منذ شهرحتى قبل إنهاء المقال من الواضح أن خطة تركيا هي إقامة دولة داخل دولة لقضم الاولى. بدأوا في الإرث واللغة والثقافة ثم المؤسسات والقرار. هذا موضوع خطير جدا جدا
Samia Allam -
منذ شهرمن لا يعرف وسام لا يعرف معنى الغرابة والأشياء البسيطة جداً، الصدق، الشجاعة، فيها يكمن كل الصدق، كما كانت تقول لي دائماً: "الصدق هو لبّ الشجاعة، ضلك صادقة مع نفسك أهم شي".
العمر الطويل والحرية والسعادة لوسام الطويل وكل وسام في بلادنا
Abdulrahman Mahmoud -
منذ شهراعتقد ان اغلب الرجال والنساء على حد سواء يقولون بأنهم يبحثون عن رجل او امرة عصرية ولكن مع مرور الوقت تتكشف ما احتفظ به العقل الياطن من رواسب فكرية تمنعه من تطبيق ما كان يعتقد انه يريده, واحيانا قليلة يكون ما يقوله حقيقيا عند الارتباط. عن تجربة لم يناسبني الزواج سابقا من امرأة شرقية الطباع