شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!

"بأجواء فيها ريحة ‘بتستاهل‘"... مقتل الشابة الفلسطينية سريت شقور بسبب ميولها المثلية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والنساء نحن والميم-عين

الاثنين 12 يونيو 202302:33 م

بشكل مؤثّر، تقاطعت مطالب الحراك ضد الجريمة في المجتمع العربي الفلسطيني بإسرائيل، ومطالب الحراك المدافع عن حقوق مجتمع الميم عين وارتفعت في وقفة احتجاجية تأبينية للشابة الفلسطينية سريت أحمد شقور (18 عاما)، من الداخل الفلسطيني، وهي كانت قد قُتلت قبل ثلاثة أيام على أيدي أفراد من عائلتها على ما يبدو بسبب ميولها الجنسية المثلية.

وفق موقع "عرب 48" المحلي، قُتلت الشابة الفلسطينية، التي تنحدر من بلدة كسرى سميع، متأثرةً بجراحها الحرجة التي نجمت عن إصابتها في جريمة إطلاق نار ارتكبت في شارع 8544 المؤدي إلى بلدة يركا، مساء الجمعة 9 حزيران/ يونيو 2023.

ونقل الموقع عن الشرطة الإسرائيلية قولها إن المغدورة كانت قد تلقت تهديدات بالقتل من أفراد أسرتها قبل ثلاث سنوات بسبب ميولها الجنسية، ما اضطرها للإقامة في ملجأ للمعنفات وتسبب في صدور حكم بالسجن على اثنين من أشقائها لمدة ثلاثة وأربعة شهور على خلفية التهديدات.

وفشل طاقم طبي من "نجمة داود الحمراء" في إنعاش سريت التي أُصيبت بطلق ناري في القسم العلوي من جسدها خلال قيادتها سيارتها الخاصة. كما لم تنجح محاولات إسعافها في مستشفى "الجليل الغربي" في نهاريا حيث أُعلنت وفاتها.

وورد أن الشرطة الإسرائيلية باشرت التحقيق في ملابسات الجريمة، دون إبلاغ عن اعتقال أي مشتبه به. علماً أن الشابة كانت في طريقها إلى منزل شقيقتها في قرية ساجور للإقامة معها هرباً من تهديدات أسرتها حين وقعت الحادثة.

"جريمة لا تغتفر" و"تجلب مشاعر الخوف، القلق، الحزن، الغضب، الوحدة، العجز"... غضب من "التكتم" أو "الشجب الخجول" لمقتل الشابة الفلسطينية سريت شقور (18 عاماً) على أيدي أفراد من أسرتها على ما يبدو بسبب ميولها الجنسية المثلية

غضب ومطالب متقاطعة

السبت، وصل إلى مكان الجريمة ما لا يقل عن 60 متظاهراً ومتظاهرة ووضعوا الشموع وأعلام الفخر، وهم يهتفون بشعارات ضد الجريمة في المجتمع العربي الفلسطيني وضد أفراد مجتمع الميم عين، منددين باستفحال العنف وكذلك رُهاب المثلية داخل المجتمع.

ردد المشاركون والمشاركات هتافات من بينها: 

"بتتذكرني يا بَطل يا مدافِع عالحُريّة؟ 

بتتذكَرني يا شُجاع يا رمز الإنسانيّة؟ 

بتتذكَرني يا مُقاتل لحقوق الفلسطينيّة؟ 

بتتذكَرني يا مُناضل ضدّ العُنصُريّة؟ 

مش ذاكرني؟ مش ذاكرني؟ 

أنا هيِّ, هيِّ المثليّة

موجودة هون مش مَخفيّة 

صوتي عالي بقلبي غِنيّة 

بذكّرَك لا تنسى

بذكّرك فيِّ 

بذكرك بإشي إسمُه حُريِّة 

حُرِيّة التعبير وتقرير المَصير 

حُريّة الفرد وحُريّة الجنسيّة 

بذكّرك يا ناشط لحقوق الأقليّة

رِهاب المثليّة والعُنصُريّة هيِّ هيِّ".

ومما ساهم في زيادة الغضب أن الجريمة تزامنت مع احتجاجات غاضبة في الشارع العربي بإسرائيل تنديداً بتفاقم الجريمة في المدن والبلدات العربية، خاصةً مع سقوط خمسة شبان في جريمة القتل الجماعي في اليوم السابق لمقتل سريت.

منذ بداية 2023، سقط 93 قتيلاً، بينهم ست نساء وشابة وطفلان، في سلسلة العنف وجرائم القتل اللا متناهية في المجتمع العربي. وكانت سريت الضحية العربية السابعة في غضون 24 ساعة.

"مجتمعنا ينهار ويذبح وتسفك دماء الشباب بسبب الذكورية المعربدة المريضة المتأزمة اللي بتغذيها وبتربيها الدولة. حالة قتل سريت هي نموذج لتواطؤ القضاء والبوليس مع المؤسسة الذكورية ودعمها وأتاحت إهدار دم ساريت…"

ويتهم المواطنون العرب في إسرائيل السلطات الإسرائيلية بالتقاعس عن حمايتهم والمساهمة في تفشي الجريمة بالسماح بتفلت الجُناة من العقاب. بينما يلوم آخرون الجانب الإسرائيلي علاوة على بعض الأفكار العادات العربية - ومنها الثأر والانتقام و"جرائم الشرف" - في استفحال الجريمة في صفوف مواطنيها العرب.

"بتستاهل"؟

وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، أعرب ناشطون مدافعون عن حقوق مجتمع الميم عين وحقوق الإنسان عن غضبهم إزاء الجريمة محملين المسؤولية لعدة جهات، أبرزها: السلطات الأمنية الإسرائيلية التي لم توفر الحماية الكافية للمغدورة وحكمت شقيقيها اللذين هدداها بالقتل بعقوبات هزيلة، والأفكار التي يُربى عليها النشء العربي حول أن المثلية الجنسية "من الكبائر" وأن المثلي/ة شيطان/ة، ما يُضفي على العنف ضده/ا نوعاً من "المشروعية" أو "التقدير".

واعتبر كُثر أن مقتل سريت دليل على أن "ما يعانيه مجتمع الميم في المنطقة أمر لا يمكن تحمله"، منتقدين على نحو خاص "صمت" أو "تكتم" أعضاء الكنيست الإسرائيلي العرب عن شجب الجريمة والتصريح بأنها جريمة كراهية وهوموفوبيا، خشية رد فعل ناخبيهم.

وكان الباحث والكاتب الفلسطيني فايد بدارنة جريئاً في مهاجمة ثقافة التسامح المجتمعي مع العنف والتحريض ضد مجتمع الميم عين إذ قال عبر حسابه في فيسبوك: "مش رح أضرب بريك، مش رح أفرمل أو أتوانى أو أتردد أكتب أو أوطي الموجة ضد العنف لما على ما يبدو أنه قتل الصبية ساريت شقور تم على خلفية ميولها الجنسية، موضوع اللي لما يوصل لمجتمعنا في شبه إجماع على معاداته ومعاداة أصحاب ميول جنسية مثلية وبالتالي الصمت أو شبه الصمت أو الشجب الخجول للاعتداء وللقتل على هذه الخلفية بأجواء فيها ريحة ‘بتستاهل‘".

وأردف بدارنة: "العنف هو العنف، والجريمة هي الجريمة والروح هي الروح… وأكثر من ذلك بدي أدافع عن حق أي إنسان يقرر خياراته في الارتباط والعلاقات. عن حقه الأساسي بحياته الشخصية بميوله الجنسية أو غيرها. مجتمعنا ينهار ويذبح وتسفك دماء الشباب بسبب الذكورية المعربدة المريضة المتأزمة اللي بتغذيها وبتربيها الدولة. حالة قتل سريت هي نموذج لتواطؤ القضاء والبوليس مع المؤسسة الذكورية ودعمها وأتاحت إهدار دم ساريت…".

"إنه ينقتل حدا عار، إنه ينقتل أو يتنعنف حدا عشان ميوله عار، إنه ينقتل أو يتعنف حدا عشان هويته عار، إنه يصير هذا تحت احتلال هو عار أكبر لأنك مش بس بتثبت خوف وعنف بمجتمعك بس كمان بتسلم ولادك جاهزين للاحتلال"

أما سجى، فلفتت إلى دور السلطات الإسرائيلية في زيادة العنف ضد مجتمع الميم عين لكن مع الإشارة إلى خطورة أن يتم ذلك بمباركة مجتمعية عربية. قالت: "هي الصبية اللي زي الورد اسمها سريت شقور عمرها 18 سنة انقتلت مبارح، إلها سنتين بملجئ للمعنفات بسبب تهديدات بالقتل على خلفية ميلها الجنسي وهذا كله بصير تحت الاحتلال وعنفه. في كثير أشياء تنحكى عن دور الاحتلال بانتشار الجريمة في الداخل وكيف احتفالات الفخر (جزء من سياسات الغسيل الوردي) بتصعد الكراهية ضد الكويرز عامة".

واستدركت: "بس في مسؤولية على المجتمع رضي أو زعل أنه يوقف هذا القرف. يوقف الجريمة، ويكون واعي على السياسات الاستعمارية، ويبني بنى حماية مجتمعية، ويحضن ولاده على اختلافهن، يحارب كل بنى الاضطهاد والتمييز داخله".

وشددت سجى على أنه من المؤسف أن مجتمعاً كالمجتمع العربي في إسرائيل "بخوف ولاده وبقتلهن مش مجتمع ممكن ينجو، العنف والكراهية بتولدش إلا هشاشة وفوضى، والمجتمعات إما تنجو بكلها أو تنهار وتسقط". وختمت بأن "هذا عار، إنه ينقتل حدا عار، إنه ينقتل أو يتنعنف حدا عشان ميوله عار، إنه ينقتل أو يتعنف حدا عشان هويته عار، إنه يصير هذا تحت احتلال هو عار أكبر لأنك مش بس بتثبت خوف وعنف بمجتمعك بس كمان بتسلم ولادك جاهزين للاحتلال".

"نعيش في خوف لا متناهي"

في غضون ذلك، عبّرت جمعية "القوس للتعددية الجنسية والجندرية في المجتمع الفلسطيني"، في بيان، عن الغضب لأجل سريت "ابنة فلسطين التي قُتلت في عمر الورد بسبب هويتها وميولها الجنسية، أو نمط حياتها أو اختياراتها، وتُركت تدمي على أحد المفارق حتى توفيت".

أكدت الجمعية على أن "العنف المتواصل وجرائم القتل المستمرّة بلا رادع في مجتمعنا الفلسطينيّ، يجعلنا نعيش في عدم أمان وخوف لا متناهي" وأن جريمة مقتل سريت "الّتي لا تُغْتَفَر، قد تجلب معها رزمة من المشاعر والأفكار الصعبة: الخوف، القلق، الحزن، الغضب، الوحدة، العجز"، متمنيةً أن تكون هذه المشاعر الصعبة على قسوتها "المحرّك الأساسيّ للنضالات نحو التغيير".

ودعت "القوس": "علينا، كويرز ومثليّين ومثليّات وثنائيّي الميول الجنسيّة وترانس، وكلّ من يعيش توجّهات جنسيّة وجندريّة مختلفة، أن ننهض سويّاً، أفراداً ومجموعات، نتكاتف ونرفع صوتنا بشتّى الطرق في وجه أنظمة القمع الأبويّة والاستعماريّة".

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

المجاهرة العنيدة بأفكارنا

ظننا يوماً أنّ تشبثنا بآرائنا في وجه كلّ من ينبذنا، هو الطريق الأقوم لطرد شبح الخوف من الاختلاف.

لكن سرعان ما اتّضح لنا أنّ الصراخ بأعلى صوتٍ قد يبني حواجز بيننا وبين الآخرين، وبتنا نعي أنّ الظفر بالنجاح في أيّ نقاشٍ والسموّ في الحوار، لا يتحقّقان إلا بفهمٍ عميق للناس الذين ينفرون منّا، وملاقاتهم حيث هم الآن.

Website by WhiteBeard