"أخشى أن يدفعني صدّه للبحث عن متعتي عبر طرق أخرى"؛ جملة بدأت بها رانيا (اسم مستعار) حديثها إلى رصيف22، للتعبير عن معاناتها مع زوجها الذي لم يعد يهتم كثيراً بجسدها، مثلما كان من قبل، ولم يقترب منها منذ أشهر.
وصفت هذه الشابة البالغة من العمر 34 عاماً، لرصيف22، ما تشعر به قائلةً: "أحاول أن ألفت نظره لأعيد اهتمامه بي كما كان من قبل، ولكني أفشل. لم يعد ينجذب إليّ ولا يشعر برغبة نحوي وهذا يسبب لي الإحباط وانعدام الثقة".
نقص في الاهتمام الجنسي
البرود الجنسي يصيب الجنسين عكس ما يظن البعض بأنه يصيب المرأة فقط، وقد أكد موقع "باب ميد" الطبي أنه يصيب الرجل والمرأة على حد سواء، وعرّفه بأنه نقص كامل في الاهتمام بالحياة الجنسية عندما يشعر أحد الطرفين بأنه يبتعد عن الآخر لعدم شعوره بالراحة، لافتاً إلى أن هذا الشعور له أسباب نفسية كثيرة منها الضغوط التي يتعرض لها الشريكان.
كما ذكر موقع "الصحة الوطنية الأميركية" وpub med، أن الأمراض الجنسية التي تصيب الرجل متعددة ومنها البرود الجنسي، وهو عدم الاهتمام بممارسة الجنس أو الإصابة بحالة "انخفاض الرضا" للشريكين، ونبّه الموقع إلى أن هناك حالةً من عدم الاهتمام بهذه الأمراض التي ازداد انتشارها، خاصةً في الدول الآسيوية والأوروبية.
"قد يحدث الجماع بين الشريكين مرةً في اليوم أو أكثر من مرة يومياً، وقد يحدث أيضاً بشكل أسبوعي ويختلف وضع كل شريكين حسب نمط حياتهما الجنسي"
في حديثه إلى رصيف22، عرّف أستاذ الذكورة والصحة الجنسية الدكتور محمد نبيل، البرود الجنسي للرجل بأنه تغيّر في عادات الرجل الطبيعية وعزوفه عن الجماع لمدة طويلة مسبباً الغضب لشريكته وشعورها بعدم الرضا، وشرح بأن البرود الجنسي له أسباب عديدة، منها الضغط النفسي، وحدوث مشكلة بين الشريكين، وقد ينتج عن ضعف الانتصاب الذي قد يدفع الرجل للابتعاد عن الجماع.
وأوضح الطبيب أن الجماع بين الشريكين ليست له قاعدة محددة: "الأمر يختلف من شخص إلى آخر حسب طبيعة كل فرد وسنّه ووتيرة العلاقة، فقد يحدث الجماع بين الشريكين مرةً في اليوم أو أكثر من مرة يومياً، وقد يحدث أيضاً بشكل أسبوعي ويختلف وضع كل شريكين حسب نمط حياتهما الجنسي، ومن المؤكد أن كل حالة تختلف عن الأخرى".
الفرق بين البرود الجنسي وضعف الانتصاب
أحياناً يحدث خلط بين مفهومي البرود الجنسي وضعف الانتصاب، وفق ما شرح دكتور الصحة النفسية، عنتر سليمان لرصيف22: "البرود الجنسي معناه أن الرجل لم يعد يشعر بالرغبة القوية تجاه شريكته فيبتعد عنها لفترات تجعلها متوترةً وغير راضية، وللبرود أسباب منها سوء العلاقة بين الطرفين أو الحالة النفسية التي يمر بها الرجل أو انشغال أحد الطرفين بأمور أخرى قد تجعله يبتعد عن العلاقة، بينما ضعف الانتصاب هو مرض عضوي في المقام الأول، ومعناه أن الرجل غير قادر جسدياً على إتمام الجماع مع المرأة"، وكشف أن ضعف الانتصاب يحدث بسبب أمراض عدة مثل المشكلات في القلب، ارتفاع ضغط الدم، ومرض السكري، وغيرها، كما أن ضعف الانتصاب له أسباب نفسية أيضاً.
"لم يلمسني منذ شهرين و5 أيام، أعدّها على أصابعي في كل مرة لأنني يجب أن أدفعه وأكاد أجبره على ممارسة العلاقة"
في هذا السياق، أوضح موقع "مايو كلينيك"، أن ضعف الانتصاب هو عدم القدرة على الوصول إلى الانتصاب أو الحفاظ عليه بما يكفي لممارسة الجنس، وتحدّث عن أسبابه النفسية مثل القلق والتوتر وحدوث أي مشكلات في العلاقة نتيجة الضغط النفسي، موضحاً أن الدماغ له دور رئيسي في بدء سلسلة من الأحداث الجسدية التي تسبب الانتصاب، بدءاً من الشعور بالإثارة الجنسية، ولذلك يمكن أن تتعارض الكثير من الأمور مع المشاعر الجنسية وتؤدي إلى ضعف الانتصاب أو سوء حالته.
كما شرح الدكتور محمد نبيل مصطلح "ضعف الانتصاب"، وقال إنه "ضعف قدرة الرجل على انتصاب العضو الذكري لمدة طويلة تساعد على إتمام الجماع"، وأوضح أن له أسباباً عديدةً منها الأمراض المزمنة، وتعرّض الرجل لحادث أو إصابة أثرت على حالته الجسدية، وله أسباب نفسية منها القلق والتوتر والاكتئاب وغيرها.
لم يلمسني منذ شهرين
بالعودة إلى رانيا (اسم مستعار)، فقد كشفت أن زوجها لم يعد يقترب منها ولا يشعر برغبة فيها: "لم يلمسني منذ شهرين و5 أيام، أعدّها على أصابعي في كل مرة لأنني يجب أن أدفعه وأكاد أجبره على ممارسة العلاقة. تزوجنا قبل 7 سنوات وهو يكبرني بخمس سنوات فقط، لم يكن كذلك في بداية زواجنا، الأمر لم يعد محتملاً منذ أكثر من عام، وهو على هذه الحال يتهرب ويرفض الحديث، برغم أنني أحاول أن أثيره بلا فائدة".
عن تغيّر الحياة الجنسية بين الأزواج، قال الدكتور محمد نبيل: "يختلف النمط الجنسي مع التقدّم في العمر، فالرجل في العشرينات غيره في الثلاثينات والخمسينات، والرجل يكون في قمة عطائه الجنسي في العشرينات وفي الثلاثينات أيضاً، وطبعاً هناك فروق من شخص إلى آخر، وفي تلك الحالة ليس من الطبيعي أن يبتعد الرجل عن الجماع لهذه المدة الطويلة، فهذا الأمر يهدد الحياة بينه وبين شريكته، وما لفت نظري في الآونة الأخيرة أن الرجل يأتي إلى العيادة لطلب العلاج ومع الوقت يشعر بالملل ولا يستمر وتتأثر حالته النفسية ويرفض العلاج، وفي بعض الحالات يصبّ غضبه على شريكته ويتهمها بأنها السبب في ما أصابه، وهذا ما لا أنصح به، ويجب أن يكون هناك حديث متواصل بين الاثنين لحل المشكلة لأن الأمر متعلق بسعادتهما معاً".
في الواقع، إن البرود الجنسي الذي قد تكون له أسباب جسدية ينكرها بعض الرجال ويرفضون مواجهتها، له أسباب نفسية كثيرة يجب النظر إليها، فقد ذكر مقال منشور في "باب ميد"، الأرشيف الرقمي لمجلات الطب الحيوي، بعنوان "الأبعاد النفسية والشخصية للوظيفة الجنسية"، أن العوامل النفسية لها دور كبير في تغيّر الحياة الجنسية للطرفين، كما وضع بعض النصائح لأطباء الصحة الجنسية بأن يهتموا بتجارب الطفولة لدى الشريكين والتوقعات الجنسية والتي قد لا تكون لها علاقة بالواقع وتتسبب في حدوث حالة من الإحباط، ويجب أيضاً أن يتم فحص تناول أي مواد مخدرة أو إصابة أحد الطرفين بالاكتئاب والتوتر.
https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/27045257/
لا أطيق الاقتراب منها
تحدث أحمد (اسم مستعار)، عن شعوره بزوال الرغبة تجاه زوجته، قائلاً لرصيف22: "تزوجت قبل عامين. كانت زوجتي ترفض العلاقة في غالبية الوقت، وفي كل مرة تجد سبباً لتبعدني عنها برغم زواجنا حديثاً، ومع الوقت لم أعد أطيق الاقتراب منها، وأحياناً أعاندها عندما أراها تتزين وتلمّح إلى أنها تريدني".
وتابع: "في الفترة الأخيرة، بدأت تصارحني وتلومني لأنني تغيّرت، واعتذرت عن تصرفاتها الأولى معي، ولكني لم أعد كما كنت في السابق، أشعر بأن هناك حاجزاً كبيراً بيننا".
تعليقاً على هذه النقطة، قال الدكتور عنتر سليمان: "أحياناً يكون البرود تراكمياً بسبب عدم التحدث في أثناء العلاقة، وتعبير كل طرف عما يريده بشكل مباشر. هنا الرجل شعر بالإهانة بسبب رفض زوجته المستمر وفَقَد رغبته، ولذلك على المرأة أن تبذل مجهوداً لتعيده إلى وضعه السابق، وعلى الرجل أيضاً أن يتساءل عن السبب الذي دفع زوجته للابتعاد عنه. فكل منهما له طبيعة جنسية مختلفة".
وشرح سليمان اختلاف الطبيعة الجنسية للرجل والمرأة: "المرأة بطبيعتها تحتاج إلى علاقة تشعرها بالمتعة الكاملة، ويكون ذلك من خلال الكثير من الدلال والإثارة، بينما قد يصل الرجل إلى النشوة الكاملة في دقائق قليلة ويكون الأمر مُرضياً له تماماً، ومن ثم يجب أن يتحدث الشريكان عن الموضوع بصراحة ليصلا معاً إلى المتعة الكاملة".
إن مشكلة البرود الجنسي تتفاقم عندما يحاول الشريك مثلاً التهرب من حلّ المشكلة ورفض الحصول على استشارة طبية، وهو حال خالد (اسم مستعار) الذي كشف لرصيف22، أنه ابتعد عن زوجته منذ فترة طويلة ولم يعد يشعر برغبة في ممارسة العلاقة معها: "لم أتصور في بادئ الأمر أن المواد المخدرة يمكن أن يكون لها أثر جانبي. اعتدت على تناولها منذ زواجي قبل 7 أعوام ولكن منذ فترة لم تعد لدي أي رغبة ولا قوة لممارسة العلاقة".
"المرأة بطبيعتها تحتاج إلى علاقة تشعرها بالمتعة الكاملة، ويكون ذلك من خلال الكثير من الدلال والإثارة، بينما قد يصل الرجل إلى النشوة الكاملة في دقائق قليلة ويكون الأمر مُرضياً له تماماً"
وتابع: "تحاول زوجتي أن تلفت انتباهي إليها بطرائق عديدة ولكني فقدت الرغبة تماماً. تلحّ عليَّ باستمرار لأذهب إلى الطبيب وأن أكفّ عن تناول المنشطات التي تساعدني على العمل فأنا سائق ولكني أرفض فكرة الذهاب إلى الطبيب".
في الختام، تجدر الإشارة إلى أن العلاقة الحميمة بين الرجل والمرأة تستهدف متعة الطرفين لا متعة شريك دون الآخر، لذلك يجب أن يسودها الكشف والبوح وليس التكتم والانغلاق على الذات، لأن ذلك لا يؤدي إلا إلى فساد العلاقة وغياب المتعة والسعادة التي من أجلها التقى الطرفان، فالصراحة والتحدث عن المشاعر دون حرج هما بوصلة النجاح في أي علاقة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...