شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
بين الملكية والجمهورية والإسلامية... ماذا جرى لأفغانستان طوال 3 قرون؟

بين الملكية والجمهورية والإسلامية... ماذا جرى لأفغانستان طوال 3 قرون؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن والتاريخ

الأربعاء 14 يونيو 202309:57 ص

أسس العسكري أحمد خان إبدالي، الملقب بـ"دَراني"، أول حكومة مستقلة أفغانية حين فرض سيطرته على مدينة كابول عام 1747، ثم حكم أفغانستان بقبائلها وشعوبها المختلفة، لمدة 26 سنةً.

تعود جذور الدراني إلى قبائل البشتون. قرر أن يغزو جارته الهند، ففرض حكمه على المناطق الحدودية المجاورة لأفغانستان، بعد مذابح كبيرة في حق السيخية والهندو وغير المسلمين.

كان أحمد خان يطمح خلال فترة حكمه، إلى إقامة حكومة إسلامية شاملة بزعامة البشتون في المنطقة، ولكن الدولتين العظميين الجارتين؛ إيران وروسيا، كانتا تقفان سداً منيعاً أمام هذا الطموح الأفغاني.

توفي الملك البشتوني عام 1773، وحل محله أولاده، بالفكرة نفسها، ما تسبب ببروز اختلافات بينهم. هاجمت بريطانيا التي كانت تستغل الهند حينها أفغانستانَ سنة 1838، رداً على غزو مدينة بيشاور الهندية من قبل حكومة كابول، وأسباب أخرى.

أسس العسكري أحمد خان إبدالي، الملقب بـ"دَراني"، أول حكومة مستقلة أفغانية حين فرض سيطرته على مدينة كابول عام 1747، ثم حكم أفغانستان بقبائلها وشعوبها المختلفة، لمدة 26 سنةً

بعد صراعات داخلية، توحدت القبائل والأقوام الأفغانية لصد العدوان البريطاني، ولكن فازت إنكلترا في الحربين مع الأفغانيين.

ثم قررت أن تسلم الحكم بعد أربعة عقود إلى أحد أعوانها المحليين، واسمه عبد الرحمن خان، في عام 1878. رعى الملك الجديد بلاده بدعم ومساندة ورعاية بريطانية شاملة، فابتعد عن النعرات القومية والسياسات الإسلامية، وسعى إلى تحديث البلاد التي أنهكتها الحروب.

ما هي تركيبة أفغانستان السكانية؟

مع خروج بريطانيا من البلاد، ساد الصراع الداخلي من جديد، فأفغانستان بلد متعدد الأعراق والقوميات: البشتون، الطاجيك، الهزارة، الأوزبَك، الإيماق، التركمان، المغول، والبلوش، وغيرهم.

لا يملك شعب أفغانستان ثقافةً موحدةً واضحةً، كما لا توجد حدود معيّنة بين الجماعات العرقية المختلفة، فهناك الكثير من التداخل بينها، برغم أنها عرقيات غير متجانسة. ويعود سبب التأخر والحروب الدائمة في أفغانستان إلى هذين العاملين: العنصرية بين العرقيات، والإسلاموية المتشددة.

دعمت بريطانيا جهودَ الملك الجديد في قمع انتفاضة القوميات التي كانت تدعو كل واحدة منها إلى الاستقلال عن باقي الولايات الأفغانية، وسعى عبد الرحمن خان إلى إنشاء دولة أفغانستان الموحدة.

بعد سنوات توفي الملك، وتربع ابنه حبيب الله خان، على العرش، وأكمل طريق والده، فحظر العبودية، وجاء بالطب الحديث للبلاد، وبنى أُسسَ النظام التعليمي الحديث، ولكن تزامنت أعماله مع بدء الحرب العالمية الأولى.

استقلال أفغانستان

خضعت أفغانستان لضغوط كبيرة من كلا الجهات، ولكن الملك الشاب اغتنم الفرصة، فأخبر البريطانيين بأنه سيعلن الحياد في الحرب مقابل اعترافهم باستقلال أفغانستان بالكامل بعد نهاية الحرب.

قبلت بريطانيا، وتم إعلان الحياد الأفغاني، ولكن لم توفِ الأولى بوعدها للأفغانيين، ففي عام 1919، قُتل حبيب الله خان وفق مؤامرة من داخل بلاطه.

طغت معاداة البريطانيين على الأفغانيين من جديد، لعدم وفائهم بالاعتراف باستقلال البلد. فأعلن وريث العرش أمان الله خان، حرباً ثالثةً ضد إنكلترا، ودعمه الإسلاميون لما رأوه مجاهداً ضد أعداء الإسلام. ولكن الحرب العالمية الأولى التي أنهكت البريطانيين، أجبرتهم على تقديم طلب وقف إطلاق النار، ثم الاعتراف باستقلال دولة أفغانستان عام 1921.

إيران وتركيا نموذجاً

سار أمان الله خان، على خطى والده في تنفيذ إصلاحات واسعة في البلاد، خاصةً أنه تأثر بتقدّم إيران وتركيا حينما زار البلدين.

كما عمل على خلع الحجاب، ومنح حريات أكبر للنساء لممارسة نشاط اجتماعي، وديمقراطية أكثر للمجتمع، وتعميم البدلات الأوروبية في الإدارات الحكومية، بدل الزي المحلي.

ثار المتدينون ضد إصلاحات الملك، وأفتى رجل الدين مُلاي لَنك، بالجهاد ضد الملك في المناطق الجنوبية. من جانب آخر بدأ أشقاء الملك بالمؤامرات ضده، كما تحرّك شاب مناضل يدعى حبيب الله كلكاني، ولقبه "خادم دين رسول الله"، نحو العاصمة كابول ليسقط حكومة الشرك، حسب وصفه.

فرّ الملك أمان الله خان نحو الهند، وبقي هناك حتى مماته. وحكم الشاب حبيب الله، ومن يدعمه من المحافظين الإسلاميين، محله عام 1929، وذلك لفترة تسعة أشهر.

بريطانيا تتدخل

تحركت بريطانيا من جديد، ودعمت قائد الجيش الأفغاني ووزير الحرب السابق محمد نادر خان، الذي حاربها سابقاً وكان له النصيب الأكبر في نيل استقلال بلاده منها، فدعمته وعادت به من فرنسا حيث كان سفيراً لبلاده هناك، ليقضي على الإسلاميين حتى أسقطت حكمهم.

سافر الملك إلى إيطاليا لإجراء عملية جراحية لعينيه عام 1973، فانقلب عليه ابن عمه محمد داود خان من دون دماء، وأعلن نهايةَ الملكية وبدءَ الجمهورية، وسمّى نفسه رئيساً لجمهورية أفغانستان.

تولى محمد نادر خان الحكم، وشنّ حملة قمع شديدةً طالت الإسلاميين، حتى لُقّب بـ"الملك الغدار". واستبدت حكومته، فأعدم وسجن ونفى كثيرين بتهمة خيانة الوطن.

وبرغم سعيه إلى استمرار مشروع تحديث البلاد، إلا أنه لم يكترث بالديمقراطية والحريات المدنية والاجتماعية، فتلاشت مساعي نشر الديمقراطية في المجتمع.

ملك جديد... عهد جديد

بعد أربع سنوات من حكمه، اغتيل محمد نادر خان عام 1933، من قبل أحد المعارضين. حل محله ابنه محمد ظاهر، وهو في الـ19 من عمره، وكان قد قضى فترة مراهقته في فرنسا. ولصغر سنّه، تدخّل أعمامه في إدارة شؤون البلاد، وكانت القدرة بيدهم عملياً، وشيئاً فشيئاً استولى على الحكم واستمر ملكاً على أفغانستان لـ40 عاماً، كما لم تدخل بلاده حرباً في عهده.

قرر الملك محمد ظاهر في عام 1964، أن يصادق على دستور جديد لأفغانستان، لم يكن للاختلافات العرقية مكان فيه، ليتم إطلاق صفة "مواطن أفغاني" على الجميع.

أرسل الملك دفعاتٍ كثيرةً من الشباب الأفغان لاستكمال دراستهم في أوروبا وأمريكا، ثم أحيا حقوق المرأة برغم المخالفات الشعبية، ونالت المرأة في عهده حق الدراسة والعمل والتصويت، وأمر بأن لا يُعدم أي سجين سياسي، وحاول تقليل إصدار حكم الإعدام بشكل عام. كما بنى علاقات دوليةً جيدةً مع الشرق والغرب.

وكالعادة، لم يرحّب الأصوليون والمتشددون بالإصلاحات السياسية والاجتماعية والثقافية، فبعد عقد ذهبي وصل فيه الأفغانيون إلى درجات متقدمة من الديمقراطية، توحد الرجعيون من شتى الأقوام مع الشيوعيين المدعومين من روسيا، على إسقاط الحكم الملكي الذي حقق نظام التربية والتعليم، واعترف بالحجاب الاختياري، وأجرى انتخابات حرةً.

أول رئيس جمهورية

سافر الملك إلى إيطاليا لإجراء عملية جراحية لعينيه عام 1973، فانقلب عليه ابن عمه محمد داود خان من دون دماء، وأعلن نهاية الملكية وبدء الجمهورية، وسمّى نفسه رئيساً لجمهورية أفغانستان.

حكم الرئيس محمد داود خان، 5 سنوات، وكان له برنامجان اقتصاديان، واستطاع أن ينمّي القوى العاملة بنحو 50%، ولكن اختلف مع الشيوعيين حتى أسقطوه في عام 1978، في انتفاضة عُرفت بـ"ثورة ثور"، وتزامن ذلك مع انتصار الثورة الإسلامية في إيران التي رفعت شعارات شيوعيةً وقتذاك.

سارع الشيوعيون في أفغانستان إلى إجراء برامج التنمية اليسارية الحكومية، فتصدى لهم المجاهدون الأفغان من شتى القوميات، بدعم مباشر من الولايات المتحدة.

"نحن ندرك إيمانكم العميق بالله ونثق بنجاح معركتكم. تلك الأرض لكم وستعودون لحكمها في يوم من الأيام، لأن كفاحكم سيؤدي إلى النصر وستفتح بيوتكم ومساجدكم مرةً أخرى، حيث أن هدفكم صحيح والله معكم"؛ هذه واحدة من أقوال مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي جيمي كارتر، زبيغنيو بريجينسكي الذي كان يلتقي دائماً بالمجاهدين الأفغان.

المجاهدون وطالبان

قدّمت واشنطن دعماً لوجستياً وعسكرياً كبيراً للمجاهدين في حربهم ضد الاتحاد السوفياتي الذي تدخّل وسيطر على أنحاء من أفغانستان لمساندة حكم الحزب الشيوعي فيها.

حرّك المعسكر الغربي المشاعر الطائفية لدى الإسلاميين، وبدأت حينها اغتيالات السياسيين وقادة الروس في أفغانستان، حتى سيطر المجاهدون من شتى الطوائف على العاصمة كابول عام 1992.

رعت أمريكا الحكومة طوال عقدين من الزمن، وتحولت طالبان إلى قوى متمردة تنفذ مئات العمليات الانتحارية والاغتيالات في عموم البلد. وفي عام 2021، اتفقت واشنطن مع حركة طالبان وغادرت العاصمةَ كابول

وقع الاختلاف بين قادة المجموعات على تقسيم الحكم، حتى سيطرت الأحزاب الخمسة الرئيسية على خمسة أجزاء من العاصمة الأفغانية، وبقي الصراع المحلي بين المجاهدين مستمراً حتى أنهته حركة طالبان عام 1996، ووحدت الحكم في البلاد برعاية باكستانية وسعودية وإيرانية.

ثم استقبلت المجاهدين من شتى بقاع الدول، ومن بينهم أسامة بن لادن الذي قاد تنظيم القاعدة. وبعد هجمات 11 أيلول/ سبتمبر عام 2001، اتهمت واشنطن القاعدة بتنفيذ الهجمات وطلبت من طالبان أن تسلّم قادة التنظيم إلى أمريكا، ولم تفعل الأخيرة، فاحتلت الولايات المتحدة أفغانستان وأنهت حكم طالبان.

رعت أمريكا الحكومة طوال عقدين من الزمن، وتحولت طالبان إلى قوى متمردة تنفذ مئات العمليات الانتحارية والاغتيالات في عموم البلد. وفي عام 2021، اتفقت واشنطن مع حركة طالبان وغادرت العاصمةَ كابول، وسقط الحكم المدني فيها، واستولت طالبان على الحكم من جديد، حتى أعلنت حكومة "إمارة أفغانستان الإسلامية"، بزعامة "أمير المؤمنين ملا هبة الله آخونْد زاده".

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها…

لكن رصيف22، هو صوت الشعوب المضطهدة، وصوت الشجعان والمغامرين. لا نخاف من كشف الحقيقة، مهما كانت قبيحةً، أو قاسيةً، أو غير مريحة. ليست لدينا أي أجندات سياسية أو اقتصادية. نحن هنا لنكون صوتكم الحرّ.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها، ولكنك بضمّك صوتك إلينا، ستكون جزءاً من التغيير الذي ترغب في رؤيته في العالم.

في "ناس رصيف"، لن تستمتع بموقعنا من دون إعلانات فحسب، بل سيكون لصوتك ورأيك الأولوية في فعالياتنا، وفي ورش العمل التي ننظمها، وفي النقاشات مع فريق التحرير، وستتمكن من المساهمة في تشكيل رؤيتنا للتغيير ومهمتنا لتحدّي الوضع الحالي.

شاركنا رحلتنا من خلال انضمامك إلى "ناسنا"، لنواجه الرقابة والترهيب السياسي والديني والمجتمعي، ونخوض في القضايا التي لا يجرؤ أحد على الخوض فيها.

Website by WhiteBeard