شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
الـ

الـ"يوسي ماث"... هل يُحوّل الأطفال إلى عباقرة رياضيات؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والتنوّع

الجمعة 9 يونيو 202310:35 ص

قد لا نصدق أن الأطفال قد يتحولون بسهولة إلى عباقرة رياضيات، وأن عقولهم الصغيرة قد تمتلك القدرات لحل مسائل الرياضيات بدقة وسرعة. فهل هذا الأمر ممكن؟

هذا ما يحاول هذا التقرير الإجابة عنه بعد أن راجت مؤخراً الأكاديميات والفيديوهات والمسابقات التي تعزي الفضل في تفوق بعض الأطفال في الرياضيات إلى منهج الـ"يوسي ماث.

لكن بقدر ما لدى هذا النهج من متحمسين ومدافعين له، بقدر ما له من معارضين ومتحفظين على أساليبه. 

الـ"يوسي ماث"

انتشرت مؤخراً الدعايات والتقييمات المتحمسة لما يسمى الـ"يوسي ماث" أو برنامج الحساب الذهني، وهو منهج موجه بشكل خاص للأطفال من سن 4 سنوات حتى سن الـ12 ويساهم في تطوير قدراتهم العقلية في سن مبكرة.

لكنه ليس جديداً تماماً، فهو علم قديم وله جذور متأصلة، ويعرّف بالأساس على أنه طريقة صينية قديمة للحساب استخدمت منذ 4000 عام. 

قد لا نصدق أن الأطفال قد يتحولون بسهولة إلى عباقرة رياضيات، وأن عقولهم الصغيرة قد تمتلك القدرات لحل مسائل الرياضيات بدقة وسرعة. فهل هذا الأمر ممكن؟

في العام 1993 تأسست شركة "يوسي ماث" ومقرها ماليزيا، وهي التي بدأت العمل في هذا المجال، وتوسعت بعدها لمختلف دول العالم حتى أصبح لها فروع في 80 دولة من بينها دول عربية مثل مصر والأردن والكويت.
يعرّف د. أحمد غنام رئيس أكاديمية "مستر ماث" للتطوير والتدريب ومبتكر برنامج "مستر ماث" للتطوير العقلي في القاهرة هذا العلم بأنه عبارة عن "القدرة على إجراء العمليات الحسابية من جمع وطرح وضرب وقسمة وتكعيب بدون استخدام الآلة الحاسبة أو أي وسيلة مساعدة"، منوهاً بأن ذلك لن يحدث إلا بتطوير خلايا الدماغ للطفل ومعالجة تشتيت الانتباه وزيادة التركيز وتنشيط الذاكرة، وبالتالي فالبرنامج ليس مجرد عمليات حسابية فقط بل يفيد في تقوية ذاكرة الطفل بشكل عام سواء البصرية أو السمعية أو الحسية، مما يؤثر بدوره على الأداء الدراسي بأكمله وليس الرياضيات فقط، ويساعده على حفظ النصوص وغيرها من العمليات الذهنية لأنه بالأساس ينمي خلايا الدماغ وقدرة الطفل على التخيل.  

هل هو لكل الأطفال؟ 

التخيل هو قدرة الطفل على الإبداع والابتكار، فهل فعلاً يحققه البرنامج؟ هذا ما تقوله  أميرة أحمد وهي أم لطفلتين، فقد لاحظت فرقاً كبيراً على أداء ابنتها الكبرى بعد اجتياز المستوى الأول من البرنامج، فأصبحت الطفلة أكثر انتباهاً، وزاد تركيزها وحبها لمادة الرياضيات بحسب وصف والدتها. 

الـ"يوسي ماث" هو علم قديم، ويُعرّف على أنه طريقة صينية للحساب استخدمت منذ 4000 عام 

يقول غنام: "مادة الرياضيات من المواد التي يعاني منها أولياء الأمور، وعندما يفشل الطفل بها يتسبب هذا الفشل بحالة من عدم الثقة بنفسه، وهنا تأتي مهمة برنامج الحساب الذهني لتقوية مهارة الطفل، وبالتالي تعزيز ثقته بنفسه مما يترتب عليه ظهور مهارات أخرى مثل مهارة السرعة ومهارة التخطيط ومهارة القيادة، يهدف البرنامج لتنمية جميع المهارات لدى الأطفال الذين لا يقل عمرهم عن 4 سنوات، وهو عمر صعب لإيصال المعلومة له بالفعل.
على هامش هذا البرنامج  تمت دراسة الخصائص العمرية للأطفال الذين يبلغ عمرهم 4 سنوات والتوصل لأفضل طريقة تجعلهم يستطيعون الجمع والطرح بدون آلة حاسبة، فوُجد أن الخيال الواسع والحركي من أهم سمات هذه المرحلة، لذلك تم الاعتماد على استراتيجية القصة، وهي استراتيجية هامة لتوصيل الفكرة للأطفال، بالإضافة إلى أربع شخصيات أخرى، فأصبح الطفل يتعامل مع معلم جديد "شخصية كرتونية" لكنه لا يأمره بعمل الواجب المدرسي بل يطلب منه أن يساعده، فمثلاً بدلاً من أن نقول للطفل "عليك حل الواجب"، نقول له "ساعد مستر ماث في حل الواجب".
استراتيجية أخرى يتم استخدامها للأطفال وهي استراتيجية اللعب من أجل تدريب الأطفال على برنامج الحساب الذهني ولفت انتباههم كثيراً. 

المتحمسون لهذا المنهج يؤكدون أن لديه القدرة على تنمية إمكانيات الأطفال على حل المشكلات منذ نعومة أظافرهم، فأصبح هناك أطفال يستطيعون حل 200 معادلة خلال 10 دقائق في المسابقات

المتحمسون لهذا البرنامج يؤكدون أن له القدرة على تنمية قدرة الأطفال على حل المشكلات منذ نعومة أظافرهم، من خلال الاستراتيجيات التي يعتمدونها مثل استراتيجية اللعب، واستراتيجية القصة، واستراتيجية التدرج والانتقال من السهل إلى الصعب، فأصبح هناك أطفال يستطيعون حل 200 معادلة خلال 10 دقائق في المسابقات.

انتقادات واسعة 

على النقيض هناك من يرفض البرنامج الذي يواجه هجوماً واسعاً من قبل بعض الأشخاص، تقول ندى السيد وهي أم لطفلين إنها لم تلاحظ أي فرق على طفلها الأكبر عندما ذهب إلى أحد المراكز المعتمدة للحصول على البرنامج، ولم تجد أي اختلاف بعد اجتيازه المستوى الأول، متسائلة ماذا سأستفيد عندما يتحول طفلي إلى آلة حاسبة؟ فجميعنا استخدمنا الآلة وكان مستوانا العلمي جيداً.
وتزيد أنها لم تكن معجبة بأن جميع المراحل العمرية تخضع لنفس المستوى من التدريس، تقول: "قدرات الأطفال تختلف، والبرنامج موحد لهم جميعاً، كما أنه مُرهق لعقل الطفل بشكل كبير في ظل قسوة المناهج الدراسية الجديدة". 
تقول ندى إنها لم تلحظ أي فرق على طفلها عندما ذهب إلى أحد المراكز المعتمدة للحصول على البرنامج، بينما يقول الطب إنه قد يشكل ضغطاً على عقل الطفل

الرأي السابق يتفق مع تصريح سابق لعالم الرياضيات مانبيرت سينغ، حينما تحدث عن مساوئ العملية، موضحاً أنها مناسبة فقط للعمليات الحسابية البسيطة مثل الجمع والضرب والطرح والقسمة، وأنها لا تمكن الطفل من التعامل مع العمليات المعقدة في علم الرياضيات مثل الجبر والهندسة.
ويرى أيضاً أن الطفل يعتمد بشكل كلي على ما يسمى "العداد" وهو عبارة عن شكل مستطيلي مكون من 7 أعمدة يستخدمه الطفل بشكل أساسي في عملية التعلم إلى أن يتمكن منها ويحل المسألة من خلال التخيل.
من العيوب التي تحدث عنها سينغ أيضاً أن البرنامج يتطلب وقتاً طويلاً لتعلمه، وممارسة مستمرة، بالإضافة إلى اختلاف البرنامج عن الطريقة التي يتم تعليم الأطفال بها في المدارس مما قد يجعل البعض منهم يخلط بين الطريقتين. 

رأي الطب: تحميل زائد قبل أوانه 

أما من الناحية الطبية فيرى الطبيب العام أحمد الصفطي أن "التحميل الزائد على عقل الطفل في سنواته الأولى قد يأتي بنتائج عكسية وأن الطفل بحاجة لبرامج أقل ضغطاً لبناء شخصيته".
ويضيف: "طول مدة البرنامج يجعل الطفل يشعر بالملل في المنتصف، كما قد نشاهد الطفل يدخل في حالة من الضغط النفسي والعصبي واضطراب ضغط الدم، وقد يصل حد الاكتئاب وتغيّر السلوكيات للأسوأ وشعوره الدائم بالقلق وميله للعنف"، وينصح الأهل بعدم تحميل أطفالهم فوق قدرتهم، وألا يقدموا لهم في البرنامج قبل سن الخامسة خاصة أن البرنامج غير معترف به في المدارس الحكومية وسيكون كمادة إضافية على الطفل.
إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها…

لكن رصيف22، هو صوت الشعوب المضطهدة، وصوت الشجعان والمغامرين. لا نخاف من كشف الحقيقة، مهما كانت قبيحةً، أو قاسيةً، أو غير مريحة. ليست لدينا أي أجندات سياسية أو اقتصادية. نحن هنا لنكون صوتكم الحرّ.

قد لا توافق على كل كلمة ننشرها، ولكنك بضمّك صوتك إلينا، ستكون جزءاً من التغيير الذي ترغب في رؤيته في العالم.

في "ناس رصيف"، لن تستمتع بموقعنا من دون إعلانات فحسب، بل سيكون لصوتك ورأيك الأولوية في فعالياتنا، وفي ورش العمل التي ننظمها، وفي النقاشات مع فريق التحرير، وستتمكن من المساهمة في تشكيل رؤيتنا للتغيير ومهمتنا لتحدّي الوضع الحالي.

شاركنا رحلتنا من خلال انضمامك إلى "ناسنا"، لنواجه الرقابة والترهيب السياسي والديني والمجتمعي، ونخوض في القضايا التي لا يجرؤ أحد على الخوض فيها.

Website by WhiteBeard
Popup Image