تنتظر الشابة الأردنية الثلاثينية، التي أصبحت أشهر شخصية في الأردن منذ يوم أمس، حسم الأطباء المشرفين على حالتها الصحية جواباً مصيرياً عما إذا كانت شبكية عينها قد تضررت، أم أن الأمل ما يزال قائماً، بألا تفقد بصرها.
وقد انتشرت صور وجه الشابة -التي لم يتم الكشف عن اسمها بناء على رغبة أهلها- على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تظهر الصور بوضوح أنها تعرضت للتشويه والتعذيب والضرب، في وجهها وفي أغلب جسدها. وبسبب الحجم الكبير للورم في العينين، بعد ضربها بالمشرط لا يستطيع الأطباء حتى اللحظة إعطاء الجواب الشافي عمّا إذا كانت قد فقدت بصرها تماماً أم لا.
وبحسب ما روته قريبة الضحية لرصيف22 بعدما فضلت أيضاً عدم الكشف عن اسمها بناء على اتفاق أجمع عليه أفراد العائلة، فإن طليقها هو الذي قام بخطفها وتعذيبها، مؤكدة بهذا الرواية الرسمية ورواية الإخوة الذين أعلنوا عنها على عدة مواقع إخبارية في الأردن.
اختطفها بتهديد السلاح
عن تفاصيل الحادثة كما أضافت قريبة الضحية إلى أنها أثناء عودتها من عملها يوم الإثنين الماضي الخامس من حزيران/ يونيو تفاجأت بترصد طليقها لها، إذ اختطفها تحت تهديد السلاح في مركبتها، وضربها بواسطة أدوات حادة من بينها "مشرط" في نواحي متفرقة من جسدها، وعينيها وفخذها، كما مزّق ملابسها، ومن ثم اصطحبها رغماً عنها إلى منزل أهله.
حتى اللحظة لم يتمكن الأطباء من فحص عيني الضحية بسبب تورمهما الشديد لمعرفة إن كان ضرر الشبكية دائماً بحيث ستسترد الشابة بصرها، أم لا
وأضافت: "أثناء توجه الضحية مرغمة إلى منزل أهل طليقها استطاعت أن تتصل بأحد أشقائها، الذي سمع بدوره تهديدات طليقها لها بأنه سيقوم بقتلها، وحفاظاً على حياتها تعامل معه شقيقها بهدوء وحيلة حتى يتمكن من تحديد موقع شقيقته، وعندما استطاع الوصول إلى المكان وجدها مغمى عليها في المقعد الخلفي للسيارة، وتنزف من جراء التعذيب الذي تعرضت له. الأمر الذي أدى إلى استدعاء شقيقها باقي أشقائه ما أدى إلى حدوث اشتباكات بينهم وبين طليق الضحية في الشارع، وهو ما تم إثباته بالفيديو من قبل بعض الأشخاص الذين كانوا في نفس المكان، وقاموا بنشره على مواقع التواصل الاجتماعي يوم أمس الأربعاء".
ونظراً لانتشار فيديو المشاجرة، وانتشار صور الضحية التي كشفت عن حجم التعذيب الذي تعرضت له، سارعت مديرية الأمن العام في الأردن إلى إصدار بيان، جاء فيه: "أنه ورد بلاغ مساء الإثنين للأجهزة الأمنية في الأردن من قبل شخص ادعى أنه تعرض للاعتداء من قبل أشقاء طليقته وعددهم (3) في منطقة الشميساني بالعاصمة عمّان ، حيث تم إسعافه للمستشفى وكانت حالته العامة حسنة".
وبيّن الأمن الأردني عبر البيان أن المعتدى عليه قد تقدم بشكوى ضد الأشخاص الذين اعتدوا عليه داخل مركبته إثر خلافات عائلية، وادعائهم بالاعتداء على شقيقتهم (طليقته) التي تقدمت بدورها بشكوى بحقه بعد دخولها المستشفى، وحصولها على تقارير طبية تفيد بتعرضها للضرب، وقامت الأجهزة الأمينة بأخذ أقواله وتمت إحالة القضية للجهات القضائية المختصة، لاتخاذ الإجراءات اللازمة بحق جميع الأطراف".
الضحية قدمت شكاوى قديمة بحقه
بدورها أضافت قريبة الضحية أن عائلتها قدمت شكوى بحق طليقها بسبب تعرضها للاختطاف والتعذيب والتشويه، وتفضل عدم الخوض في تفاصيل الشكوى حماية لابنتهم. لكنها وضحت في الوقت ذاته أن الضحية كانت تتعرض للضرب والتعذيب من قبل طليقها، منذ أول فترة زواجهم التي استمرت لمدة عام فقط، حتى أنها كانت قد قدمت شكوى بحق زوجها مرة لدى مديرية حماية الأسرة بسبب تعرضها للضرب. لكنها تنازلت عن شكواها، بسبب إقناع زوجها لها بأنه نادم ولن يعود إلى تكرار فعلته، لكنه في كل مرة كان يكرر ضربها وإهانتها، وكان آخر ما قام به أنه تحايل عليها، وباع سيارة والدتها التي كانت تستخدمها دون علمها بذلك، وحتى يضمن إمكانية بيعه للسيارة التي تحمل اسم والدتها باعها "قطع". الأمر الذي أدى إلى خلق مشكلة كبيرة مع عائلتها، انتهت برفع الضحية عليه قضية طلاق، وتعويض عن مبلغ سيارة والدتها، وهو ما أنصفها القضاء الأردني به.أكدت قريبة الضحية لرصيف22 أن العائلة اتفقت على عدم نشر اسم الضحية واسم العائلة، على أمل أن تأخذ ابنتهم حقها من خلال القضاءوبعد صدور قرار تعويض طليقها لثمن السيارة، وقعت الحادثة التي أدت إلى اختطافه لها أثناء عودتها من عملها، أسفرت عن تشوهات وكسور في جسدها، من بينها ثلاثة كسور في الفكين، وتشوهات في الوجه، وضرر في الشبكية لم يتم تحديد حجمه بعد بسبب حجم الورم في العينين.
تقول القريبة: "ما حدث مع قريبتي هو انعكاس لعقلية السلطة الذكورية على المرأة في المجتمع الأردني، فطليقها نموذج من نماذج كثيرة لذكور يعتقدون أن المرأة هي استحقاق لهم، وأنهم يمتلكونها، والحادثة التي جرت مع قريبتي حصلت لأن طليقها شعر أنها خرجت عن عباءة تملكه لها، فبالتالي منح نفسه صلاحية وأحقية تعذيبها وتشويها".
وبينت أن من يشاهد الضحية التي ترقد حالياً على سرير الشفاء، يستطيع أن يجزم أن طليقها تعمد تشويهها، ولم يقم بضربها واستخدام الشفرة عبثاً أو غضباً، بل إصراراً على إيذائها، من منطلق "أن لا تكون لشخص غيره".
"حالتها سيئة، سيئة جداً، ومحزنة جداً، وتحرق القلب" تقول في ختام حديثها وتضيف أن العائلة تعاني حالة نفسية سيئة جداً وقهراً شديداً خوفاً على صحة ابنتهم، وبانتظار إنصاف القضاء لها.
الرأي القانوني
ولأخذ رأي قانوني حول الحادثة، تواصل رصيف22 مع المحامية لين الخياط، لمعرفة احتمال عقوبة الطليق، فبينت بدورها أننا نتحدث عن جريمة خطف، التي قد تصل عقوبتها إلى ثلاثة أعوام خلافاً لأحكام المادة 302 من قانون العقوبات الأردني.وتضيف الخياط: "نحن نتحدث عن جريمة إيذاء مكرر أيضاً، وهذه قد تصل عقوبتها إلى سبعة أعوام، سنداً للمادة 334 مكرر من قانون العقوبات الأردني، مشيرة إلى أن أعلى عقوبة ستكون إحداث العاهة في حال أصيبت بالعمى والعقوبة، وهذه حدّها الأعلى عشرة أعوام سنداً للمادة 335 من قانون العقوبات".
الحركة النسوية أصدرت بياناً انتقدت فيه عدم أخذ شكاوى النساء من العنف بجدية، وعدم توفير الحماية لهن، وتساهل التشريعات مع الرجل المعنف وإعطائه الأعذار المخففة
ولفتت الخياط إلى إشكالية أخرى تتعلق بالحادثة، وهي أن "ردة الفعل الأولى للمجمتع حول الحادثة عادة ما تكون الاستنكار، إلا أن ردة الفعل لا تتضمن متابعة الإجراءات القضائية، بمعنى أن الشخص العادي لا يتابع حكم المحكمة ما لم تسلط الصحافة الضوء عليه مما لا يساهم للأسف في أن تتحول إلى ردع عام من المجتمع للحادثة. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فالمجمتع في الأغلب سيتعامل مع الحادثة لاحقاً بطريقة طرح الأسئلة الموجه للضحية لا للجاني، وقد تصدر أسئلة من قبيل (شو عاملة لوصولوا لهون) كما اعتدنا في هذا النوع من القضايا ".
وأضافت: "ما زال المجمتع يحتاج إلى توعية حقيقة في أن العنف ولو كان بسيطاً هو مدخل لجريمة أكبر، لا سيما مع السلطة التي يشعر بها الزوج المعنف وتقرها الزوجة التي تتعرض للعنف من قبل زوجها، تكرار الجريمة أو حدّتها في المجمتع يعني تحولها إلى ظاهرة موجودة رغم كونها مستنكرة، مما يحتم ضرورة وجود منظومة حماية أكبر للنساء المعنفات مع تأهيلهن للحصول على حياة كريمة".
القانون لا يحمي المعنفين
من جهتها اعتبرت حملة "الحركة النسوية" في الأردن في ورقة موقف خاص أرسلتها لرصيف22 أن "هناك عنصرين ثابتين في قضايا العنف ضد المرأة؛ الأول هو أسبابها: فالمجتمع الذي يرزح تحت قوانين وسلوكيات وعادات ومعتقدات تميز ضد المرأة، ويعطي الذكر امتياز تملكها والتحكم بها وتحديد مصيرها وتأديبها وقتلها سيترسخ في العقل الباطن لدى أفراده الذكور أن المرأة هي أقل شأناً منهم، وأنها ملكية مستباحة لا حق لها برفض هذه الملكية ولا حق لها بالمطالبة بحقوقها الأخرى، وهنا تحديداً يظهر السبب الثاني، وهو غياب آليات الحماية من قبل المؤسسات المعنية ومشرعي القوانين، ففي قضية هذه السيدة مثلاً، سبق أن قدمت الضحية شكوى للمراكز الأمنية والجرائم الإلكترونية وحماية الأسرة تفيد بتعرضها لتهديدات جدية ومضايقات، لكن هذه الشكاوى لم تؤخذ على محمل الجد، ما أدى إلى تعرضها إلى ما حدث، يمكننا اعتبارها محظوظة بالنظر لقضايا مثل قضية مريم محمد التي أودى الإهمال بشكاوى النساء إلى نهاية مأسوية لها، إذ قتلت في أواخر العام 2020 في شارع عام".الطليق قد يواجه عدة تهم سنداً إلى قانون العقوبات الأردني، منها الخطف، والإيذاء المكرر، وإحداث عاهة في حال أصيبت الشابة بالعمى
وفي ختام البيان: "وبدل سن قوانين رادعة وإنشاء ملاجئ آمنة وتوفير خطوط ساخنة للمعنفات، تتواطأ السلطة بفرض النظام الأبوي عبر سجن الفتيات الهاربات من العنف إذا ما بُلّغ عن تغيبهن دون إذن ذكور العائلة، وعبر سن قوانين الأعذار المخففة، وعبر اعتبار الدفاع عن النفس جريمة يحاسب عليها القانون، تمثل ذلك في الحملة الإعلامية التي جرمت تقديم أشقاء الضحية الحماية المجتمعية لها بعد فشلت الحماية القانونية في حمايتها، ما أدى إلى تحويل الأشقاء إلى محكمة الجنايات وإسناد اربع تهم في حقهم، لذا فإن مكافحة ظاهرة العنف ضد المرأة لا تتم إلا عبر توفير الحماية للضحايا وسن عقوبات رادعة ضد المجرمين وفرض المساواة القانونية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية بين المواطنين والمواطنات".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ ساعة??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 21 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون