شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
تتهمه الحكومة بالافتراء والتحامل… لماذا ينظر العالم بتشاؤم إلى الاقتصاد المصري؟

تتهمه الحكومة بالافتراء والتحامل… لماذا ينظر العالم بتشاؤم إلى الاقتصاد المصري؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

اقتصاد نحن والحقيقة

الثلاثاء 6 يونيو 202303:37 م

مع نهاية العام 2021، بدأت مصر في التحول لأحد العناوين الثابتة في أبواب الاقتصاد والمجلات والمواقع الاقتصادية المتخصصة حول العالم، مع بداية أزمة اقتصادية ما زالت تحاصرها إلى الآن، تفاقمت عشية الحرب الروسية الأوكرانية، وأسهم في تفاقمها التباطؤ الاقتصادي العالمي وأزمة التضخم الدولية.

وفي مطلع مايو/ أيار، الماضي خفضت وكالة “فيتش” التصنيف الائتماني للاقتصاد المصري درجة واحدة من (+B) إلى (B)، مع تحويل النظرة المستقبلية إلى “سلبية”، للمرة الأولى منذ عشر سنوات، وقبلها بأيام قليلة قامت وكالة "ستاندرد أند بورز" هي الأخرى بتخفيض نظرتها المستقبلية لمصر من مستقرة إلى سلبية. وذلك بعد شهرين من إجراء مماثل أقدمت عليه "موديز"، التي قامت في بداية فبراير/ شباط من العام الحالي بخفض تصنيف الاقتصاد المصري إلى "B3" بدلاً من "B2"، ليكون الاقتصاد المصري بذلك، قد تراجع تقييمه من قبل أهم ثلاث مؤسسات تنصيف ائتماني في العالم، تسيطر على 90% من سوق التصنيفات الائتمانية.

هذه الضربات المتتالية التي تؤثر ارتداداتها على قدرة مصر على الاستدانة، دفعت وزير المالية المصري محمد معيط إلى الخروج في مقابلة تلفزيونية مع الإعلامي عمرو أديب، ليتهم تلك المؤسسات بأنها "تتحامل على مصر" و"تركز في تقاريرها الصادرة عن مصر بشكل خاص دوناً عن بقية البلدان"، نافياً كل ما يرد في تقارير المؤسسات المالية وعلى رأسها صندوق النقد الدولي الذي ترتبط معه مصر باتفاقات عدة للقروض والتسهيلات الائتمانية، بأن هناك عوامل داخلية تسهم في الأزمة الحالية وتفاقمها، ملقياً باللائمة بشكل كامل على "العوامل الخارجية".

الضربات المتتالية من وكالات التصنيف العالمية، دفعت وزير المالية المصري محمد معيط إلى الخروج في مقابلة تلفزيونية مع الإعلامي عمرو أديب، ليتهم تلك المؤسسات بأنها "تتحامل على مصر" و"تركز في تقاريرها الصادرة عن مصر بشكل خاص دوناً عن بقية البلدان"

إصرار على الإنكار

قبل مقابلة معيط بأيام، وفي نهاية إبريل/ نيسان، نشرت وكالة "بلومبرغ" الأمريكية تقريراً صادماً، قالت فيه الوكالة الاقتصادية الأشهر في العالم، إن مصر قد تعجز عن سداد ديونها، وأضافت حينها أن أسواق الديون في حالة تأهُّب بسبب الخوف من أن تعجز الحكومة المصرية عن تسديد فوائد ومستحقات السندات المالية.

التقرير أجبر رئيس الوزراء الوزراء المصري الصَموت على الخروج لنفي ما جاء بالتقرير، وقال: "لم ولن تخفق مصر فى سداد أي التزامات دولية عليها… التقارير بتتكلم إن الدولة المصرية غير قادرة على الالتزام، لكن إحنا حاطين خطة واضحة". وفي نفس الفترة تقريباً، طالب رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي مؤسسات التمويل بإعادة النظر في المعايير والشروط التي تؤهل الدول للحصول على القروض الميسرة، بحسيث تشمل الدول متوسطة الدخل "تصنف مصر من ضمنها" إلى جانب الدول المنخفضة الدخل.

الخطاب الرسمي للرئيس ورئيس الوزراء ومعهما وزير المالية، هو ذاته الخطاب الذي يتبناه الإعلام المصري المملوك في معظمه للدولة عبر أجهزة وكيانات تابعة، ويتفق الخطاب الإعلامي أن مؤسسات التمويل والتصنيف والمتابعة الدولية المختصة بالاقتصاد والشؤون المالية، تُضخِّم وربما تختلق مشاكل وأزمات لتسيء إلى الإدارة الاقتصادية في مصر، وأن "العالم كله يُعاني من أزمات اقتصادية وليست مصر وحدها".

كل هذا يُظهِر وجود فجوة بين خطاب الدولة وخطاب المؤسسات المالية الدولية فيما يخص الأزمة الاقتصادية المحلية، سواء من حيث المدلول الذي تعكسه تلك التقارير عن أداء الاقتصاد المصري والقائمين على إدارته، أو من حيث كم تلك التقارير، وهو ما أظهره وزير المالية من خلال إعلان استيائه من كثرة تناول التقارير الدولية للاقتصاد المصري، عندما قال في نفس المقابلة: "مفيش في العالم حد بيصدر عنه تقارير إلا مصر؟! 7 و8 تقارير عن مصر يومياً؟ باقي الدول مبيصدرش عنها تقارير ياجماعة ولا إيه؟".

كل هذا يُظهِر وجود فجوة بين خطاب الدولة وخطاب المؤسسات المالية الدولية فيما يخص الأزمة الاقتصادية المصرية، سواء من حيث المدلول الذي تعكسه تلك التقارير عن أداء الاقتصاد المصري والقائمين على إدارته، أو من حيث كميتها وتتاليها الذي أثار استياء رئيس الوزراء المصري ووزير ماليته

من هي الجهات التي تتحامل على مصر؟

تنقسم الجهات التي تُصدر تقارير عن الاقتصاد المصري إلى مؤسسات التمويل الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، والتي تلتزم الدولة معها ببرامج تمويل مقابل إجراءات وإصلاحات يتم الاتفاق عليها، وتنفذ مصر حالياً برنامج تسهيل ائتماني بالاتفاق مع الصندوق بقيمة 3 مليارات دولار لمدة 4 سنوات.

وفي إطار هذا التعاون، يُصدر صندوق النقد العديد من التقارير بالإضافة إلى تصريحات المسؤولين حول آخر مستجدات البرنامج والتزام مصر بالإصلاحات المطلوبة.

وثانية هذه الجهات هي وكالات التصنيف الائتماني، التي تُصدر تقييمات لما يسمى الجدارة الائتمانية لجميع دول العالم، وعادةً ما ينعكس التصنيف الذي تصدره، إيجاباً أو سلباً، على ثقة المستثمرين في الدولة أو المؤسسة المعنية، ويظهر تقييم مؤسسات التصنيف مدى القدرة على سداد الديون.

وفي حالة مصر فقد قامت ثلاث مؤسسات أميركية وهي موديز وفيتش" و"ستاندر آند بورز"، التي تسيطر على 90% من سوق التصنيفات الائتمانية في العالم بتخفيض التصنيف الائتماني للاقتصاد المصري، وبالطبع لا تكتفي هذه الوكالات بإصدار التقييم فقط، بل تتبعها بنشر تقرير تفصيلي يوضح الأسباب والمبررات التي دفعتها إلى تغيير التقييم، وتسلط الضوء على التحديات والصعوبات التي تواجه الاقتصاد المصري وتعيقه عن تحمل التأثيرات الخارجية.

ثالث الجهات التي تصدر تقاريراً عن الاقتصاد المصري هي بيوت ومرالبنوك العالمية مثل بنك "جي بي مورجان" وبنك "كريدي سويس" و "سويتيه جنرال" بالإضافة إلى العديد من البنوك التي تمتلك حجم أصول واستثمارات ضخمة حول العالم ولديها قسم أبحاث يُصدر تقارير بشكل دوري حول أسواق المال وتحليل الأوضاع الاقتصادية للدول الناشئة.

وتُركز تقارير هذه البنوك على الاقتصاد المصري بوصفه الاقتصاد الأكبر في شمال إفريقيا، ومن الاقتصادات العالية الاقتراض (مصر ثاني أكبر مقترض في العالم على قوائم صندوق النقد الدولي) لذلك تضع توقعاتها حول قيمة العملة ومتابعة الطروحات الحكومية وتنفيذ مصر للإصلاحات المالية المطلوبة.

أما رابع هذه الجهات، فهي المؤسسات الصحافية والإعلامية التي تصدر تقارير تغطية ورصد لأهم ما يخص الاقتصاد المصري، ومعظمها متخصص في بث الأخبار والمعلومات المالية وتحليل الأسواق الدولية، ومنها جريدة "فاينانشيال تايمز" والتي نشرت مؤخراً مقالة للدكتور زياد بهاء الدين نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية، سابقاً، ينتقد خلالها التوجهات الاقتصادية للحكومة المصرية.

بالإضافة إلى "الإيكونومست" التي تُعد المجلة الاقتصادية الأشهر في العالم، والتي تُصدر تحليلات عن مصر بين الحين والأخر، ويعتمد المستثمرون في مختلف دول العالم على التحليلات التي تنشرها في اتخاذ قراراتهم الاستثمارية.

ولا يُمكن أن ننسى وكالة "بلومبرغ" الأمريكية التي يعتمد عليها المستثمرون في توفير أهم البيانات والأخبار في عالم المال والإعلام، ولديها محطات بث تلفزيونية وإذاعية وخدمة اقتصادية متخصصة متاحة لرجال الأعمال والمؤسسات الاقتصادية والمالية من خلال الاشتراكات، وهي خدمة ذات سمعة جيدة وواسعة الانتشار، ويظهر على شاشتها جميع المسؤولين عن إدارة الاقتصاد في مصر باستمرار حيث تتمتع بثقتهم، خصوصاً في النسخة العربية التي تلتقي بكثرة بوزير المالية محمد معيط، ووزيرة التخطيط هالة السعيد، ورئيس الوزراء في بعض الأحيان.

وتتابع نسختها العربية التي أطلقت بالتعاون مع الجموعة العربية للأبحاث والتسويق (سعودية) الاخبار الاقتصادية المصرية لحظة بلحظة عبر منصة "اقتصاد الشرق".

وعلى الرغم من التقائها هؤلاء المسؤولين الذين يوضحون رؤيتهم للأزمة، وينسبون المسؤولية حصراً إلى "العوامل الخارجية"، و يحاولون طمأنة المستثمرين؛ إلا أن الوكالة لا تتفق معهم في التقارير التي تنشرها والتي تُظهر تهيُّب أسواق الديون بسبب ارتفاع المخاطر بشأن قدرة مصر على سداد الديون.

تبايُن في الرؤى

تختلف الأطراف الرسمية والإعلامية المحلية مع نظيرتها الخارجية في تقدير حجم الأزمة، لا أسبابها فقط، فتنظر الجهات المالية الخارجية إلى الأزمة باعتبارها عميقة، وترى أن الاقتصاد المصري كان يُعاني من العديد من المشاكل الهيكلية من قبل الأزمة، وتتفق في تشاؤم في توقعاتها نحو الاقتصاد المصري، وترى أن المخاطر تزداد بسبب تراكم الديون الخارجية واستحواذ أعباء الدين على نحو 40% من المصروفات في الموازنة الجديدة، كما تتوقع ارتفاع التضخم إلى مستويات قياسية.

في حين ترى الحكومة المصرية أن الأوضاع كانت تسير بشكل طبيعي، إلى أن أتت جائحة كورونا ثم الحرب الروسية التي تسببت في تخارج رؤوس الأموال الأجنبية، وعرضت الدولة للعديد من الضغوط الخارجية، وأثرت على الإيرادات وزادت من النفقات.

تختلف الأطراف الرسمية والإعلامية المحلية مع نظيرتها الخارجية في تقدير حجم الأزمة، لا أسبابها فقط

وهو ما يرفضه وزير التعاون الدولي الأسبق الدكتور زياد بهاء الدين في مقاله في صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، إذ يقول إن "على مصر التخلي عن حالة الإنكار ومواجهة الواقع والبدء في مسار إصلاح اقتصادي"، ويؤكد على ضرورة الاعتراف بالأخطاء السابقة كشرط أساسي للتغير.

يرى بهاء الدين أن التفسيرات التي تدفع بها الحكومة المصرية، لم تعد مقبولة لدى معظم المحللين والمراقبين، الذين يزعجهم تجاهل الأسباب الحقيقية وراء الأزمة الاقتصادية، ولا تعترف به جهات التقييم والمؤسسات المالية، كما يؤدي إلى تصاعد الشكوك لدي المستثمرين المحليين والأجانب.

وتتفق بيوت الخبرة الدولية ومؤسسات الاقتراض التي تتعاون معها مصر وعلى رأسها صندوق النقد الدولي على أن الإنفاق الكبير على مشروعات البنية التحتية والمدن الجديدة وغيرها من المشروعات الطويلة الأجل، إلى جانب التوسع من دون حرص في الاقتراض محلياً ودولياً بفوائد هي الأعلى في العالم ولآجال متوسطة وقصيرة، والنمو غير المسبوق لدور الدولة في الاقتصاد، والمناخ البيروقراطي الذي يواجهه مستثمرو القطاع الخاص، كلها مسببات أساسية للأزمة الاقتصادية المصرية ومرجعها جميعاً هو الأداء الحكومي.

هل أسباب الأزمة خارجية ام داخلية؟

الباحثة في الاقتصادي السياسي سمر عادل تقول لرصيف22: "بالطبع عندنا أزمة في الهيكل الاقتصادي المصري"، إلا أنها لا تنفي أو تجزم بصحة الطرح الرسمي حول "تحامل الجهات الدولية على الاقتصاد المصري".

توضح عادل: "الاقتصاد المصري أمام أزمة حقيقية، وهو ما يظهر بشكل واضح في تفاقم الدين الداخلي والخارجي، في ظل وجود شُح دولاري بسبب تراجع الحصيلة التي كانت متوقعة، مع تراجع تحويلات العاملين بالخارج، وتأخر الاستثمارات التي كنا نطمح لها".

تجد الباحثة الاقتصادية أن "غياب المرونة في سعر الصرف" تعد ذاتها مؤشراً على وجود مشاكل هيكلية في الاقتصاد المحلي "البنك المركزي يتدخل لتثبيت السعر، ما يجعله سعر الصرف غير حقيقي، ويؤدي إلى وجود فجوة كبير بين السعر الرسمي والسعر في السوق الموازي وفي العقود الآجلة للجنيه".

لكن الخبير الاقتصادي ومحلل المخاطر علي متولي، فيتفق مع وجهة النظر الرسمية، ويشرح لـرصيف22: "قبل بداية الأزمة الاقتصادية، كانت الإصلاحات تجري بوتيرة منتظمة، ما ساهم في جذب الاستثمارات الخارجية وانخفاض مستويات البطالة، وبعد 2017 بدأ التضخم يعود لمستوياته الطبيعية، في ظل تطبيق إصلاحات في النظام الضريبي، مع السير في مشاريع البنية التحتية التي كانت ضرورية".

يُظهر تناول الجهات المالية الخارجية للاقتصاد المصري رؤية متشائمة بشأن مستقبل الأوضاع الاقتصادية، كما يؤكد على أن هناك حالة من التشكيك في قدرة مصر على إجراء إصلاحات سريعة تخفف من المخاطر المحتملة

ويواصل: "معدل الديون كان وما زال في النطاق الآمن، ولم يصل لمرحلة أن يكون أكبر من حجم الاقتصاد، والتزمت الدولة في تسديد الديون في مواعيدها ولم تتخلف قط، ولكن ارتفاع الضغوط الخارجية ألقى بظلاله على الأوضاع الداخلية".

ويؤكد متولي أن مصر لا تعاني من مشاكل مختلفة عن بقية الأسواق الناشئة التي تأثرت بالأزمة العالمية الحالية، وأنها تحاول من خلال مواردها المحدودة جذب استثمارات خارجية وتحسين عوائد السياحة وتنويع الاقتصاد.

لكن سمر عادل، عضوة الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي، تختلف كلياً مع ما يطرحه متولي، إذ ترى أن الأزمة العالمية "كشفت واقع الاقتصاد المصري، كما كشفت حقيقة أن الهيكل الاقتصادي شبه الريعي، الذي تزيد فيها الواردات على الصادرات، يعاني من عجز مستمر في الميزان التجاري، بسبب الاعتماد استيراد السلع الأساسية بدون وجود موارد دولارية تُغطي فاتورة الاستيراد، ما جعل الحكومة تلجأ مؤخراً للاقتراض من أجل دفع واردات القمح".

ما هي أسباب النظرة المتشائمة للاقتصاد المصري؟

يُظهر تناول الجهات المالية الخارجية للاقتصاد المصري رؤية متشائمة بشأن مستقبل الأوضاع الاقتصادية، كما يؤكد على أن هناك حالة من التشكيك في قدرة مصر على إجراء إصلاحات سريعة تخفف من المخاطر المحتملة، وتتفق هذه الجهات على بعض النقاط التي يمكن تحديدها.

منها أن تأخر الحكومة المصرية في إجراء الإصلاحات يُزيد من نقاط الضعف المالية. إذ يؤكد البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية أن تأثر مصر بعدم تنفيذ الإصلاحات سيؤدي لمزيد من الضغط عليها من جانب صندوق النقد الدولي.

والجدير بالذكر أن الصندوق أجل مراجعته التي كانت ستقر في شهر مارس/ آذار الماضي ولم يقم بها إلى الآن مع اقتراب موعد المرجعة التالية، ما أخر بالتبعية فرصة مصر في الحصول على الشريحة الثانية من القرض المتفق عليه، والمرتبط ببرنامج "إصلاحي" يتضمن تحرير سعر صرف العملة تحريراً تاماً، والحد من دور الدولة في النشاط الاقتصادي في مقابل زيادة دور القطاع الخاص، من خلال الإعلان عن طرح 32 شركة مملوكة للدولة للبيع.

وهو ما يقودنا إلى إحدى أهم النقاط التي تتفق عليها هذه الجهات، إذا ترى أن الحكومة المصرية تتباطأ في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية، وتأخرت في بيع أصول الدولة واتخاذ خطوات تمكين القطاع الخاص، وتعزيز التنافسية ومعالجة نقاط الضعف.

ويقول أستاذ الاقتصاد في الجامعة الأمريكية هاني جنينة إن الاقتصاد يُبنى على الثقة، وبالتالي إذا أعلنت الحكومة عن عزمها الجاد على بيع الشركات، فلا بد أن تنجح في بيعها، وإذا لم يحدث ذلك يُصبح هناك خلل ما، وتبدأ أسواق المال والمستثمرين في التشكك في الاقتصاد.

وإحدى أهم النقاط التي يتفق عليها الجميع، هي عدم مرونة سعر الصرف، وهو الأمر الذي يتسبب في انخفاض سعر العملة إلى مستويات متدنية في السوق الموازي، ويُعزز من المضاربة على سعر الجنيه في العقود الآجلة للشركات وأسعاره في أسواق الذهب. كما يتسبب في ارتفاع المضاربات والتقديرات على سعر الجنيه بعد التخفيض ويجعلها تختلف وتتباين، ما يدفع البنك المركزي في النهاية إلى التخفيض عند هذه المستويات في دائرة جهنمية لا تنتهي، ولعل أكثر تلك التقديرات تشاؤماً هو تقدير بنك "كريدي سويس" الأخير، الذي يُرجّح وصول سعر الصرف إلى 45 جنيهاً لكل دولار.

ويحذر البنك من أنه كلما طال الوقت الذي تستغرقه الحكومة المصرية في الشروع في تطبيق مرونة سعر الصرف، تزداد حدة تحوط السوق لمخاطر تخفيض قيمة العملة. ويلفت الانتباه إلى إن القيمة العادلة الضمنية للعملة تدهورت بسبب ارتفاع التضخم في مصر.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image